إحتفال اليمنيون في ذكرى سبتمبر إستفتاء شعبي مفتوح على رفض مشروع الحوثي وصالح

 

كما لم يحتفل اليمنيون في ذكرى ثورتهم من قبل، بدت مظاهر الفرحة التي يرسمها شباب اليمن في ذكرى ثورة الــ 26 سبتمبر المجيدة في ذكراها الرابعة والخمسون أكثر من أي وقت مضى، لا لشي، سوى أنهم باتوا يدركون الخطر الذي بات يتربص بجمهوريتهم، بعد أن أجهز عليها الإماميون الجدد، حين أقتحموا العاصمة وأسقطوها بقوة السلاح في الـ 21 من سبتمبر المشئوم، قبل عامين من اليوم.

 

وها هي اليوم، تحل علينا الذكرى الرابعة والخمسون لثورة الــ 26 سبتمبر، واليمن تعيش غليانا متفجرا، ومقاومة شعبية كتلك التي تفجرت صبيحة يوم الخميس في صنعاء عام 1962م لتعلن انتهاء عهد الامامة البائد وبداية عهد الشعب، ولتؤكد حيوية الشعب اليمني ورفضه للظلم والاستعباد والطغيان والفردية وتطلعه نحو الكرامة والحرية والعدالة، وإن تعرض يوما للظلم إلا أنه حي لا يموت.

 

لم يكن الشعب اليمني، وخصوصا من جيل الشباب، ليدركوا الإمامة وخطرها، ولم يتعرفوا على بعض من جرائمها سوى ما تلقوه في المناهج الدراسية، والذي كان نزرا يسيرا مما كان يتم على أرض الواقع، إلا أن ما قامت به مليشيا الحوثي وصالح بالشعب اليمني منذ اسقاط العاصمة وما قبلها، نقلت لنا الصورة الكاملة عن معاناة شعبنا اليمني الذي رزح تحت حكم الإمامة لنحو الف عام أو يزيدون، إذ كان 26 سبتمبر يحكي لنا عن طغيانهم وكهنوتهم وظلمهم عن طريق الكتب، فجاء 21 سبتمبر فأرانا طغيانهم وكهنوتهم وظلمهم أمام أعيننا" حد تعبير الناشظ محمد البيضاني.

 

ها هم شباب اليمن يحتفون في ذكرى ثورة الـ 26 من سبتمبر المجيدة، وهم يحثون الخطى جاهدين على إعادة تحقيق أهداف ثورتهم المغدورة، والتي كان الإماميون المتوشحون رداء الجمهورية قد عملوا على مجرد بقاءها شعارا، يُحتفى بها كل عام في ذكراها فحسب، ولذا فقد كان إحتفاؤهم في ذكرى سبتمبر هذا العام، ذات معنى أخر، ظهر جليا من خلال كتابات الناشطين والاعلاميين والصحفيين في مختلف وسائل الإعلام وفي شتى وسائل التواصل الاجتماعي، حتى عبر أحدهم بالقول "لم اجد احتفاء بالذكرى السنوية لثورة ?? سبتمبر كما الحال في هذه الذكرى، انبعاث حيّ لروحها، يبدو كيوم مقدس انعكاس لرفض ومقت الكهنوتية الحوثية"

 

على مدى 32 عاما كان يوم الــ 26 من سبتمبر مجرد ذكرى عابرة، لا يأبه له، ولا يدرك عظمته إلا نزرا يسيرا ممن كان يعرف فضلها وأهميتها الكبيرة، إذ بدت مع مرور الأيام وتوالي السنوات، مجرد إحتفالا هامشيا تبثه القناة الأرضية الأولى، وكان سبتمبر مجرد أغنية يظهر في خلفيتها علي عبدالله صالح، وصار اليوم سبتمبر كما يراه الناشط يونس العرومي "عيدا في قلب كل يمني، وحلما في الأفئدة" ووصفها أحد الشباب بأنها كلمة التوحيد لليمن، فقال "من قال تحيا الجمهورية اليمنية مخلصا بها من قلبه دخل الجنة، لأن البعض يقولها نفاقا ومكايدة سياسية فقط" وبرر الدكتور عبداللطيف غلاب ذلك بالقول "لآنها كلمة التوحيد لليمن مثل كلمة التوحيد لا إله إلا الله من قالها دخل الجنة"

 

وفي خضم إحتفالاتهم في ذكرى سبتمبر المجيد، لم ينسى شباب اليمن، أن يثنوا على المليشيا الانقلابية، الذين بعثت فيهم حب الجمهورية من جديد، من خلال أساليبهم التدميرية التي ألحقوها باليمن أرضا وإنسانا، كما لم يكونوا يعرفوا ذلك من قبل، حتى تحولت شعلة الجمهورية التي كانت توقد في ميدان التحرير كل عام، الى شعلة يوقدها اليمنيون في قلوبهم وأفئدتهم.

 

إن عظمة سبتمبر يكمن في أهدافه النبيلة، ومشروعه العظيم الذي أنتقلنا بموجبه من حكم الفرد الى حكم الشعب، ومن حكم السلالة والطائفة الى حكم الشعب بعيدا عن انتماءاته وسلالته، ولذا فقد تنبه اليمنيون لهذا اليوم الذي تترصده المخاطر من كل جانب، وعبروا عن إحتفالهم بهذا اليوم الخالد، حيث مثَل هذا الاحتفال الشعبي الكبير غير المسبوق إستفتاءا شعبيا مفتوحا على رفض اليمنيون للمشروع الطائفي الذي يحاول الحوثي - صالح فرضه على اليمن بعد انقلاب 21 سبتمبر 2014 حد تعبير الكاتب الصحفي حسين الوادعي.

 

مقاومة الأمس واليوم

 

لعل من حسن الطالع أن يأتي إحتفال شعبنا اليمني بهذا المناسبة، وأبطال الجيش الوطني والمقاومة الشعبية يسطرون ملاحم أسطورية في مواجهة مشروع الحوثي وصالح الإماميون الجدد، والذين يستمدون من عظمة أبائهم الذين قادوا الثورة ضد مشروع الإمامة والكهنوت في 62، ما يمدهم به من طاقة وعزم على مواصلة السير على نهجهم حتى تحقيق أهداف ثورة سبتمبر العظيمة، وتحويلها من مجرد ذكرى يحتفى بها في كل عام الى واقع ملموس.

 

ولو عدنا قليلا بالذاكرة الى الوراء، وتحديدا إلى ما قبل ثورة الـ 26 من سبتمبر وما قام به الأحرار من ثورات ومحاولات للتخلص من الحكم الإمامي، رغم فشل بعضها كثورة 1948 أو ما عرف حينها بثورة الدستور، وكذا 1957م، إلا أنها مثلت محطات فارقة في السير بخطى ثابته حتى إكتمال مشروع الثورة الذي أنجز بشكل نهائي صبيحة يوم الخميس 26 من سبتمبر، إذ لم ييأس الأحرار في مواصلة مشروع الثورة الذي وأد مرتين، ولم يستسلموا بل واصلوا السير حتى تحقق هدفهم الكبير في سبتمبر 62، الذي مثل انتقال اليمن من ظلمة الجهل الى نور العلم، ومن حكم الفرد والأسرة والعائلة الى حكم الشعب، ومن ظلمة العبودية الى نور الحرية واشراقاتها المتعددة.

 

وقد يتوافق ربما هذا الأمر أو يتطابق مع ثورة الـ 11 من فبراير 2011 التي وأدت في مهدها، ووقفت قوى الثورة المضادة بحدها وحديدها للحيلولة دون إكمال أهدافها، لكنها كانت العين الثاقبة التي نظر من خلالها اليمنيون الى مكامن الخطر الذي يهدد الجمهورية، فأنبثقت المقاومة الشعبية في كل أرجاء اليمن إنتصارا لقيم الثورة والجمهورية السبتمبرية الخالدة

 

وفي الأخير هل لنا أن نتسائل هل سبتمبر 2016م هو ذاته سبتمبر الستينات والسبعينات؟ هل سنتجاوز موروثات العهد الامامي البائد من الاوضاع السيئة بكل اشكالها من محسوبية وانتهازية واستباحة للدماء واحتكار للسلطة وإقصاء للشعب؟ ربما والأيام القادمة ستجيب على هذا السؤال.

 

 

 

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر