بعد 21 عاماً من هجمات 11 سبتمبر.. هل ما يزال تنظيم القاعدة يمثل خطراً على أمريكا والغرب؟

هل ما زال تنظيم القاعدة يمثل خطراً على الولايات المتحدة الأمريكية بعد مرور 21 عاماً على هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001، أم أن بوسع واشنطن القول إنها انتصرت على التنظيم، خاصة بعد مقتل زعيمه وأحد أبرز مؤسسيه أيمن الظواهري وأن خطره قد تضاءل بشكل كبير؟ 
 

أصبح هذا السؤال ملحاً مع حلول الذكرى السنوية الحادية والعشرين لهجمات 11 سبتمبر/أيلول على الولايات المتحدة، في وقت انسحبت فيه واشنطن من أفغانستان التي كانت ملاذاً للقاعدة وأعادت طالبان السيطرة عليها، وبدا أن الولايات المتحدة توجه مواردها العسكرية والاستخباراتية لمناوءة الصين ومساعدة أوكرانيا على التصدي للهجوم الروسي، وفي الوقت ذاته اغتالت واشنطن زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري في كابول، في مؤشر يراه البعض استمراراً لنشاط القاعدة في أفغانستان، بينما قالت طالبان إنها لم تكن تعلم بوجود الظواهري في كابول. 
 

وتشكل تنظيم القاعدة في أواخر الثمانينيات في الحدود الأفغانية-الباكستانية من فلول جيش المتطوعين العرب، الذين ذهبوا بدعم أمريكي وسعودي ومصري، لقتال السوفييت الذين غزوا أفغانستان واحتلوها، حيث تحول هؤلاء المقاتلون من محاربة الاتحاد السوفييتي بعد انسحابه من أفغانستان، إلى استهداف الولايات المتحدة الأمريكية بسبب تواجدها العسكري في المنطقة ودعمها لإسرائيل، حسب خطابهم المعلن. 
 

وكانت هجمات 11 سبتمبر/أيلول، التي اتهمت القاعدة بتنفيذها، بمثابة فشل ذريع للاستخبارات الأمريكية، ونجح تنظيم القاعدة في تنفيذ هذه الهجمات جزئياً، لأن وكالة المخابرات المركزية لم تكن تشارك أسرارها مع مكتب التحقيقات الفيدرالي والعكس، حسب تقرير لهيئة الإذاعة البريطانية "BBC". 
 

هربرت ماكماستر، مستشار سابق للأمن القومي الأمريكي في عهد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. وبرادلي بومان، مدير أول في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، ومستشار سابق لدى نواب لجنتي شؤون القوات المسلحة والعلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الأمريكي، كتبا مقالاً في مجلة The Foreign Policy الأمريكية يحاول تسليط الضوء على مخاطر ما يصفه بالانسحاب الأمريكي الكارثي من أفغانستان، ويحذر من عودة أفغانستان ملاذاً آمناً لتنظيمات تصنفها الولايات المتحدة إرهابية.  
 

ويعرض المقال لما يصفه بأوهام استحوذت على الإدارات الأمريكية المتعاقبة بشأن طبيعة أعداء الولايات المتحدة، وإصرارها على التهوين من قدرتهم على العودة. ومن ثم يوصي الكاتبان الإدارة الأمريكية بأخذ العبرة؛ كيلا تكرر الولايات المتحدة أخطاءها في مواجهة خصوم آخرين في المستقبل. 
 

يأتي هذا المقال في ظل جدل بين المعنيين حول المخاطر التي ما زال يمثلها تنظيم القاعدة على الولايات المتحدة وحلفائها، وهل تفكك التنظيم واقعياً إلى تنظيمات محلية معنية أكثر بمناطق انتشارها وأعدائها المحليين، أكثر من معاداة الولايات المتحدة، أم أنه يمكن لزعيم جديد للقاعدة، إعادة الطابع المعولم للتنظيم الذي يركز على استهداف الولايات المتحدة والدول الغربية.  
 

ويرى الكاتبان أن في عودة طالبان إلى الحكم بعد الانسحاب العسكري الأمريكي من أفغانستان العام الماضي، دليلاً على أن أفغانستان عادت ملاذاً آمناً لتنظيم القاعدة على النحو الذي كانت عليه الأمور قبيل أحداث 11 سبتمبر/أيلول 2001، رغم نفي طالبان لعلمها بوجود الظواهري، إضافة إلى إشارتها البادية للعيان التي تبدي فيها رغبة في التعاون مع واشنطن. 
 

هل الانسحاب من أفغانستان قلل المخاطر على أمريكا؟ 

ينتقد الكاتبان دعوات البعض في الغرب إلى طي فصل التدخل في أفغانستان، والقول إنه فصل حزين من فصول الزمن، لكنه فصل وانتهى، وأن تركز الولايات المتحدة الآن على المشكلات المهمة التي تواجهها في أماكن أخرى من العالم.  
 

ويعتبران أن هذا الرأي أبعد ما يكون عن الحقيقة، فالواقع أن التهديدات والمخاطر لا تزال قائمة في أفغانستان، وأن تقاعس الإدارات الأمريكية عن معالجة الأوهام التي أفضت إلى كارثة الانسحاب، حسب تعبيرهما، سيقود سياسة الولايات المتحدة إلى مزيد من الكوارث في المستقبل تجاه خصوم آخرين. 
 

ويقول الكاتبان إن الروابط الوثيقة بين طالبان والقاعدة لم تنفك، ويشيران إلى فريق مراقبة تابع للأمم المتحدة خلص في تقرير صدر في أبريل/نيسان 2021، إلى أن "طالبان وتنظيم القاعدة لا يزالان في تحالف وثيق، ولا دليل على انقطاع العلاقات بينهما". 
 

وينتقد الكاتبان الاتفاق الذي عقدته إدارة الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب، مع طالبان في عام 2020، وما أعقبه من تنازلات أمريكية للجماعة الأفغانية، ويريان نموذجاً لترويج واشنطن للأوهام عن نفسها، لأن هذه التنازلات أضعفت معنويات حلفاء الولايات المتحدة الأفغان أكثر مما أضعفته أي ضربات مادية أوقعتها بهم طالبان، حسب قولهما. 
 

وقد شملت التنازلات الأمريكية: التفاوض مع طالبان مباشرة من دون الحكومة الأفغانية، وتخلي أمريكا عن شرط وقف إطلاق النار، وإجبار الحكومة الأفغانية على إطلاق سراح الآلاف من المعتقلين الذين نادت طالبان بالإفراج عنهم، وتقليص الدعم الاستخباراتي الأمريكي للحكومة الأفغانية، وكبح عمليات المطاردة الحثيثة لقيادات طالبان، وسحب الدعم الجوي الوثيق عن القوات الأفغانية، وإيقاف تعاون المتعهدين مع القوات الأفغانية. 
 

وبطبيعة الحال، كانت نتيجة بيانات الانسحاب الصادرة عن ثلاث إدارات أمريكية متوالية: تشجيع أعداء الولايات المتحدة، وبث الشكوك بين حلفائها واستدعاء حذرهم، والتأصيل لاستمرار الفساد في الحكومة الأفغانية، وإضعاف مؤسسات الدولة. 
 

يقول الكاتبان: لم تأخذ إدارة بايدن العبرة من سحب الولايات المتحدة قواتها بالكامل من العراق في عام 2011، وما أفضى إليه ذلك من عودة تنظيم القاعدة إلى الظهور هناك، ثم تنظيم الدولة الإسلامية. وقد تمكن هذا التنظيم بحلول عام 2014 من السيطرة على أراضٍ تمتد في العراق وسوريا بمساحة تقارب مساحة بريطانيا. والعبرة من ذلك أن المخاطر لا تزول لمجرد أن المرء اختار تجاهل الحقائق الماثلة أمامه على الأرض، أو قرر وقف القتال، والعودة إلى أرض الوطن، بل إنها تزداد سوءاً في معظم الأحيان. 
 

نجحت الولايات المتحدة وحلفاؤها في حرمان تنظيم الدولة الإسلامية من خلافته المزعومة في العراق وسوريا، لأنها تركت نفراً من قواتها هناك لمعاونة من يتحملون وطأة القتال. أما طالبان وتنظيم القاعدة، فلديهما الآن إمارة في أفغانستان لأن الولايات المتحدة تقاعست عن ترك بعض جنودها في أفغانستان. 
 

وبالطبع يتجاهل الكاتبان أن الولايات المتحدة أنفقت عشرات المليارات من الدولارات على الحكومة الموالية لها في أفغانستان، ورغم ذلك بسبب الفساد، والمحاصصة الإثنية فإن جيش هذه الحكومة لم يقاتل طالبان ليوم واحد، وهو مؤشر أن الرهان على هذه الحكومة رهان خاسر تماماً.


وأنهى اتفاق الدوحة، الذي وقع بين طالبان والولايات المتحدة في فبراير/شباط 2020، نحو17 عاماً من الحرب المهلكة في أفغانستان ومحاولات فاشلة كثيرة للتوصل إلى حل دبلوماسي، ورغم أنه نص على إطلاق مفاوضات بين طالبان، والحكومة الأفغانية الموالية لواشنطن إلا أنه فور شروع القوات الأمريكية في الانسحاب، انهارت قوات الأمن والجيش الأفغانيان، لدرجة سعي بعض المسؤولين الأفغان السابقين لتأمين دخول طالبان لكابول، منعاً للفوضى، كما تعاونت القوات الأمريكية خلال عملية الانسحاب الفوضوية بشكل لافت مع طالبان لتأمين محيط المطار. 
 

ولم يكن الانسحاب الأمريكي من أفغانستان في صيف 2021، ممكناً إلا بتعاون طالبان على نطاق واسع، حيث نسق القادة العسكريون الأمريكيون يومياً مع قادة طالبان خارج مطار كابول الدولي على مدار ثلاثة أسابيع، لتسهيل إجلاء أكثر من 124 ألف شخص، حسبما ورد في تقرير لصحيفة The Guardian. واعترف وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن بأن طالبان تلتزم بتعهداتها. 
 

لماذا تراجعت هجمات القاعدة ضد الغرب؟

وفاة الظواهري من المحتمل أن يكون لها تأثير ضئيل على القاعدة نظراً للعديد من المشاكل الحالية للتنظيم. كان الظواهري، على عكس بن لادن، لديه القليل من الكاريزما.  
 

تحت قيادته، لم تشن المجموعة الأساسية للقاعدة أي هجمات إرهابية كبيرة على الولايات المتحدة وأوروبا لسنوات عديدة على الرغم من التركيز الخطابي المستمر على الغرب، حسبما ورد في تقرير لموقع Brookings الأمريكي. 
 

قام المنتسبون المرتبطون بالتنظيم، مثل القاعدة في شبه الجزيرة العربية، بإلهام وربما تنظيم هجمات على أهداف غربية، مثل المتدرب العسكري السعودي الذي قتل ثلاثة بحارة أمريكيين في قاعدة بحرية أمريكية في فلوريدا في ديسمبر/كانون الأول 2019، لكن التنظيم الأساسي لم يقُم بهجوم ناجح على الولايات المتحدة أو أوروبا منذ تفجيرات 2005 في لندن.  
 

قد يعكس هذا ضعفاً في قدرات التنظيم أو ببساطة تحولاً أكثر براغماتية نحو المناطق التي تكون فيها الفروع التابعة للقاعدة أكثر تركيزاً، ولكن في كلتا الحالتين هذه أخبار جيدة للولايات المتحدة، حسب تقرير موقع Brookings الأمريكي.  نتيجة لذلك، فقد الظواهري السيطرة على الحركة ككل.  
 

حربا العراق وسوريا شرذمت التنظيم

بدا تنظيم القاعدة وكأنه ينتعش بعد الغزو الأمريكي للعراق عام 2003، عندما أدى الغضب من الولايات المتحدة وانهيار الحكومة في بغداد إلى ظهور القاعدة في العراق، والتي سرعان ما تصدرت عناوين الصحف العالمية.  
 

حاول بن لادن والظواهري بصعوبة السيطرة على القاعدة في العراق، وبدا ذلك واضحاً في توجيه مجموعات منسوبة للتنظيم وخاصة تحت قيادة أبو مصعب الزرقاوي، هجمات ضد الشيعة في العراق، رغم أن بن لادن قال في ذلك الوقت إن الأوامر الصادرة للزرقاوي هي بمحاربة الاحتلال، فقط لا غير، وكان ذلك مؤشراً، على خروج الفرع المحلي للقاعدة في العراق عن سيطرتهما بشكل شبه تام، وأنه كان يحمل اسم القاعدة رغم أن أغلب أعضائه كانوا ليسوا كذلك. 
 

ثم تحولت القاعدة في العراق إلى حركة محلية تحت قيادة أبو عمر البغدادي، تحت اسم حكم الدولة الإسلامية في العراق بين 2006-2010، وخلفه أبو بكر البغدادي الذي سيصبح بعد ذلك زعيماً لداعش. 
 

قاعدة سوريا تبحث عن قبول دولي

تكررت هذه الظاهرة في وقت مبكر من الحرب الأهلية السورية، أهم صراع جهادي في ذلك الوقت، عندما رفضت الدولة الإسلامية في العراق قيادة الظواهري، وغيرت اسمها إلى الدولة الإسلامية في العراق وسوريا "داعش"، وأصبحت هي المهيمنة لعدة سنوات على المشهد في العراق وسوريا.  
 

وحتى فرع القاعدة في سوريا، الذي ظل موالياً للظواهري ولم يبايع داعش مثل هيئة تحرير الشام انفصل في النهاية عن القاعدة، وحاول أن يؤكد على طابعه السوري المحلي وأن يلقى قبولاً دولياً وسورياً. 
 

وفي الوقت الحالي يبدو أنه يحاول أن ينأى بنفسه تماماً عن القاعدة بل إنه يحارب فروعها المحلية الصغيرة في سوريا التي ما زالت موالية للتنظيم مثل حراس الدين، كما تكرر عمليات تغيير اسمه في محاولة للتبرؤ من جذوره المرتبطة بالقاعدة. 
 

معارك محلية في إفريقيا والجزيرة العربية

وحتى الجماعات المسلحة، التي تحمل مسمى "القاعدة" في اسمها، مثل القاعدة في شبه الجزيرة العربية، فإن العديد منها يركز على القتال المحلي.  

إنهم يريدون نشر نفوذهم في اليمن والمغرب العربي وأجزاء أخرى من العالم، وهم متورطون بعمق في حروب أهلية مريرة في هذه المناطق.  

برزت إفريقيا أيضاً كساحة معركة جديدة للجماعات الجهادية مثل القاعدة وداعش، لا سيما في المنطقة المعروفة بالساحل في غرب إفريقيا وهي منطقة واسعة، تبدأ من الصحراء الكبرى على الحدود بين الدول العربية وإفريقيا جنوب الصحراء التي يسكنها الطوارق وقبائل عربية قريبة منهم، مروراً بمناطق السافانا التي يسكنها مسلمون أفارقة، وصولاً لتخوم مناطق الغابات الاستوائية في غرب إفريقيا، حيث يتداخل مكون بشري إفريقي مسلم مع أفارقة ساحل غرب إفريقيا الذين هم خليط من المسلمين والمسيحيين وغيرهم من الأديان. 
 

وهذه المجموعات خاصة في غرب إفريقيا، لا يقاتلون فقط لإسقاط ما يرونه حكومات "مرتدة"، بل إنهم يقاتلون بعضهم البعض، مما يترك المدنيين عالقين في مرمى النيران، حسب تقرير لموقع هيئة الإذاعة البريطانية "BBC". 
 

على هذا النحو، فإنهم يشكلون خطراً على الاستقرار الإقليمي، والحكومات التي تحاربهم تستحق المساعدة حسب الموقع الأمريكي، لكن الخطر على الولايات المتحدة أقل بكثير مما كان عليه عندما كان بن لادن يقود حركة أكثر عالمية. 
 

هل تساعد طالبان القاعدة على استهداف أمريكا؟

حقيقة أن مقتل الظواهري في يوليو/تموز الماضي، حدث في كابول هي أخبار جيدة وسيئة بالنسبة للحكومة الأمريكية، حسب موقع Brookings. 
 

فهو قد يكون مؤشراً على أن طالبان ستستضيف على الأقل تنظيم القاعدة، كما يشير إلى أنه لا يزال هناك خطر يتمثل في أن تسمح طالبان للقاعدة بإعادة إنشاء معسكرات التدريب والبنية التحتية الأخرى التي جعلتها خطيرة للغاية في العقد الذي سبق 11 سبتمبر/أيلول 2001. 
 

وترى الولايات المتحدة أن وجود الظواهري في العاصمة الأفغانية يعد انتهاكاً لاتفاق الدوحة، مستندةً إلى أن الاتفاق ينص على أن طالبان "لن تسمح باستضافة أي مجموعات إرهابية دولية"، والتي تشمل تنظيم القاعدة. 
 

وقال مسؤول بالبيت الأبيض بعد مقتل الظواهري، إن طالبان سارعت بالعمل على إخفاء أي إشارة إلى وجود الظواهري بعد وقت قصير من الغارة الأمريكية. 
 

 أما طالبان، فترى أن الاتفاقية تنص على منع التنظيمات، مثل القاعدة، من شنِّ أية هجمات دولية، لكنها لا تشترط طرد المنتمين إلى هذه المنظمات بالكامل من البلاد، واعتبرت الهجوم الأمريكي الذي أفضى لاغتيال الظواهري انتهاكاً من قبل أمريكا للاتفاق، مع ملاحظة أن عملية الاغتيال التي جرت في نهاية يوليو/تموز 2022، لم تؤد إلى تدهور في العلاقة بين الجانبين التي تتسم بخليط من البرود والعملية. 
 

ونظم اتفاق الدوحة الانسحاب الأمريكي من أفغانستان والعلاقة بين طالبان وواشنطن بعد الانسحاب، ولقد وصف بأنه إنجاز كبير، خاصة أنه دفع كلاً من طالبان والولايات المتحدة إلى تسوية تفاوضية بعد حرب استمرت طوال عقدين. ومع ذلك، فإن أحد الأسباب البارزة في توافق الجانبين على إبرام الاتفاق هو الطريقة المبهمة التي كُتب بها بنوده وقابليتها للتأويلات المختلفة من قبل الجانبين. 
 

"وبعيداً عن تحديد الجانب الذي انتهك الاتفاق، فإن اتفاق الدوحة لم يتضمن في واقع الأمر آلية تنفيذ أو تحكيم معينة. ومن ثم لا توجد آلية لتسوية الخلافات بين الجانبين حول تفسير التعهدات الواقعة على كل منهما"، حسبما قال إبراهيم باهيس، الخبير في قسم الشؤون الآسيوية بمجموعة الأزمات الدولية لموقع Middle East Eye البريطاني. 
 

من ناحية أخرى، فإن اغتيال الولايات المتحدة للظواهري، يُظهر أن نهجها في التعامل مع التهديد الذي تمثله القاعدة عبر هجمات الطائرات المسيرة، الذي أثار الشكوك بعد انسحاب القوات الأمريكية وانهيار النظام الأفغاني الموالي للولايات المتحدة، قد يكون فعالاً، حسب موقع Brookings. 
 

وأظهرت الضربة دقة لافتة للنظر، حيث قتل الظواهري فقط وليس غيره في المنزل، الأمر الذي يؤشر إلى أن الضربة الأمريكية استندت إلى معلومات استخباراتية دقيقة. 
 

هل سيمثل التنظيم خطراً على أمريكا بعد اغتيال الظواهري؟ 

يعتمد شكل تنظيم القاعدة في فترة ما بعد الظواهري إلى حد كبير على من هو الزعيم التالي، ولكن على المدى القريب وربما لفترة أطول، قد يكافح الزعيم الجديد من أجل تعزيز سلطته وكسب احترام اتباع التنظيم المشتتين، على الجانب الآخر، قد يستفيد تنظيم القاعدة من ضعف تنظيم داعش بعد تركيز الحرب العالمية على الإرهاب عليه في السنوات الأخيرة.
 

وقد ينتهز المنتسبون إلى القاعدة اغتيال الظواهري لزيادة المسافة بينهم وبين التنظيم، على الأقل في الممارسة العملية، إن لم يكن في الخطاب، حسب موقع Brookings الأمريكي.  
 

ويعتمد الكثير على القائد الجديد وشبكاته، ولكن من الصعب على أي زعيم الحفاظ على السيطرة على هذه الحركة التي دائماً ما كانت منقسمة، لا سيما أن تقوية السيطرة المركزية على الحركة وتزايد نشاطها يزيدان من خطر اكتشافها من قبل الولايات المتحدة وحلفائها. ومن المحتمل أن يكون زعيم القاعدة التالي مجرد زعيم صوري، ويمارس نفوذاً أقل من تأثير الظواهري على الأنشطة اليومية للجهاديين المحليين. 
 

في المقابل، قد يسعى أي زعيم جديد للثأر من اغتيال الظواهري، حيث سيكون لديه حافز قوي قصير المدى لدعم الهجمات الإرهابية البارزة على الغرب كوسيلة لجذب الانتباه وجذب الأموال وإلهام المجندين وإثبات مؤهلاته كزعيم جديد. تبقى تطلعات القاعدة كبيرة وراديكالية، لكن قدرتها ضعيفة، وهي معرضة للتهميش، حسب الموقع الأمريكي. 
 

ولكن بعض المعنيين الأمريكيين يخشون أن ضعف الرؤية الذي ميز تعامل واشنطن مع القاعدة والذي أدى لوقوع هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001، قد يؤدي لتكرار نكسات أخرى عند مواجهة أعداء آخرين، مثل بكين وموسكو وبيونغ يانغ وطهران. 
 

(عربي بوست) 

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر