لماذا يحاول الحوثيون (الأن) الانقلاب على "المخلوع" بالإطاحة بمحافِظِهِ في الحديدة؟ (تفاصيل خاصة)

 

بدت حدة الصراع مشتعلة بين قيادات في حزب المخلوع صالح وميليشيات الحوثي على منصب المسئول الأول بالمحافظة، حيث يحاول الحوثيون الإطاحة بالعقيد حسن الهيج من منصبه كمحافظ للمحافظة.

وقالت مصادر خاصة لـ"يمن شباب نت" إن قيادات تابعة للميليشيات، قامت، وبالتنسيق مع متحوثيين محسوبين على جناح المخلوع صالح في حزب المؤتمر، على رأسهم القيادي المؤتمري، المدعو "محمد عياش قحيم"، بجمع توقيعات ضد المحافظ "حسن هيج" للإطاحة به.

 وكان الرئيس عبدربه منصور هادي هو من قام بتعيين "الهيج" محافظاً للحديدة، في ديسمبر 2014م، تحت ضغط الميليشيات، وذلك بعد ثلاثة أشهر تقريبا من فرض سيطرتها على العاصمة صنعاء في سبتمبر من العام نفسه. وأصدر هادي قراره بتعيين القيادي المؤتمري بالمحافظة "حسن الهيج"، خلفاً للمحافظ السابق "صخر الوجيه"، الذي قدم استقالته نتيجة المضايقات التي تعرض لها من قبل الميليشيات الحوثية، بعد سيطرتهم على محافظة الحديدة – غرب اليمن، في شهر أكتوبر 2014م.

وبحسب مصادر مؤكدة لـ"يمن شباب نت"، فأن المدعو "محمد عياش قحيم" الذي يشغل منصب وكيل أول للمحافظة، قام - مع قيادات تابعه للميليشيات - بجمع توقيعات لتزكية مشرف الحوثيين بالمحافظة المدعو "نايف أبو خرشفة"، لتولي منصب المحافظ، نيابية عن المحافظ الحالي (الهيج)، وسيتم رفع التوقيعات، بعد استكمالها، إلى رئيس ما يسمى بـ"المجلس السياسي الأعلى" صالح الصماد، للموافقة عليها.

ويعتبر المدعو "محمد قحيم" من أبرز القيادات المؤتمرية التي ارتمت في احضان الميليشيات الحوثية، بعد أن عينته هي بمنصب وكيل أول للمحافظة. ومن حينها أصبح يقوم بكل الاعمال التي تخدم الميليشيات لإرضائها.

وفي المقابل، لاقت هذه الحركة (جمع التوقيعات للإطاحة بالمحافظ المؤتمري الحالي)، سخطاً في اوساط بعض القيادات المؤتمرية، والتي اعتبرتها انقلاباً واضحاً على الاتفاقيات والتنسيق بين الحوثيين وحزب المؤتمر (جناح المخلوع صالح)، متهمين المدعو "قحيم" بالتآمر في هذا الانقلاب على المحافظ المؤتمري "الهيج".

مؤتمريون يرفضون اللقاء بـ"الصماد"

وكان من المقرر أن يعقد، يوم أمس الجمعة، لقاءا في العاصمة صنعاء، يجمع الصماد، رئيس ما يسمى بـ"المجلس السياسي الأعلى"، بممثلين عن السلطة المحلية بالحديدة مع قيادات حوثية من المحافظة، إلا أن مسئولين رئيسيين كبار في السلطة المحلية بالحديدة، تغيبوا عن حضور هذا اللقاء، الذي كان خصص لحسم الخلافات في هذه المسألة.

وبحسب مصادر خاصة، أبلغت "يمن شباب نت"، فقد تخلف عن حضور اللقاء المذكور، كل من: القائم بمهام الأمين العام للمجلس المحلي بالمحافظة الشيخ علي بن علي القوزي، والوكيل الثاني للمحافظة الشيخ عبدالرحمن جماعي، بينما حضر الوكيل أول للمحافظة محمد قحيم، إلى جانب القيادي الحوثي المدعو أبو يونس، ومعهما ورقة التوقيعات التي تزكي تعيين "أبو خرشفة" محافظاً للحديدة، بدلا عن الهيج.

وكشفت المصادر ذاتها، أن المسئولان في السلطة المحلية (القوزي وجماعي)، تخلفا عن حضور اللقاء بتوجيهات من قيادات حزب المخلوع صالح، كوسيلة للاحتجاج وعدم الرضى بهذه المؤامرة التي تطيح بالقيادي المؤتمري "الهيج" من قيادة المحافظة، وتعيين "أبو خرشفه" المحسوب على الحوثيين، نيابة عنه.

بداية الخلاف وخلفياته

بحسب المعلومات التي تأكد منها "يمن شباب نت"، من مصادر مختلفة، فإن الخلافات في محافظة الحديدة، بين الحوثين وأنصار المخلوع صالح، الذين ما زالوا يدينون له بالولاء والوفاء، ليست حديثة النشأة، إذ تعود إلى ما قبل أكثر من عامين ونيف، منذ تعيين "الهيج" محافظا للحديدة، حيث لم تنفك الميليشيات عن محاولاتها الدؤوبة – شبه المتواصلة - للاستحواذ بشكل كلي على محافظة الحديدة والانفراد بالقرار النهائي في إدارتها. لكن هذه المحاولات واجهت – أحيانا - مقاومة شديدة من قبل محافظ المحافظة "الهيج"، تخللت الفترة الماضية، الأمر الذي وصل حد محاولة اغتياله في يوليو 2015.

 وطبقا لمصادر محلية مطلعة، فقد حدثت عدة خلافات مشهودة بين القيادات الحوثية في المحافظة والمحافظ "الهيج"، منذ توليه زمام المحافظة حول عدة قضايا متعلقة بالإيرادات ونهب الثروات. حيث حاول الاخير الحد من تهور الميليشيات في بسط نفوذها على كامل مفاصل الدولة هناك، كما هو الحال في بقية المحافظات الأخرى الواقعة تحت سيطرتها، وهو ما زاد من عدم الرضى به من قبل الميليشيات.

ومع أن مصادر أخرى، في المقابل، قللت من حجم تلك الخلافات، مؤكدة وجود سيطرة شبه كاملة للميليشيات الحوثية على القرار في هذه المحافظة برضى وموافقة ومساعدة المحافظ نفسه، إلا أن مصادر مقربة من ديوان المحافظة كشفت لـ"يمن شباب نت" أن الرحلة العلاجية التي قام بها المحافظ "الهيج"، في شهر سبتمبر من العام الماضي، لم يكن غرضها العلاج كما أعلن حينها، بل جاء بعد محاولة اغتياله من قبل عناصر من الميليشيات أمام منزله بحي 7 يوليو في ذلك الوقت، لكنه نجا منها بأعجوبة. طبقا لهذه المصادر، التي أرادت من خلال تقديم هذه المعلومات، تعزيز حقيقة وجود تلك الخلافات الشديدة مع المحافظ.

 وتؤكد هذه المصادر، أن هذه المحاولة جاءت على خلفية رفض المحافظ طلبا تقدم به مشرف الميليشيات لصرف تغذية وتنقلات لعناصرهم، لكن "الهيج" رد عليهم بأنه لا توجد ميزانية لتغطية مطالبهم تلك، ورفض التوجيه بتمريرها كما أرادوا. إلا أن مندوب الميليشيات في المحافظة – بحسب المصادر - اشهر سلاحه حينها، مهددا وهو يقول له بالحرف الواحد: "وجه على الوثيقة قبل ان يقرح رأسك"، فما كان من "الهيج" إلا أن قام بالتوجيه على الطلب، ثم مباشرة غادر الاجتماع، الذي كان يترأسه ويضم أعضاء المجلس المحلي بالمحافظة.

وأضافت المصادر أن "الهيج"، بعد هذا التهديد الذي تلقاه من مندوب الحوثيين، اعتكف في منزله ولم يذهب لمزاولة عمله في ديوان المحافظة إحتجاجا على تلك التهديدات، لكن الميليشيات لم تتركه إلى حاله وقامت بملاحقته إلى منزله، محاولة اغتياله.

وقالت إن تلك الحادثة، دفعت بـ"الهيج" إلى السفر إلى صنعاء واللقاء برئيس ما يسمى بـ"اللجنة الثورية العليا" التابعة للميليشيات، حيث رفع له شكوى ضد قيادة الحوثيين في محافظته بما حدث له، وحين لم يجد من ينصفه غادر الوطن بإيعاز من زعيمه المخلوع صالح، واستمر حوالي شهرين خارج الوطن، ثم عاد مجدداً إلى الحديدة، غير أنه حين عاد، وجد نفسه غير قادر على إدارة شئون المحافظة مجددا، حيث كان الحوثيين قد تمكنوا من فرض سيطرتهم وقرارهم على جميع مفاصل الدولة في المحافظة، لذلك لم يكن أمامه سوى تفضيل البقاء في منزله والاختفاء عن الانظار، وقد اصبح غير مرغوبا به من قبل الميليشيات الحوثية، التي برغم مواصلة "المخلوع" الادعاء علنا أنها حليفته، إلا أنه عجز عن إعادة أحد قياداته إلى سدة القرار.

لماذا يحدث هذا الأن إذا؟

طالما وأن الحال أصبح على هذا النحو، تبرز تساؤلات بشأن: لماذا إذا تسعى الميليشيات الأن، إلى الإطاحة بمحافظ لم يعد بيده من الأمر شيء؟

ترجع بعض المصادر ذلك، إلى القرار الأخير الذي أصدره الرئيس هادي أواخر الشهر الماضي، والذي قضى بنقل البنك المركزي من العاصمة صنعاء، الواقعة تحت سيطرة وسطوة الميليشيات الانقلابية، إلى العاصمة المؤقتة (عدن).

وتلفت هذه المصادر إلى أن الميليشيات الحوثية، من الواضح أنها لجأت – بعد هذا القرار - إلى التركيز أكثر على محافظة الحديدة لأهميتها الكبرى، باعتبارها المنفذ البحري الوحيد الذي ما زال يدر لها إيرادات مالية كبيرة، تقدرها بعض التقديرات بأكثر من 15 مليار ريال شهريا، كرسوم جمركية فقط من مينائي الحديدة والصليف، فضلا عن إيرادات كبيرة أخرى من الضرائب والزكاة من هذه المحافظة، التي تتواجد فيها شركات تجارية ومصانع كبيرة وكثيرة، الأمر الذي سيعوضها – إلى حد ما – في رفد خزينتها الخاصة، وبالتالي: مواصلة دعم ما يسمى بـ"المجهود الحربي"، بعد أن شكل القرار الرئاسي الأخير ضربة قاصمة لها في هذا الجانب.

لذلك، تعتقد المصادر التي تحدثت مع "يمن شباب نت" في هذه المسألة، أن هذا القرار قد يكون أحد الأسباب التي دعت الميليشيات إلى معاودة استكمال مخططها بالاستحواذ والتفرد كليا، وبشكل رسمي، بالقرار الأول في محافظة الحديدة، الأمر الذي يستلزم أولا الإطاحة كليا بالمحافظ "الهيج"، الذي مع ما حدث له من إزاحة، إلا أنه رسميا ما يزال هو المحافظ الحالي للمحافظة، وبالتالي لا بد من استبداله (رسميا) بآخر من طرف الميليشيات الحوثية، والذي توجب الضرورة أن يكون هو مشرف الميليشيات بالمحافظة المدعو "نايف أبو خرشفة"..!! حتى تكتمل دائرة السيطرة بعيدا عن أي منغصات قد تفاجئهم مستقبلا.

ويبقى السؤال الأهم، الذي يطرح نفسه الأن: ما موقف المخلوع صالح، وجناحه في الحزب من محاولات تمرير هذا القرار، الذي يهدف إلى استكمال نتف ما تبقى من ريش في هذا الجناح بمحافظة الحديدة؟

ولعل التداعيات المثيرة في هذه القضية، قد بدأت فعلا بتخلف مسئولين كبار، هامين ومؤثرين في السلطة المحلية ما زالوا حتى الأن - على الأقل - في جناح مؤتمر المخلوع، من حضور الاجتماع الذي كان مقررا يوم أمس الجمعة مع رئيس ما يسمى بـ"المجلس السياسي الأعلى" بالعاصمة صنعاء.

إلا أن السؤال السابق، يتفرع إلى هذا السؤال اللاحق، على وقع تلك المتغيرات: إلى أين يمكن أن تصل تلك التداعيات، في ظل ما يمر به جناح المخلوع صالح من ضعف وترهل في كافة المحافظات، بما في ذلك في وكره الرئيسي بالعاصمة صنعاء؟؟

 

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر