كيف حولت مليشيا الحوثي مزارع صعدة الى مقابر لقتلاها؟!

[ تفاوت طبقي في قبور الحوثيين (العربي الجديد) ]

تحولت مزرعة الحاجة أم عبد العزيز، الواقعة في منطقة بني عامر جنوب غرب مدينة صعدة اليمنية إلى مقبرة لقتلى حركة أنصار الله المعروفة بـ"الحوثيين" الذين تتزايد أعدادهم منذ بداية الحرب الدائرة باليمن في مارس/آذار 2015، ولم تتوقع أم عبدالعزيز أن يدفن ولدها عبد العزيز محمد عبد الله الصعدي في المزرعة التي شب فيها وعمل بها، بعد أن قتل في قصف لطيران التحالف العربي على الحدود اليمنية السعودية، في 3 مارس/آذار 2016، غير أن ألمها بسبب قتل أكبر أبنائها، لا يقارن بحسرتها على ضياع أرضها ومصدر رزق عيالها، إذ تم دفن عبد العزيز بعد عام من نزوحها إلى صنعاء، "دون أن تتمكن من وداعه أو حتى زيارته" كما قالت لـ"العربي الجديد".

ويعد عبدالعزيز الصعدي الذي دفن في أرض عائلته التي كانت مخصصة لزراعة الفواكه، واحدا من بين 30.756 قتيلا من قوات الحوثي سقطوا في الحرب الدائرة في 21 محافظة يمنية في عامي 2015 و2016 وفقا لإحصاء رسمي صدر عن قيادة المقاومة الشعبية، أحصى عدد القتلى الحوثيين منذ بداية الحرب وحتى 20 نوفمبر/تشرين الثاني 2015 بـ 23.756، بينما يؤيد مصدر قيادي مقرب من جماعة أنصار الله الرقم السابق مضيفا إليه 7 آلاف قتيل سقطوا خلال العام الماضي، وهو ما يتطابق مع تقرير صدر عن مركز أبعاد للدراسات والبحوث غير الحكومي في 11 ديسمبر/كانون الأول 2015، يؤكد أن عدد القتلى في صفوف مليشيا الحوثيين والقوات الموالية لهم 20 ألف قتيل في العام 2015، لافتا إلى أن انعدام الشفافية لدى جماعة الحوثي واحتدام المعارك، جعل إحصاء قتلاهم خلال العام الماضي أمرا غاية في الصعوبة.

تحويل المزارع إلى مقابر

تحولت مزارع بن ورمان في مناطق سحار وضحيان وبني عامر الواقعة في صعدة إلى مقابر لمقاتلي جماعة الحوثي الذين سقطوا خلال العامين الأخيرين، وفق إفادة المزارع الصعدي الأربعيني محمد يحيي أحمد، والذي نقل لـ"العربي الجديد" مشاهداته، قائلا إن الحوثيين استحدثوا مقبرة لقتلاهم في مزرعة تبلغ مساحتها 3000 متر بمنطقة بني عامر.

وتضاف المقابر الجديدة إلى توسعات تشهدها المدافن القديمة التي تم تشييدها خلال فترة حروب الحوثيين الست ضد قوات حليفهم الحالي الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح، ومن أبرزها مقابر "رحبان، حيدر، ضحيان، بني معاذ، سحار، رياض الشهداء، مران، ومقبرة الأنصار" بحسب تأكيد المعيد بقسم التاريخ في جامعة صنعاء الحكومية، وأحد سكان مدينة صعدة علاء مدهش، والذي قال لـ"العربي الجديد": "المقابر المنتشرة في مديريات سحار وساقين وحيدان خصصت لقتلى الحوثيين في الحروب الست الماضية مع حليفهم الحالي علي عبدالله صالح، في حين تم تخصيص مقبرة الأنصار لقتلى الحرب الحالية".

وتضم صعدة مقبرة القرضين التي يعود تاريخها إلى القرن الثالث عشر الهجري، وتعد الأكبر في المحافظة والثانية على مستوى العالم الإسلامي بعد مقبرة وادي السلام في مدينة النجف العراقية، التي تتجاوز مساحتها 10 كيلومترات مربعة، بينما تبلغ مساحة مقبرة القرضيين 4.42 كيلومترات مربعة، ويتطابق حديث الأكاديمي مدهش، مع الصور التي توفرها خدمة غوغل إيرث (برنامج خرائطي وجغرافي معلوماتي) للمقبرة ومحيطها، وفق ما وثقه معد التحقيق، وهو ما يؤكده أستاذ التاريخ في مدينة صعدة عارف القاضي، مشيرا إلى أن مقبرة "القرضين" تعد الأضخم والأكبر على مستوى اليمن، وتصنف بأنها ثاني أكبر مقبرة في الشرق الأوسط، موضحا أن سبب توسعها المستمر يرجع إلى ارتفاع عدد ضحايا الحروب وهو ما يضاعف من عدد الضحايا من أبناء المنطقة، وعلى الرغم من الأعداد المتزايدة من القتلى، إلا أن الحوثيين لا يخشون من تراجع شعبيتهم كما يقول القيادي الميداني في جماعة الحوثي وأحد المشرفين على جبهات القتال في الحدود اليمنية السعودية محمد علي شرف، مضيفا أن "شعبية الحوثيين تزايدت، ومن يخسر ابنا يدفع بالابن الآخر إلى جبهات القتال، أو يذهب للقتال بنفسه، لأن القضية دفاع عن وطن" على حد قوله.
 

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر