فايننشال تايمز: هكذا انهارت أوهام محمد بن زايد وفشلت الإمارات في تدخلاتها الخارجية

[ محمد بن زايد ]

نشرت صحيفة "فايننشال تايمز" تقريرا لمراسلها في دبي سايمون كير ومراسلها في لندن أندرو إنغلاند قالا فيه إن الإمارات العربية المتحدة أعادت النظر في سياسة التدخل الأجنبي القوية بعد موجة وباء كورونا التي ضربت البلد وأثرت على اقتصادها.
 
وقالا إن الإمارات استخدمت على مدى عقد من الزمان ثروتها النفطية وقوتها العسكرية لتعزيز قوة الحلفاء وإضعاف الأعداء. ولكن بعد وباء فيروس كورونا الذي ترك الاقتصاد الخليجي في حالة سيئة وأكد على صلة البلد بالاقتصاد العالمي فقد أعادت الإمارات النظر في تدخلها القوي بما فيه العسكري وتحولت إلى الدبلوماسية الاقتصادية، وذلك نقلا عن شخصين على معرفة بالتفكير الجديد.
 
ونتيجة لهذا التحول فقد بات يحكم على الدبلوماسيين والسفارات الإماراتية في الخارج حسب الاستثمارات التي يجذبونها للدولة الخليجية الصغيرة التي تعتمد في مواردها على النفط. وقال مسؤول إماراتي بارز “فكرنا بما هو أفضل للإمارات”، وأضاف أن التركيز سيكون أكثر على الاقتصاد.
 
وتقول الصحيفة إن التحول في الأولويات هو أول إشارة عن آثار الوباء وما جلبه انتخاب الرئيس الأمريكي جوزيف بايدن من تغير على السياسة الخارجية الأمريكية حيث ولد انتخابه ديناميات جديدة وتوجهات مبدئية نحو خفض التوتر بعد أربعة أعوام متوترة من حكم الرئيس دونالد ترامب.
 
وبالترادف مع هذا النهج الذي يركز على الفرص الاستثمارية والاقتصاد ستحاول الإمارات البحث عن دور الوسيط في النزاعات بين السودان وإثيوبيا مثلا والهند وباكستان. وتقول الصحيفة إن التحول في الاستراتيجية يعبر عن تغير مهم في سياسة بلد ظهر بعد الربيع العربي عام 2011 وبقيادة ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد كواحد من أكثر الدول العربية حزما في الأمور الخارجية.
 
فبعد الثورات العربية التي أطاحت بأنظمة اقتنع محمد بن زايد بقدرته على فرض رؤيته على المنطقة وملء ما نظر إليه الفراغ الأمريكي ومنع تمدد الحركات الإسلامية ومواجهة التأثير الإيراني. ونشرت الإمارات أعدادا من قواتها في اليمن حيث أصبحت الشريك الرئيسي للسعودية في الحملة التي قادتها ضد الحوثيين الذين تدعمهم إيران في اليمن.
 
وأصبحت من أهم الداعمين لأمير الحرب الليبي خليفة حفتر. وأصبحت في عام 2017 في مقدمة الرباعي الذي فرض عقوبات وحصارا على قطر التي اتهمت بدعم الإسلاميين والتقرب من إيران. وزادت التدخلات من صورة البلد الخليجي الصغير الذي بات يضرب أكبر من حجمه ويعتبر حليفا مهما للغرب، لكن لم ينته أي من تدخلاتها العسكرية والدبلوماسية بنجاح بل وخرجت منها الإمارات بسمعة متضررة.
 
ففي اليمن حصلت الإمارات على ثناء في واشنطن لجهودها في مواجهة القاعدة هناك، إلا أن التحالف الذي قادته السعودية فشل في هزيمة الحوثيين وإجبارهم على الخروج من العاصمة صنعاء. وقررت في عام 2019 سحب معظم قواتها وسط تزايد التوتر مع إيران والاتهامات بأن مشاركتها في الحرب أدت إلى كارثة إنسانية.
 
أما في ليبيا فقد عانى خليفة حفتر في العام الماضي من سلسلة هزائم متلاحقة بعد تدخل تركيا -العدو اللدود للإمارات- ودعمها الحكومة التي تحظى بالشرعية الدولية وإنهائها حصار أمير الحرب للعاصمة طرابلس. ويقول دبلوماسيون غربيون إن الإمارات سحبت أرصدتها العسكرية من ليبيا في الأشهر الماضية.
 
وفي كانون الثاني/يناير اتبعت أبو ظبي خطوة الرياض في رفع الحصار عن قطر. ونقلت الصحيفة عن إيميل هوكاييم، الخبير في شؤون الشرق الأوسط بالمعهد الدولي للدراسات الإستراتيجية، قوله إن الإمارات فهمت أنه “لا يوجد انتصار حاسم في أي مكان بهذه اللحظة”. وقال إن تركيز البلد على مرحلة التعافي الاقتصادي والانتفاع من مرحلة ما بعد الوباء العالمي، وهي فكرة يرددها المسؤولون في الإمارات.
 
وقال إنهم حاولوا تجربة القوة العسكرية وما تقدمه من منافع، ولكنهم اكتشفوا أنها لا تعود عليهم بالنفع وأخذوا بالتكيف، مضيفا أنه لا يعرف إن كان هناك تحول في عقلية القيادة، وما هو واضح هو أن الإمارات تخفض من مشاركاتها العسكرية ومواقفها وتركز في الوقت الحالي على أمنها وازدهارها.
 
وتقول إلهام فخرو، المحللة في شؤون الخليج بمجموعة الأزمات الدولية، إن الإمارات قرأت المزاج في المنطقة والتحول للدبلوماسية بعد انتخاب بايدن وتريد استثماره.
 
وقالت “لا تريد الإمارات أن تظهر بمظهر من يتدخل بشكل واضح في النزاعات الإقليمية مثل ليبيا أو تقوم بتسليح اللاعبين الحلفاء”. و”لكنني لا أعتقد أن هناك تحولا عن النهج الصدامي، فهم يريدون أن يكونوا أذكياء وتوسيع جهودهم للدبلوماسية والوساطة”.
 
وقال المسؤول الإماراتي إن بلاده فخوره بما قامت به من جهود في اليمن ومواجهة القاعدة ولم نستخدم النهج العسكري من قبل ولكننا نعرف الآن أين يكون فاعلا وغير فاعل وفهمنا الثمن والأمور التي تقع خارج سيطرتنا".
 
 وقال شخص اطلع على التحول إن الإمارات بالإضافة للقنوات السرية مع إيران لديها محادثات مبدئية مع تركيا ونريد أن نكون على علاقة جيدة مع الجميع من إسرائيل إلى إيران. وقال المسؤول إن السعودية هي التي تقود جهود التقارب مع تركيا و”نريد أن نعرف ما يحدث”.
 
وزار وزير الخارجية التركي السعودية الشهر الماضي من أجل حل القضايا العالقة بين الرياض وأنقرة. وفي الأسبوع الماضي قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إنه يريد تحسين العلاقات مع مصر ودول الخليج. ولكن هوكاييم يرى أن الجهود باتجاه خفض التصعيد لا تزال “هشة”، فكما شاهدنا محدودية الإكراه في عهد ترامب سنواجه محدودية الدبلوماسية في عهد بايدن.

ترجمة: القدس العربي
 

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر