مشنوقون أبرياء بشهادة ابنته النائب العام.. هذه هي القصة الكاملة لإعدام شُبان في مصر

لم يمر أسبوع على واقعة مشابهة حتى نفذت السلطات المصرية، الأربعاء 20 فبراير/شباط 2019، حكم الإعدام بحق 9 شباب متهمين في قضية اغتيال النائب العام المصري السابق، المستشار هشام بركات، عام 2015، لكن المزيد من الشكوك تتزايد حول صحة الرواية الحكومية.
 
 ووصل عدد الأشخاص الذين نُفذ فيهم حكم الإعدام في مصر منذ مطلع العام الحالي (2019)، إلى 15 شخصاً، جُلهم من الشباب، في تهم يراها كثيرون سياسية قبل أن تكون جنائية. ووقعت قضية مقتل النائب العام هشام بركات، قبل 3 أعوام في وسط القاهرة عبر تفجير استهدف سيارته، رافق جلساتها كثير من المشاهد، التي عاد رواد مواقع التواصل الاجتماعي مشاركتها وتذكير الناس بها، في ظل حالة كبيرة من السخط والحديث عن تلفيق التهم لهؤلاء الشباب.
 
ابنة النائب العام تبحث عن القتلة الحقيقيين
 
مساء الثلاثاء 19 فبراير/شباط وبعدما نقلت وسائل إعلام عن أُسر المحكوم عليهم بالإعدام نقل المتهمين الـ9 إلى مقر التنفيذ، تداول عدد كبير من رواد مواقع التواصل الاجتماعي منشوراً من حساب منسوب إلى ابنة المستشار هشام بركات، النائب العام الراحل، تبرئ فيه الشباب المحكوم عليهم بالإعدام من الضلوع في الجريمة.
 
الحساب الذي يحمل اسم Marwa Hesham Barakat، كتب 3 منشورات منذ مساء الثلاثاء وحتى الأربعاء، قبل أن يحذف أحدها والذي كان يتحدث مباشرة عن بقاء المتهمين الأصليين في القضية دون حساب، في حين أُعدم الأبرياء، حسبما قال. وقالت المستشارة مروة، ابنة النائب العام السابق هشام بركات، إنَّ مَن قتل والدها لا يزال حراً، وأكدت على صفحتها بموقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، أن التسعة الذين أُعدموا اليوم بتهمة قتل النائب العام السابق مظلومون، في حين لا يزال القتلة الحقيقيون خارج السجن.
 
 لكن مروة قامت بحذف البوست وإغلاق الصفحة، ثم أعادت فتحها مرة أخرى.
 
لم يتوقف الأمر عند هذه الدرجة من التطورات، بل قامت مروة بتعديل المنشورات التي نشرتها في الصباح وتحدثت فيها عن أن هناك مظلومين قتلوا غدراً، وأن القتلة الحقيقيين أفلتوا من العقاب.
 
ما دفع بعض الأصدقاء لديها على صفحتها للحديث عن سرقة الصفحة، لترد مروة بنشر صورة لبطاقتها الشخصية، والتأكيد على أن الصفحة لم تتم سرقتها، وأنها نجلة النائب العام السابق هشام بركات.
 
بطاقة مروة هشام بركات/ مواقع التواصل الاجتماعي وكتبت مروة منشوراً، علقت فيه على تنفيذ الإعدامات بحق الـ9 أشخاص، ولكن بنبرة غريبة ومختلفة كلية عما سبق، حيث قالت: «الحمد لله تم تنفيذ حكم الإعدام بحق الإرهاب الغادر الذي طالت يده الشهيد هشام بركات، ولم تكتف محاولات الإرهاب الغادر بالقتل فقط وإرهاب المواطنين، لكنها سعت أيضاً لإثارة البلبلة باختراق حسابي بواسطة أحد عناصرهم المقيمة في تركيا في نفس يوم تنفيذ الحكم، ونشر أخبار كاذبة على صفحتي الشخصية، كعادتهم الخسيسة، وهدفها خداع الرأي العام وإثارة البلبلة بين أوساط الشعب المصري».
 
 ونُفِّذ الحكم داخل سجن استئناف القاهرة بحق كل من: «أحمد طه وهدان، وأبو القاسم أحمد، وأحمد جمال حجازي، ومحمود الأحمدي، وأبو بكر السيد، وعبد الرحمن سليمان، وأحمد محمد، وأحمد محروس سيد، وإسلام محمد». يأتي ذلك بعد ساعات من المناشدات الحقوقية لوقف تنفيذ الحكم الصادر في 25 نوفمبر/تشرين الثاني 2018، بعد رفض الطعون المقدمة منهم. وذلك مع ورود أنباء نقلاً عن أُسر الشباب الـ9 تفيد بقيام إدارة السجن بنقلهم من السجن؛ تمهيداً لإعدامهم.
 
 
ماذا يقول ذوو المتهمين الذين تم إعدامهم؟

وقالت والدة إسلام مكاوي إن ابنها الذي أُعدم كان في التجنيد بالجيش وقت الحادث، وأنهى فترة خدمته العسكرية بعد مقتل النائب العام بـ3 أشهر. وقال والد أحمد جمال إن ابنه كان يتابع حادث الاغتيال من شاشة التلفاز في بيته وقت وقوعه، مستنكراً كيف يكون متورطاً في تنفيذ الحادث في حين كان ببيته! وقال أحمد محروس أمام المحكمة التي قضت بإعدامه، إنه قُبض عليه قبل الحادث، وتحديداً في 22 فبراير/شباط، وطلب إثبات ذلك من خلال زملائه العاملين معه.
 
 وقال أبو بكر السيد وأحمد وهدان وأبو القاسم أحمد، إنهم تعرضوا لتعذيب شديد، وإن اعترافاتهم التي بُنيت عليها أحكام القضية أُخذت تحت التعذيب، في حين قال أحمد الدجوي إنه عرف بمقتل النائب العام، في أثناء التحقيقات فقط.
 
شمل ملف القضية الذي أحالته نيابة أمن الدولة إلى محكمة الجنايات آلاف الصفحات من التحريات و«الاعترافات»، إلى جانب الأقوال المنسوبة إلى المتهمين أمام النيابة، لكن هناك كثير من التناقضات في القضية والتحقيقات، التي قال أحد المتهمين عنها أمام المحكمة إنها أُخذت تحت التعذيب وأنه ينفي كل اعترافاته.
 
وعرضت وزارة الداخلية في الأحد 6 مارس/ آذار 2016 خلال مؤتمر صحفي لوزير الداخلية اللواء مجدي عبدالغفار فيديو لاعترافات عدد من طلاب جامعة الأزهر متهمين بالتخطيط لاغتيال المستشار هشام بركات النائب العام في 29 يونيو 2015.
 
كفيف متهم بالتدريب على القنص!

وكان محامي أحد المتهمين في قضية اغتيال النائب العام قد كشف أن موكله «كفيف البصر»، ويحاكَم بتهم، من بينها تدريب آخرين على استخدام السلاح. وأوضح المحامي أن «جمال خيري محمود إسماعيل هو المتهم رقم 17 في القضية وهو طالب كفيف بجامعة الأزهر (شرق القاهرة) والاتهامات الموجهة إليه لا تتماشى مع الواقع».
 
وأضاف في أثناء جلسات القضية، أنه طلب من النيابة العامة مراراً في أثناء نظر تجديد حبس المتهم في القضية إثبات أنه كفيف، ولكن «النيابة لم تلتفت إلى طلبي».
 
وتابع: «طلبت من المحكمة في جلسة سابقة إثبات أن المتهم كفيف، وبناءً على الخطاب ناظرت المحكمة اليوم المتهم، الذي خرج من القفص الزجاجي متكأً على شرطيين (معنيّين بتأمين القاعة)». واتهم المحامي النيابة العامة بـ «إخفاء حقيقة أن المتهم كفيف».
 
طبيبة متهمة: هددوني بالاغتصاب

وقالت بسمة رفعت، إحدى المتهمات في قضية اغتيال النائب العام المصري الراحل المستشار هشام بركات، إنها اعترفت بالاشتراك في الواقعة تحت التهديد بالاغتصاب وقتل زوجها من قِبل ضباط الأمن الوطني.
 
وأضافت رفعت، التي تعمل طبيبة في أحد المستشفيات المصرية، خلال جلسة لها، السبت 17 سبتمبر/أيلول 2016، بمحكمة جنايات القاهرة التي تنظر الواقعة، إنها اقتيدت إلى مكان غير معلوم، وهناك تعرضت للتعذيب بطرق عديدة، من بينها تمرير الكهرباء على جسدها، وتم تهديدها بقتل زوجها واغتصابها إن لم تعترف، بحسب فيديو لموقع «مصر العربية».
 
منظمات حقوقية تقول ان المتهمين تعرضوا للتعذيب

وطالبت منظمة العفو الدولية، الثلاثاء 19 فبراير/شباط 2019 السلطات المصرية بوقف إعدام وشيك لـ 9 معارضين، مشيرة إلى أنه تم نقلهم من زنازينهم إلى سجن الاستئناف استعداداً لتنفيذ أحكام الإعدام بحقهم. وخلال المحاكمة قال بعض المتهمين إنهم اختفوا عنوة وتعرضوا للتعذيب للاعتراف بالجريمة، بحسب بيان المنظمة.
 
 وترفض السلطات المصرية، وفق بيانات رسمية سابقة بشكل تام، أي مساس بالقضاء المصري، وتقول إنه بشقيه المدني والعسكري مستقل ونزيه، ويخضع المتهمون أمامهما إلى أكثر من درجة تقاضٍ، رافضة أي اتهامات تنال من استقلاليتهما.
 
«حماس» لا علاقة لها بالأمر

بتاريخ الإثنين 7 مارس/ آذار 2016، أعلنت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) أنّ الاتهامات المصرية الأخيرة لها، بالمشاركة في اغتيال النائب العام السابق، هشام بركات، جاءت بعد حدوث تطور في العلاقة بين الجانبين، وقبيل استعداد وفد من قيادة الحركة لزيارة القاهرة، وهو ما جرى بالفعل يوم 10 مارس/آذار، وضم الوفد 3 أعضاء من قطاع غزة، واثنين من الخارج يرأسهما موسى أبو مرزوق.
 
 وكان وزير الداخلية المصري، مجدي عبد الغفار، قال الأحد 6 مارس/آذار 2016، خلال مؤتمرٍ صحفي بالقاهرة، إن «حركة حماس قامت بتدريب ومتابعة عناصر إخوانية، شاركت في تنفيذ عملية اغتيال النائب العام السابق».
 
وقال النائب العام، في بيان رسمي، الأحد 8 مايو/ أيار 2016، إن تحقيقات نيابة أمن الدولة العليا انتهت إلى إحالة 67 متهماً إلى محكمة الجنايات، وإنها كشفت انتماء العناصر المتورطة كافة في عملية الاغتيال إلى جماعة الإخوان وتخابرهم مع حركة حماس للتخطيط للعملية.
 
 وأضاف البيان أن بعض المتهمين تلقوا «تدريبات قتالية في معسكرات حركة حماس، تنوعت بين إعداد وتجهيز المتفجرات».
 
وقالت النيابة إنها استندت في قرار إحالتها، إلى «أدلة شملت اعترافات تفصيلية لـ45 متهماً من بين جملة المتهمين المحالين إلى المحاكمة، دعمت بمعاينات تصويرية لكيفية ارتكابهم الواقعة».
 
 إلا أن مصدراً مسؤولاً بهيئة الدفاع عن المتهمين (رفص نشر اسمه)، قال إن «الاعترافات جاءت تحت تعذيب، وغير صحيحة، والقضية برمتها لا تسند إلى أسانيد، وكلها اتهامات مرسلة».
 
قريب مفترض لرئيس أركان الجيش المصري السابق متهم باغتيال النائب العام

وروت والدة أحد طلاب الأزهر الذين أُذيعت اعترافاتهم الأحد 6 مارس/آذار 2016 بتنفيذ عملية اغتيال النائب العام المصري، تفاصيل ما حدث له قبل القبض عليه، موجِّهةً نداء خاصاً إلى رئيس الأركان المصري الفريق محمود حجازي (الذي وصفته بعمه)، للتدخل لإنقاذه، معتبرة أن ابنها ربما يدفع ثمن حرب داخلية يشنها فريق في وزارة الداخلية ضد رئيس الأركان.
 
 تحدثت السيدة سناء فرج الدسوقي، والدة أحمد جمال حجازي، أحد المتهمين في قضية اغتيال النائب العام، عن تفاصيل تلك القرابة بين ابنها وبين رئيس أركان القوات المسلحة مؤكدة لـ «عربي بوست»، أن «الفريق محمود حجازي هو ابن عم والد أحمد بشكل مباشر، وجدُّ الاثنين واحدٌ هو محمود حجازي».
 
وأشارت إلى أن التواصل أصبح قليلاً جداً مع الفريق حجازي منذ أن تولى مناصب مهمة داخل القوات المسلحة، مشيرة إلى أن آخر مرة تقابلوا فيها معه كانت منذ 7 سنوات، خلال عزاء والده الحاج إبراهيم حجازي، وكان حينها في منصب المستشار العسكري المصري في بريطانيا.
 
وتضيف: «بعد أزمة أحمد، قمنا بالتواصل مع أفراد من داخل العائلة، لتوصيل الأمر إلى الفريق حجازي، وحتى الآن لا نعلم هل وصلت الرسالة إليه أم لا».
 
وتتابع قائلة: «إخوة الفريق حجازي ووالدته ما زالوا موجودين في ديرب نجم، فهو لديه أخان موجودان داخل المركز، وهناك إخوته البنات، وهم بالقرى المجاورة لنا، ونحن على تواصل عائلي، وحين يأتي الفريق إلى الشرقية، يقوم بزيارة إخوته البنات».
 
وفي حديثٍ وجّهته بشكل مباشر إلى الفريق حجازي، قالت والدة أحمد: «يا سيادة الفريق، كبد أخوك جمال بيتقطع على أحمد، وهو مريض، حرام عليكم اللي بتعملوه في أحمد يا سيادة الفريق، حرام عليكم هو ملوش ذنب في حاجة، والعائلة كلها لم تكن متعاطفة مع الإخوان علشان خاطرك يا سيادة الفريق».
 
 وروت والدة أحمد تفاصيل القبض عليه، وقالت: «يا معالي الفريق، أحمد قبضوا عليه من الشارع في سكنه الخاص بمنطقة العباسية، لأنه مغترب ويدرس بالأزهر، وزملاؤه أبلغونا الخبر، والغريب أن الأمن لم يقم بتفتيش مسكنه الخاص بالعباسية، أو منزله في الشرقية، ولم يكن هناك أي استفسار أمني عن أحمد، ولو مطلوب لماذا لم يأتوا إليه في منزله، أو يقوموا بتفتيش مسكنه».
 
وتضيف «لم نكن نعلم مكان أحمد منذ القبض عليه منذ 15 يوماً، وعرفنا مكانه فقط منذ يومين، وأرسلنا المحامين للاستفسار وحضور العرض على النيابة، وفي اليوم الذي ذهب فيه المحامون إلى مكان احتجازه أبلغوه بأنه لن يتم عرضه على النيابة، وبعد ساعتين فوجئنا بوزارة الداخلية تذيع الفيديو الخاص بأحمد على التلفزيون».
 
وفي اليوم التالي لنشر الخبر أصدرت الداخلية المصرية بيانا مقتضبا على صفحتها على فيس بوك نفت فيه أي صلة لرئيس الأركان بأحد من المتهمين معتبرة أن ذلك يدخل في مجال الشائعات التي تنشرها أبواق إعلامية تابعة للجماعة الإرهابية (في إشارة لجماعة الإخوان المسلمين).
 
وفي اليوم التالي لنشر الخبر أصدرت الداخلية المصرية بيانا مقتضبا على صفحتها على فيس بوك نفت فيه أي صلة لرئيس الأركان بأحد من المتهمين معتبرة أن ذلك يدخل في مجال الشائعات التي تنشرها أبواق إعلامية تابعة للجماعة الإرهابية (في إشارة لجماعة الإخوان المسلمين). 
 
المصدر: عربي بوست

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر