وثائق: الأمن القومي (الحوثي) يحكم صنعاء وحكومة الانقلابين تشكوا من تهميشه لها واحراجها


كشفت وثيقتان، حصل "يمن شباب نت" عليهما، الأزمة التي تمر بها ما تسمى بـ"حكومة الإنقاذ" التابعة للميليشيات الانقلابية بصنعاء، وافتقادها لما يفترض أنها صلاحياتها أمام جهاز الأمن القومي، المسيطر عليه من قبل ميليشيات الحوثي الانقلابية، والذي تكشف الوثيقتان أنه صاحب القرار الأول في سلطة الانقلابين بصنعاء.

وتكشف الوثيقتان أن جهاز الأمن القومي التابع للانقلابين، قام، في منتصف فبراير الماضي، بمنع 12 موظفا تابعا لمكتب الأمم المتحدة من الدخول إلى صنعاء بعد وصولهم إلى المطار، بينهم رئيس الدائرة السياسية بمكتب المبعوث الأممي إلى اليمن، رغم حصوله على تصريح من وزارة خارجية الانقلابين، وكانت معه في الرحلة نفسها أيضا، كبيرة مستشاري المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى اليمن.   

وأثارت هذه الحادثة، حنق وغضب وزير خارجية الانقلابين هشام شرف، الذي بعث برسالة إلى رئيس وزراء ما تسمى بـ"حكومة الإنقاذ" عبد العزيز بن حبتور، يبلغه فيها بما حدث، متهما جهاز الأمن القومي بتقصد إحراج وزارته وحكومتهم، وإظهار نفسه بأنه الوحيد صاحب القرار في الدولة.  

وبدوره قام بن حبتور بتوجيه رسالة إلى ما يسمى بـ"المجلس السياسي الأعلى"، الذي يمثل ما يشبه المجلس الرئاسي والمشكل مناصفة بين حليفي الانقلاب (الحوثي وصالح)، يشعره فيها بما حدث، ويأمل منه – في نهايتها - بدراسة الأمر والإفادة بما يمكن اتخاذه من إجراءات تصحح هذا الخلل.

ولم تكشف الرسالتان الأسباب التي دفعت جهاز الأمن القومي للقيام بهذه الخطوة المخالفة للأعراف الدولية الدبلوماسية، إلا أن مصادر مطلعة أكدت لـ"يمن شباب نت" أن الأمر له علاقة بمحاولة الضغط على المبعوث الأممي إلى اليمن لتغيير مواقفه وفقا لمطالب الانقلابيين في صنعاء، لافتا إلى أن هذه الحادثة تزامنت أيضا مع حملة تصريحات لقيادات الحوثيين تطالب الأمين العام الجديد للأمم المتحدة بتغيير المبعوث الأممي إلى اليمن، إسماعيل ولد الشيخ.  

ماحدث وفقا لرسالة "شرف"  

بتاريخ 15 فبراير، أي بعد يوم واحد من وقوع الحادثة، بعث وزير خارجية الانقلابيين، هشام شرف، رسالة مكونة من صفحتين إلى رئيس وزراء حكومته، (أنظر الصورة المرفقة)، تكشف بعض تفاصيل الأزمة القائمة بين ما تسمى بحكومة الإنقاذ وجهاز الأمن القومي التابع للميليشيات.

Sharaf letter

رسالة موجهة من وزير خارجية الانقلابيين إلى رئيس حكومته يشكوا فيها تصرفات جهاز الأمن القومي (الحوثي)

 

يؤكد شرف في رسالته إلى أن وزارته تلقت في 16 يناير الماضي مذكرة رسمية من الأمم المتحدة تطالب بمنح 12 دبلوماسيا تابعا لها تأشيرات دخول، بضمنهم شخص فلسطيني يدعى مروان علي، كان مكتب الأمم المتحدة قد عينه مؤخرا رئيسا للدائرة السياسية بالمكتب، ومسئولا عن التمهيد لأي مفاوضات سياسية قادمة "سواء من خلال المبعوث الحالي أو أي مبعوث يفوضه الأمين العام للأمم المتحدة". هكذا جاء في الرسالة، في إشارة واضحة لمخاطبة مساعيهم لتغيير المبعوث الأممي الحالي.  

وإثر ذلك، أوضح شرف إن وزارته قامت بإبلاغ جهاز الأمن القومي في حينه بمذكرة رسمية. وفي 6 فبراير، أصدرت الوزارة مذكرة رسمية إلى جوازات مطار صنعاء، بمنح المذكور (مروان علي) تأشيرة دخول عند وصوله بتاريخ 14 فبراير، مع نسخة لجهاز الأمن القومي في حينه.

وفي اليوم المحدد، 14 فبراير، قامت السيدة نيقولا ديفيس، كبير مستشاري المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى اليمن بالوزارة، بالاتصال بالوزارة تؤكد وصولها مع الفلسطيني في الرحلة نفسها، إلا أن جنود الأمن القومي وصلوا إلى المطار وقاموا بمنع السيد مروان من النزول من الطائرة، وإبلاغه أنه شخص غير مرغوب به في اليمن. ليعود أدراجه خارج اليمن.

ويقول شرف إنه كان متاحا أمام جهاز الأمن القومي التفاهم "داخليا" مع الوزارة والاقتناع بوجهة نظرهم وإلغاء التأشيرة واتخاذ موقف آخر، "لكن جهاز الأمن القومي تعمد الانتظار حتى ساعة وصول المذكور إلى المطار في 14 فبراير وعدم السماح له بالنزول من الطائرة، وفي نفس اللحظة وصل مندوب الجهاز لتسليم وزارة الخارجية رسالتهم برفض منح الـ11 شخصا (الأخرين) تأشيرات دخول.

وأعتبر الوزير أن ذلك كان متعمدا حيث "قصد به إحراج وزارة الخارجية وإظهار الحكومة بمظهر عدم وجود التنسيق مع أجهزتها المختلفة. وأن جهاز الأمن القومي هو الوحيد الذي صاحب القرار في الدولة".

"بن حبتور" يشتكي إلى المجلس السياسي

في اليوم ذاته الذي رفع فيه شرف رسالته، أي في 15 فبراير، وجه بن حبتور مذكرة إلى ما يسمى بـ"المجلس السياسي الأعلى" التابع للانقلابين، يشعره فيها بما حدث من منع جنود الأمن القومي لرئيس الدائرة السياسية بمكتب الأمم المتحدة بصنعاء من الدخول، وإيقافه بالمطار لمدة ثلاث ساعات، ولم يسمحوا له بدخول الأراض اليمنية، مع أن لديه تصريح بالقدوم من وزير خارجيتهم.

وحذر بن حبتور في مذكرته، من أن مثل "هذا السلوك غير المسئول يفقد اليمن نافذة دبلوماسية وإعلامية في ظل ما تشهده الجمهورية اليمنية من حصار دبلوماسي وسياسي وإعلامي، يظهر حكومة الإنقاذ بأنها فاقدة الصلاحيات الرسمية". أنظر صورة الرسالة المرفقة.

Ben-Habtowr-to-politician-Council

رئيس حكومة الانقلابين بصنعاء يشكوا تصرفات جهاز الأمن القومي (الحوثي) إلى المجلس السياسي الأعلى للانقلابيين

 

ومع إيراده مثل هذا التحذير، إلا أنه كشف في نهاية رسالته أن حكومته فعلا فاقدة الصلاحيات، وغير قادرة على عمل شيء إزاء مثل هذه الأمور، وذلك من خلال إعرابه عن أمله بأن يقوم المجلس بـ"دراسة الأمر وإفادتنا بما يمكن أن يتخذ من إجراءات رادعة لتصحيح هذا الخلل".

حكومة للضغط التفاوضي فقط

يذكر أن تحالف الميليشيات الانقلابية شكل في 28 نوفمبر الماضي (2016) ما تسمى بـ"حكومة الإنقاذ"، مؤلفة من ?? شخصا برئاسة عبد العزيز بن حبتور، قيادي في حزب المؤتمر الشعبي العام – جناح المخلوع صالح.

وحول هذه الخطوة، قال فريق الخبراء التابع لمجلس الأمن الدولي بالأمم المتحدة، في تقريره الأخير عن العام الماض (2016)، إنه يعتبرها "محاولة من جانب تحالف الحوثي وصالح لفرض ”حقائق على أرض الواقع “، بإنشاء حكومة أمر واقع سيكون من الصعب اقتلاعها بهدف استئناف عملية انتقال سياسي سلمية".

وأضاف التقرير، في الفقرة رقم 21: "ولاحظ الفريق أن مجلس الوزراء الموجود في صنعاء لا يشمل معظم الأعضاء المؤثرين الحوثيين ومن المؤتمر الشعبي العام، ويعتقد أن من المحتمل أن يستخدم التحالف هذه الحكومة لكفالة فرض موقف تفاوضي أقوى في أي مفاوضات سلام في المستقبل".

وهذا يعزز، فكرة إبقاء هذه الحكومة بدون صلاحيات كبيرة، فيما تظل صنعاء والمحافظات المحكومة من قبل الانقلابيين محكومة أكثر بقبضة أمنية، يتولاها ويحكمها بدرجة رئيسية جهاز الأمن القومي، الذي تسيطر عليه فعليا ميليشيات الحوثي.

وهذا أيضا ما كان تقرير فريق الخبراء أشار إليه في تقريره الأخير أيضا، الفقرة رقم 19، حين أكد أن الحوثيون "أحكموا أيضا قبضتهم على وكالتي الاستخبارات والأمن، وبذلك يمنعون فعليا أي محاولات لتحدي السلطة من خلال اللجنة الأمنية العليا. وحدد الفريق أن عبد الرب صالح أحمد جفران، المعروف أيضا باسم أبي طه، قد برز بوصفه السلطة العليا لدى الحوثيين المسؤول عن أجهزة الاستخبارات التابعة لهم".

 

 

 

 

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر