كورونا من نافذة أوروبية


د.صابر حيمد

كائن مجهري، يغزوا الأرض، ويمسك بخناق العالم، ويحشره في زاوية غطرسته. 

قلب الطاولة على كل حسابات واقتصادات الدول، وخلط الأوراق، وأغلق الحدود جوًا وبرًا وبحرًا. 

شل الحركة، وحوّل المؤسسات والمستشفيات إلى مقبرة كبيرة لجثث بشرية كأنها مومياوات فرعونية، نسي محنطوها تحنيطها بالشكل السليم.

فينسيا الايطاليه أو مدينة (البندقية) عروس السواحل الأوروبية، أصبحت خالية تمامًا لأشهر مضت، وشمس ساحلها الشهير (ليدو) لم تعد شمسه وزرقة ماءه تجذب الزوار.

هدأت بحار فرنسا الزرقاء الممتدة حتى الأفق، وغدا جو روما كئيبًا كما لو أنه عاد لعصر ما قبل النهضه... وأُقفلت متاحف أمستردام. ومتاجر باريس خاوية على عروشها. 

حتى العطر الفرنسي اشتكى من امتناع الناس عن استنشاق عبيره؛ بسبب الكمامات التي يراها متدلية في أنوف عشاقه.. يراها العطر كأنها مشانق علقت على اعناق من كانوا بالأمس القريب زوارًا لمدنه، ولزارعي زهرة (اللافندر) المشهورة في حقوول مدينة (غراس) العطرية.

الشارع الذي يقع فيه قصر (الإليزيه) أصبح ميتًا تمامًا كأن لعنة معنى ودلالة اسمه تحقق، وصار حقيقة تراها الأبصار، (الاليزيه) والتي تعني (جنة الابطاال الميتين) في لغة اليونان. 

فها قد أصبح فعلا أرضا للميتين، فلا مسارح ولا مهرجانات، ولا محلات تستقبل اليوم إنسيِّا. فلو بعث نابليون لرأى قوس النصر منكّسًا لا بهجة فيه، والذي تم بنائه خصيصًا لتكريم انتصاراته... هكذا قضى ربك..
 

مشاركة الصفحة:

اقراء أيضاً

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر