البرجماتية التي تحدث بها أمين عام حزب الله وهو يشيد بترسيم الحدود البحرية اللبنانية مع اسرائيل، ويعلن انتهاء التعبئة ودور المقاومة، يعيد إلى الأذهان حقيقة أن الخطاب الثوري ومعه الأيديولوجيا الثأرية التي يصدر عنها ينتهيان معاً إلى المأزق الذي يليق بهما.
 
باسم المقاومة عمل حزب الله على بناء مليشيات خاصة به، ابتلعت قرار الدولة اللبنانية ومسخت شخصيتها، وحينما وصلت البلد إلى طريق مسدود، وبدا معها، أن "الثورة " الايرانية المصدرة الى المنطقة قد أخذت ترتد إلى داخل إيران فيما تشهده من انتفاضات شعبية هائلة، كان على حزب الله أن يغادر "الحالة الثورية" التي أسهمت في نشر الفوضى في عموم المنطقة وفجرت الحروب والانقلابات، وكان اليمن أحد ضحاياها.
 
وإذا كان حزب الله قد قرأ بعمق أبعاد التحولات التي تمر بها المنطقة بسبب ما يسود العالم من استقطابات كان واضحاً أنها لن تتوقف به عند المواجهات الدبلوماسية بعد أن هددته الحروب والمجاعة، واستنزاف الموارد، والصراع على النفوذ، واحياء بؤر التوتر، وتوظيف التكنولوجيا خارج نطاق الحاجة الانسانية للاستقرار، فتخلص من الخطاب الذي كان يختزل به معادلة التوافق السياسي اللبناني بإقحام المقاومة لإكساب بنود التوافق المضمون الذي يجعل من لبنان مزرعة تفريخ إيرانية، وأخذ يتحدث ببرجماتية عن الدولة والترسيم مع اسرائيل بلغة لبنانية خلت من الزوائد التي تعثر بها لبنان طويلاً منذ بشير الجميل.
 
الحوثي الذي حلق بأجنحة حزب الله والحرس الثوري الايراني فوق الشعب اليمني، لا بد أن يعي أن هذه الاجنحة قد أخذت تتكسر، تلك هي مسارات التاريخ التي لا يمكن أن تضبط حركتها وفقاً لحاجة الظواهر الشاذة، يأتي وقت تصدم في مسارها بمثل هذه الظواهر التي لا تعد سوى حالات طارئة في حياة البشر، لا تلبث أن تزيحها من الطريق أو تعيد بناءها في الاتجاه الصحيح.
 
هل يتعلم الحوثيون مما يجري في المنطقة وفي العالم من تغيرات؟


*نقلاً عن صفحة الكاتب على "فيسبوك"

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر