تجزئة الجغرافيا اليمنية


منذر فؤاد

 غرّد وزير النقل في الحكومة الشرعية صالح الجبواني عن قرب عودة الحكومة إلى عتق عاصمة محافظة شبوة لممارسة عملها حتى تحرير عدن ثم صنعاء، بينما كان الحوثيون يعدون السعودية بوقف استهدافها إن وافقت هي على وقف استهدافهم، وهذه مقارنة بسيطة تعكس مدى قوة الموقف الحوثي المتكئ على طهران في مقابل الوهن الذي أصاب مفاصل الحكومة الشرعية بفعل السياسة السعودية في اليمن.
 
تغريدة الوزير الجبواني، أكدت ما كان متداولا من أنباء حول مبادرة سعودية تبقي عدن وأبين ولحج والساحل الغربي تحت سيطرة ميليشيات الحزام الموالية لأبو ظبي، وحصر نفوذ الحكومة في بقية المناطق المحررة مع وعود بتشغيل القطاع النفطي الذي عطلته الامارات لأربع سنوات، ومن المؤكد أن السعودية سيكون لها اليد الطولى في إدارة مناطق الحكومة مثلما للامارات اليد الطولى في عدن ولحج والساحل الغربي. أما الحوثي التابع لإيران فينعم بهذه المكاسب التي ما كان لها أن تتحقق لولا الغباء والتآمر الخليجي على اليمن.
 
أمام هذه الجغرافيا المشتتة، والمقسمة ضمن نفوذ إيران والسعودية والامارات، تذهب أهداف التحالف التي جاء لأجلها في مهب الريح، وهذا يعني تحول الخارطة العسكرية من صراع بين سلطة شرعية وانقلاب حوثي، إلى صراع متعدد الأطراف ومتضارب المصالح والأهداف، وما يتبع ذلك من تعدد في الولاءات والانحراف عن المعركة الرئيسة مع العصابة الحوثية.
 
قال خصروف الحقيقة دون مواربة، عندما تحدث عن وجود حالة عدم ثقة من قبل تحالف دعم الشرعية لدرجة أن التحالف لايأتمن الجيش على الأسلحة الثقيلة في حين تزود إيران أذنابها بالصواريخ البالستية والطائرات المسيّرة. وهذه الحقيقة يعرفها الجميع لكن ثمة مصادرة للقرار السياسي تهدف لمنع أي موقف رسمي من الصدح بالحقيقة، ولذا كان لزاما أن يصدر قرار إقالة خصروف واستبداله بآخر، ضمن سياسة ممنهجة لإفراغ الصوت الوطني واستبداله بآخر قابل للسكوت والتبعية!
 
في حال قبلت الحكومة بالمبادرة السعودية لتجزئة الجغرافيا- وهو ما يظهر من خلال تغريدة الجبواني- فإن علامات استفهام كبرى تحيط بمستقبل مدينة كتعز، عندما تصبح معزولة عن مناطق سيطرة الحكومة بشكل كلي، ويتقاسم الحوثيون أذناب إيران والميليشيات التابعة للإمارات السيطرة على محيطها. ومن يدري لربما تشهد المدينة في قادم الأيام حصارا إماراتيا لا يفك إلا برضوخ المدينة للمشروع الاماراتي.
 
تجزئة الجغرافيا اليمنية بهذا الشكل القميء، وتقسيمها إلى مناطق نفوذ، وربما تجزئتها لاحقا إلى دويلات، لن يجعل السعودية بمعزل عن هذا السيناريو، وهي التي يحيط بها النفوذ الإيراني من ثلاث جهات، ويمتلك رصيدا سكانيا في منطقتها الشرقية يمكن تحريكه في أي لحظة، ودفع السعودية أو اندفاعها إلى تجزئة اليمن لن يكون إلا مقدمة لتقسيم بلاد الحرمين، كهدف استراتيجي لقوى غربية وأخرى شرقية من بينها" إيران".
 

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر