مرة أخرى "طارق"


مروان الغفوري

هناك تخوف مشروع وحقيقي من"قصة طارق". نحن بإزاء جيش جديد، بأمير جديد. هذا الجيش يملك نظاماً مالياً وإدارياً مستقلين، وتحالفات مستقلة عابرة للحدود. هو كذلك مرتهن، بصورة كلية، لدى دولة تخوض صراعاً معقداً مع الرئاسة ومع النظام الحزبي في اليمن. إذا قررت الإمارات مغادرة المسألة اليمنية فستترك جيش طارق عارياً، وعاجزاً.
 
في 2011 كان الثوار يرفعون شعار حيا بهم، للترحيب بكل من يعلن مناهضته لصالح. كانت قطاعات اجتماعية واسعة معنية بمناهضة صالح أكثر من مسألة الثورة.
 
الترحيب المجاني بمناهضي صالح في 2011يشبه الترحيب المجاني بمناهضي الحوثي الآن.
 
إن البسالة التي أبداها عيدروس الزبيدي مع دفعاته العسكرية الثمان لم تشكل رافداً للدولة عندما وضعت الحرب أوزارها. جرت الأمور بخلاف ذلك، فقد شوهدت تلك الميليشيات وهي تلقي بمكتب رئيس الوزراء من النافذة.
 
من المقرر أن يقاتل طارق بمعزل عن الجيش والمقاومة والحكومة ورئاسة الأركان. يزعم السعوديون أنهم يشكلون تحالفاً واسعاً، أي أنهم يخوضون حرباً بتنسيق واسع مع مجموعة من الدول. وأن ذلك شرطاً أساسياً لحرب ناجحة.
 
لما يتعلق الأمر باليمن يرفضون تشكيل تحالف عسكري "داخلي"، ويدفعون جهات عديدة لخوض حروب منفصلة ومستقلة من حضرموت إلى تعز، ومن صنعاء إلى عدن.
 
يشبه الأمر عملية مدروسة لاستعادة الدولة من جيش الحوثي وتقسيمها على سلسلة جيوش وأمراء. أي تفكيكها بحيث يسهل استغلال إمكاناتها فيما بعد، فالدولة المستقلة عصية على الاستغلال
 
قالت "الشرق الأوسط" في تقرير لها هذا اليوم إن جيش طارق بلغ عشرة آلاف مقاتل وهم يحظون بدعم التحالف. وسخرت من التخوفات التي نكتبها قائلة إنها مخاوف الإصلاحيين المتشبثين بمصالحهم.
 
هذه التفاهات سمعناها كثيراً خلال أعوام وبالرغم من أنها كانت مملة وتافهة منذ البداية إلا أن هناك من لا يزال يرددها كما لو أنها تفاهات جديدة ومثيرة.
 
طارق، وحليفه الدولي، هو من يعقد الأمور، لا الكتاب. الكتابات الاحتجاجية هي أسئلة يرفض طارق الإجابة عنها، أسئلة عن طبيعة حربه، عن موقع جيشه من الدولة والحكومة، عن نظامه الإداري والمالي، وعن ارتباطه بقوى دولية خارج علم الحكومة، وعن رؤيته لما بعد الحرب.
 
هذه أسئلة مميتة، بالنظر إلى أهميتها، وهو يتجاهلها كلياً.
 
القول بأن كل صاحب سؤال هو إصلاحي أو نفعي لم يعد يكفي لاحتواء مسألة معقدة بحجم ظهور جيش من 10 آلاف مقاتل خلال أسابيع قليلة!
 
يمكن افتراض صراع بارد بين السعودية والإمارات والقول إن جيش طارق هو رد على جيش علي محسن في مأرب. لا تتدخل الإمارات في جيش مأرب ولا السعودية في جيوش الإمارات. مؤخراً عندما اقتربت المنطقة الثانية، المدعومة إماراتياً، من تخوم المنطقة الأولى، المدعومة سعودياً، قامت الأخيرة برفد المنطقة الأولى بثلاثة آلاف عنصر جديد.
 
صار اليمن بلداً يعج بالجيوش، أضعف الجيوش هو جيش الحوثي لكنه لا يتلقى هزائم قاتلة لأن الجيوش الأخرى ليس لديها مدونة عسكرية موحدة.
 
سيخوض طارق معاركه وفقاً للمدونة الإماراتية: فلسفتها، استراتيجيتها، وإمكاناتها. سيخوضها معزولاً عن الجيش اليمني، وبطبيعة الحال كضابط عسكري يقاتل في أرض ليست له.
 
من المفترض أن يشكل جيش من عشرة آلاف جندي محترف رافداً للجمهورية وللقتال من أجلها. أيضاً جيش بهذا الحجم هو خطر محتمل بالنسبة لفكرة الاستقرار إذا كان إنما يقاتل للثأر.
 
لنتذكر أن طارق كان يخوض حرباً ضد الجيش الوطني في الأعوام الماضية، وهو الآن يقاتل ضد الحوثيين دون أن يفصح عن نواياه المؤجلة تجاه الجيش الوطني
 
فهو لم يعلن بعد انتهاء معاركه ضد الجمهورية، ولم يفصح عن مشروع بعينه، ولم يقل لنا بالضبط إلى أين يريد أن يصل بحروبه.
 
تعلمنا من تاريخنا الحديث أن أعداء صالح ليسو بالضرورة أصدقاء لقيم الثورة.
دفعنا ثمناً باهضاً مقابل هذا الدرس.
 
وسندفع، ربما، أثماناً باهضة أخرى إذا افترضنا أن أعداء الحوثي هم بطبيعة الحال رافد لدولة وطنية مستقرة، ومستقلة.
 
وقد تعلمنا أن أغنية "حيا بهم حيا بهم"
ليست دائماً من أغاني ال
Happy Ends


*من صفحة الكاتب على فيسبوك

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر