أحلامنا المؤجّلة.. 


نسيم القواس

منذ استشعر الإنسان وجوده على هذه الأرض وهو يرسم أحلامه، يضعها نصب عينيه، يجعل منها أهدافاً يسعى إلى تحقيقها. بعض تلك الأحلام يعرفها الناس حوله، وبعضها تسكن وجدانه وخاطره، لا يخبر عنها أحد. وحده الله يعلمها، تلك الأحلام تُؤجّل، وقد يتخلى عنها لاحقاً أو تتخلى عنه.

لكن لا أوجع من أحلام يفقدها الإنسان وقد امضى من حياته ووقته الكثير في سبيل تحقيقها، وجعلها واقعاً يحتفي به، يحافظ عليها بما تبقى له من عمر؛ إلا أنه قبل أن يفعل يسبقه الفقد إليها.
 
كم من أحلام رسمناها على صفحات الحياة، وواجهنا بآمال تحقيقها واقعنا المر، وتنسينا عذاباتنا المتكررة على أمل أن الغد سيأتينا بها ونرتاح؟
 
كم من الأحلام لم نفكر للحظة أن نضعها على رفوف الذكرى، ونطوي تفاصيلها بعد أن حفظناها عن ظهر قلب؟ كم كان مؤلم أن تصبح ذكرى بعد أن حفظناها لشدة إيماننا في تحقيقها؟ 

كم من الأحلام وقفت الظروف وتقلبات الحياة والناس العابرين في حياتنا عائقاً في طريق تحقيقها؟ وكم رأينها منها واقعاً في أيديهم؟

كم من الأحلام تعثرث خطواتنا بالسير إليها، لكننا لم نقف، وحينما وصلناها وجدنا أن وقت تحقيقها قد فاتنا، ولم تبقى لها أهمية ولا فرحة ترافق تحقيقها، بعد أن فاتنا وقتها الذي يناسب توقيتنا؟

كم من الأحلام حين تحقق جزء منها سابقنا الوقت والزمن لنصل إلى نهايتها؛ ولكن سرعتنا تلك جعلتها تختفي وتذهب عنا، وكأنها لم تكن؛ ورغم فقدانها تعلّمنا منها (قيمة التأني والانتظار). 

كم من الأحلام كانت سهلة الوصل والمنال، لم تكن ضمن قوائمنا الطويلة، وكم سرنا بجانبها، ولم نلتفت، وبعد عمر ادركنا أنها كانت سبيلا لتحقيق طموحاتنا وصنع واقعا جميلا لنا؟

كم من الأحلام لم نسعى لتحقيقها ولا جعلها واقعا خوفا من المحاولة والفشل؟ وكم منها وقف المجتمع وأقرب الناس لنا كسور قوي منيع، حجبوا عنا ضوئها، ومنعونا من الأقتراب منها أو حتى  اعادة التفكير بها؟
 
 كم من الأحلام أجلناها علّها تتحقق؟ وكم منها قتلها طول الأنتظار؟ 
 

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر