بعد 3 أسابيع من القتال.. رقعة الاشتباكات تتوسع في السودان وسط تحذيرات إنسانية ومبادرة لخفض التوتر

 
لا تزال العاصمة السودانية تشهد اشتباكات عنيفة بين قوات الجيش والدعم السريع خاصة في محيط القصر الجمهوري، في حين توسعت رقعة الاشتباكات في مدينة الأُبيّض غربي البلاد، وذلك وسط تحذيرات من نفاد المستلزمات الطبية ومطالب أممية بتوفير حماية دولية لضحايا الصراع، وبالتزامن مع مبادرة سعودية أميركية لخفض التوتر في هذا البلد.
 
وأفاد مراسل الجزيرة أن مجمع عفراء التجاري، جنوبي الخرطوم، تعرض لحريق كبير التهم المجمع القريب من الساحة الخضراء.
 
وأضاف أنه لم يتسن معرفة أسباب الحريق الذي تزامن مع قصف لطائرات حربية تابعة للجيش السوداني ودوي أصوات مضادات للطيران، أطلقتها قوات الدعم السريع.
 
وهزت انفجارات وسط منطقة الخرطوم بحري، بينما تصاعدت أعمدة الدخان في سماء حي الوابورات. وقال الجيش، في بيان، إن مَن وصفهم بالمتمردين هاجموا منطقة الخرطوم بحري العسكرية، ومنطقة العاصمة العسكرية مؤكدا أن قوات الجيش صدت الهجوم.
 
وقال الجيش السوداني إن قوات الدعم السريع أجبرت مهندسين على تعطيل محطات التحكم للكهرباء والمياه، ما أدى لانقطاعها عن مناطق واسعة بالبلاد.
 
كما قال إن قوات الدعم السريع استمرت في خرق الهدنة المعلنة وقامت بعدد من الانتهاكات، واتهمها بنهب وحرق مول عفراء التجاري وكسر ونهب بنك الخرطوم بالفتيحاب.
 
وأضاف الجيش أن عناصر من قوات الدعم السريع احتلت مقر الملحقية العسكرية للسفارة السعودية بحي الرياض وتمركز به قوة على متن 17 عربة مسلحة.
 
من جهتها، أكدت قوات الدعم السريع استعادة خدمة الكهرباء بعدد من ولايات ومدن شرق ووسط السودان بمعاونة مهندسين وفنيين لإصلاح خطوط الإمداد، متهمة طيران الجيش بتدمير تلك الخطوط ومن وصفتهم بـ "كتائب الظل والفلول".
 
كما أكدت قوات الدعم السريع أنها تواصل العمل مع فريق هندسي كبير لإصلاح الخلل في محطة مياه بحري "لاستعادة الخدمة لجميع المواطنين".
 
وقالت أيضا إنها تصدت لهجوم متكرر من الجيش في ساعات سريان الهدنة، مما يؤكد تنازع اتخاذ القرار داخل قيادة الجيش، حسب تعبيرها.
 
وكانت قوات الدعم السريع أعلنت موافقتها على تمديد الهدنة لمدة 72 ساعة إضافية، وذلك استجابة لوساطة أميركية سعودية.
 
وقالت -في بيان- إن موافقتها على تمديد الهدنة جاءت من أجل فتح الممرات الإنسانية وتسهيل حركة المواطنين والمقيمين وتمكينهم من الوصول لمناطق آمنة.
 

نفاد المستلزمات الطبية

على الصعيد الإنساني، طالبت نقابة أطباء السودان أطراف النزاع بمنع الوجود المسلح في المرافق الطبية أو قربها. ورفضت -في بيان- أي وجود عسكري مسلح داخل المؤسسات الطبية المدنية.
 
وقالت النقابة إن الوجود العسكري داخل المؤسسات الطبية أو استخدامها منصات للقصف يحولها لساحة معركة، مشيرة إلى أنها تعالج المصابين من الطرفين المتنازعين ولا تسمح لأي طرف بالتدخل في القرار المهني.
 
وفي بيان لها، أفادت نقابة الأطباء بارتفاع عدد الضحايا المدنيين نتيجة الصراع إلى 473 قتيلا و2454 مصابا.
 
كما ذكر مدير مستشفى الدولي بالخرطوم بحري أنهم يعانون نقصا حادا في المستهلكات الطبية، ويخشون التوقف في ظل استمرار الحرب. وأطلق نداء للشركات الطبية لفتح أبوابها ومدهم بالمستهلكات الطبية وخدمة المياه التي ما زالت غير متوفرة، حسب قوله.
 
من جهته، قال الدكتور عطية عبد الله عطية، السكرتير العام لنقابة أطباء السودان -للجزيرة- إن 16 مستشفى قصفت حتى الآن، كما أخلي 19 مستشفى آخر، بسبب المواجهات الدائرة في البلاد.
 
وأغلقت صيدليات عدة في الخرطوم أبوابها منذ اندلاع المواجهات بين الجيش وقوات الدعم السريع منتصف أبريل/نيسان الماضي، ويعاني الأهالي في مناطق الخرطوم بحري وأم درمان نقصا في الأدوية بسبب ذلك.
 
من جهته، أعلن "تجمع الصيادلة المهنيين السودانيين" استيلاء قوات الدعم السريع على صيدلية الإمدادات الطبية المركزية بالخرطوم، محذرا من أن إغلاق الصيدلية سيؤدي إلى كارثة صحية.
 
وأكدت الخارجية السودانية الأمر، وحذرت من أن السيطرة على الصيدلية المركزية تعتبر إمعانا في صنع كارثة صحية، على حد تعبيرها.
 
بدوره، قال فرحان حق المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة إن منظمة الصحة العالمية تحققت من وقوع 28 هجوما على المرافق الصحية بالسودان أدت إلى مقتل ثمانية من العاملين بمجال الرعاية الصحية.
 

مطالب أممية بحماية المدنيين

من ناحيتها، قالت المتحدثة باسم المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، أولغا سارّادو، إنه من المتوقع أن أكثر من 860 ألف إنسان سيضطرون لمغادرة السودان إذا استمرت المعارك. وأضافت -في مقابلة مع الجزيرة- أن اللاجئين صرفوا كل النقود التي يملكونها على هذه الرحلة الصعبة
 
كما عبّر والي شمال دارفور، نمر محمد عبد الرحمن، عن قلقه من حدوث كارثة حقيقية في المجال الإنساني بعد إجلاء أكثر من 113 موظفا من المنظمات الأممية العاملة بالولاية.
 
في الأثناء، نصحت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين الحكومات بالسماح للفارين من السودان بدخول أراضيها، وعدم إعادتهم بسبب الصراع.
 
ويواجه عشرات الآلاف من الفارين من المواجهات بالسودان ظروفا صعبة على الحدود مع دولة جنوب السودان التي سلطاتها لتوفير بيئة ملائمة لأكثر من 20 ألف شخص، معظمهم مواطنون عائدون، إضافة لرعايا دول أجنبية.
 
كما طالبت الأمم المتحدة، اليوم الجمعة، بتوفير حماية دولية لضحايا الصراع والأوضاع المتغيرة في السودان، سواء كانوا مواطنين أو لاجئين كانوا يقيمون في السودان، أو حتى طالبي لجوء سودانيين بالدول المختلفة.
 
وفي هذا الإطار، نقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن الأمم المتحدة أن 19 مليون شخص في السودان قد يعانون من انعدام الأمن الغذائي خلال الأشهر المقبلة.
 

اليونيسيف تحذر

من ناحيتها، حذّرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) الجمعة من أنّ المعارك الدائرة بالسودان منذ 3 أسابيع تحصد أرواح أطفال "بأعداد كبيرة مرعبة" مشيرة إلى تقارير تفيد بسقوط 7 أطفال كلّ ساعة بين قتيل وجريح.
 
وقال المتحدّث باسم اليونيسيف جيمس إلدر للصحفيين في جنيف "كما كنّا نخشى ونخاف، فقد أصبح الوضع في السوادان قاتلاً بشكل مخيف لعدد كبير من الأطفال".
 
وأضاف أنّ المنظمة تلقت تقارير من شريك موثوق به -لم تتحقّق منه الأمم المتحدة بشكل مستقلّ بعد- تفيد بأنّ 190 طفلاً قُتلوا و1700 آخرين أصيبوا خلال أول 11 يوما فقط من القتال الذي بدأ في 15 أبريل/نيسان الماضي.
 
وفي الإطار ذاته، نقلت وكالة رويترز عن اليونيسيف أن نحو مليون لقاح مضاد لشلل الأطفال فقدت بالسودان منذ اندلاع العنف.
 
وقُتل مئات الأشخاص، كما فرّ مئات الآلاف من منازلهم في السودان منذ بدأت المعارك قبل 3 أسابيع بين الجيش وقوات الدعم السريع.
 

مبادرة سعودية أميركية واتصالات سياسية

على صعيد آخر، قال مصدر عسكري في الجيش السوداني للجزيرة إن الجيش أرسل اللواء أبو بكر فقيري وضابطين وسفيرا إلى جدة للتفاوض مع وفد من الدعم السريع.
 
وأضاف أن المفاوضات التي ستجري في جدة ستتركز على إبعاد أفراد المليشيا -في إشارة إلى قوات الدعم السريع- من المرافق العامة الخدمية مثل المشافي ومحطات الكهرباء والمياه بجانب إبعادهم من الأحياء السكنية، وفقا لتعبيره
 
وأشار المصدر إلى أن ثلاث فرق من الجيش ما زالت مدخرة وبعيدة عن القتال في الخرطوم ضد قوات الدعم السريع، وأن القوات الخاصة وذات التدريب الجيد لم تبدأ أي نشاط يذكر ضد المتمردين وذلك لتقديرات عسكرية، حسب قوله، منوها بأن استراتيجية الجيش تستهدف إنهاك المتمردين تفاديا لأي خسائر وسط المدنيين.
 
كما أكد المصدر للجزيرة أن قبول التفاوض يأتي استجابة للمبادرة الأميركية السعودية، وأن التفاوض سيكون في القضايا العسكرية والإنسانية ولا علاقة له بأي قضايا سياسية.
 
وفي هذا الصدد، ذكرت وكالة الأنباء السعودية (واس) أن وزير الخارجية فيصل بن فرحان بن عبد الله بحث -مع نظيره الأميركي أنتوني بلينكن- المبادرة المشتركة الخاصة باستضافة ممثلين عن الطرفين في مدينة جدة، والتي تهدف لتهيئة الأرضية اللازمة للحوار لخفض مستوى التوترات هناك.
 
على صعيد آخر، قال قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان حميدتي إنه تلقى اتصالا هاتفيا من وزير خارجية مصر سامح شكري حيث ناقشا الوضع في السودان والموضوعات المتعلقة بالأزمة الراهنة وتطرقا إلى المبادرات المحلية والإقليمية والدولية الرامية لإيجاد حل شامل ووقف إطلاق النار.
 
من ناحية أخرى، قال وزير الخارجية الكيني ألفريد موتوا -في تصريحات للجزيرة- أنه تواصل مع قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان، ومع قائد قوات الدعم السريع، وتمكنوا من إقرار هدنة، وقال من المؤسف أن جنرالين في السودان "قررا أن يدخلا في مواجهة على حساب الشعب" لكنه قال إنهما "يستمعان للوساطات والمبادرات".
 
كما قال إن "قادة في السودان يقاومون منذ فترة فكرة استتباب الحكم للمدنيين"، مضيفا أن القتال قوض على نطاق واسع قدرة القطاع الصحي على خدمة المواطنين، معبرا في الوقت ذاته عن خشيته من أن يتحول السودان إلى ساحة حرب بالوكالة.
 

(الجزيرة)

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر