وسط انعدام الأمن الغذائي.. شبح الجوع يلاحق أطفال غزة ويهدد حياتهم

[ مئات آلاف الأطفال في غزة لا يجدون الطعام والمياه ويعانون الجوع الشديد (الأناضول) ]

لم يعد الخوف من الموت بصاروخ إسرائيلي كل ما يخشاه الفلسطينيون في قطاع غزة، فالجوع بات كابوساً يلاحقهم ويهدد حياة أطفالهم على وجه الخصوص مع نفاد المواد الغذائية خصوصا من مناطق مدينة غزة وشمالي القطاع التي لا تصلها المساعدات إلا بشكل محدود وعلى فترات متباعدة.
 
وقالت منظمات برنامج الأغذية العالمي، و"يونيسف"، و"الصحة العالمية"، في بيان الثلاثاء، إنه مع "تصاعد خطر وقوع مجاعة، وتزايد أعداد الأشخاص المعرضين لانتشار الأمراض الفتاكة، ثمة حاجة ماسة إلى إجراء تغيير جذري في تدفق المساعدات الإنسانية لغزة".
 
وفي 23 ديسمبر/ كانون الأول الماضي، ذكرت الأمم المتحدة أن 4 من كل 5 أشخاص الأكثر جوعا في العالم موجودون في قطاع غزة اليوم.
 
ويحذر فلسطينيون ومنظمات إغاثية من أن آلاف السكان بقطاع غزة البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة، "قد يموتون إذا لم تتحسن الظروف الإنسانية بشكل كبير".
 
وتسمح إسرائيل بدخول كمية محدودة فقط من المساعدات الإنسانية لغزة، ما يؤدي إلى تفاقم الأوضاع الإنسانية في القطاع الذي يواجه حربا إسرائيلية منذ أكثر من 100 يوم.
 
ولا يجد مئات آلاف الأطفال الفلسطينيين في القطاع الطعام والمياه بشكل كاف أو صحي منذ أكثر من شهرين حيث نفدت المواد الغذائية، أو قصف الجيش الإسرائيلي المتوفر منها، فيما لا تدخل إلا كميات محدودة من المساعدات.
 
وفي خيمة داخل مجمع الشفاء الطبي بمدينة غزة، لا يقوى الطفل محمود نصر (8 أعوام) على الوقوف من مكانه واللعب بسبب الهزال الشديد الذي يعاني منه جراء الجوع.
 
ويبحث الفلسطيني سيد نصر، والد الطفل محمود، يومياً منذ ساعات الصباح الباكر عن طعام لأفراد أسرته الخمسة لكنه لا يجد إلا بعض الأرز والمياه غير المحلاة وهو ما يعتمد عليه فقط للبقاء على قيد الحياة.
 
ويقول نصر لمراسل الأناضول، إن "الأوضاع صعبة للغاية، والجوع يجتاح غزة ويغزو المنازل ومراكز الإيواء ويهدد حياة الأشخاص بشكل واسع".
 
ويضيف: "الوجبة الرئيسية في غزة حالياً هي طبق الأرز المسلوق في ظل عدم توفر الدقيق والخبز"، مستدركًا أن أسعار الأرز في ارتفاع غير مسبوق.
 
ويتابع: "الأرز لا يلبي جميع الاحتياجات الغذائية للأطفال الذين باتوا يرفضون تناوله كونه رديء الجودة ومطبوخا بطريقة سيئة بسبب عدم توفر الملح والبهارات والمياه النظيفة".
 
ويشير إلى أن أطفاله يصابون عادة بالدوار ويحصلون على بعض محاليل التغذية بين الحين والآخر حتى يبقوا على قيد الحياة، موضحا أنهم يشترون هذا المحلول من بعض الصيدليات التي ما زالت تعمل بمدينة غزة.
 
ويخرج عادل محيسن النازح من حي الشجاعية شرق مدينة غزة باتجاه المناطق الغربية يومياً إلى شارع "الرشيد" الساحلي بانتظار وصول الشاحنات المحملة بالمساعدات للحصول على بعض المواد الغذائية ولكنه عادة ينتظر بلا جدوى بسبب عدم وصول الشاحنات.
 
ويقول محيسن للأناضول: "كنت أتوسل لإطعام أطفالي الذين يتضورون جوعًا ولم أجد أي شيء يسد جوعهم، فقررت أن أخاطر بحياتي وأتوجه إلى شارع البحر وأنتظر الشاحنات القادمة من الجنوب لعلي أحظى بشيء من الطعام".
 
ويضيف: "القوات الإسرائيلية تطلق النار علينا وشاحنات المساعدات تصل على فترات طويلة لذلك غالبا ما أعود دون أن أحصل على شيء".
 
ويشير إلى أنه اشترى كمية قليلة من الأرز والمعكرونة قبل أيام من متجر صغير كان مغلقاً منذ بداية الحرب وأعاد فتح أبوابه وكان لديه كميات محدودة من البضائع.
 
ويتابع: "إذا استمر الحال على ما هو عليه فإن أطفالي سيموتون جوعا فلا يتوفر بالأسواق إلا كميات ضئيلة من الأرز والمعكرونة فقط وهو ما نأكله منذ أكثر من شهر. حتى هذا الطعام لا يلبي الاحتياجات الغذائية للأطفال".
 
الفلسطيني هاني أسعد، من سكان حي الرمال في مدينة غزة، رزق بطفل قبل نحو شهر ويواجه حاليا صعوبات كبيرة في الحصول على حليب مناسب له.
 
ويقول هاني لمراسل الأناضول: "طفلي يحتاج إلى حليب ولا أملك المال اللازم لذلك وفي حال امتلكت فإني لا أجد الحليب المناسب، والرضاعة الطبيعية لا تكفي لأن زوجتي لا تتناول العناصر الغذائية المتكاملة".
 
ويضيف: "أخشى أن أفقد طفلي الأول بسبب الجوع فهو يعاني حاليا من هزال شديد".
 
وفي بيان صدر عن الأمم المتحدة أمس الثلاثاء، قالت المديرة التنفيذية لبرنامج الأغذية العالمي، سيندي ماكين: "يواجه سكان غزة خطر الموت جوعاً وذلك على بعد أميال قليلة فقط من شاحنات مليئة بالأغذية".
 
وأضافت ماكين: "كل ساعة تعرّض أرواح لا حصر لها للخطر. ولا يمكننا منع وقوع مجاعة إلا إذا تمكنا من إيصال إمدادات كافية وتوفرت لنا إمكانية وصول آمنة إلى جميع الأشخاص المحتاجين، وأينما كانوا".
 
وأشار البيان الأممي، إلى أن آخر تقرير صادر عن "مبادرة التصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي" وجد مستويات كارثية من انعدام الأمن الغذائي في غزة.
 
وأكد التقرير أن سكان غزة بأسرهم يعانون أزمة غذائية أو مستويات أسوأ من انعدام الأمن الغذائي الحاد.
 
وأوضح أن جميع الفلسطينيين في غزة لا يحصلون على وجبات كافية في اليوم، بينما يلجأ العديد من الراشدين إلى حرمان أنفسهم من الغذاء لتقديمه إلى أطفالهم، وقد حذّر التقرير من وقوع مجاعة إذا تواصلت الظروف الحالية.
 
ومنذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، يشن الجيش الإسرائيلي حربا مدمرة على غزة خلّفت حتى الأربعاء، 24 ألفا و448 قتيلا و61 ألفا و504 مصابين، وتسببت بنزوح أكثر من 85 بالمئة (نحو 1.9 مليون شخص) من سكان القطاع، بحسب السلطات الفلسطينية والأمم المتحدة.

المصدر: الأناضول

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر