الإرهاب والسلاح المكسور


محمد قشمر

تتفاقم بشكل مؤلم تلك العمليات المخيفة الخبيثة التي تهدم القيم الإسلامية والمجتمعية التي عاش عليها أبناء اليمن في ظل التعايش البسيط بين أبناء الأرض الواحدة.
 
كانت للعمليات الأخيرة للتنظيم الإرهابي وقع مؤلم على أرواحنا وأفكارنا، كيف لا ونحن نرى كل ذلك القتل والدمار والتفجير في أهلنا، فُجعنا كثيراً بما حصل في مدينة عدن من عملية إرهابية تم التخطيط لها بدقة تجعل الكثير يتساءل، هل يعقل أن يكون ذلك العمل الإجرامي الكبير قد تم بقدرات داخلية فقط، وهذا ما لا يراه الكثير من المطلعين على التنظيمات الإرهابية عموماً.
 
خلف ذلك العمل الإرهابي الجبان أكثر من 43 قتيل والكثير من الجرحى لكنه أيضاً خلف الكثير من التساؤلات وعلامات الاستفهام التي مازالت حتى اللحظة تبحث عن الأجوبة المناسبة الصادقة لها في زوايا الحقيقة. ما هي الأسباب التي جعلت العدد من الشهداء والجرحى يصل الى هذا الكم المفزع.
 
نحن جميعاً نعلم بأن الفكر المتطرف يغذي أتباعه بطريقةٍ بشعة، كيف يستطيع أولئك المجرمون أن يقنعوا شخصاً بأن يجعل حداً كريهاً ومفزعاً لحياته، والأدهى والأمر من ذلك كيف استطاعوا إقناع أتباعهم بأن كل من سيقتلونهم هم مرتدين خارجين عن ملة الإسلام رغم أنهم جميعاً يشهدون الا اله الا الله وان محمد رسول الله.
 
كانت تلك العملية مدروسة بشكل استثنائي رغم أنها كانت شبه معروفة او مكشوفة  للجهات الاستخباراتية، لكن الإرهابيين استطاعوا في خضم كل تلك الفوضى القائمة أن ينفذوا مخططهم باغتيال لحظات من الوطن وأرواح من أبنائها الطيبين.
 
الكل تداول مذكرة صادرة من رئاسة الجمهورية – عمليات الرئيس، ومضمون البلاغ،، إلى جميع الوحدات العسكرية والأمنية في محافظة عدن وبحسب معلومات مؤكدة من جهات الاختصاص بأن عناصر القاعدة يخططون لتنفيذ عملية كبرى في عدن.
وفي هذا الخطاب أو المذكرة الأمنية الشديدة الأهمية دليل على أن الأجهزة الاستخباراتية بالتعاون الكبير مع المحيط الإقليمي الداعم للشرعية قد تنبهوا لهذه العملية وقد بلغوا الجهات المختلفة في عدن وعلى رأسها الجهات الأمنية بأخذ الدرجات القصوى من الحيطة والحذر.
 
هذا البلاغ صادر من أعلى جهة حكومية وهي رئاسة الجمهورية عمليات الرئيس مباشرة، ولكن حدث ما حدث ووقع الفأس في الرأس وها يجب علينا جميعاً أن نقف قليلاً لنتساءل عن القصور الذي كان سبباً مباشراً في سقوط هذا العدد الكبير من الشهداء والجرحى، ونتساءل كيف جاء هذا القصور، ومن الذي تسبب في هذا القصور المخيف الذي أيضاً كان سبباً في إهدار الدماء اليمنية من المواطنين ومنتسبي السلك العسكري والأمني.
 
أحد الأفراد الأمنيين من مكان الاستهداف والذي نجا من تلك العملية الإرهابية بعد أن قتل بعض زملائه أرسل رسالةً فيها كل الألم وتحدث بقهر عن عدم توفر السلاح والذخيرة الكافية لهم كجنود مرابطين في مواقع عملهم في تلك الأجهزة الأمنية رغم أن الاشقاء في التحالف العربي قدموا الكثير من الدعم المادي والعيني والأسلحة المتنوعة التي يمكن بها مقاومة جيش من الإرهابيين.
 
يجب أن يقف الجميع حول هذه العملية الإرهابية التي هزت وجدان المجتمع اليمني بأجمعه والتي أظهرت وجه آخر قبيح وخبيث لأولئك القتلة والمأجورين، كما أن هذه العملية أثبتت أن السلاح البشري مكسور نفسياً في مواجهة تلك الهجمات وذلك بسبب السلوكيات الخاطئة للقيادات الأمنية التي لا تهتم للفرد الذي يقوم بواجبه وهو يحمل أقل ما يمكن لحماية نفسه فكيف بحماية منشآت معرضة بسبب الحرب لكل احتمالات الهجوم من أي طرفٍ كان.
 
 كما أكدت هذه العملية الإرهابية غياب مخيف في التنسيق بين الأجهزة الأمنية والاستخباراتية وبقية الأجهزة وأن التعامل مع التحذير القادم من عمليات الرئيس كان هامشياً فيه الكثير من التجاهل له مما يوضح أن العلاقة بين الجهات غير مستقرة وتسير في اتجاه خاطئ.
 
السلاح الذي يجب أن نقاوم به الإرهابيين هم البشر ثم يأتي بعد ذلك السلاح الناري والإمكانيات المادية فإذا كان البشر كسلاح مهزوم نفسياً جائعاً يفتقر للقوة المعنوية والطمأنينة المادية ولا يملك ما يكفي من السلاح المناسب فلن يستطيع مواجهة آلة القتل الإرهابية أياً كانت قاعدة أم داعش أم حوثيين.
هل ستستطيع القيادة الأمنية محاسبة المقصرين في مهامهم والذين كانوا جزءاً من الكارثة .هذا ما نأمله كتعبير بسيط عن أسفهم لما حدث في الثغر اليمني الحزين.

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر