من هي "عافية صديقي" التي طالب محتجز الرهائن بكنيسة في تكساس بإطلاق سراحها؟

 
عاد اسم عافية صديقي، الطبيبة الباكستانية المعتقلة في الولايات المتحدة الأميركية، إلى الواجهة مجدداً بعد حادث كنيس يهودي في تكساس، أمس السبت، حيث كان الخاطف يطالب بإطلاق سراح صديقي التي كان يلقبها الباكستانيون بـ"بنت الأمة"، ويلقبها آخرون بـ"سيدة القاعدة"، وتعرف بأنها "عالمة أعصاب".
 
وأعلن حاكم تكساس غريغ أبوت، السبت، إطلاق سراح جميع الرهائن الذين كانوا محتجزين في كنيس في الولاية.
 
وأوردت وسائل إعلام أميركية معلومات عن أن المسلح شقيق عافية صديقي، وهي مواطنة أميركية من أصل باكستاني أُدينت سابقاً بالتخطيط لقتل عسكريين أميركيين، وكذلك اتُّهمت بعضويتها في تنظيم "القاعدة".
 

من هي عافية صديقي؟

تنحدر عافية صديقي من عائلة مرموقة في باكستان، ولدت عام 1972، وأمضت طفولتها ما بين باكستان وزامبيا، قبل أن تنتقل في سن الـ18 إلى تكساس، حيث كان يعيش شقيقها، لتلتحق بجامعة هيوستن. وبعد ثلاثة فصول دراسية، تركت صديقي الجامعة والتحقت بمعهد ماساشوتس للتكنولوجيا عام 1992.
 
وفي عام 1995، بعد أن حصلت على شهادة البكالوريوس، تزوجت بطبيب تخدير من مدينة كراتشي يدعى أمجد خان.
 
واصلت عافية دراستها بعد زواجها بأمجد خان في جامعة برانديز، إلى أن حصلت على شهادة دكتوراه في علم الأعصاب عام 2001.
 
وكانت عافية معروفة أثناء دراستها بأنها "ناشطة إسلامية"، قادت حملات عديدة في المدن الأميركية من أجل الحصول على التبرعات لأفغانستان والشيشان والبوسنة. كما مُنحت شهادات فخرية كثيرة لمساهمتها "في الأنشطة المختلفة".
 
وبعد ثمانية أشهر من أحداث 11 سبتمبر/أيلول 2001، استجوبت التحقيقات الفدرالية الأميركية صديقي وزوجها، وحققت معهما حول شراء أمجد خان نظارات للرؤية الليلية وكتباً عسكرية ودروعا وغيرها. لكن أمجد خان أكد أثناء التحقيق أنه اشترى تلك المعدات بهدف الصيد.
 
وفي عام 2002، عادت صديقي إلى كراتشي مسقط رأسها، وبعد أيام تدهورت العلاقة الزوجية بين عافية وزوجها، ووصل الأمر إلى وقوع الطلاق في أغسطس/آب من العام نفسه. وبعد الطلاق ببضعة أيام، رزقت عافية بولد أسمته سلمان. ولدى عافية 3 أبناء (ولدان هما أحمد وسلمان، وبنت تدعى مريم).
 

زواج عافية الثاني

ورغم نفي أسرة عافية خبر زواجها الثاني، فإن الاستخبارات الباكستانية والأميركية تؤكد أن عافيه صديقي تزوجت بعد طلاقها من أمجد خان بشخص آخر عاش في الكويت، ولكنه من مواليد إقليم بلوشستان ويدعى علي عبد العزيز، المعروف بعمار البلوشي، وهو ابن شقيقة خالد الشيخ، الذي تقول الولايات المتحدة الأميركية إنه العقل المدبر لهجمات 11 سبتمبر.
 

عمار البلوشي

وعمار البلوشي ولد في إقليم بلوشستان عام 1977، ثم انتقل إلى الكويت وعاش هناك، إلا أنه استقر في دبي عام 1998، حيث كان يعمل في شركة للحواسيب.
 
عاد عمار إلى باكستان بعد أحداث 11 سبتمبر/ أيلول، واعتقل على يد الشرطة الباكستانية في 2003، ثم سلم إلى المخابرات الأميركية ونقل إلى سجن غوانتنامو، حيث اتهمته السلطات الأميركية بمساعدة تنظيم "القاعدة" مالياً.
 

"اختفاء" عافية.. أم "السجينة رقم 650"؟

وفي عام 2002، سافرت صديقي إلى الولايات المتحدة بحثاً عن عمل أكاديمي، لكنها بعد عشرة أيام عادت إلى باكستان بعد أن فشلت في العثور على وظيفة، حسب ما يروي عنها طليقها أمجد خان.
 
لكن الولايات المتحدة الأميركية تنفي ذلك، وتقول إن صديقي عادت إلى أميركا بسبب "أنشطتها الجهادية"، إذ فتحت صندوق بريد باسم أمجد خان، الذي تعتبره (أحد أعضاء تنظيم "القاعدة)"، والذي اعتقل في باكستان في مارس/آذار 2003، ونقل إلى سجن غوانتنامو.
 
وفي 30 مارس/ آذار، غادرت عافية منزلها في كراتشي مع أولادها الثلاثة، أحمد ومريم وسلمان، إلى مطار كراتشي لتسافر إلى إسلام أباد لزيارة عمها هناك. لكنها اختفت في الطريق قبل أن تصل إلى المطار، إذ يبدو أن المخابرات الباكستانية اعتقلتها لصالح المخابرات الأميركية، التي نقلتها إلى قاعدة باغرام الجوية في أفغانستان، كما ادعت أسرة عافية ومحاموها.
 
وحسب عصمت، أم عافية، فإن الأسرة بحثت عن عافية وأولادها المفقودين، غير أن المخابرات الباكستانية هددتها في حال استمرت في البحث وحذرتها من نتائج وخيمة. ورغم ذلك، ظلت عصمت تبحث عن ابنتها بين حين وآخر.
 
وفي حين كانت الأسرة تبحث عن عافية، أدرج مكتب التحقيقات الفدرالية الأميركية اسمها ضمن قائمة المطلوبين في 2004، باعتبارها "شخصية خطيرة" تعمل مع تنظم "القاعدة" ضد المصالح الأميركية.
 
اختفت صديقي خمس سنوات تقريباً. وكانت أسرتها تعتقد أنها محتجزة لدى القوات الأميركية في أفغانستان، بينما تقول الولايات المتحدة إنها اختفت عن الأنظار لأنها كانت ضمن قائمة المطلوبين، مدعية أنها كانت تعمل خلال فترة اختفائها (خمس سنوات) لصالح الجماعات المسلحة، إلى حين سفرها إلى أفغانستان واعتقالها هناك عام 2008.
 
وعلى الرغم من النفي الأميركي المتكرر، فإن أسرة عافية كانت تعتقد أن ابنتها محتجزة لدى الولايات المتحدة، وهو ما أثبته فيما بعد تحقيق أجرته صحافية بريطانية تدعى "إيفون رادلي" حول سجينة في باغرام تعرف بـ"السجينة رقم 650"، التي كتب عنها أحد سجناء باغرام الأفغاني، ويدعى معظم بيك، كتاباً أسماه بـ"المقاتل العدو".
 
وبعد البحث والتحقيق، توصلت الصحافية إلى أن "السجينة رقم 650" في باغرام هي دكتورة باكستانية تدعى عافية صديقي، وحينئذ، بدأ الإعلام يهتم بالقضية.
 
ورغم ذلك، واصلت الولايات المتحدة الأميركية نفي احتجاز عافية. وأكد مسؤولون أميركيون بشكل قاطع أن عافية لم تكن في أي وقت من الأوقات في سجن أميركي قبل 2008. وهو ما تؤكده الاستخبارات الأفغانية، التي ترى أن عافية صديقي كانت في باكستان خلال فترة اختفائها، حيث كانت تسكن في مدينة كويته، وتعمل مع جماعات مسلحة، قبل أن تسافر من مدينة كويته الباكستانية إلى مدينة غزنة الأفغانية في 2008.
 
والرواية ذاتها يؤكدها أمجد خان، ويشير إلى أنه رأى عافية صديقي مرتين خلال فترة اختفائها في باكستان.
 

اعتقالها عام 2008

في الـ17 من شهر يوليو/تموز 2008، أعلنت الشرطة الأفغانية أنها اعتقلت امرأة تحمل جنسية باكستانية ومعها ولد عمره 11 عاماً، كانا يعدان لتنفيذ عملية انتحارية على مقر حاكم الإقليم، وكانت بحوزتهما خرائط ووثائق مهمة عن كيفية استخدام المواد الكيميائية والمتفجرات وصنع القبائل. وفي اليوم التالي، وصل ضابطان أميركيان إلى إقليم غزنة لإجراء التحقيق معهما.
 
وبحسب الرواية الأميركية، فإن عافية صديقي قفزت من وراء ستار في زنزانة، قبل بدء التحقيق معها، على الضباط، وانتزعت سلاح أحدهم، ثم أطلقت النيران، لكنها أخطأت الهدف. بينما رد ضابط أميركي بإطلاق النار على عافية، فأصيبت في صدرها ودخلت في غيبوبة.
 
وبعد إصابتها، نقلت إلى قاعدة باغرام الجوية، التي تقع شمال العاصمة الأفغانية كابول، وعولجت هناك مدة أسبوعين، قبل أن يتم نقلها إلى الولايات المتحدة لإجراء مزيد من التحقيقات معها.
 
وفي بداية شهر أغسطس/آب عام 2008، شرعت السلطات الأميركية في محاكمة عافية صديقي، واستمرت محاكمتها في أوقات متقطعة إلى حين إدانتها في سبتمبر/ أيلول عام 2010 بجميع التهم الموجهة إليها، والتي منها الشروع في القتل والاعتداء المسلح على ضابط أميركي، والتخطيط لاستهداف أماكن حساسة في الولايات المتحدة الأميركية.
 
وعلى الرغم من نفي فريق الدفاع عن عافية التهم الموجهة إليها، فإن المحكمة الأميركية حكمت عليها بالسجن 86 عاماً. ومنذ ذلك الحين، تمضي عافية صديقي عقوبتها في سجن أميركي.
 
أما أولادها الثلاثة، فيعيش اثنان منهم، هما أحمد (الذي عاد إلى بيته في سبتمبر/ أيلول 2008) ومريم (التي عادت إلى بيتها في إبريل/ نيسان 2010)، مع فوزية صديقي، أخت عافية. أما سلمان الصغير، الذي كان عمره فقط ستة أشهر عند اعتقال عافية في كراتشي، فيعتقد أنه توفي أثناء احتجاز أمه.
 
ولا يزال من غير الواضح أين احتجز الأطفال عندما "خطفوا" من مدينة كراتشي مع أمهم عافية صديقي.
 

(العربي الجديد)

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر