العراق.. قتلى وجرحى بتجدد إطلاق النار في بغداد بالتزامن مع سريان حظر التجول الشامل

تتلاحق التطورات في العراق بعد إعلان زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر اليوم الاثنين اعتزاله العمل السياسي، حيث سقط عشرات القتلى والجرحى خلال تجدد إطلاق النار في المنطقة الخضراء وسط بغداد، بالتزامن مع بدأ سريان حظر التجول الشامل في جميع المحافظات العراقية. 

وقالت مصادر طبية عراقية إن 10 قتلى و200 جريح -بينهم عدد من أفراد الأمن- سقطوا في إطلاق نار بالمنطقة الخضراء ومحيطها.   

وكانت القوات الأمنية العراقية قد أعلنت استعادتها السيطرة الكاملة على مقر القصر الحكومي بعد إخراج أنصار التيار الصدري منه بالقوة. 

وقبل ذلك بساعة فرقت القوات العراقية بقنابل الغاز المدمع وخراطيم المياه أنصار التيار الصدري الذين حاولوا اقتحام مقر الإقامة الرئاسي. 

وأغلقت القوات الأمنية العراقية جسري الجمهورية والسنك وسط بغداد والطريق المؤدي إلى مبنى التلفزيون الحكومي. 

وكان أنصار التيار الصدري قد اقتحموا مبنى القصر الحكومي داخل المنطقة الخضراء، فيما أعلن رئيس الحكومة العراقية تعليق جلسات مجلس الوزراء إلى إشعار آخر، كما أعلن حالة الإنذار القصوى في بغداد لكل القوات الأمنية. 

بدورها، أعلنت قيادة العمليات المشتركة العراقية حظر التجول الشامل في جميع المحافظات اعتبارا من الساعة السابعة مساء اليوم الاثنين. 

ودعت في بيان المواطنين إلى التعاون التام مع الأجهزة الأمنية كافة، والالتزام بحظر التجول، والابتعاد عن الشائعات المغرضة. 

وأضافت قيادة العمليات المشتركة العراقية أن القوات الأمنية تؤكد مسؤوليتها عن حماية المؤسسات الحكومية والبعثات الدولية، وأنها تقوم بواجبها في حماية الأمن والاستقرار. 

وأشارت إلى أن القوات الأمنية التزمت أعلى درجات ضبط النفس لمنع التصادم أو إراقة الدم العراقي. 

وأفادت وكالة الأنباء العراقية بأن قائد عمليات بغداد أصدر توجيها بتعزيز الحماية للدوائر الحكومية والمصارف. 

وفي وقت سابق، أعلن الجيش العراقي حظر التجول الشامل في بغداد اعتبارا من الساعة 2:30 ظهر اليوم الاثنين (بالتوقيت المحلي) بعد اقتحام أنصار الصدر القصر الجمهوري، وهو مبنى رسمي مخصص للمناسبات ويختلف عن القصر الرئاسي الذي يعد المقر الرسمي لرئيس الجمهورية. 

وقامت قوات الأمن بإجلاء موظفي مجلس الوزراء ورئاسة الجمهورية على إثر اقتحام المبنيين من قبل أنصار الصدر. 
 

حالة الإنذار القصوى

كما قرر رئيس الحكومة العراقية مصطفى الكاظمي تعليق جلسات مجلس الوزراء إلى إشعار آخر بسبب دخول متظاهرين مقر المجلس، وأعلن حالة الإنذار القصوى في بغداد لكل القوات الأمنية. 

وطالب رئيس الوزراء العراقي -خلال ترؤسه اجتماعا طارئا للقيادات الأمنية في مقر العمليات المشتركة- القيادات الأمنية بالالتزام التام بحماية أرواح المتظاهرين والحفاظ على الممتلكات العامة والخاصة. 

ودعا الكاظمي في بيان المتظاهرين إلى الانسحاب الفوري من المنطقة الخضراء والالتزام بتعليمات القوات الأمنية، كما طالب مقتدى الصدر بالمساعدة في دعوة المتظاهرين للانسحاب من المؤسسات الحكومية. 

وقال رئيس الوزراء العراقي إن تجاوز المتظاهرين على مؤسسات الدولة يعد عملا مدانا وخارجا عن السياقات القانونية، منتقدا ما سماه تمادي الخلاف السياسي ليصل إلى لحظة الإضرار بكل مؤسسات الدولة. 

أما هوشيار زيباري القيادي في الحرب الديمقراطي الكردستاني ووزير الخارجية الأسبق فقال إن ما حصل اليوم في بغداد كانت نتيجة تراكمية لسياسات ومصالح وقرارات قضائية تعسفية قصيرة النظر. 

من جانبه، دعا حيدر العبادي رئيس الوزراء السابق ورئيس ائتلاف النصر العراقي إلى التهدئة وضبط النفس وعدم الانجرار خلف الفتن. 

ودعا العبادي العراقيين إلى التكاتف ومنع التجاوزات على الحقوق الخاصة والعامة. 

بدوره، قال زعيم ائتلاف الوطنية العراقي إياد علاوي إنه لا سبيل لحل الأزمة السياسية إلا بالحوار الوطني. 

كما دعا الإطار التنسيقي في العراق، التيار الصدري للعودة إلى طاولة الحوار، قائلا إن على الجميع درء الفتنة وتغليب لغة العقل والحوار وتجنيب البلد الفوضى وإراقة الدماء. 

وأضاف لا يمكن الوقوف على الحياد حينما تتعرض مؤسسات الدولة للاعتداء وللانهيار، داعيا الحكومة والمؤسسات الأمنية القيام بحماية مؤسسات الدولة والمصالح العامة والخاصة. 

كما دعا الرئيس العراقي برهم صالح المتظاهرين إلى الانسحاب من المؤسسات الرسمية، وإفساح المجال أمام القوات الأمنية للقيام بواجبها. 

بدورها، قررت وزارة التربية تأجيل الامتحانات الوزارية للمدارس الابتدائية والمتوسطة. 
 

خارج بغداد

وأظهرت صور محاصرة أنصار التيار الصدري محكمة الاستئناف في محافظة ميسان الاتحادية جنوب شرقي العراق. 

وقال مسؤولون أمنيون عراقيون إن أنصار الصدر يغلقون مداخل ميناء أم قصر في محافظة البصرة. 

وقال مراسل الجزيرة إن أنصار التيار الصدري أغلقوا مقر مبنى محافظة ذي قار في مدينة الناصرية. 

واقتحم أنصار الصدر أيضا مقر محافظة ديالى شرق العاصمة بغداد، وأظهرت صور بثها ناشطون عشرات منهم وهم يتجولون داخل أروقة مقر المحافظة. 

وفي محافظة واسط اقتحم أنصار الصدر مبنى المحافظة وسيطروا عليه بالكامل. 
 

اعتزال الصدر

وتفجرت الأزمة عندما أعلن مقتدى الصدر -صباح اليوم الاثنين- اعتزاله الحياة السياسية نهائيا وإغلاق المؤسسات التابعة له. 

وقال الصدر -في بيان نشره عبر حسابه الرسمي على موقع تويتر- إنه سيغلق "كافة المؤسسات إلا المرقد الشريف والمتحف الشريف وهيئة تراث آل الصدر الكرام". 

وتابع "الكل في حل مني، وإن مت أو قُتلت فأسألكم الفاتحة والدعاء". 

كما جاء في البيان على لسان مقتدى الصدر "لم أدّعِ يوما العصمة أو الاجتهاد ولا حتى القيادة، إنما أنا آمر بالمعروف وناهٍ عن المنكر، ولله عاقبة الأمور، وما أردت إلا أن أقوّم الاعوجاج الذي كان السبب الأكبر فيه هو القوى السياسية الشيعية بوصفها الأغلبية، وما أردت إلا أن أقرّبها إلى شعبها وأن تشعر بمعاناته". 

يأتي ذلك في حين يرابط أتباع الصدر -للأسبوع الخامس على التوالي- أمام مقر البرلمان العراقي في المنطقة الخضراء الحكومية وخارجها للمطالبة بحل البرلمان العراقي. 

واقتحم بعض أتباع مقتدى الصدر اليوم الاثنين المنطقة الخضراء الحكومية (وسط بغداد)، وحاصروا مبنى الحكومة العراقية، في ظل إجراءات أمنية مشددة. 

وأفاد مصدر في الرئاسة العراقية بأن عشرات المتظاهرين اقتحموا القصر الجمهوري داخل المنطقة الخضراء، وهو ما أظهرته بعض مقاطع الفيديو المتداولة على مواقع التواصل. 

جاء ذلك بعدما أسقط بعض أنصار التيار الصدري كتلا خرسانية من جدار حماية البرلمان العراقي عقب تمكنهم من اختراقه. 

وقالت قيادة العمليات المشتركة إن القوات الأمنية تؤكد مسؤوليتها عن حماية المؤسسات الحكومية والبعثات الدولية.

في المقابل، يتجمع جمهور الإطار التنسيقي الشيعي عند البوابة الجنوبية للمنطقة الخضراء في صورة اعتصام يطالب بتشكيل الحكومة العراقية الجديدة واستئناف عمل البرلمان العراقي. 
 

دعوات للحوار

وجددت الرئاسات العراقية الثلاث -في وقت سابق اليوم الاثنين- دعمها دعوة رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي لعقد جولة جديدة من الحوار الوطني الأسبوع الحالي لبحث ومناقشة الأفكار والمبادرات التي تخص حل الأزمة الحالية، وبحضور التيار الصدري. 

وذكر بيان لرئاسة الجمهورية أن الرئيس العراقي برهم صالح عقد اجتماعا اليوم بحضور الكاظمي ورئيس البرلمان محمد الحلبوسي ورئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي فائق زيدان، لبحث المستجدات على الساحة الوطنية. 

وأكد المجتمعون أن "الحفاظ على الأمن والاستقرار والمسار الديمقراطي والدستوري في العراق واجب جميع العراقيين كما هو واجب مؤسسات الدولة والقوى السياسية الوطنية، وأن الحوار البناء هو الطريق السليم لإنهاء كل الخلافات الحالية حفاظا على مقدرات البلاد". 

كما شددوا على التقدير العالي لمبادرات الإصلاح على كل المستويات وتطوير عمل المؤسسات المختلفة ومحاربة الفساد، وضرورة أن يأخذ الحوار الوطني مداه لمناقشة كل ما من شأنه ترجمة تطلعات الشعب إلى واقع فعلي. 

وكان زعيم التيار الصدري اقترح -أول أمس السبت- أن تتخلى "جميع الأحزاب" عن المناصب الحكومية التي تشغلها للسماح بحل الأزمة السياسية في العراق. 

وقال الوزير الصدري صالح محمد العراقي -في تغريدة وقتها نقلا عن زعيم التيار- إن "هناك ما هو أهم من حل البرلمان وإجراء انتخابات مبكرة"، وفقا لما نقلته وكالة الأنباء العراقية (واع). 

وأضاف أن "الأهم عدم إشراك جميع الأحزاب والشخصيات التي شاركت في العملية السياسية منذ الاحتلال الأميركي عام 2003 وإلى يومنا، بما فيها التيار الصدري". 

وفي وقت سابق من أغسطس/آب الجاري أطلق الكاظمي "حوارا وطنيا" لمحاولة إخراج العراق من المأزق، لكن ممثلي التيار الصدري وزعيمهم قاطعوا هذه المبادرة، واعتبروا أنها لم "تسفر إلا عن بعض النقاط التي لا تسمن ولا تغني من جوع". 
 

المصدر: الجزيرة 

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر