على القميص


مصطفى ناجي

لا أدرى كيف تتسرب رائحة القهوة الى أنفي في هذه الساعة المتأخرة من الليل. لا احدا يحضّر القهوة الان في هذا المكان. بل ان معظم المقاهي في هذه المدينة وربما في فرنسا لا تقدم القهوة بعد الساعة السادسة مساء.
 
اشم رائحة البن المطحون وليس مشروب القهوة.
 
كنت قد عرفت فتاة فيها نمش على كتفها تعيش على القهوة كما هو الحال مع محركات البترول او الديزل. لكنها ايضا تهوى استخدام القلوب المكسورة كثيرا في مراسلاتها.
 
لم تكن حزينة حين عرفتها. ولا يتسلل الحزن اليها بيسر طالما وكأس القهوة بيدها. الا ان لها تصرفات متهورة غير محمودة العواقب احيانا وقد تعود عليها بالضرر والهلاك.
 
كانت تشرب قهوتها وتصير أكثر رقة واتقادا. وكنت اشم رائحة القهوة لا أكثر. شاهدتها في أحد المساءات تشرب قهوتها من قدح متوسط ابيض اللون منقّط بالأسود وعليه قلب احمر. وكانت خصلات شعرها تغرق في الفنجان. تسبقها خصلات شعرها الى القهوة.
 
كانت تهم بالشرب احيانا وتمتنع فجأة لتقول شيئا او لتضحك على نكتة البارحة. ترفع رأسها من كأسها بعينين صغيرتين لامعتين. ومع انها كانت رفيعة القد ونحيفة الا ان لها تفاحة في الخد.
 
في أحد عاجل سقط القدح وانقسم القلب الى نصفين. أظنها تعلقت باستعمال القلب المكسور في خانة الايموجي من يومها.
 
في أحد المرات، حاولتُ ان ابعث اليها بقلب مكسور ولم اجده في جعبتي. وجدت القرود الثلاثة التي لا تسمع ولا تبصر ولا تتكلم. أغمضتُ عيني وضغطت على ايموجي بالصدفة. فكان حلزونة كسولة.
 
يوم سقط كأسها كان مملوء بالقهوة وتطايرت الى قميصي ولم اغسله من ساعتها. اني أرتدي القميص عينه. لكن القلب المكسور لم يجبر بعد.
 

من صفحة الكاتب على فيسبوك

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر