انتخابات المغرب.. حزب "الأحرار" أبرز الرابحين وانتكاسة مدوية للإسلاميين

كشفت نتائج الانتخابات المغربية عن تراجع مدوي لحزب العدالة والتنمية الإسلامي الذي قاد الحكومة لولايتين متتاليتين، في حين تصدر حزب التجمع الوطني للأحرار -الذي كان ضمن التحالف الحكومي- متبوعا بحزب الأصالة والمعاصرة (معارضة) الانتخابات.
 
وأعلن وزير الداخلية، في ساعة مبكرة من فجر اليوم الخميس، تصدر حزب التجمع الوطني للأحرار نتائج انتخابات أعضاء مجلس النواب بحصوله على 102 مقعدا، بعد فرز %96 من الأصوات.
 
وأضاف أن حزب الأصالة حل ثانيا بحصوله على 87 مقعدا، متبوعا بحزب الاستقلال (81 مقعدا) والاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية (34 مقعدا) والحركة الشعبية (28 مقعدا) والتقدم والاشتراكية (22 مقعدا) والاتحاد الدستوري (18 مقعدا) في حين حصل العدالة والتنمية على (13 مقعدا) وتقاسمت أحزاب أخرى 10 مقاعد.
 

الرابحون والخاسرون

وفي وقت حسنت فيه بعض الأحزاب من نتائجها، مقارنة مع الانتخابات النيابية لعام 2016، شهدت أحزاب أخرى تراجعا في عدد المقاعد التي حصلت عليها.
 
ويعد حزب العدالة والتنمية أكبر الخاسرين، إذ تراجع من المرتبة الأولى في الانتخابات الماضية حاصلا على 125 مقعدا، إلى المرتبة الثامنة بحصوله على 13 مقعدا بهذه الانتخابات.
 
وتعد هذه النتيجة الأسوأ التي يحصل عليها الحزب منذ أول مشاركة له بانتخابات عام 1997 والتي حصل فيها على 9 مقاعد أضيف إليها 3 أخرى بانتخابات جزئية، كما لم يتمكن أمينه العام ورئيس الحكومة سعد الدين العثماني من الظفر بمقعد نيابي في إحدى دوائر العاصمة الرباط.
 
أما أكبر الرابحين فكان حزب التجمع الوطني للأحرار الذي حقق 102 مقعدا، بعد أن حقق قفزة مهمة مكنته من تصدر الانتخابات، إذ تمكن من إضافة 65 مقعدا نيابيا مقارنة مع انتخابات 2016 التي تصدر فيها النتائج بـ 37 مقعدا.
 
وحافظ حزب الأصالة على موقعه الثاني رغم فقدانه 15 مقعدا نيابيا، إذ انتقل من 102 مقعد في الانتخابات الماضية إلى 87 بهذه الانتخابات.
 
وكذلك حزب الاستقلال الذي حافظ على مركزه الثالث، وحسن من عدد مقاعده بحصوله على 81 مقعدا مقابل 46 بالانتخابات الماضية.
 
وتمكن حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية من مضاعفة مقاعده النيابية بحصوله على 34 مقعدا مقابل 18 بالانتخابات الماضية مما جعله يحتل المرتبة الرابعة، وحافظ حزب الحركة الشعبية على مرتبته الخامسة بـ 28 مقعدا، أما حزب التقدم والاشتراكية فأحرز تقدما في هذه الانتخابات على الرغم من خسارة أمينه العام نبيل بنعبد الله مقعده البرلماني بالعاصمة الرباط، إذ جاء في الرتبة السادسة بمجموع 22 مقعدا مقابل 12 في الانتخابات الماضية.
 
 
ارتدادات النتائج

ووصف الأمين العام لحزب الأصالة عبد اللطيف وهبي نتائج حزبه بـ "الإيجابية جدا" في ندوة صحفية عقب الإعلان عن النتائج، مشيرا إلى أن حزبه استطاع الحفاظ على مكانته رغم أوضاعه التنظيمية.
 
ولم تعلن قيادة حزب العدالة والتنمية أي موقف رسمي من هذه النتائج حتى إعداد هذه المادة، في حين أصدرت الأمانة العامة بيانا بعد انتهاء عمليات الفرز انتقدت فيه ما وصفته بـ "الخروقات التي شهدتها بعض الأقاليم" وخاصة ما يتعلق بامتناع الكثير من رؤساء مكاتب التصويت تسليم نسخ من محاضر التصويت لممثلي المرشحين في عدد مهم من الدوائر.
 
لكن قيادات وازنة في الحزب خرجت بمواقف على مواقع التواصل الاجتماعي، اعترفت فيها بما أسمته "الهزيمة المؤلمة " و"القاسية " و"النتائج الكارثية".
 
ودعا عبد الإله ابن كيران، رئيس الحكومة السابق والأمين العام السابق لحزب العدالة والتنمية، العثماني الأمين العام الحالي للحزب إلى تقديم استقالته من رئاسة الحزب بالنظر لما وصفه "الهزيمة المؤلمة" التي مني بها في الانتخابات وعقد مؤتمر استثنائي.
 

تصويت عقابي

وقال أمين السعيد، أستاذ القانون الدستوري والعلوم السياسية في جامعة سيدي محمد بن عبد الله في فاس، إن النتائج طبعها ما سماه "التصويت العقابي" حيث تلقى حزب العدالة والتنمية هزيمة غير مسبوقة في تاريخ الأحزاب التي دبرت الحكومات منذ الاستقلال إلى اليوم.
 
 
وأضاف السعيد للجزيرة نت أن عوامل أخرى ساهمت في نظره بهذه النتيجة من بينها عامل الحصيلة وحالة التذمر بين المواطنين من الطبقة السياسية، فحصيلة 10 سنوات من تدبير حزب العدالة والتنمية الحكومة لم تكن -في نظره- في مستوى تطلعات المواطنين وخاصة الطبقة المتوسطة التي تشكل الكتلة الناخبة للحزب.
 
غير أنه يرى أن تصدر حزب التجمع الوطني للأحرار النتائج -رغم أنه كان جزءا من التدبير الحكومي لسنوات- من مفارقات هذه الانتخابات، ويفسرها بأن "حزب العدالة والتنمية هو الذي وجد في الواجهة ورفع شعار محاربة الفساد لذلك فهو المعني بالحصيلة والمنجز الحكومي".
 
 
تحالفات سهلة

وبالنظر لنتائج الانتخابات النيابية، فإن رئيس الحكومة المقبل سيكون من حزب التجمع الوطني للأحرار متصدر النتائج وفق الدستور.
 
وجاء في الفصل 47 من الدستور "يعين الملك رئيس الحكومة من الحزب السياسي الذي تصدر انتخابات أعضاء مجلس النواب وعلى أساس نتائجها".
 
ورغم أن الدستور لم ينص صراحة على تعيين الأمين العام للحزب الفائز رئيسا للحكومة، وأعطى للملك سلطة اختيار أي شخصية من الحزب، فإلا فإن العرف السنوات الماضية جرى على تعيين الأمين العام للحزب رئيسا للحكومة.
 
وبعد تعيين الملك رئيس الحكومة، سيكون هذا الأخير مطالبا بإطلاق مشاورات مع الأحزاب السياسية لتحصيل الأغلبية النيابية الكافية لتشكيل الحكومة.
 
ويرى أستاذ القانون الدستوري السعيد أن تشكيل الأغلبية الحكومية سيكون سهلا لأن كل الأحزاب اليوم مهيأة للدخول للحكومة، ولا تضع خطوطا حمراء للتحالف مع أي طرف.
 
ويتفق خالد يايموت أستاذ العلوم السياسية بالكلية متعددة التخصصات بتازة مع هذا التحليل، ويقول للجزيرة نت إن النتائج المعلنة تسهل من التحالفات وتحقيق أغلبية المقاعد المتمثلة في 197 مقعدا بمجلس النواب، لنيل ثقة المجلس.
 
ويعتقد يايموت أن استحضار العقلنة السياسية يقتضي تحالفا سياسيا بين حزب الأحرار (102 مقعدا) والأصالة والمعاصرة (87) والاتحاد الدستوري (18) والحركة الشعبية (28).
غير أنه يستدرك بالقول إن التجربة بينت أن التحالفات لا تخضع لا للمنطق السياسي ولا الانتخابي العددي، مما يجعل من مخرجات العملية الانتخابية خاضعة للعرف السياسي المبني على الترضية.
 

المصدر: الجزيرة نت

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر