الضربات الأمريكية لن تغير قواعد اللعبة في صراع سوريا المعقد

[ أحد الصواريخ التي أطلقتها الولايات المتحدة على سوريا يوم الجمعة 7 إبريل 2017 ]

مثلت الضربات الأمريكية على سوريا التي جاءت للرد على هجوم بأسلحة كيماوية تصعيدا حادا في الحرب الأهلية السورية لكن العالم العربي لا يعتبرها مغيرة لقواعد اللعبة في صراع مستمر منذ ست سنوات أثار الانقسام في المنطقة.

 

وأطلقت بارجتان أمريكيتان صواريخ كروز على قاعدة جوية تسيطر عليها قوات الرئيس بشار الأسد في وقت مبكر من صباح يوم الجمعة ردا على الهجوم بالغاز السام الذي أودى بحياة ما لا يقل عن 70 شخصا في منطقة تسيطر عليها المعارضة.

 

وقال مسؤولون أمريكيون إن الهجمات ضربة واحدة تستهدف ردع شن هجمات بأسلحة كيماوية في المستقبل ولا تأتي في إطار توسيع للدور الأمريكي في الحرب.

وصدرت ردود فعل متوقعة من إيران، حليف دمشق، وعدوتها السعودية وهما قوتان إقليميتان تدعمان أطرافا متعارضة في صراعات في سوريا ودول أخرى بالشرق الأوسط.

 

فقد أشادت السعودية "بالقرار الشجاع" للرئيس دونالد ترامب كما عبرت الإمارات العربية المتحدة، العضو في التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة لقتال تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا، عن دعمها للضربات.

أما إيران فنددت "بالضربات الأحادية".

 

ونقلت وكالة أنباء الطلبة الإيرانية للأنباء عن المتحدث باسم وزارة الخارجية بهرام قاسمي قوله "مثل هذه الإجراءات ستقوي شوكة الإرهابيين في سوريا... وستؤدي إلى تعقيد الوضع في سوريا والمنطقة">

 

وتمثل الضربة أقوى تحرك أمريكي مباشر في سوريا حتى الآن لكن محللين سياسيين عربا أبدوا تشككا في أنها ستحدث تغيرا كبيرا في اتجاه الصراع في سوريا أو في الجهود الرامية لإيجاد حل سياسي له.

 

بيد أنها توضح في الوقت نفسه المدى الذي يمكن لترامب الذهاب إليه واضعا على الأرجح جمهوره المحلي في الاعتبار حتى إذا هدد ذلك بمخالفته لمواقف سابقة له وبمواجهة مع روسيا، الحليف العسكري الرئيسي الآخر للأسد.

 

كان ترامب عبر مرارا عن رغبته في تحسين العلاقات مع موسكو بما في ذلك التعاون مع روسيا في قتال تنظيم الدولة الإسلامية ويركز سياسته بشأن سوريا حتى الآن بشكل كامل على هذا الجهد.

 

لكنه انتقد أيضا سلفه باراك أوباما لوضعه "خطا أحمر"، مهددا باستخدام القوة ضد الأسد إذا استخدم الأسلحة الكيماوية، ثم تراجعه عن إصدار أمر بشن ضربات جوية في 2013 عندما وافق الأسد على التخلي عن ترسانته من الأسلحة الكيماوية.

 

وندد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بالضربات الصاروخية ووصفها بأنها تحرك غير قانوني من شأنه أن يضر بالعلاقات الأمريكية الروسية.

وقال عبد العزيز الصقر، وهو أكاديمي سعودي ورئيس مركز الخليج للأبحاث "هذا النوع من الضربات لن يسقط النظام السوري.

 

"لكنها تظهر توجها جديدا من الإدارة الأمريكية في المنطقة وهو أنها ستأخذ بزمام المبادرة بمفردها إذا لزم الأمر."

وعلى مدار الشهور القليلة الماضية تراجع كثير من الدول الغربية عن مطالبات قديمة بوجوب ترك الأسد للسلطة إذ قبلت بأن المعارضة لم يعد لديها القوة الكافية للإطاحة به. لكن بعد الهجوم الكيماوي نادى العديد من الدول بضرورة رحيله.

 

وتركيا من بين الدول التي تؤيد الضربات بشدة وتطالب بالإطاحة بالأسد. وحدث تقارب في الشهور الأخيرة بين تركيا وروسيا وترعى أنقرة محادثات سلام سورية في قازاخستان بالاشتراك مع موسكو.

 

وشكك مصطفى كامل السيد أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة في أن تقوض الهجمات هذا النوع من الجهود.

وقال "لا أعتبر هذا تغيرا في سياسة الولايات المتحدة تجاه سوريا ولكنها ضربة محدودة ربما استهدف بها ترامب تعزيز موقفه داخل الولايات المتحدة".

 

ويجد العراق نفسه في موقف صعب يتعين عليه فيه موازنة مصالحه بين حليفيه الرئيسيين الولايات المتحدة وإيران. والتزم مسؤولوه الصمت بشأن الضربات حتى الآن.

وقال المحلل الذي يعمل انطلاقا من بغداد فاضل أبو رغيف "الجانب العراقي لن يهرع إلى رد فعل من شأنه أن يأتي بنتائج عكسية".

 

وفي شوارع العاصمة العراقية اعتبر البعض تحرك ترامب مجرد علامة أخرى على أن الولايات المتحدة تريد الهيمنة على الشرق الأوسط.

وقال صاحب متجر اكتفى بتعريف نفسه باسمه الأول قاسم "هو (ترامب) يريد عزل إيران وبناء قواعد عسكرية أمريكية في العراق".

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر