رغبة الحياة بالممكن


فكرية شحرة

لم أكن لأصدق أن هناك على امتداد الوطن العربي من ما يزال يفكر في الانتحار لأنه يعاني قصة حب فاشلة!!

ربما هناك شخص يمني يمكنه أن يفكر بذلك فقط لأننا نعيش قصة حرب فاشلة.

المحظوظون قليلون جدا حتى يفكروا بالموت حباً!! قليلون وحالفهم الحظ في رغد التعاسة.

ربما لأنهم غير مبالين بأحزان أوطانهم وشعوبهم المنكوبة وهذا يعني أنهم غير جيدين وفارغين بما يكفي كي نبادلهم حبهم بالضغينة والحسد.

الواقع يقول هذا وحتى التراث الشعبي مليء بالأمثال والحكم والقصص التي تؤيد فكرتي بأن الجيدين والرائعين حظهم هو الأسوأ في الحياة.

شيء من لعنة الحظ تطاردهم في جانب من حياتهم وربما كل جوانبها وإلا فلنقل الجانب المؤثر في مسيرة حياتهم كالحب؛ فقد أحبوا فكرة. فكرة عجزوا عن تجسيدها كالوطن مثلاً.

إنهم يفتقدون عنصر الحظ السعيد. هكذا باختصار.

الحياة مشرقة لأولئك الذين يرتدون أقنعتهم كما يرتدي الاطفال أحذيتهم الجميلة والمحببة.

يعكسون التوجه كالأشرعة بلا أي جهد؛ حتى الرياح اللعينة تواكبهم.
 
أما أولئك الذين يدركون إشارات غرق الأوطان فيما الناس لاهية خلف معيشتها؛ يصرخون محذرين فلا يسمعهم أحد؛ يختنقون وجعا مع كل موجة شر تحيط به؛ يدفعون الكيد بأقلامهم؛ بأصواتهم؛ بدعائهم؛ بدمائهم. يكونون أول الضحايا ولا بواكي عليهم.
 
أن تكون شخص جيداً فهذا يعني أنك ستحصل على حياة تعيسة؛ وكلما كنت جيدا نقيا ستكون أكثر تعبا وشقاء في الحياة.
 
حتى المحاولات لخلق حياة جيدة ستنتهي بكارثة جيدة جدا؛ الملاعين والأوغاد فقط أمورهم طيبة وسالكة في كل حال.
 
لا تصدق تلك الهرطقات عن السير مستقيما ليحتار عدوك فيك؛ نعم ستنتابه الحيرة فعلا لكن من كمية سذاجتك في التعامل بمثالية في حياة كل خطوطها ملتوية وشيطانية.
 
الأنقياء ملوثون بكمية هائلة من حسن النية لا تنفع في زمن اللؤم والحقارة.
 
كلما لاح لك منعطف في حياتك كالضوء تهيأه وهمك شمس ساطعة.
 
لكنه يستحيل إلى حفرة قاتمة تعثرك لتنكفئ على وجهك تلوم سذاجتك؛ لا شيء صادق في طريق ملتوي ورفقة بألف وجه سوى هذا العدو الذي يتربص بأنفاسك بكل إصرار وثبات.
 
يتلاشى عمرك وأنت في شك هل كان سبيلك هو الطريق الصحيح أم أساليبك هي الخطأ؟

ولم يعد في العمر متسع للبحث عن بداية جديدة وصحيحة؛ تستحق المجازفة والتضحية!!

فإذا كنت تشعر أنك محطم وموجوع القلب لأن لديك مشاكل عاطفية؟
 
دعني أبصق في وجهك إذا بهذه الاوجاع الحقيقية.
 
هل شاهدت تلك السيدة المسنة التي تبكي ولدها المعتقل منذ أربع سنوات تشكو يتم أطفاله الموجع؟ هل سمعت عرضها العجيب في المحكمة. أتركوا أبني وسأكنس لكم؟
 
هل تعرف شعور فاقد الصحة والعافية بمرض فتاك أو حادث محطم فعلا؟
 
أنه الشخص الوحيد الذي يمكن أن يعطي أي شي مقابل العافية؛ ماله وعاطفته وسمعه وطاعته.
 
هل مررت بتجربة رؤية أطفالك يتضورون جوعا ولا تحمل لهم إلا العجز؟

هناك أوجاع تجعلك تحتقر نفسك فعلا مهما كنت متوجعا.
 
لا يمكنني أن أعدد كل الأوجاع التي تحتمل رفاهية الانتحار!! فنحن نريد الحياة.
 
نحتاج أن نعيش بالممكن المتاح؛ مع كل الوجع المحيط بنا؛ مع كل محظورات العيش التي تجابهنا؛ نريد أن نعيش حتى وهّما أننا سعداء ما دمنا عاجزين عن انتزاع سعادتنا.

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر