قصة تحرير قرية "الصراري" بصبر في تعز

بعد شهر ونصف، تمكنت قوات الجيش الوطني والمقاومة الشعبية الثلاثاء من دخول قرية الصراري بمديرية صبر الموادم جنوب مدينة تعز وإخراج المسلحين الحوثيين خاصة القادمين من خارجها، وتأمينها، في عملية أمنية نجحت في تحرير أهم معاقل الانقلابيين بالمحافظة.

تتعدد أهمية هذه القرى التي تشكل عزلة لكل طرف في الحرب، فالمقاومة تعتبر تحريرها خطوة لابد منها وقد فعلت أخيرا، بالنظر إلى احتضانها المقاتلين الحوثيين الذين قدم معظمهم من خارجها، فضلا عن أنها تطل على مواقع حررتها المقاومة من المليشيات في وقت سابق أهمها منطقة الشقب والعرمة القريبة من موقع العروس الاستراتيجي المطل على مدينة تعز.

وينظر الحوثيون إليها كمنطقة تماثل صعدة للحاضن المذهبي، على الرغم من قلة السكان الذين دربوهم فيها للقتال معهم ودعموهم بمختلف أنواع الأسلحة وبكميات كبيرة، وظلت طوال السنوات الماضية ملتقى لهم يقيمون فيها طقوسهم وإحياء مناسباتهم المتعددة، حيث تمكنوا في السابق من استقطاب بعض أبناء القرية ممن زعموا أنهم ينتسبون لآل البيت، وقاموا عبرهم بنشر أفكار مذهبهم بالقوة بين بقية أبناء القرية. ومع ذلك إلا أنها ظلت طوال السنوات الماضية تنعم بالسلام طالما ظلوا بعيدا عن السلاح، حتى وقعت المشاكل الأخيرة التي أدت إلى معارك مع بقية القرى المجاورة.

بداية المشكلة

بعد تحرير مديريتي مشرعة وحدنان وصبر الموادم قبل أشهر، فر من تبقي من مقاتلي الحوثي إلى قرية الصراري وانضم إليهم آخرون قدموا من خارج تعز مدعومين بتعزيزات عسكرية كبيرة.

وظل الهدوء سائدا لحين لجأ هؤلاء مؤخرا لقطع الطريق الممتد من مدينة التربة مرورا بمديرية المسراخ ومنطقة الصراري وقرى صبر الموادم وصولا إلى المدينة. وكان هذا الطريق – على رغم وعورته - يمثل شريان الحياة الوحيد الذي تهرب عبره المواد الغذائية لمدينة تعز التي تعاني من حصار خانق تفرضه عليها جماعة الحوثي والمخلوع منذ عام ونصف.

حاولت المقاومة احتواء الوضع سلميا وبدأت قيادات منها بالتواصل مع شخصيات من آل الجنيد لتجنيب المنطقة سيناريو الحرب. في البداية نجحت الجهود في التوصل لاتفاق قضى بإخراج المسلحين الذين قدموا من خارجها وتسليم سلاحهم الثقيل والمتوسط الذي أحضروه معهم، وفتح الطريق الذي قاموا بإغلاقه، لكن الحوثيين رفضوا كعادتهم تنفيذه وماطلوا مع مواصلة استعداداتهم العسكرية للحرب.

 يروي نائب رئيس مجلس تنسيق المقاومة الشيخ عارف جامل لـ"يمن شباب نت" الجهود التي بذلتها المقاومة لاحتواء الوضع سلميا قبل تحرير المنطقة، وكيف تنصل الحوثيون من التزامهم.

يقول جامل: طرحنا على القائمين باللجنة والحوثيين أن ينفذوا الاتفاق المبرم والذي يقضي بفتح الطريق وتسليم الأسلحة الثقيلة وتسليم المقاتلين الغرباء القادمين إلى القرية، لكن دون جدوى من تحقيق الأمر بالسلم، مع استمرارهم في إيصال التعزيزات العسكرية والمقاتلين من خارج المحافظة، والذي زاد منسوبه خلال الأيام الأخيرة بشكل ملفت، الأمر الذي أيقنا معه أن هذه المماطلة لم تكن سوى محاولات للحصول على وقت مناسب لاستكمال تجهيزاتهم العسكرية، وبالتالي كان لا بد من اتخاذ قرار حسم المعركة عسكرياً وهو ما تمكنا من تحقيقه خلال اليومين الماضيين، اضطرارا قبل أن تخرج الأمور عن السيطرة وتتحول المعركة السهلة إلى معركة طاحنة تأكل الأخضر واليابس.

وأشار إلى أن المقاتلين الحوثيين الذين كانوا يقاتلون في معركة المسراخ، تحول معظمهم إلى بعض المناطق هناك، وتمكنوا من التمترس داخل القرية وحصلوا على تعزيزات كبيرة ظلت تصلهم تباعا.

2

التحرير وصداه

كانت المفاوضات قد وصلت إلى طريق مسدود واضطرت المقاومة لفرض حصار على القرية للضغط دون جدوى، حتى اتخذت قرارا بتنفيذ عملية أمنية تقدمها أبناء القرية والقرى المجاورة المتضررين من الانتهاكات والقصف الذي كان يطالهم من داخل القرية، ونجحت هذه العملية في استعادة المنطقة، ولاقت ترحابا من الجميع هناك، بمن فيهم أبناء الصراري الذين تضرروا من تبعات تحويل منازلهم لثكنات عسكرية.

وأكدت مصادر قيادية في المقاومة أنهم تعاملوا بمسؤولية مع من قبضت عليهم من الأسرى، بمن فيهم شخصيات بارزة كان لها دور في جر المنطقة للحرب، إلا أن المقاومة قامت بإسعافهم ومعالجتهم على نفقاتها، وذلك على العكس تماما لما زعمه الحوثيون بوقوع جرائم قتل وإعدام، وهو ما نفته المقاومة.

 واستغربت هذه المصادر من الموقف المتعجل لمكتب الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة بصنعاء، الذي - وفقا لهذه المصادر القيادية في المقاومة - على ما يبدو وقع في الطعم الذي رمته وسائل إعلام الانقلابين، فتسرع – على غير العادة - بإصدار بيانا أعرب فيه عن قلقه من مواجهات الصراري، مع أنها قد حسمت، متجاهلا جرائم الحوثيين بحق أبناء المحافظة منذ عام ونصف.

لجنة الوساطة

القيادي في المقاومة العقيد محمود المحمودي رئيس لجنة التهدئة التي تشكلت في وقت سابق لحل الاشكالية بالطرق السلمية، تحدث في تصريح لموقع "يمن شباب نت" أوضح فيه: إن المواجهات اندلعت بين أفراد المقاومة الشعبية والحوثيين بعد نقض الطرف الآخر للاتفاق الذي وقعه ممثلهم الشيخ عبدالحكيم الجنيد معنا، وتحديدا معي أنا رئيس لجنة التهدئة وقيادة المقاومة في 17 من الشهر الجاري بحضور مشائخ وأعيان قرى صبر.

وقضى الاتفاق بتسليم المقاتلين الأجانب والقادمين من خارج المدينة وتسليم الأسلحة الثقيلة وفتح الطريق المؤدية إلى خارج المدينة. إلا أن العقيد المحمودي أكد نقض آل الجنيد للاتفاق في اليوم الثاني من التوقيع، مضيفا "تفاجئنا بوصول تعزيزات كبيرة للحوثيين من خارج المدينة وقيامهم بحملة شرسة ومهاجمة مواقع المقاومة الشعبية في قرى العرمه والشقب"، مؤكدا قيامهم بإطلاق الصواريخ والقذائف على قرى سكنية ما تسبب بسقوط ضحايا أبرياء.

المحمودي، الذي يرأس المجلس العسكري بصبر أيضا، نفى أن يكون هناك أي شيء من مزاعم وسائل إعلام الحوثيين التي تحدثت عن حصار فرضته المقاومة على قرى متحوثي الصراري.

مواطنون يفندون الاتهامات

الناشط محمد التويجي أحد أبناء صبر بدوره استغرب ضجيج وزعم من يتحدثون عن انتهاكات بحق آل الجنيد الموالين للحوثيين، نافيا حدوث مثل ذلك، في الوقت الذي استنكر فيه التغاضي عما يحصل في تعز بشكل عام من حصار وقصف واستهداف للمدنيين منذ عام ونصف.

وأكد أن الحوثيين والموالين لهم، من أبناء القرية، هم قاموا بإرتكاب انتهاكات بحق المواطنين والسكان، تنوعت  بين تشريد وقمع واعتقالات.

المواطن (ر.أ)، الذي رفض نشر أسمه خوفا على حياته كونه من أبناء المنطقة، تحدث لـ"يمن شباب نت" عن وجود موجة نزوح كبيرة في أوساط السكان في قرى الصراري وما حولها، والذي نزحوا إلى قرى ومناطق أخرى بسبب تعرض قراهم لقصف بصواريخ الكاتيوشا وقذائف المدفعية التي ظلت ميليشيات الحوثي والمخلوع ترسلها إليهم طوال الفترة الماضية من مواقع تمركزها بالحوبان، واستمرت بذلك بعد تحرير قرية الصراري من المقاومة، وبشكل أكثر من السابق.

3

 

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر