قطاع غزة.. بساتين وملاعب تتحوّل إلى مقابر

قبل أن ينزح محمود المصري إلى رفح في جنوب قطاع غزة، هرباً من الغارات الإسرائيلية المتواصلة على منطقة سكنه، دفن إخوته الثلاثة وخمسة من أبنائهم في مقبرة جماعية حفرها في بستان حمضيات تابع لمنزله، بعدما قضوا في قصف إسرائيلي.
 
وقبل الحرب الإسرائيلية الأخيرة على قطاع غزة، كان المصري، وهو مزارع يبلغ من العمر 60 عاماً، يعيش في منزل مؤلّف من طبقتَين وسط بستان حمضيات كبير، في بيت حانون شمال شرقي القطاع، بالقرب من السياج الحدودي.
 
في بداية الحرب، رفض المصري أوامر الاحتلال الإسرائيلي التي وجّهها إلى سكان شمال قطاع غزة لإرغامهم على النزوح القسري جنوباً. لكنّ اشتداد القصف الذي يستهدف المنطقة دفعه إلى المغادرة قبل نحو عشرة أيام، مع زوجته وأولاده، إلى أحد المستشفيات.
 
ويقول المصري، لوكالة "فرانس برس" التي التقته في خانيونس جنوبي القطاع، إنّ القصف العنيف والمتواصل اضطرّه إلى دفن أفراد العائلة في البستان، بعدما قضوا في ضربة إسرائيلية على بيت حانون.
 
ويضيف أنّ "المقبرة تقع في المنطقة الحدودية التي توغّلت فيها دبابات الاحتلال"، مشيراً إلى أنّ "الوضع خطر جداً. سوف أنقل الجثث بعد الحرب". ويخبر المصري أنّ "الجرافات (الإسرائيلية) هدمت بيتي بحسب ما أُعلمت، ولا أعرف إذا بقيت المقبرة أم دُمّرت".
 
وقد أدّى ارتفاع أعداد الشهداء (10 آلاف و812 شهيداً حتى اليوم الخميس) في غزة إلى اكتظاظ مقابر القطاع بمعظمها، مع استحالة الوصول إلى تلك الواقعة عند الحدود في مناطق يستهدفها القصف الإسرائيلي. وقد اضطرّت هذه الأزمة العائلات إلى التصرّف وفقاً للإمكانات المتوفّرة.
 
في مطلع نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري، قصفت إسرائيل مخيّم جباليا للاجئين الفلسطينيين. وأفادت وزارة الصحة في غزة بأنّ العشرات قضوا من جرّاء القصف الذي استهدف منازل سكنية. حينها، انتشل السكان نحو 50 جثة، وقد حملوها في صندوق شاحنة إلى المستشفى الإندونيسي، قبل أن يُنقل عدد منها على عربات تجرّها جياد إلى إحدى المقابر.
 
لم يجد الأهالي مكاناً لدفن جثث شهدائهم. فتوجّهوا إلى ملعب ترابي لكرة القدم خلف المستشفى الإندونيسي، ونبشوا حفرة كبيرة مستطيلة الشكل قسموها إلى قسمَين، واحد للذكور والثاني للإناث، ثمّ دفنوا الشهداء وغطّوا الحفرة بألواح من الصفيح قبل أن يرموا التراب عليها.
 
قبل الحرب، كان الملعب الواقع في منطقة تلّ الزعتر في مخيّم جباليا مخصّصاً للمباريات المحلية، علماً أنّه تابع لوكالة إغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا). وكانت تحيط بالملعب ثلاث مدارس تابعة للأمم المتحدة حُوّلت إلى مراكز إيواء للنازحين في خلال الحرب.
 
يقول شحتة ناصر (48 عاماً) لوكالة "فرانس برس": "ندفن الشهداء في أماكن عامة.. في الملاعب، وفي أراض فارغة. لا مكان في المقابر". ويضيف الرجل الذي شارك في الدفن الجماعي أنّ "الشهداء يُنقَلون في عربات تجرّها حيوانات بسبب نفاد الوقود" اللازم لتشغيل المركبات.
 

(فرانس برس)

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر