الحديدة: محنة الصحفيين باعتبارهم "الأشد خطرا" على الميليشيات

[ الحديدة: محنة الصحفيين بإعتبارهم "الخطر الأكبر" على الميليشيات (يمن شباب نت-خاص) ]


يعيش الصحفيون في محافظة الحديدة أوضاعاً صعبة، أقل ما يمكن وصفها بـ"الإرهابية"، جراء المضايقات والملاحقات التي تعرضوا، ومازالوا، يتعرضون لها من قبل الميليشيات الانقلابية منذ سيطرتها على المحافظة في أكتوبر 2014.

ويعتبر الصحفيون والإعلاميون أشد خطراً في نظر الميليشيات. وذلك حسب ما سبق وأن أعلنه وأكده زعيمهم "عبدالملك الحوثي" في أحد خطاباته مع بداية انقلابهم على السلطة الشرعية في البلاد، وكان حرض فيه ضد الصحفيين بشكل صريح ومباشر حين أعتبر الصحفيين والإعلاميين "أشد خطرا" من المقاتلين. لذلك تقوم ميليشياته بتنفيذ توجيهاته بقمعهم وملاحقتهم، حتى وصل الأمر الى الاختطاف والاخفاء قسرا، وتعريضهم للتعذيب، بل والقتل. والسبب في ذلك لمحاولة إخفاء جرائمهم التي يرتكبونها بحق الوطن والمواطنين، ومنعها من النشر.

ومنذ سيطرتها على محافظة الحديدة قبل أكثر من عامين ونصف، نظمت ميليشيات الحوثي والمخلوع حملات شرسة لقمع حرية الصحفيين والإعلاميين، دفعت بغالبيتهم إلى مغادرة المحافظة تحت جنح الظلام، أما من تبقى منهم لعدم القدرة على المغادرة، فقد اضطر معظمهم إلى التوقف عن مزاولة نشاطهم الصحفي تحت التهديدات لهم ولأسرهم. ومع ذلك ما يزال هناك القليل جدا يواصلون عملهم الصحفي لمصلحة محافظتهم، متخفين أو نازحين خارجها.  

نماذج بأبرز حالات القتل والاعتقال

وفي محافظة الحديدة، التي يتناولها التقرير، وعلى سبيل الذكر لبعض الحالات البارزة، قامت الميليشيات الانقلابية بتصفية الناشط الإعلامي "أحمد قادري"، من ابناء مديرية الضحي- شمال الحديدة، الذي تمت تصفيته رمياً بالرصاص نهاية العام الماضي (2015).

وقبله، مطلع العام نفسه (2015)، اعتقلت المصور "علي أبو الحياء"، وهو طالب بقسم الإعلام-جامعة الحديدة، ثم أفرجت عنه لاحقا بعد تدخل وساطات كبيرة، ليغادر الوطن مباشرة. ومثله الصحفي "محمود العتمي"، والفنان  الكوميدي "سعد سليكه" الممثل في مسلسل "همي همك"، اللذين تعرضا للمطاردة والاعتقال قبل ان يتم الافراج عنهما لاحقا بوساطات قبلية. وأضطر الأخير إلى ترك أسرته التي فارقها وغادر الوطن مكرهاً، خوفا من اعتقاله مرة أخرى.

وبحسب مصادر خاصة، لـ"يمن شباب نت"، قامت الميليشيات، منذ سيطرتها على المحافظة، بجمع بيانات الصحفيين والاعلاميين المناوئين لها، ووزعت اسمائهم على النقاط الامنية لحجزهم اثناء محاولتهم مغادرة المحافظة، الأمر الذي دفع بغالبيتهم إلى المغادرة متسللين خوفاً من بطشهم.

الحطامي.. خارج عن السيطرة بثمن باهض

"عبدالحفيظ الحطامي"، أحد الصحفيين البارزين في الحديدة، تعرض لتهديدات ومطاردات من قبل ميليشيات الحوثي والمخلوع صالح، بما في ذلك التهديد بالتصفية الجسدية، وملاحقات متكررة ومضايقات له ولأسرته. لكنه تمكن من الفرار منهم بأعجوبة، ومواصلة عمله الصحفي بالخفاء لكشف جرائمهم الفضيعة ضد أبناء محافظته. ولاحقا مع زيادة نشاطه الصحفي والاقبال عليه من المتابعين، أضطر إلى مغادرة المحافظة لمواصلة العمل من خارجها، لكنه ما يزال مطاردا حتى الأن.

ويحكي الحطامي لـ"يمن شباب نت" بعض تفاصيل قصته المأساوية تلك مع ميليشيات الانقلاب، والتي بدأت مع بداية سيطرتها على المحافظة في أكتوبر 2014.

يقول: إنه اضطر إلى أن ينتقل من منزله مع افراد اسرته إلى مكان آخر داخل مدينة الحديدة بعد أن تعرفوا على مكان تواجده عبر متحوثين في المنطقة، واستمروا بالبحث عنه بسبب تقاريره التي تعري جرائمهم بحق الانسانية التي ينشرها عبر "قناة سهيل" التي كان يعمل مراسلا لها بالحديدة، إلى جانب المداخلات المختلفة عبر قنوات محلية وعربية.

وعلى الرغم من كل ذلك، يتابع: "حاولت أن أكثف تغطيتي لهذه الجرائم التي تقوم بها الميليشيات وأن نوصل أصواتنا إلى مختلف شرائح المجتمع خصوصاً الأرياف، وذلك عبر صفحات التواصل الاجتماعي المختلفة، حيث فتحت لي حسابات ومجموعات في "الواتس آب"، و"الفيس بوك" و"التلغرام"، وعملت على ضخ الأخبار المختلفة اليها، وقد حظيت بمتابعة كبيرة".

ويضيف: "ولذلك زاد غيظهم المشؤوم، وزادت تهديداتهم، فاضطررت مجبرا أن اغادر الحديدة إلى مكان آمن، خوفاً على حياتي وحياة أطفالي، وحتى أتمكن ايضاً من مواصلة مشواري الصحفي الذي انتهجه من منطلق المهنية وايماناً مني بأن أكون صوت المظلومين".

ويؤكد الحطامي أنه دفع ثمن ذلك باهضا، ليس فقط بالتنقل والتشرد مع أسرته من مكان إلى آخر، بداية داخل المحافظة، وأخرها النزوح خارجها، بل وأيضا كان ذلك القلق النفسي الذي ظل يرافقه له وأسرته وأطفاله جراء التهديدات والخوف من الاختطاف والتصفية.

ويختتم بالقول: "نعم، لقد دفعت كلفه ذلك الكثير، ربما كان أقلها ايقاف راتبي الوظيفي".

"الجناني".. مطلوب لـ"أبو خرشفة"

الصحفي "بسيم الجناني"، رئيس تحرير موقع "الحديدة نت"، هو الأخر من الصحفيين القليلين الذين واصلوا عملهم الصحفي رغم ما تعرضه من ملاحقات وتهديدات وصلت لحد التهديد بالقتل.

يبدأ الجناني قصته لـ"يمن شباب نت"، بالحديث عن الدور الصحفي الذي كان يقوم به عبر موقعه "الحديدة نت"، والأهمية التي كان يقدمها لكشف الحقيقة، في ظل سيطرة الميليشيات الانقلابية على المحافظة، ومن ثم الصعوبات التي واجهها أثناء عمله، وما تعرض له بسبب هذه المهنة.

 يقول: "كان موقع "الحديدة نت"، الذي أعمل فيه رئيسا للتحرير، هو الوحيد في محافظة الحديدة الذي يفضح ويكشف جرائمهم وانتهاكاتهم بحق الإنسانية، منذ بداية سيطرتهم على المحافظة".

لذلك أول ما بدأت الميليشيات به، هو "حجب الموقع، عبر وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات، التي تسيطر عليها الميليشيات".

لكنهم، يضيف الجناني: "لم يكتفوا بذلك فقاموا بملاحقتي وهددوني أكثر من مرة عبر رسائل ماسنجر".

ويتابع: "لكني، لم ارضخ لتلك التهديدات التي وصلت إلى حد التهديد بالقتل، وتمكنت من الفرار والعثور على مكان آمن خارج المحافظة، لمواصلة العمل منه".

ويؤكد الصحفي الجناني أن الميليشيات التي تسيطر على المحافظة "قامت بتوزيع معلومات عني في النقاط، ولكن بفضل الله لم يجدوني حتى اللحظة، وقد أخفيت مكان تواجدي عن أقرب الناس لي، خوفاً من ايجاد مكاني".

ويكشف: "لا يزال الكثير من الزملاء يتم استدعائهم من لحظة واخرى من قبل مشرف الحوثيين في المحافظة المدعو "أبو خرفشه" ويسألهم عن أماكن تواجدي، حتى اضطر البعض منهم ان يحذفني من مجموعات التواصل الاجتماعي الخاصة بهم حتى لا يتهموا بأنهم على تواصل معي".

ويختتم الجناني حكاية بعض من تفاصيل حياته مع الميليشيات بالتأكيد على أن "اللجوء إلى ملاحقة الصحفيين وتهديدهم وتنفيذ حملات بحقهم لتكميم افواههم، ما هي إلا دليل جبنهم وضعفهم".

ومثل الحديدة، تستمر محنة الصحفيين والإعلاميين، في مختف المحافظات الأخرى التي تسيطر عليها الميليشيات الانقلابية، في صنعاء وحجة والمحويت وذمار وإب، بالطريقة ذاتها، وربما أبشع أحيانا، كنتيجة للتوجه الذي اختطته باعتبار مهنة الصحافة المعارضة لهم على سياساتهم القائمة على العنف والسلاح وتوجهاتهم الانقلابية، "جريمة وأشد خطرا من المقاتلين"، وقد وصل هذا الاستهداف الممنهج حد القتل والاحتجاز التعسفي واستخدامهم كدروع بشرية والاخفاء القسري ووقف الرواتب والطرد من العمل.

 

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر