المقاطعة في تركيا: اتساع الحملات ضد الشركات الداعمة لإسرائيل

[ المقاطعة في تركيا: اتساع الحملات ضد الشركات الداعمة لإسرائيل ]

تتوسع حملات مقاطعة الأتراك للشركات الأميركية والأوروبية الداعمة لإسرائيل، بالتوازي مع المجازر التي يرتكبها الاحتلال بحق المدنيين في غزة، لتدخل أطوار توعية الشباب وابتعادهم عن المحال والمقاهي المستهدفة بحملات المقاطعة، منها مطاعم ماكدونالدز وسلسلة "ستاربكس" التي تدعم الاحتلال، مع تعليق ملصقات تجذب انتباه الناس لأهمية المقاطعة الاقتصادية.

ويشير المحلل التركي، إسلام أوزكان إلى قلة توافر المنتج الإسرائيلي في بلده، رغم ارتفاع حجم التبادل إلى نحو 10 مليارات دولار، ولكن ثمة شركات ومنتجات أميركية وأوروبية، تدعم الكيان الصهيوني، موجودة في تركيا ولكن قلة يعرفونها حيث لم يتم تحديد تلك الشركات بدقة لتتم مقاطعتها.

ويضيف أوزكان لـ"العربي الجديد" أن بعض الشركات الأوروبية داعمة بشدة للاحتلال، وبحكم غياب نشاط حركة "بي دي إس" عن الساحة التركية، لم تزل المقاطعة شعبية اندفاعية وغير منظمة. ويشرح أن "حركة بي دي إس هي حركة مناصرة لحقوق للفلسطينيين تدعو إلى مقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها وفرض عقوبات عليها".

وعلقت تركيا جميع اتفاقات الطاقة مع إسرائيل فيما أبقت على العلاقات الاقتصادية الأخرى، كما ألغى وزير الطاقة التركي زيارة إلى تل أبيب.

وأشار أردوغان، خلال كلمته الأخيرة، إلى أن إسرائيل استغلت نوايا تركيا الحسنة، وأنه لن يذهب إلى إسرائيل مثل ما كان مخططاً، وأضاف أن الهجمات الإسرائيلية على غزة ودعم هذه الهجمات "يصل إلى حد الاغتيال"، في إشارة إلى الدعم الغربي للاحتلال الإسرائيلي.

وحقق حجم التبادل التجاري نمواً بأكثر من 52 في المائة في الفترة بين 2013 و2021، قبل أن يواصل التصاعد في السنوات اللاحقة، ووصل التبادل في أحدث تقديرات وزارة الخارجية التركية في مايو/ أيار الماضي، إلى 10 مليارات دولار.

استمرار التصدير

ويرى الاقتصادي خليل أوزون أن بعض تجار بلاده لا يزالون يزودون الأسواق الإسرائيلية بالسلع الغذائية حتى اليوم ويلفت إلى أن "مياه الشرب في إسرائيل معظمها من تركيا، كما المنتجات الحيوانية والخضر والفواكه".

ويعتبر أوزون أن هؤلاء التجار أولى بالمقاطعة لتبديل وجهة صادراتهم إلى الأسواق العربية والآسيوية وحتى الأوروبية، لأن المنتج التركي منافس ومطلوب في تلك الأسواق، مشيراً بالمقابل إلى "مقاطعة السلع التركية في إسرائيل خلال الفترة الأخيرة، خاصة بعد خطاب الرئيس رجب طيب أردوغان، كما قرأنا في صحيفة يديعوت أحرنوت".

وحول المنتجات الإسرائيلية في الأسواق التركية، يؤكد أوزون أنها قليلة جداً، ولكن يوجد منتجات لشركات داعمة لإسرائيل، مشيراً إلى تراجع أسعار المشروبات الغازية الداعمة "مثل بيبسي وكوكا كولا" عن مثيلاتها التركية، وكذا مواد التنظيف وبعض الغذائيات، ما يغري بعض المستهلكين الأتراك بواقع الغلاء والتضخم الذي يلف الأسواق، ولكن الغالبية والمزاج الشعبي العام مع المقاطعة رغم خفض الأسعار، خاصة بعد المجازر وقصف الأفران والبيوت وخروج مشفى الصداقة التركية عن الخدمة.

ويلفت الاقتصادي التركي إلى تراجع عدد السياح الإسرائيليين الذين يقدرهم بنحو 500 ألف سنوياً، وحصر وجهاتهم بأنطاليا أو مناطق محددة بإسطنبول، مثل بشكتاش وكاركوي وسمعنا أنهم يتوجهون حالياً أكثر إلى قبرص التركية الشمالية. بدوره، يرى رجل الأعمال جيزمي أورال أن مقاطعة المنتجات الإسرائيلية، على ندرتها بالسوق، والشركات الغربية الداعمة لإسرائيل، في تصاعد بالأسواق التركية، رغم عدم صدور أي قرار رسمي حكومي بذلك، معتبراً أن للحملات الشعبية على وسائل التواصل الاجتماعي ونشر أسماء الشركات الداعمة، دورا مهما في زيادة حركة المقاطعة.

ندرة المنتج الإسرائيلي

ويؤكد أورال لـ"العربي الجديد" أن حضور المنتج الإسرائيلي نادر بالسواق التركية، وهو غير منافس، سواء مواد التجميل أو الغذائيات أو الفواكه والخضر، بل على العكس، تركيا تغزو السوق الإسرائيلي بتلك المنتجات. ويشير إلى أنه "لا تزال المنتجات التركية تصدر إلى اسرائيل".

ويلفت أوراك إلى أن بلاده لم تعد مضطرة للتصدير إلى الاحتلال الذي يقتل المدنيين والأطفال، ومن السهل، برأيه، تغيير وجهة الصادرات التركية، خاصة بعد تصعيد الموقف الرسمي والحكومي وتجميد المشاريع والاتفاقات القائمة وبمقدمتها مشاريع الطاقة في مجال التنقيب ونقل الغاز.

ويرى مراقبون أن الموقف التركي العام بدأ يتجه نحو المقاطعة، فحتى الأحزاب المعارضة بتركيا، عادت لتصوّب موقفها من الحرب على غزة.

فيما بدأت المساعي الحكومية التركية الدخول على خط مساعدة الشعب الفلسطيني المنكوب في غزة، خاصة في القطاع الطبي بعد توقف مشفى الصداقة التركي الوحيد بغزة المتخصص لعلاج السرطان، عن العمل، بسبب نفاد الوقود وانقطاع الكهرباء والقصف المجاور المتكرر.

ويرى الخبير بالعلاقات الدولية طه عودة أوغلو أن تنامي المقاطعة الشعبية، توسع لما يمكن تسميته الشريحة المنتمية للإنسانية بتركيا، وبتنا نرى مقاطعة حقيقية بالمتاجر والمقاهي وتوزيع قوائم للسلع والبضائع على وسائل التواصل الاجتماعي.

ويوضح لـ"العربي الجديد" أن المقاطعة بتركيا لم تأخذ الشكل الرسمي، إذ لم يصدر أي قرار عن الحكومة بالمقاطعة أو حتى وقف التصدير والاستيراد من إسرائيل، "بل على العكس، تابعنا أن دولة الاحتلال تحرض على مقاطعة المنتجات التركية، خضر وفواكه ومنتجات حيوانية، معتبراً بهذه الخطوة الإسرائيلية، ربما، بداية لتطور شكل المقاطعة بتركيا لتأخذ شكلاً رسمياً أو حتى شبه حكومي من غرف التجارة وتجمعات الصناعيين".

تراجع الطلب

ويضيف الخبير التركي أن التركيز بالمجتمع التركي اليوم يقوم على بعض المتاجر الداعمة لدولة الاحتلال مثل سلسلة متاجر كارفوالر أو مقاهي ستاربكس أو ماكدونالد وبرغر كينغ.

ويؤكد عودة أوغلو ان ناشطين أتراكا يوزعون علامات وأسماء السلع الداعين لمقاطعتها، منها معجون أسنان ومنظفات وشرائح بطاطا "شيبس "للأطفال وأنواع شامبو، لافتاً إلى أن المنتج الإسرائيلي بتركيا، على ندرته، هو الأغلى سعراً وبعد حملات المقاطعة وعنونة بعض الحملات "هل قتلت فلسطينياً اليوم"، تراجع الطلب كثيراً، خاصة بواقع وجود بدائل كثيرة، سواء تركية أو أوروبية.

ولكن هل يمكن أن تتطور المقاطعة لتأخذ طابع الإعلان الرسمي؟ يرد عودة أوغلو بأن الأمور مرتبطة بالواقع على الأرض وتوسع دائرة المعارضة وشكل الصراع، "ولكن لا أتوقع أن تأخذ المقاطعة الشكل الرسمي وقطع العلاقات بين تركيا وإسرائيل".

العربي الجديد
 

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر