"صالح العمودي" بطل جمهوري ارتقى شامخا بعد مسيرة كفاح أسطورية (بورتريه)

[ صور مدمجة للشهيد "العمودي" مع منزلة الذي فجره الحوثيون بعمران ]

في عشيةٍ مشؤومةٍ قبل أربعة أشهر، وصل مسلحون حوثيون منتفخون بزهو القوة والسلاح. قيل إنهم أرادوا اختطاف مواطنٍ ، في بلدةٍ منسيةٍ من محافظة عمران. أطلقوا النار على منزله وبثوا الروع في قلوب النساء والأطفال، فـ استل بندقيته وأرداهم صرعى في ملحمة دفاعية عن النفس.

 

هكذا قال الشهيد "صالح يحيى العموي" وهو يحكي قصته، عن كيف هاجمت ميلشيات الحوثي منزله في مديرية ظليمة بمحافظة عمران، حين أرادت اختطافه من بين عائلته، عنوةً وقهراً في نوفمبر من العام الماضي 2016.

"العمودي" لم يجد بُدّاً من مواجهة القدر الماثل بين يديه، بعد أن أسرف المسلحون الحوثيون في إطلاق الرصاص الحي على منزله، دون أدنى اعتبار لأرواح النساء والأطفال المتكدسون داخل منزلٍ صغير، لا يستطيعون حليةً تنجيهم من وابل الرصاص الحاقد.

 

كبد "العمودي" الحوثيون خسارة فادحة أمام منزلة وألحق بهم الخزي، حيال تلك الشجاعة التي واجههم بها ومرّغتْ غرورهم

أخذ العمودي بندقيته وبرهن أن قوة الحق، فوق حق القوة رأى ذلك كافياً ليردّ على المعتدين الحوثيين بأسهم، وأردى زعيم المجموعة (المشرف) قتيلاً، وبعض مرافقيه، ثم ما لبث أن أفلت من بين أيديهم ناجياً من رصاصتهم .

انتقام الحوثيون

كبد "العمودي"  الحوثيون خسارة فادحة أمام منزلة وألحق بهم الخزي، حيال تلك الشجاعة التي واجههم بها ومرّغتْ غرورهم بالوحل، فقرروا الانتقام منه على طريقتهم المثلى، فقاموا بتفجير منزله (الذي كان يأوى 25 فرداً، من أسرته، جميعهم أطفال ونساء، بينهم نساء اخوته وأولادهنْ) بعد أن نهبوا كل أثاثه، و كل ما يحويه من متاع، أما مزرعته فقد عاثوا بها فساداً، وأخذوها غنيمة معركة طارئة.

 

غادر العمودي إلى مأرب ملتحقاً بصفوف المقاومة الشعبية والجيش الوطني، حيث  يتقاسم مع آلاف المقاومين الأشداء، ذات المشاعر النافرة من جبروت مليشيا الحوثي، كلهم أصابهم أذىً كثير أو قليل، من عصابات مسيرة الموت الحوثية.

 

مشوار المقاومة

وفي مأرب بؤرة المقاومة ومحرابها العتيق وجد "العمودي" عدداً لا يحصى من أمثاله الناقمين على سلوك المليشيا البشع ، منهم من فجروا منزله، أو قتل أخاه، أو ترملت أخته، أو اعتقل قريبه، كل فردٍ فيهم له قصة  مع الميلشيات لواذاً إلى مأرب قبل أن يكونوا قتلى في منازلهم أو مختطفين وهو وما تعمده الميلشيات في عمران.

 

كانت تلك نقطةً على الهامش، في قصة طويت صفحتها الأخيرة، الجمعة الماضية في العاشر من يناير بمديرية نهم، كأنَّ بطلها أراد أن يختمها بمجدٍ منيف، استشهد "صالح العمودي" وهو يقاوم الحوثيين، "شامخاً لا يعرف التراجع" كما يصفه رفاقه.

 

مسيرة بطولة

"نهم" كانت نقطة المنتهى، في سيرة المقاوم "صالح العمودي" أخيراً أبرَّ بميثاقه الذي أوجبه على نفسه، بأن يقاوم الانقلابيين الحوثيين حتى الموت، رغم أنه جرح مرتين من قبل، في معارك مع الحوثيين، إلا أن إصراره بعد كل مرة يعود أشدّ وأعتى.

 فجر الحوثيون منزل "العمودي" بعمران والذي يأوي 25 فرداً، من أسرته، جميعهم أطفال ونساء بعد أن نهبوا كل أثاثه 

رحل العمودي، كما رحل كثيرٌ سواه، يملؤهم إيمانٌ عميق، بأن كل التضحيات النبيلة يقوم بها جنود مجهولون، يغادرون هذا العالم بصمت ووقار.

 

لم تكن هذه الحالة إلا نموذجاً بسيطاً، من مئات الحالات التي تمتلئ بها البلاد، حيث تسببت مليشيا الحوثي خلال قرابة العقد، في تهجير مئات الآلاف من اليمنيين، من منازلهم، بدءاً بيهود آل سالم في صعده، مروراً بسلفييّ دماج، وصولاً إلى حملات النزوح والتهجير الكبرى، التي أفرزتها الحروب الحوثية في طول البلاد وعرضها، منذ ما يزيد عن عامين، أبقت اليمنيين بين نازحٍ، ومحاصر، أو مطاردٍ في وطنه.

 

الهروب من البطش

ترك عشرات الآلاف منازلهم رغبة ورهبة من الميلشيات وبحثاً عن الأمان، وتركوا الديار لينجو بنفسه من شر محتمل، قد تجلبه عصابات الإنقلابيين الآثمة، ومنهم من ترك الدار والديار، هرباً من مطاردة مليشيا الحوثي، التي تمارس سلوكاً إرهابياً لم تعرفه اليمن في تأريخها الطويل، ضد من لا ترضى عن توجهاتهم السياسية أو حتى تشتبه بكونهم كذلك.

 

يقول الضحايا اليمنيون، إن إرهاب الميشيا الحوثية لا يقف أبداً عند أي خطوط حمراء، ولا يراعي أي محاذير تنكرها القبيلة والعرف، فقد دأب الحوثيون منذ بواكير عهدهم على تفجير المنازل والمساجد ودور القرآن، في سابقة لم يعرفها اليمن في تأريخه منذ ألفي عام.

                                                                           الشهيد العمودي

إقرأ أيضا:-

عمران: مقتل القيادي الحوثي “أبو كوثر” ومرافقه في مديرية حبور “ظليمة”

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر