ما وراء الخطوة الاستعراضية لرئيس الانتقالي "الزبيدي" في حضرموت شرق اليمن؟

[ الزبيدي على متن مدرعة إماراتية في المكلا - ناشطون ]

على ظهر مدرعة إماراتية، وصل رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي "عيدروس الزبيدي" إلى مدينة المكلا عاصمة محافظة حضرموت (شرق اليمن)، في خطوة استعراضية وصفت بـ"الاستفزازية" لأبناء حضرموت الذين يرفضون مشروع المجلس الانفصالي المدعوم من دولة الإمارات.

وبحسب وسائل إعلام للانتقالي، فإن عيدروس الزبيدي، وصل عصر الخميس، إلى مدينة المكلا، لحضور بـ"الدورة السادسة للجمعية الوطنية للمجلس"، التي من المقرر أن يعقدها خلال يومي الـ21 و الـ22  من مايو الجاري.

وتوجه الزبيدي إلى المكلا في الوقت الذي غادر فيه رئيس مجلس القيادة الرئاسي الدكتور رشاد العليمي إلى السعودية للمشاركة في أعمال الدورة الاعتيادية الثانية والثلاثين لمؤتمر القمة العربية.

وجاءت هذه التحركات باتجاه حضرموت بعد أيام من قرار أصدره الزبيدي بتعيين اللواء فرج البحسني نائبا له في رئاسة المجلس الانتقالي، وإعلان ما يسمى الميثاق الوطني الجنوبي في ختام اللقاء التشاوري الذي عقده في عدن مؤخرا.

استفزاز مرفوض

قبل ساعات من وصول الزبيدي إلى المكلا كانت المكونات والقوى السياسية والاجتماعية في حضرموت قد تداعت إلى لقاء تشاوري فيما بينها ولتحديد موقف موحد بشأن التطورات السياسية على ضوء ما وصفته باستفزازات عسكرية لمدينة المكلا".

وعبّر المشاركون في اللقاء التشاوري عن رفضهم القاطع لمحاولة استفزاز أبناء حضرموت من قبل بعض الكيانات غير الحضرمية، محملين التحالف العربي مسؤولية ما يترتب من دخول قوات عسكرية إلى المحافظة، وما قد ينتج عنها.

وقال البيان الختامي للقاء: "لن يقف أبناء حضرموت مكتوفي الأيدي أمام من يسعى لنشر الفوضى وزعزعة الاستقرار في المحافظة"، مؤكدا أن "حضرموت تمتلك مقومات الدولة ولها الحق في قيام دولتها متى ما كانت التسوية على شكل دول مستقلة وإقليم مستقل متى ما تحددت التسوية بالأقاليم".

كما اتفق المجتمعون، على "عقد لقاء برئيس مجلس القيادة الرئاسي الدكتور رشاد العليمي بشكل عاجل لوضع إطار تفاوضي خاص بالقضية الحضرمية، والمطالبة بتمثيل حضرموت في وفد الشرعية المفاوض في التسوية السياسية للأزمة اليمنية". 

زيارة أم احتلال؟

ويرى رئيس التكتل الموحد للإعلاميين والصحفيين ونشطاء المحافظات الشرقية عمر بن هلابي، أن زيارة عيدروس للمكلا وتحركاته هي "محاولة لإيحاء للعالم بأنه يمثل الجنوب وأن حضرموت معه وأنه يمثل الشرق وحضرموت كاملة أو الجنوب كامل وهذا غير صحيح".

وقال بن هلابي، في حديث لـ"يمن شباب نت"، إن الانتقالي "يحاول أن يعمل هذا الزخم في حضرموت ونقل لقاء الجمعية العمومية إليها على أساس أن يُعقد في حضرموت في 21 مايو، تزامناً مع إعلان الانفصال ليعمل منه قربعة (ضجة)... لكن في الواقع ليس له مكان في حضرموت".

وأشار إلى أن عيدروس وصل المكلا يرافقه لواء كامل لحمايته بكل قواته وعتاده ومدرعاته بقيادة يسران المقطري، مؤكداً أن هذا "عمل استفزازي".

وأضاف: أن "يأتي شخص يدّعي أنه يمثل المنطقة وأن الشعب مفوضه ثم يدخل وسط مدرعة إماراتية وأسلحة موجهة بالليزر، هذا يدل على أن ليس له مكان في حضرموت وأنه مكروه لا يريدونه الحضارم على أرضهم".

من جانبه قال مستشار وزير الإعلام مختار الرحبي إن "عيدروس الزبيدي ظهر على مدرعة إماراتية وأسلحة وأطقم عسكرية وكأنه داخل معركة عسكرية وليس حضور فعالية حزبية".

وأضاف الرحبي في تغريدة على "تويتر"،: "لو كانت حضرموت كما يقول (عيدروس) مع مشروعه لما احتاج لكل هذه الأسلحة والجنود؛ لكن حضرموت ترفضه وترفض مشروعة، ففي اليوم الذي وصل اجتمعت المكونات الحضرمية وعبرت عن رفض زيارة عيدروس وجر المحافظة إلى مربع العنف".

واستدرك: "لو كان واثق من حب الحضارم له ولمشروعه لما احتاج لكل هذه المليشيات والأسلحة والاستعراض والدخول على ظهر مدرعات وأطقم عسكرية ومليشيات مسلحة، متسائلاً عن تلك التحركات: هذه زيارة أو احتلال عسكري؟

فشل الحوار الجنوبي

يعتقد بن هلابي، أن اللقاء التشاوري الذي عقده الانتقالي في عدن وقاطعته المكونات الحضرمية قد فشل فشلا ذريعا، وقال "إن ما اسموه بالحوار الجنوبي ثم اطلقوا عليه مشاورات في الأخير تمخض الجمل فولد فأراً وأصبح الأمر مجرد إعادة هيكلة للمجلس الانتقالي ببعض الأعضاء الذين اشتروهم  بأموال الإمارات لا أقل ولا أكثر، ليس لهم مبدأ ولا حراك وليس لهم تأثير على الأرض".

وأوضح أن بيان اللقاء التشاور الحضرمي "كان واضحاً وحمّل التحالف المسؤولية عن هذه الاستفزازات إذا ما قادت إلى تصادم لأن أبناء حضرموت يرفضون هذه القوات وهذه المليشيات ويرفضون الزبيدي أن يأتي لهم بمليشياته.. وهذا أيضاً إثبات أخر بأن لا مكان له في حضرموت".

وتابع، "عندما زار عيدروس حضرموت في المرة الأولى دون استفزاز وجلس في المقهى على ساحل المكلا لأنه أتى بزيارة رسمية وبشكل محترم، فالحضارم والمحافظة يرحبون بكل من جاء إليهم يحترم نفسه؛ لكن الآن وبهذه الاستفزازات أثبت أن لا مكان له في حضرموت وهذا ما هو حاصل.

وبحسب بن هلابي، فأن هذه العنجهية أرسلت رسالة عكسية مشابهة لفشل ما اسموه  الحوار الجنوبي في عدن والذي تحوّل إلى مشاورات ثم تمخض وأصبح مجرد إعادة هيكلة للمجلس الانتقالي.

وتابع: "هذه الزيارة لحضرموت ستنقلب ضده وستظهر أنه لا مكانة له فيها  ولا تأثير ولا قبول وأنه لا يمثل الجنوب أو حضرموت والمناطق الشرقية بشكل عام.. لو كان يمثلها لكان شعبه رحب به".

وأشار إلى أن الذين استقبلوه لا يتعدون حمولة باص أو باصين مجرد عدد على أصابع اليد مع أنهم كانوا يقولون أن عندهم مليونيات في حضرموت.

وأردف: " أن الرسالة ستكون عكس ما كانوا يتوقعون.. سيكون الفشل حليفهم مثل ما جاءت رسالة وفشل ما كانوا يسمونه حوارا أو مشاورات في عدن بسبب هذه الخوف والرهبة والعنجهية التي لا يستطيعون حتى أن يظهروا إلى شعبهم".

تصعيد ضد السعودية 

من زاوية أخرى، يرى مستشار وزير الإعلام، إن "تصعيد عيدروس الزبيدي هو تصعيد إماراتي ضد السعودية التي أعلنت موقفا واضحا أن حضرموت خط أحمر بالنسبة لها ولن تسمح لمليشيات عيدروس الدخول بقوة السلاح إلى حضرموت والسيطرة عليها".

وقال الرحبي على "تويتر"، إن "عيدروس الزبيدي التف على قرار السعودية عبر فعالية سياسية الغرض منها التمهيد للسيطرة الكاملة على حضرموت عسكرياً"، متسائلاً: هل سيواصل عيدروس التصعيد لصالح الإمارات أم أن السعودية سيكون لها موقف آخر من هذا التصعيد؟

من جانبه يؤكد عبدالسلام محمد، رئيس مركز أبعاد للدراسات، أن "الإمارات استغلت ممانعة الحوثيين لخُطة السلام السعودية، إلى جانب استغلالها تهدئة الرياض جبهة التجاذب الإعلامي مع أبوظبي لإنجاح القمة العربية، ففرضت واقعاً جديداً في المكلا بحضرموت، بهدف هز القوى الرافضة للانفصال هناك".

وأضاف عبدالسلام في تغريدة على "تويتر": "مع أن أبوظبي تتواجد في المكلا منذ 2015، لكنها أرادت أن تدخل الانتقالي عسكريا مع مستجدات استقطابها لنائب مجلس القيادة فرج البحسني تمهيداً للسيطرة الكاملة على الوادي و العبر الحدودية مع السعودية".

وقال رئيس مركز أبعاد، إن "هذه التحركات ضربت رصيد رئيس مجلس القيادة السياسي محلياً واقليمياً ودولياً، الذي تربطه علاقة جيدة مع الإمارات، وهي إضافة سلبية تضم إلى دعمه للتحركات السابقة التي أدت بشبوة إلى يد الانفصاليين".

وتابع: "لا أحد يتنبأ بردة فعل الرياض على هذه الخطوة التي قربت اليمن من انفصال يضع الشمال بيد الحوثي والجنوب بيد الانتقالي، لكن المستفيد بالتأكيد الحوثي وإيران، فالإمارات مهما بدى لها أنها مسيطرة ستكتشف يوماً أنها مجرد أداة تم استخدامها لتفكيك اليمن والخليج".

فيما اعتبر الكاتب والناشط السياسي عمر بن هلابي، بيان اللقاء التشاوري الحضرمي، الذي حمّل فيها التحالف المسؤولية عن أي انفلات أمني قد تسبب بها هذه العنجهية، رسالة واضحة لمن أرسل الزبيدي سواء الإمارات أو التحالف بشكل عام.

واختتم بن هلابي متسائلا: لماذا رئيس مجلس القيادة الرئاسي الدكتور رشاد العليمي يصمت لعيدروس الزبيدي أن يقوّض شرعيته وسلطته والدولة التي أقسم اليمين بأن يُحافظ على أرضها وولائه لوحدتها وترابها؟!

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر