سائقو شاحنات النقل الدولي يخرجون عن صمتهم في صنعاء ويستعدون للتصعيد..لماذا؟


كشف رئيس نقابة سائقي شاحنات النقل الدولي عن بعض التفاصيل لما يتعرضون له من ابتزاز ونهب، منظم وغير منظم، من قبل النقاط الأمنية التابعة للميليشيات الانقلابية بصنعاء تصل إلى مئات الألاف بدون أي وجه أو سند قانوني، بضمن ذلك فرض رسوم بمسميات جديدة لاقانونية، بعضها تتم من قبل موظفي الجمارك.

واستفحلت ظاهرة الابتزاز المالي التي تتعرض لها شاحنات النقل الدولي من قبل النقاط الأمنية التابعة للميليشيات الحوثية، إلى درجة فرض جمارك إضافية أخرى غير قانونية على الشاحنات وكذا إضافة رسوم بمسميات جديدة وبدون سندات رسمية. لكن هذه الحوادث لم تظهر للعلن، بعكس ما حدث لمثلها في الجانب الأخر في منفذ الوديعة.

ومؤخرا، بعد تزايد تلك التعسفات، لم يجد سائقي شاحنات النقل الدولي من خيار أخر أمامهم سوى المغامرة والخروج للعلن وكشف عمليات الابتزاز التي يتعرضون لها من بداية دخول شاحناتهم مناطق سيطرة الميليشيات الانقلابية وحتى وصولها إلى المخازن التجارية.

 والسبت الماضي، الموافق 17 سبتمبر، عقدت نقابة سائقي شاحنات النقل الدولي "اللقاء التشاوري الأول" لأعضاء النقابة من أجل مناقشة المشاكل والقضايا التي تواجههم، تحت شعار "معا من أجل حماية سائقي شاحنات النقل الدولي".

وصدر عن هذا اللقاء بيانا ختاميا، من صفحتين، حصل "يمن شباب نت" على نسخة منه، اتهمت فيه النقابة النقاط الأمنية وموظفي الجمارك في صنعاء (الخاضعة للانقلابين الحوثيين) بارتكاب تعسفات بحق سائقي الشاحنات، منها عدم الاعتراف بالبيان الجمركي التابع لمنفذ الوديعة، وإجبار السائقين على دفع مبالغ مالية كبيرة غير قانونية ودون أي مبرر.

 من 60 إلى 150 ألف ريال..والفارق "الخوف من الله"

 لم يحدد أو يكشف بيان النقابة حجم ومقدار المبالغ المالية التي يتم أخذها من سائقي الشاحنات من قبل النقاط الخاضعة لسيطرة الانقلابين الحوثيين وصالح، إلا أن رئيس النقابة منصور الصرابي كشف لـ"يمن شباب نت" عن ابتزاز بمئات الآلاف يتعرض له سائقي الشاحنات في النقاط الأمنية بصنعاء.

 وكشف الصرابي لـ"يمن شباب نت" بعض التفاصيل، قائلا: "إذا كان هناك في نقاط المناوبين من يخافون الله، يصل ما يدفعه السائق لهم إلى حدود 60 ألف ريال، أما إذا كان المناوبين ما يخافوا الله، يصل المبلغ إلى 150 ألف ريال للشاحنة الواحدة"..!

وفي حين ينوه رئيس النقابة إلى أنه لا يتهم كل العساكر "وإنما الذين لهم ارتباط بالجمارك"، يضيف موضحا أن سائقي الشاحنات "يتم إجبارهم على دفع رسوم الجمارك مرتين: الأولى في المنفذ الدولي في الوديعة، والثانية عند دخول العاصمة". "وكأنهم مش معترفين بالبيان الجمركي من منفذ الوديعة". يقول الصرابي باستنكار.

 تفتيش وتلف بضائع ورسوم تحسين ورسوم للداخلية وغيرها

 وبحسب رئيس النقابة أيضا: لا تكتفي نقاط الحوثيين بإرغام سائقي الشاحنات على دفع مبالغ مالية قد تصل إلى 10 آلاف ريال في كل نقطة، بل يتم توقيف الشاحنات وتفتيشها في كل حاجز أمني، ما يتسبب – أحيانا - في تلف كثير من البضائع، الأمر الذي يعرض التجار لخسائر فادحة.

 ويشرح الصرابي ما يحدث لسائقي الشاحنات، بشكل موجز: "ونحن خارجون من السعودية ندخل الجمارك ويتم تفتيشنا وندفع الرسوم المطلوبة..ثم ندخل على البيضاء - وهي طريق نقيل ترابي – وعند وصولنا مداخل صنعاء يقابلونا العساكر ويتم تفتيشنا في كل نقطة، ويشتوا فلوس أو يتم إدخال الشاحنة جمارك صنعاء إذا لم يتم الدفع".

 ويتابع، في حديثه لـ"يمن شباب نت": "الذي يوصل جمارك صنعاء، يقولوا له إنهم ما يعترفوا بالبيان الجمركي الذي نأخذه من الوديعة، ويقوموا بالتفتيش، ويطلعوا فارق يقولوا إن منفذ الوديعة ما جمركها..فهل سمعت عن هذا في أي مكان؟!".

 ليس هذا فحسب، بل يتم إرغام سائقي شاحنات النقل الدولي على دفع رسوم أخرى وتحت مسميات مختلفة، منها - بحسب الصرابي: "مبالغ تحسين محافظة صنعاء، ومبالغ تحسين أمانة العاصمة، وأيضا رسوم أخرى للداخلية ورسوم... وغيرها".

المسكوت عنه في الجهة الأخرى

 في الواقع لا تقتصر عمليات الابتزاز التي يتعرض لها سائقو شاحنات النقل الدولي، على المساحات الواقعة تحت سيطرة الانقلابين فقط، بل قد يتشابه الأمر – إلى حد ما – مع ما يتعرضون له أيضا من عمليات ابتزاز في المناطق الخاضعة لسيطرة قوات الحكومة الشرعية. وهو ما أشار إليه البيان الختامي للقاء التشاوري لنقابة سائقي شاحنات النقل الدولي، حين إعراب المشاركون، في مقدمته، عن استيائهم الشديد لما يتعرضون له "من تعسفات وانتهاكات غير قانونية من قبل موظفي منفذ الوديعة وبعض النقاط الأمنية ومصلحة الجمارك في صنعاء وبعض مداخل المحافظات اليمنية".

 إلا أن ثمة فارق بين ما يحدث تعسفات وانتهاكات في الوديعة وما يحدث في صنعاء. فالأولى يتم تناولها وانتقادها على نطاق واسع من قبل وسائل الإعلام في الجانبين، بما في ذلك وسائل الإعلام الخاضعة لسيطرة الشرعية، حتى على الرغم أنه أقل بكثير مما يحدث في مناطق سيطرة الانقلابين، بل يكاد "لا يساوي شيئا" بالمقارنة، طبقا لبعض السائقين.

 وعن أسباب هذا الفارق الحاصل في التناول الإعلامي، يؤكد سائقون حضروا اللقاء التشاوري الأخير للنقابة بصنعاء السبت الماضي، لمراسل "يمن شباب نت": أنهم "يضطرون للسكوت عما يتعرضون له من ابتزاز من قبل الحوثيون، خشية تعرضهم للمضايقات، خصوصا وأن عملهم يشرف عليه الحوثيون بشكل كبير"، حيث يعمل ويقطن معظم السائقون.

ما الخطوة التالية؟

 منذ سيطرتها على العاصمة صنعاء، في سبتمبر 2014، حرصت ميليشيات الانقلاب التابعة للحوثي وصالح، مستخدمة القوة وكل الأساليب الأخرى، على محاصرة وسائل الإعلام واعتقال ومضايقة الصحفيين وأوقفوا عشرات الصحف والمواقع الإلكترونية والقنوات التلفزيونية، كما أوقفوا نشاط المنظمات المدنية والنقابات، بهدف تغييب ممارساتهم وانتهاكاتهم في صنعاء والمحافظات الخاضعة لهم. وبالقوة والعنف والمطاردات والاعتقالات، يمنعون كل من يحاول التعبير عن رأيه، أو يحاول انتقاد ممارساتهم وانتهاكاتهم وفسادهم.

إذا، برغم ذلك، خرج سائقو الشاحنات ونقابتهم عن صمتهم الطويل، أخيرا، في مغامرة قد تكلفهم الكثير لاحقا، وخصوصا في حال عدم التجاوب معهم من قبل المسئولين بردع وإيقاف تلك التعسفات اللاقانونية.

وقال مسئولون في النقابة لـ"يمن شباب نت"، بدون ذكر أسمائهم، أن قرار الخروج العلني باسم النقابة لكشف ما يحدث لهم من ابتزاز غير مشروع، جاء بعد استفحال التعسفات لدرجة لم يعد من الممكن السكوت عنها أكثر. واعتبروا اللقاء التشاوري والبيان الختامي الصادر عنه، محاولة منهم للضغط على أولئك المسئولين الذين – يعتقدون – أنه ما يزال لديهم ضمير، لإيقاف هذه التعسفات اللاقانونية التي تكبدهم خسائر مالية كبيرة.

ويبقى السؤال الأهم الأن: ما التالي إذا فشلت هذه الخطوة؟

يجيب رئيس النقابة الصرابي: "انهم سيضطرون للتصعيد بكافة الوسائل السلمية والمشروعة حتى يتم رفع الظلم عنهم".

 وناشد كل من لهم علاقة في صنعاء أن يعملوا على كف الابتزاز الذي يتعرض له سائقو الشاحنات الدولية الذين يغامرون بأرواحهم من أجل خدمة الشعب اليمني.

 

statement-of-truck-drivers-in-sanaa-page1statement-of-truck-drivers-in-sanaa-page2

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر