عاصفة الحزم والسيادة الوطنية


زايد جابر

 

حاول الحوثيون وأتباع الرئيس السابق استثارة اليمنيين ضد عاصفة الحزم من خلال تباكيهم على السيادة واعتبار ما حدث انتهاك من قبل دول خارجية واعتداء ..الخ، والحقيقة أن هذا التدخل لا يمكن اعتباره انتهاكاً للسيادة لسبب بسيط وهو أنه جاء استجابة لطلب الرئيس اليمني الممثل الشرعي الوحيد للسيادة الوطنية، والذي من حقه أن يستعين بأي دولة صديقة أو شقيقة لدرء أي مخاطر تهدد الدولة سواء كان الخطر خارجياً أو داخلياً من خلال حركة تمرد، ويصبح الأمر أكثر من طبيعي إذا كانت الدولة لديها معاهدات مع الدولة التي تطلب تدخلها كما هو شأن اليمن والسعودية.

 

ونذكر طرفي التحالف الإنقلابي.. أن أسس التعاون بين اليمن والسعودية في مثل هذه القضايا ..قد تضمنته معاهدة الطائف ومعاهدة جدة بين اليمن والسعودية، حيث نصت معاهدة الطائف التي عقدت عام ????م "بين المملكة اليمانية بقيادة الإمام يحيى بن محمد حميد الدين ملك المملكة اليمانية والمملكة العربية السعودية بقيادة الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود ملك المملكة العربية السعودية".

 

ووقعها نيابة عنهما كل من سمو الأمير خالد بن عبدالعزيز آل سعود والأمير عبدالله بن علي الوزير، على ما يلي : (في حالة حدوث عدوان خارجي على المملكة العربية السعودية أو المملكة اليمانية تلتزم وتتعهد قيادة وحكومة كل من المملكتين بالوقوف صفاً واحداً ومواجهة ذلك العدوان ويكون ذلك بناءاً على طلب الطرف المعتدى عليه، وفي حالة حدوث تمرد داخلي في المملكة اليمانية أو المملكة العربية السعودية تلتزم قيادة وحكومة المملكتين بعدم دعم ذلك التمرد أو مساندة المتمردين، وفي حالة طلب المملكة التي يحدث التمرد فيها مساعدة المملكة الأخرى في قمع التمرد أو مواجهته وإخماده تبادر إلى ذلك بناءاً على طلب موجه إليها).

 

وظلت هذه المعاهدة سارية المفعول حتى معاهدة جدة عام ????م بمدينة جدة التي وقعها رئيس الجمهورية السابق علي عبدالله صالح وملك المملكة العربية السعودية الراحل الملك فهد بن عبدالعزيز آل سعود، ونصت على نفس البند الوارد أعلاه والتي لا تزال سارية وستبقى كذلك كما هو معروف بالمعاهدات الدولية ، وقد كان تدخل المملكة مع الأنظمة المتعاقبة لليمن بناءاً على هذه الاتفاقية، ومن ذلك تدخل المملكة سياسياً إلى جانب الامام أحمد بعد قيام ثورة 1948م، التي قتلت الإمام يحيى وعينت الإمام عبدالله الوزير بديلاً عنه، ورغم علاقة المملكة المتميزة بعبدالله الوزير إلا أنها استاءت من قتل الامام يحيى بتلك الطريقة وقدمت دعمها لأحمد الذي استعاد الإمامة.

 

وفي انقلاب 1955 ضد الإمام أحمد طلب الأخير من المملكة تدخل طيرانها لضرب الانقلابيين، وقد تمكن من إسقاط الإنقلاب قبل التدخل، وحتى في ثورة 1962م، والتي أسقطت نظام الإمامة وأعلنت الجمهورية، فقد تقدم الإمام البدر إلى الحكومة السعودية طالباً مساعدته في تأديب الخوارج الذين خرجوا عليه وتآمروا على حكومته، وفي إعادة النظام إلى بلاده، وكان يستند في طلبه هذا إلى معاهدة الطائف المعقودة بين حكومتي البلدين.

 

 وبعد تدخل مصر إلى جانب الثورة خشيت المملكة على مصالحها فوقفت إلى جانب البدر، وهكذا في تدخل المملكة في الحرب السادسة ضد الحوثيين فقد جاء نتيجة لعدوان الحوثيون على حدودها وبطلب وتنسيق مع الرئيس السابق استناداً إلى اتفاقية الطائف واتفاقية جدة، لم يقل أحد من أتباع صالح أن تدخل المملكة كان عدواناً وأن سماح الرئيس صالح للطيران السعودي عمالة لأنه الرئيس الشرعي آنذاك ومن حقه أن يطلب مساعدة دولة شقيقة وجارة.

 

لا يستطيع أحد أن يطعن في هذه الاتفاقيات بما في ذلك الحوثيون وأتباع علي عبد الله صالح لكنهم لا يعترفون بشرعية الرئيس عبدربه منصور، فالحوثة يرون أن القائد الشرعي هو عبد الملك صاحب الحق الإلهي بالسلطة ولهذا يدافعون عن عمالته لإيران وطلبه النجدة منها.. وأتباع صالح لا يزالون يرون زعيمهم وابنه هما صاحبي الشرعية وكأن اليمن إرث أسري لهذه الأسرة، ولهذا لا يرون غضاضة في تحريكه لألوية عسكرية وطيران الجيش والسعي لاقتحام الجنوب كما فعل في 94م.

 

والحق أن الحوثي قائد مليشيا متمرد خارج عن الدستور والقانون، والحق الإلهي الذي يدعيه لنفسه ويؤمن به أتباعه هو خرافة انتهت بثورة 26 سبتمبر 1962.. وكذلك صالح انتهت شرعيته بثورة فبراير 2011م ولم يعد سوى قائد عصابة متمرد مثله مثل عبدالملك الحوثي، ويبقى عبدربه منصور هادي - أياً كانت مآخذنا على أدائه - هو صاحب الشرعية وممثل اليمن ورئيسه المنتخب والمعترف به دوليا ، ومن حقه أن يطلب تدخل المملكة لقمع التمرد بموجب اتفاقية الطائف التي وقعها الإمام يحيى أحد أئمة الحوثيين وأتباع الإمامة اليوم، واتفاقية جدة التي وقعها صالح زعيم المؤتمرين المتباكين على السيادة.

 


سقطت الإمامة وسقط نظام صالح ولا تزال الاتفاقية سارية المفعول.. ومن حق رئيس اليمن الشرعي عبدربه منصور هادي أن يطلب التدخل لقمع التمرد ومن واجب المملكة أن تستجيب بموجب هذه الاتفاقيات شاء من شاء وأبى من أبى.

 

*من صفحة الكاتب على فيسبوك

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر