الريال اليمني.. ماذا لو؟!


عبد الواحد العوبلي

شهدت العملة الوطنية تدهورا دراماتيكيا خلال الأسابيع القليلة الماضية تجاوزت فيه حاجز ال 510 ريال مقابل الدولار الأمريكي. ولن ينتهي الأمر عند هذا الحد بل أن كل المؤشرات تدل إلى احتمالية المزيد من التدهور في قيمة الريال اليمني.
 
وبالنظر إلى حيثيات ومسببات هذا التدهور نجد أن الطبع المستمر لفئات مختلفة من الريال اليمني دون أي غطاء من النقد الأجنبي أو الذهب هو أحد أسباب رفع معدلات التضخم لأنه يضخ كمية من أوراق البنكنوت مما يزيد العرض للريال اليمني مقابل شح للعملة الصعبة الذي سيؤدي بدوره إلى زيادة الطلب عليها وبالتالي انخفاض قيمة الريال. وكلما زاد الطلب على العملات الاجنبية لاستيراد احتياجات البلد كلما زاد هذا من التضخم النقدي.
 
في اجتماع الأمس، أقر مجلس إدارة البنك المركزي اليمني بعدن استخدام الدفعة الاولى من الوديعة السعودية لتغطية الاعتمادات البنكية الخاصة بالمواد الاساسية بما يقارب نصف مليار دولار، وهو ما يعادل ربع الوديعة السعودية المخصصة لدعم الاقتصاد. بالإضافة إلى ذلك اعتمد البنك المركزي اصدار سندات حكومية بفوائد عالية تصل إلى 13% ليحاولوا سحب بعض السيولة من السوق في وقع يدركون فيه تماماً أن مستوى الثقة لدى الناس منعدم وأن ما من أحد سيقدم على شراء سنداتهم. هذا ويدعي مسؤولو البنك أنهم بصدد عمل فرق للتفتيش على محلات الصرافة وإغلاق المخالف منها حد زعمهم.
 
يعرف من يدير البنك المركزي أن كل هذه الإجراءات ليست إلا لتبرير استخدام الوديعة السعودية وتأجيل الانهيار. يعرف من في البنك أنهم فشلوا في إدارة نفقات البلد وفق الأولويات والأساسيات وحولوا الموازنات لدفع رواتب مسؤولي الحكومة الفرغ والألوية العسكرية الوهمية. والأهم من هذا وذاك لم يحرك أحدهم أي ساكناً في موضوع الإيرادات السيادية للبلد.
 
فلو أخذنا على سبيل المثال الإيرادات الناتجة من إنتاج النفط والغاز نجد أن هناك مالا يقل عن خمسة عشر ألف برميل من النفط الخام وأكثر من ألفين طن متري من الغاز المنزلي يتم إنتاجها يومياً من قطاع 18 صافر في مأرب. بالإضافة إلى أكثر من عشرين ألف برميل يومياً من النفط الخام من قطاعي 14 و10 في المسيلة.
 
وبحسبة بسيطة نجد أن هذه الكميات سينتج عنها حوالي مليار ونصف دولار أمريكي كإيرادات سنوياً. هذه الإيرادات التي لا يتم إيداعها في حسابات البنك المركزي وتتحرك بكل حرية خارج المنظومة المالية للحكومة اليمنية دون رقيب أو حسيب. هذا ناهيك عن الإيرادات من القطاعات الأخرى. وعن إمكانية أن ترفع صافر إنتاجها إلى 35 ألف برميل يومياً ومثلها من قطاع 5 جنة هنت. ليصبح ما يضخ للميزانية العامة للدولة يفوق الثلاثة مليار ونصف دولار. كل هذا كاد أن يتحق في 2017م لولا تحالف لوبي الفساد الذي أفشل الخطط التي تصب في مصلحة الوطن من أجل مصالحهم الشخصية.
 
بقاء النظام المصرفي البلد دون إيرادات تضخ سيولة نقدية من العملة الاجنبية لتغطية العجز في الاقتصاد الوطني سيسبب بأي حال من الأحوال استمرار زيادة الطلب على العملة الأجنبية مقابل تزايد العرض من العملة المحلية، ولن ننتظر طويلا ً للوصول إلى مرحلة التضخم المفرط hyperinflation حيث تصبح العملة لا تساوي قيمة الورق الذي يطبع عليها.
 
وعليه يجب أن تخضع كل إيرادات البلد لأقصى رقابة لضمان وصولها إلى خزائن البنك المركزي اليمني ومن ثم التحكم والسيطرة على النفقات لتغطية الاحتياجات الاساسية ورواتب الموظفين، والعمل على البحث لإيجاد خطط تمويلية بديلة لأي مشاريع تحتاجها الدولة على المستوى الاستراتيجي وربما تكون العقود من نوعية B.O.T مناسبة للحالة اليمنية.
 
وبذلك ستتحرك الدورة النقدية بشكل طبيعي داخل البلد وسيبدأ الاقتصاد بالتعافي والتحسن تدريجياً شريطة توفر قيادات نزيهة والعمل ضمن المنظومة المصرفية للحكومة وتطبيق معايير الحوكمة والشفافية.
 
 
*من صفحة الكاتب على فيسبوك

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر