مولت عصرها الذهبي باستعباد 600 ألف شخص.. هولندا تعتذر رسمياً عن جريمتها في العبودية

قدَّم رئيس الوزراء الهولندي، مارك روته، اعتذاراً رسمياً عن تورط بلاده السابق في العبودية، وذلك في خطاب بمدينة لاهاي، الإثنين 19 ديسمبر/كانون الأول 2022، اعترف فيه بدور هولندا في العبودية "وبأوضح العبارات كجريمة ضد الإنسانية".
 
وأعرب روته عن أسفه لأن "الدولة الهولندية سمحت وشجعت واستفادت من العبودية على مدى قرون"، ​​​​​​​مضيفاً أن "العبودية تسببت في معاناة كبيرة ما تزال تؤثر على حياة الناس اليوم، ولذلك أتقدم بالاعتذار باسم الحكومة الهولندية"، لافتاً إلى أنه "تم تسليع الناس واستغلالهم والاتجار بهم باسم الدولة الهولندية".
 
كما قال في خطابه: "اليوم، أقدم اعتذارات باسم الحكومة الهولندية عما قامت به الدولة الهولندية في الماضي: لجميع العبيد في جميع أنحاء العالم الذين عانوا من هذا النشاط، لِبناتهم وأبنائهم ولكل أحفادهم"، وفق "فرانس 24".
 
يأتي اعتذار رئيس الوزراء الهولندي وسط إعادة نظر أوسع في الماضي الاستعماري للبلاد، وضمن ذلك الجهود لإعادة القطع الفنية المنهوبة، ومعركتها الحالية مع العنصرية.
 
كانت هناك توقعات في الآونة الأخيرة بعزم روته على الاعتذار عن "الدور التاريخي" لهولندا في العبودية وعواقبها حتى يومنا هذا، رغم "ممانعة" من جماعات تطالب باعتذار الملك الهولندي فيليم ألكسندر شخصياً. وتقول تلك الجماعات إن الاعتذار يجب أن يأتي من الملك بمستعمرة سورينام السابقة.
 
وكان هذا الخطاب حول ضلوع هولندا في 250 عاماً من الاتجار بالبشر في المستعمرات السابقة منتظَراً بفارغ الصبر. في الوقت نفسه، بينما كان عدة وزراء هولنديين حاضرين في سبع مستعمرات سابقة "لمناقشة" القضية مع مواطنيها.
 
يقدّر المؤرخون أن التجار الهولنديين نقلوا أكثر من نصف مليون إفريقي إلى الأمريكتين لاستعبادهم، معظمهم إلى البرازيل ومنطقة البحر الكاريبي.
 
ويفخر كثير من الهولنديين بتاريخ البلاد البحري وبنفوذها كدولة تجارية. ومع ذلك، لا يتعلم الأطفال سوى القليل عن الدور الذي لعبته في تجارة الرقيق كل من شركة الهند الغربية الهولندية وشركة الهند الشرقية الهولندية، وكانتا مصدرين رئيسيين لثروات البلاد.
 

استعباد 600 ألف شخص

ويحيي أحفاد العبودية الهولندية في هذا التاريخ ذكرى مرور 150 عاما على انتهاء العبودية في احتفال سنوي يعرف باسم "كيتي كوتي" (كسر القيود) في سورينام.
 
يشار إلى أن هولندا كانت في السابق ثالث أكبر قوة استعمارية في العالم، وقد قامت باستعباد نحو 600 ألف شخص على مدار أكثر من 200 عام، وتم اختطاف معظمهم من غرب أفريقيا، وبيعهم وإجبارهم على العمل في المزارع في سورينام وأنتيليس وأميركا الجنوبية والكاريبي.
 
وأسهمت العبودية في تمويل "العصر الذهبي" الهولندي، وهي فترة ازدهار من خلال التجارة البحرية في القرنين 16 و17.
 
وفي أوج إمبراطوريتها الاستعمارية، كانت للمقاطعات المتحدة المعروفة حاليا باسم هولندا، مستعمرات مثل سورينام وجزيرة كوراساو الكاريبية وجنوب أفريقيا وإندونيسيا حيث كان مقر شركة الهند الشرقية الهولندية في القرن الـ17.
 
وكانت الملكية الهولندية واحدة من آخر الدول في أوروبا التي تتخلى رسميا عن العبودية في الأول من يوليو/تموز 1863، وانتهت العبودية فعليا في 1873.
 
وقام أحفاد الذين تم استعبادهم ومن أقاموا في المستعمرات في ذلك الوقت، بتنظيم حملة للمطالبة باعتذار هولندا، وقد رفضت حكومة روته لأعوام تقديم اعتذار.
 
وفي السنوات الأخيرة، بدأت هولندا النظر في إرث دورها في العبودية وتاريخها الاستعماري والتي من دونه لم تكن المدن الهولندية ومتاحفها الشهيرة لتصبح على ما هي عليه اليوم.
 
وعلى الرغم من اشتهار هولندا بالبعد عن التعصب، لا تزال العنصرية مشكلة كبيرة. إذ يشكو مواطنو جزر الأنتيل والهولنديون من أصول تركية ومغربية من مستويات كبيرة من التمييز في حياتهم اليومية، وأظهرت دراسات حديثة أنهم يواجهون معوقات كبيرة في أماكن العمل وفي سوق الإسكان.
 

(وكالات)

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر