خلال الأسبوع الماضي، كرر وزير الداخلية الميسري تصريحاته حول ضرورة تصحيح العلاقة بين الشرعية والتحالف، مؤكدا أن الشراكة مع التحالف أساسها تحرير اليمن من سيطرة الحوثيين، وليس إدارة المناطق المحررة.
 
تصريحات المسؤولين اليمنيين المتكررة عن ضرورة تصحيح العلاقة بين الشرعية والتحالف، تطرح أسئلة مهمة حول مدى جدية التحالف العسكري في حسم المعركة اليمنية، خاصة في ظل انحراف بوصلة التحالف عن تحرير ماتبقى إلى احتلال ما تم تحريره.
 
أطماع التحالف العسكري في اليمن، أضحت واضحة لاتخطئها العين، لدرجة أن المواطن البسيط الذي لايفقه في أمور السياسة بات يدرك حقيقة الدور الإستعماري السعودي الإماراتي في اليمن، وكيف أصبحت شماعة الإنقلاب الحوثي تستخدم للتغطية على الإنقلاب الإنفصالي والممارسات القذرة في المناطق المحررة.
 
على قدم وساق، سعت الإمارات لفرض سيطرتها على المنشآت الحيوية وأنشأت قواعدها العسكرية وشكّلت ميليشيات مسلحة أصبغت عليها التسميات المناطقية، لغرض حماية أطماعها بأدوات محلية، وبينما يظهر الصراع على أنه صراع نفوذ بين مكونات اليمنية، تكون الإمارات قد قطعت أشواطا كبيرة في تجزئة التركيبة الجغرافية والإجتماعية مما يسهل عليها وضع ثقلها بشكل آمن في أي بقعة تريدها.
 
لم يعد إنهاء الانقلاب الحوثي يشكل أولوية للتحالف العسكري، ولعل التقدم الحوثي وسيطرته على مناطق كان قد طرد منها في 2015، يظهر كيف يحاول التحالف صرف أنظار المواطنين عن ممارساته العبثية، وتحويلها إلى الخطر الحوثي المحدق بهم، وبينما ينشغل الناس بالخطر الحوثي يواصل التحالف خطواته التوسعية في أكثر من مكان.
 
يستخدم التحالف أدواته المحلية لمجابهة السلطة الشرعية كلما دعت الحاجة لذلك، وخلال الأسبوع الماضي منعت قوات الحزام الموالية للإمارات ألوية الحماية الرئاسية من قتال الحوثيين في جبهات الضالع، وخاضت معها اشتباكات اضطرتها للعودة مجددا إلى عدن.
 
في ذات الأسبوع، أنزلت الإمارات 100 جندي انفصالي في جزيرة سقطرى في أحدث خطوة إماراتية لمواجهة الشرعية في جزيرة مسالمة أدخلتها الإمارات ضمن المعادلة العسكرية للتحالف، فيما تحاول السعودية إدخال المهرة إلى هذه المعادلة عبر استنساخ التجربة الإماراتية في تشكيل قوات محلية موالية لخدمة أجندتها في المنطقة وأهمها مد أنبوب نفطي إلى البحر والسيطرة على موانئ المهرة.
 
سياسة التحالف الحالية والتي تعمد إلى اعتبار العلاقة مع الشرعية بأنها بين تابع ومتبوع، وتستخدم أدوات محلية في لي ذراع السلطة الشرعية المتهالكة ولتحقيق أهداف التحالف التوسعية يؤكد أن التحالف تحول إلى قوة استعمارية لا قوة مساندة لتطلعات اليمنيين في استعادة مؤسسات الدولة والقضاء على الانقلاب الحوثي.
 
وإذا أضفنا إلى ما سبق غياب عمليات التحالف العسكري عن استهداف آليات وقوات الحوثيين وتركها تتحرك بحرية في أكثر من مناسبة، وحضور هذه العمليات في استهداف الجيش الوطني كلما حاول التقدم في جبهات معينة دون إذن التحالف، يؤكد عدم جدية التحالف في حسم المعركة ورغبته في إطالة أمدها إرضاءً لنزوات ورغبات أسياده في واشنطن.
 
وإذا كانت الشرعية لا تملك قرارها كغيرها من النظم الوظيفية العربية، فإن التحالف هو الآخر لا يملك قراره فيما يخص المسألة اليمنية إلا بعد موافقة الولايات المتحدة، وهذا بالطبع لا يعفي التحالف من المسؤولية التاريخية والأخلاقية لأنه يملك القدرات والإمكانيات اللازمة لحسم المعركة اليمنية لو أراد، ولكنه يفضل الرضوخ والانصياع لأوامر واشنطن ويحاول التوفيق بين رغبات القوى الدولية في إطالة أمد الحرب ورغباته في الاستعمار والسيطرة.
 
السلطة الشرعية اليوم يقع على عاتقها تحرير نفسها أولا من هيمنة التحالف والقوى الغربية، واستعادة القرار المختطف، وثم التصدي للعبث الذي يمارسه التحالف وإن تطلب الموقف إلغاء دوره والبحث عن حليف مناسب، بدلا من السير في نفق مظلم لا نهاية له.
 

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر