تعز.. الاحتماء بفكرة الدولة


احمد عثمان

تعز ليست منطقة، بل نقطة ضوء تختزل اليمن، ومن هنا يصعب أن تثار فيها العصبية المناطقية، نعم أبناء تعز فخورون بتعز، ويحنون إليها، ويعشقونها كمنبت، وعيشة عمر.

تنشأ علاقة حميمية بينهم وتراب القرية والسواقي وأصوات الطيور وحواري المدن وأزقتها، والسهول والوديان، وهي طبيعة إنسانية في الحنين للأرض، والأهل؛ لكنها ليست علاقة على حساب اليمن ولا أهلها، فكل من دخل تعز هو واحد منهم.

التفوا حول المشروع الوطني والجمهورية، ووقفوا ضد الإمامة والاستبداد السلالي والجهوي والفردي، فكانوا قاعدة الثورات، ومحور الوحدة، وبقيت خلافاتهم وصراعاتهم بالكلمة ولا تتعداها.

هذه تعز التي استعصت على العصبيات، وأفشلت كل محاولات إشعال حروب أهلية بين أبنائها، فهي تحارب من أجل مشروع وليس من أجل فئة أو جماعة، ولا تساوم على الوطن، لا تبيع أو تشتري فيه.

وعندما اقتحم الحوثي كسلاله المحافظات اليمنية، انتفضت تعز باسم الجمهورية والحرية.

و مع مرور أربعة أعوام على الحصار والحرب، لم تدخل تعز في حرب أهلية بين أبنائها، ومن السهل الجمع بينهم والتسويات، فلا ثأرات و لا حروب بينية.

لقد أخذت صورة الحرب على تعز باعتبارها رمز الجمهورية والدولة ودفاع عن تعز حتى من انحاز إلى الطرف الآخر بقت ظاهرة سياسية أو فردية نسبية ولم تتحول إلى حالة حرب بين أبناء تعز، وما زالوا بشكل عام في دائرة السياسة والخلافات السياسية.

هناك محاولات من أول يوم لزرع حرب أهلية حقيقية بين أبناء تعز، لا تنطفئ ثأراتها، ولا تخبو أحقادها، من بيت إلى بيت، ومن طاقة إلى طاقة وفشلوا.

ونجحت تعز أن تخوض حرب الشرعية والجمهورية، شهداؤها وجرحاها ينطقون بهذه الوحدة و بهذا الوعي.

مازالت المحاولات قائمة لتفتيت تعز، وزراعة صراع، ويتمنون أن تتحول إلى حرب أهلية للانتقام من تعز.

على أبناء تعز و خاصة في المناطق المحررة، أن يلجوا إلى وعيهم الوطني، ووحدتهم، وأن يحتكموا في خلافاتهم إلى مشروع الدولة، ويصطفون وراء الجيش الوطني والأمن، وفي إطارالدولة يختلفون و يتحاورون، وبوعيهم سيفشلون كعادتهم خطط الانتقام من تعز.

هناك من يحاول نشر السلاح والتشكيلات المسلحة خارج مشروع الدولة والجيش، وهي فكرة قديمة، تعثرت في تعز، وأيا كانت مبرراتهم فسيبقى هذا مشروع دخيل ومرفوض في تعز؛ لأنه موجه إلى صدورهم وأمنهم الاجتماعي.

هذا مشروع تدميري ينسف كل شيء، ويدفع بمدينة الدولة والوعي إلى الهاوية، وإذا انزلقت من الصعب إيقاف عجلة الخراب.

كل قادة وشخصيات ومكونات تعز على اختلافهم ومع كل خلافاتهم، أمامهم مسؤولية الحفاظ على تعز، متجانسة تحت مشروع الدولة والهوية المدنية، بعيدا عن أي فتنة يراد إشعالها في زمن تعدد المحارق، وأساليب النار المرسلة؛ بهدف التدمير الذاتي والإحراق من الداخل.

من صفحة الكاتب "على الفيس بوك"

مشاركة الصفحة:

اقراء أيضاً

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر