كشف عن قيادات مارست التعذيب.. الصحفي "حارث حُميد" يروي لـ"يمن شباب نت" تفاصيل 8 سنوات من المعاناة والتعذيب بسجون الحوثيين

[ الصحفي اليمني حارث حُميد اختطف مع صحفيين آخرين في سجون الحوثيين لمدة ثمان سنوات ]

في الأيام الأولى على اختطافهم من قبل مليشيا الحوثي، وجد الصحفيون في غرفة إحدى السجون الانفرادية، مختطفا، فسألوه: "منذ متى وأنت هنا؟!، فرد عليهم: "منذ سبعة عشر يوماً".. عندها أبدوا استغرابهم واندهاشهم الكبيرين لطول فترة اختطافه، قائلين له: "نحن صحفيون، وبالكثير يومين إلى ثلاثة أيام ويتم الإفراج عنا"..
 
لم يدر بخلدهم أنها ستكون ثمان سنوات متواصلة من المعاناة والحرمان والقهر.. تنوعت أيامها البطيئة بين تعذيب جسدي ونفسي، وصولاً إلى إصدار أحكاماً جائرة بحقهم، بينها حكم "الإعدام" لأربعة منهم. لكنها مع ذلك لم تكن إلا ثمان سنوات من الثبات والصمود والصبر والانتصار على جلاديهم..
 
في هذا المقابلة، الذي اجراها "يمن شباب نت" مع الصحفي المحرَّر مؤخرا من معتقلات مليشيا الحوثي الإرهابية "حارث حُميد"، يروي بعض من تلك المعاناة والحرمان والتعذيب الذي تعرض له، وزملائه الصحفيين المختطفين، مع أهاليهم، خلال تلك السنوات الثمان العجاف؛ منذ الأيام الأول لاختطافهم حتى لحظة الافراج عنهم، وقبيل صعودهم سلم طائرة اللجنة الدولية للصليب الأحمر.
 
وفي التفاصيل يكشف أيضا عن القيادات الحوثية التي مارست التعذيب بحقهم بشكل مباشر، وكذا القيادات التي وجهت، أو أشرفت على تعذيبهم، وكانت تعتبرهم أخطر من الرصاص، بل أخطر من ألوية عسكرية، عندما تحقق معهم.
 
 
من الاختطاف إلى تعذيب والإخفاء
 
يبدأ الصحفي حارث حُميد حديثه عن بداية اختطافهم في 9 يونيو 2015، حين هجمت عليهم مليشيا الحوثي في المكان الذي كانوا متواجدين فيه: "حاصرتنا الميليشيات الحوثية من جميع الاتجاهات بعدد من الأطقم العسكرية والعشرات من عناصرها وهم يحملون مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والثقيلة (البندقية، رشاشات الـ 12/7، والآر بي جي، وصواريخ اللو وغيرها..) بقيادة المدعو أبو أكرم محمد يحي المتوكل، واقتادونا بشكل همجي على متن الأطقم، قبل أن ينهبونا تلفوناتنا واجهزتنا وأموالنا ولم يتم ارجاعها حتى اليوم".
 

حارث حميد: تم إخفائنا قسراً لمدة عام وعندما سمحو بزيارة أهالينا لنا كانوا يتركونهم ينتظرون ساعات، ويكون بيننا حاجزا بمسافة بمترين وغالباً مدة الزيارة لا تتجاوز ثلاث دقائق.


وأضاف: "تم نقلنا الى قسم شرطة الحصبة ووضعونا في مكان مزري جداً، أنا والزملاء توفيق المنصوري وعبد الخالق عمران وهشام طرموم، واليوم التالي نقلونا نحن الأربعة، إلى قسم الشهيد الأحمر، فيما تم نقل بقية الزملاء الخمسة الاخرين الى سجن البحث الجنائي، وأثناء التحقيق معنا، قالوا لنا: أنتم ليس عليكم شيء وليس عليكم تهمة، وتم كتابة ذلك في محضر التحقيق".
 
يواصل الصحفي حُميد حديثه قائلا: "مكثنا أربعة أيام في القسم بدون أدنى أساسيات الحياة، حيث لا وجود لدورة مياه، والطعام لم يكونوا يأتونا إلا بالقليل منه لا يكفي لجميع المعتقلين، كانوا يعطوا الواحد منا مجرد رغيفين (كُدم) باليوم فقط، وبعد أربعة أيام نقلونا إلى البحث الجنائي، وعندما وصلنا هناك ليلاً وضعونا بغرفة مهجورة، ولا يوجد فيها أي فرش او غطاء، وبسبب الاتربة كنا نسعل طوال الليل لدرجة أن بعضنا تقيئ دماً".
 
وأردف: وفي اليوم التالي مباشرة، بدأوا بالتحقيق معنا من بعد العصر، وكانت التحقيقات تستمر أحيانا حتى منتصف الليل، مارسوا معنا خلالها شتى صنوف التعذيب الجسدي والنفسي..
 
وسرد بعض أساليب التعذيب التي استقبلوا فيها: "منذ اليوم الأول من التحقيقات باشرونا بالتعذيب بطرق مؤلمة للغاية، بدءا بالضرب والركل واللطم، ووضع البنادق علينا ونحن معصوبي الأعين، وتكبيلنا بالأيدي والأرجل وتعليقنا ومن ثم ضربنا بالعصي والبنادق، وصولا إلى الصعق بالكهرباء، وحرماننا من الجلوس لفترات طويلة..".
 
ويقول حُميد إنه، ونتيجة لشدة التعذيب اللاإنساني، الذي كان يمارس يوميا على المختطفين، اثناء التحقيقات، غالبا ما كان يؤدي بمعظم السجناء إلى الاعتراف بكل ما يريدونه منهم، للتخلص من آلام التعذيب، الذي لم يكن يتوقف أبدا".

 

حارث حميد: القيادي الحوثي المرتضى كان متورطاً بالتعذيب بشكل مباشر هو ونائبة مراد حنين الذي كان يقوم بحرق لِحى الأسرى، والدوس على جباههم بقدميه، كما تفرد بتعذيب كبار السن والقُصَّر.

وبعد شهر كامل من التعذيب في سجن البحث الجنائي، نقل الصحفيون المختطفون إلى سجن الثورة الاحتياطي الذي لم يكن فيه أحد غيرهم، وهناك تم وضع كل واحد منهم في زنزانة انفرادية، كما يؤكد الصحفي "حميد"، مضيفا "ولم نستطع التواصل مع أهالينا أبدا، رغم مناشدتنا لهم بذلك من حين إلى آخر، كما لم يسمح لنا باللقاء بأي أحد، كنا معزولين عن العالم الخارجي تماما، حتى أننا لم نعلم بأن أهالينا كانوا يحاولون التواصل معنا ومساعدتنا إلا بعد حوالي عام من الاختطاف".
 

سجن الأمن السياسي سيء الصيت

لقرابة عام كامل، نقلت ميلشيات الحوثي الصحفيين المختطفين بين عدة سجون. وفي شهر مايو 2016- كما يتذكر- قاموا بنقلهم الى سجن الأمن السياسي سيء الصيت، الذي مكثوا فيه أكثر من أربع سنوات متواصلة، وهي الفترة التي يصفها بأنها "كانت الأصعب والأقسى في حياتهم، كونها كانت هي الأشد إيلاماً وتعذيباً ومعاناة جسدية ونفسية"..
 
بالنسبة للصحفي حارث حُميد كان أشد ما آلمه، بداية، قيام الميليشيات بمصادرة نظارته حيث لا يستطيع الرؤية بوضوح دونها. يقول واصفا تلك المأساة: "إلى جانب التعذيب والمعاناة اليومية نتيجة الجوع والمرض والعزلة، فقد كان من المؤلم لي أيضا حرماني من نظارتي داخل السجن المعتم لقرابة عام ونصف، الأمر الذي تسبب لي بصداع شديد بشكل شبه دائم"
 
ولم يقتصر الأمر على التعذيب أثناء التحقيقات، بل تعرض الصحفيون المختطفون لحرمان من أبسط حقوقهم الإنسانية، بما ذلك العلاج والحرمان من النوم وأحيانا الطعام والماء، والتعامل معهم بطرق حاطة للكرامة. وفي هذا الجانب يستشهد الصحفي حُميد بواحدة من الليالي المشهودة في السجن..
 
وقال: في احدى الليالي لم يقدموا لنا وجبة عشاء، التي بالأساس لا تكاد تذكر.. وعند مطالبتنا بذلك، حضر مدير السجن المدعو يحيى سريع، مع زبانيته من السجانين، وهددنا بعقوبات مؤلمة إن لم نسكت ونخلد إلى النوم، فاعترضنا على أسلوبه وشتائمه، مطالبين منه بتوفير أبسط حقوقنا في المأكل والمشرب، وحينها غضب وأمر جنوده بإخراجنا (الصحفيون التسعة)، من الزنزانة، وقام هو وجنوده بضربنا ضرباً مبرحاً بالعصي والهراوات والبنادق وسط ألفاظ من السب والشتم المقذع..!!

 
                                          الزميل "جبر صبر" أثناء إجراء المقابلة مع الصحفي "حارث حُميد" ​


"ليلة القلم"
 
ليالي المختطفين خلف قضبان ميليشيات الحوثي الإرهابية، بطيئة وحزينة، وبين حين وآخر كانت تتخللها ليال مأساوية مشهودة كتلك الليلة التي أطلقوا عليها اسم "ليلة القلم". ووفقا للصحفي حارث حميد، "كانت هذه الليلة مؤلمة تعرضنا لتعذيب شديد، انتهى بوضعنا في زنازين انفرادية لعدة أيام"..
 
أما السبب، كما يقول، فكان "لأننا استطعنا أن ندخل "قصبة قلم" إلى الزنزانة". الأمر الذي اعتبر جريمة، كوننا كنا ممنوعين من القراءة والكتابة، وحين اكتشف ذلك ووصل الخبر إلى مدير سجن الأمن السياسي، هرع إلينا مسرعا مع زبانيته وأخرجونا ليلاً إلى ساحة السجن، وأجبرونا على ممارسة تمارين رياضية بدنية جزائية شاقة، وبينما كان حراسه يحيطون بنا بشكل دائرة كان هو يمر علينا فردا فردا ضربا بالهراوة بشكل هستيري، حتى شككنا انه تحت تأثير المخدرات، لأن تصرفاته لم تكن متزنة أبدا، حيث كان يجبرنا على الاستلقاء على الأرض ثم يمر هو بقدميه على رؤوسنا جميعا في تصرف جنوني غير متزن مطلقا".
 
ويستدرك: ومن شدة الألم حاولنا استعطافه بتذكيره بأن ما يقوم به لا يرضاه لا شرع ولا دين ولا أخلاق ولا انسان، فيرد علينا بالتأكيد أنه، لا يملك أي اخلاق انسانية، وليس في قلبه ذرة رحمه..


حارث حميد: وجدوا قلماً معنا عذبونا ليلة كاملة ضربا بالهراوات بشكل هستيري، وكان مدير السجن المدعو يحيى سريع يجبرنا على الاستلقاء على الأرض ثم يمر هو بقدميه على رؤوسنا.

ويضيف: "لم يكتف بذلك، بل أخذني أنا وزميلي الصحفي حسن عناب، للتحقيق معنا، مستخدما هراوته وضربني على رأسي، متسائلا:" كيف استطعت إدخال القلم؟! ومع أني قلت له بالحقيقة، إلا أنه لم يقتنع وواصل التحقيق والتعذيب، وحين انتهى مني أمر بإعادتي سحلا إلى الزنزانة وأنا مجرد من الملابس ماعدا ملابسي الداخلية، والأمر نفسه حدث مع زميلي عنَاب الذي انتهى به الأمر بوضعه بغرفة انفرادية لمدة عشرون يوما"..
 

تعذيب نفسي
 
وينتقل الصحفي حُميد للحديث عن بعض أساليب التعذيب النفسي، بينها- على سبيل المثال: "قراءة ملازم الهالك حسين الحوثي علينا، رغما عنا"، مضيفا: "كانوا يجبروننا على الاستماع لذلك الهراء المكتوب، ومن يرفض أو يقاطع ويتحدث أثناء القراءة يتعرض للتعذيب"..
 
ويتابع: كما كانوا يأتون لنا بشاشات ليبثوا عليها محاضرات الهالك حسين الحوثي، أو ينتقلون لنا عبرها خطابات زعيمهم عبد الملك الحوثي، وكنا مجبرين على متابعتها والإنصات إليها، ومن يرفض أو يحاول أن يناقش يتعرض للشتم والاهانة، وقد يصل الحال إلى التعذيب..
 
 
معاناة الأهالي خلال الزيارات النادرة
 
وعن معاناتهم النفسية، بمنع أهاليهم من زيارتهم، بداية، ثم محاولات إهانة أهاليهم اثناء الزيارات، يقول: "بالنسبة لنا، نحن الصحفيون بشكل خاص، كانوا يتعمدون إلحاق الألم والأذى والمعاناة بأهالينا، حتى بعد ان سمحوا بزيارتنا، بعد مرور أكثر من عام على الإخفاء القسري"، مستدركا: "وعند زيارة أهالينا كان يتم تجاهلهم وإبقائهم ينتظرون تحت أشعة الشمس لساعات، وكثيرا ما كانت المليشيا تتعنتهم وترفض السماح لهم، فيعودوا حاملين معهم القهر والألم، وكانت تمر سنة كاملة بدون زيارة".
 
ويرى الصحفي حارث حميد أن الزيارات "ألمها وقهرها أكثر من فائدتها"، مضيفا: "إذ أنه حتى عندما تحظى اسرهم بزيارتهم، يحول بينهم حاجزا يفصلهم عنهم بمترين، لا يستطيعون بسببه التحدث معهم بشكل طبيعي، إضافة إلى ضرورة وجود عسكر يسمعون كل ما يدور بينهم وأسرهم، فضلاً على أن مدة الزيارة غالباً لا تتجاوز ثلاث الدقائق".
 

حارث حُميد: تم حرماني من نظارتي داخل السجن المعتم لقرابة عام ونصف، الأمر الذي تسبب لي بصداع شديد بشكل شبه دائم

 

ويتحدث حارث عن تجربته الشخصية المؤلمة في هذا الجانب عندما توفى والده، حيث لم يتم إبلاغه بذلك إلا بعد أيام من وفاته، حين تمكنت أسرته من زيارته، بعدها تدخل وسطاء للسماح له بحضور عزاء والده على الأقل، حتى أن اسرته عرضوا رهن بصيرة منزلهم (وثيقة الامتلاك) لدى الميليشيات مقابل السماح له بالخروج ليوم فقط لحضور العزاء، الأمر الذي قوبل بالرفض الشديد.
 
 
فرض عزلة قاتلة عن العالم
 
هل كانت تصلكم أهم وأبرز الأخبار والأحداث التي كانت تمر بها البلاد؟ سألته، فرد بالنفي، كون الميليشيات- كما يقول- تعمدت عزلهم بشكل نهائي عن معرفة كل ما يدور خارج السجن، سواء على المستوى الشخصي، حيث لم يعلم بوفاة والده الا بعد فترة طويلة، أو على مستوى الساحة المحلية والخارجية. وبحسب تأكيده فقد تم تغييبهم بشكل متعمد طوال مدة اختطافهم في السجن، عدى تلك الأخبار التي يفرض عليهم متابعتها عبر قناة المسيرة، وبعض الصحف، التابعة لهم.
 
 
قيادات حوثية مارست التعذيب
 
ومن التفاصيل المُهمة التي كشفها الصحفي حارث حميد لـ"يمن شباب نت"، أسماء قيادات حوثية متورطة في عمليات الاختطاف والتعذيب بشكل مباشر، أو وجهت أو أشرفت على تعذيب المختطفين..
 
من بين تلك القيادات: "إبراهيم الشريف/ أبو رائد/ في البحث الجنائي، وأبو عقيل علي الحوثي في سجن الأمن السياسي، إلى جانب مدير السجن يحيى سريع، ومن القيادات التي حققت معهم: شخص كنيته "ابو حسين". وقال: "بشكل عام، كان التعذيب تحت إشراف وتوجيه عبد الكريم الخيواني (المنتحل صفة وزير الداخلية لدى الميليشيات)، وعبد القادر الشامي".
 
ويضيف: "أما في سجن الأمن المركزي بالسبعين، الذي كان سابقاً معسكراً للقوات الخاصة، فكان يشرف عليه القيادي عبد القادر المرتضى (مسئول المفاوضات حول الأسرى الحوثيين)، وكان بنفسه يمارس التعذيب، ومثله نائبه المدعو مراد قاسم حنين، وهاذان يظهران في الاعلام على أنهما حمائم سلام لإطلاق الأسرى، وهم وحوش وطغاة في تعاملهم في سجونهم".
 
وتابع: "كانت شهرتهما واسعة بين الأسرى بالبطش والوحشية، فعند استدعائنا للتحقيق يحضرونا بالسّحل، وكان مراد أبو قاسم حنين الأكثر وحشية، والذي كان أشبه بكلب حراسة مطيع لدى رئيسه المرتضى"
 

حرق لحى ودوس جباه
 
وعن بعض أساليب التعذيب الذي كان يمارسها مراد حنين بشكل مباشر بحق المختطفين كشف الصحفي "حُميد" "انه كان يقوم بحرق لِحى الأسرى، والدوس على جباههم بقدميه، كما تفرد بتعذيب كبار السن والقصَّر".
 
ويتابع: "كان حنين يقوم بالتعذيب، أو يشرف عليه، لساعات طويلة؛ منذ الصباح حتى حلول الليل، دون أن يَملُّ أو يكل من طول ساعات التعذيب".


حارث حميد: كان قيادات الحوثيين يقولون لنا - أي الصحفيين المختطفين - أنتم أخطر علينا من الرصاص بل أخطر علينا من ألوية عسكرية بأسرها


الصحفيون أخطر من الرصاص
 
لم تبرح مليشيا الحوثي وزعيمها من التحذير، مبكرا، من الصحفيين وخطرهم عليهم وعلى مشروعهم السلالي التدميري. ويذكر الصحفي حارث حميد موقفاً في هذا السياق فيقول: "في احدى الأيام زارتنا لجنة قانونية من قبل ما يسمى المجلس السياسي التابع للمليشيا، وحين تحدثنا معهم ومع مشرف اللجنة المدعو أحمد بدر الدين، واخبرناهم اننا صحفيون ليس علينا شيء، رد علينا بالقول: أنتم أخطر علينا من الرصاص بل أخطر علينا من ألوية عسكرية بأسرها..!!
 
وأشار إلى أن ما يثبت حقد المليشيا الدفين على أصحاب الرأي أنه "تم التنكيل بنا حتى اليوم الأخير الذي سبق يوم الإفراج وبشكل وحشي، بل استمروا باستفزازنا حتى طلوعنا سلم طائرة لجنة الصليب الأحمر".
 

صراع فكري وثبات
 
مع كل ذلك الكم من التعذيب والمعاناة، إلا أن صمود الصحفيين والمختطفين لم يقتصر على الصمود والصبر أمام التنكيل بهم وحسب، بل كانوا يتعمدون مواجهة المليشيا فكرياً، بحسب ما يؤكده الصحفي حارث حميد..
 
يقول حُميد: "عندما كنا نحاول أن نثير مع السجانين مواضيع فكرية ونناقشهم في فكرهم الطائفي، كنا نشعر بهزيمتهم فيما هم غارقون فيه من هراء لا يستقيم مع أبسط قواعد المنطق، فكانوا يرفضون مواصلة النقاش معنا، وأفضل طريقة يلوذون بها أنهم كانوا يصمون أذانهم ويتعاملون معنا على ضوء التعبئة المسبقة التي استحوذت على عقولهم من قبل قياداتهم الذين تمكنوا على ما يبدو من غسل أدمغتهم البسيطة".
 
 ويستدرك: "حتى أن قياداتهم كانوا يحرصون على تغيير السجانين بشكل دوري أسبوعي، وأحيانا يصل الحال بأن يكون يومي خوفا من تأثيرنا عليهم".  وقال: أن "تجربة الاختطاف والسجن علمتنا أن ننتصر بإرادتنا، وأن نقوي من عزيمتنا، وأن نثبت على مواقفنا ومبادئنا وقضيتنا، وأن نذود عن أوطاننا تحت أية ظروف".
 

مشاعر لحظة الافراج
 
ويصف حارث لحظات الإفراج عنهم بالقول: كان شعورا لا يوصف من شدة السعادة، ولم نكن نتوقع انه سيتم الإفراج عنا بعد أن كذبوا علينا عدة مرات. ويضيف: "وما أبهرنا وأدهشنا ولم نكن نتوقعه ذلك الاستقبال الرسمي والشعبي الذي حظينا به بمأرب، لدرجة أنه أنسانا مآسي ثمان سنوات من الاختطاف والسجن".

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر