لماذا نكره من يشعل الحرب؟


علي الجرادي

كدت أفقد حياتي في الثامنة من عمري برصاص الجيش اليمني في نهاية الثمانينات من القرن الماضي أثناء مداهمته لقريتي ومنزلنا في مديرية السلفية محافظة ريمة، إذ كانت المديرية حاضن الجبهة الوطنية (امتداد لحزب الوحدة الشعبية المدعوم من نظام الجنوب قبل الوحدة).
 
خلال سنوات تشردنا وأحرق الجيش بيتنا لثلاث مرات قبل أن يعاد ترميمه في كل مرة بينما والدي وإخواني في لائحة الاتهام بمساندة الجيش، أول حزن وعيته في حياتي كان فراق أمي لأشهر قبل أن يلتئم شملنا مجدداً في الشتات.
 
فجعت برؤيتي للقتلى ورأيت الموت في أعينهم وأنا أمسك بيد والدي أتقوى بساعده على هول الفاجعة، مأساتنا تلك كانت بعيدة عن عدسات الإعلام ومنسية حتى الآن من ملفات جبر الضرر والمصالحة الوطنية.
 
المفارقة الأخرى أني عشت سنوات دراستي الابتدائية والأساسية (مدرستي السلام والزبيري) في مدينة صعدة، ذات يوم ذهبت إلى مسجد الهادي وضممت يدي في الصلاة فأمسك أحدهم بيدي قائلاً لا تصدقوا للوهابيين.
 
صعدة بلاد الرمان والعنب ونخوة القبيلي وكرمه وتسامحه، صعدة مركز دماج في وادي غراز، وفي الضفة الأخرى نشأ الشباب المؤمن وصولاً إلى جائحة الحوثي.
 
عام ???? بدأت كتابة أول التقارير الصحفية عن صيحة الحوثي (الموت لأمريكا وإسرائيل) ونشرت أول صورة لحسين الحوثي معتماً بالغترة اليمنية في صحيفة الناس.
 
من غربتي وشتاتي الجديد...أتذكر مآسي الأمس، أتساءل كيف قرر الحوثي تفجير الحرب في بلادي، والانقلاب على الحوار والاستيلاء على الدولة، كيف له أن يبتلع نهر الدم.
 
أتأمل صور الأطفال الذين يدفع بهم للحرب.. وأتذكر مأساة طفولتي وتشردنا مبكراً، يعتقد الحوثي أنه مخلوق من طينة أخرى وأنه أفضل منا نحن أبناء الطين ونفحة الله لكل بني ادم.
 
ليعتقد من الأوهام ما يشاء.. كيف لأطفال اليمن ونسائها ورجالها أن يدفعوا ثمن هذا الوهم؟ لماذا علينا أن نعيش مأساة مروعه لأجل شخص يتوهم أنه من صنف آخر من البشر؟
 
نحن نكره الحرب إذ أنها مأساة اليوم وحزن الغد الذي لا ينتهي، لكننا لسنا مستعدين أبداً أن نقبل بحياة العبودية في حضرة السيد، لأن الحياة في ظل المليشيات هي الوجه الآخر للموت.
 
* من صفحة الكاتب على فيسبوك

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر