"حان الوقت لوحدة المجلس الرئاسي".. الأزمات الدولية: أجندة السعودية والإمارات تثير الفتنة والانقسام في اليمن

[ تتوقف آفاق السلام في اليمن على درجة ما على الأقل من وحدة المجلس الرئاسي ]

قالت مجموعة الأزمات الدولية " أن المجلس الرئاسي المكون من ثمانية أعضاء والذي يرأس حكومة اليمن المعترف بها دوليًا يفتقد إلى رؤية مشتركة لمستقبل البلاد"، ولفت "ومع سعي المملكة العربية السعودية للخروج من الحرب اليمنية، والمفاوضات مع المتمردين الحوثيين في الأفق، حان الوقت لأن يحل المجلس مشاكله".
 
ووفق تقرير مطول للمجموعة الدولية «Crisis Group» – ترجمة "يمن شباب نت" – "وصلت الحرب في اليمن إلى نقطة انعطاف، حيث تجري محادثات القناة الخلفية بين اثنين من المتحاربين الرئيسيين - المتمردين الحوثيين والسعودية - وسط هدنة غير رسمية، وساعد توقف الأعمال العدائية النقاشات الحوثية السعودية على المضي قدمًا، ويبدو أن الصفقة تلوح في الأفق".
 
وأشار التقرير "لكن هذه المفاوضات بحد ذاتها لا يمكن أن تنهي الحرب، لأنها تستثني أعداء الحوثيين اليمنيين الذين يمثلهم مجلس القيادة الرئاسي الآن على رأس الحكومة، والمناقشات المنفصلة للحوثيين والحكومة برعاية أممية لم تعالج الخلافات الأكبر بين الحوثيين وخصومهم اليمنيين".
 
وأضاف: "إذا ظهرت صفقة سعودية حوثية تتجاوز مصالح الأطراف الأخرى، فإنها قد تجدد الحرب الأهلية اليمنية، وفي غياب تسوية أكثر شمولاً، من غير المرجح أن تكون حدود المملكة السعودية آمنة أيضًا، يتطلب إنهاء الحرب حوارًا موسعًا بين اليمنيين، ومن الناحية المثالية أيضًا تحت رعاية الأمم المتحدة".
 
ولفت التقرير "لكن في الوقت الحالي، المجلس الرئاسي أضعف من أن يكون محاوراً للحوثيين في مثل هذا الحوار، فمنذ إعلانه في 7 إبريل 2022 كان منقسما من البداية فهو لا يحكم ككيان واحد ويفتقر إلى استراتيجية واضحة للوصول إلى محادثات السلام التي تقودها الأمم المتحدة، ناهيك عن قدرته الالتزام بجدول أعمال متماسك لتلك المناقشات إذا ما حدثت".
 
وأضاف: "المشكلة الرئيسية هي أن أعضاء المجلس الرئاسي أنفسهم يختلفون حول كيفية تقاسم السلطة في المناطق الواقعة تحت سيطرتهم. وما إذا كان ينبغي أن تظل اليمن دولة موحدة، أو منقسمة إلى دولتين أو أن تصبح فيدرالية، وما إذا كان يجب حل هذه الأسئلة المعقدة قبل أو كجزء من أو بعد المحادثات السياسية مع الحوثيين".
 
وأوضح التقرير "ومما زاد الطين بلة، أن السعودية والإمارات الداعمين الرئيسيين للمجلس ينخرطون في تكتيكات عسكرية متضاربة، مما يعزز موقف أعضاء المجلس الذين يعتقدون أنهم يمثلون مصالحهم، وبالتالي تعميق الانقسامات في المجلس. في غضون ذلك تريد القوى الغربية مجلس رئاسي موحد بحيث تكون مؤثره عليه أثناء المفاوضات، لكنه يفتقر إلى سياسة واضحة بشأن ما يجب فعله للجمع بين أعضائه".
 
ورأى تقرير المجموعة الدولية "أنه حان الوقت الآن لإصلاح مشاكل المجلس الرئاسي، حيث يجب على أعضاءه أن يتخذوا موقفا تفاوضيا موحدا استعدادا للحوار اليمني الداخلي، وإلا فإنهم يخاطرون بالخروج من مثل هذه المحادثات خاليي الوفاض، مما يؤدي إلى مزيد من عدم الاستقرار في البلاد".
 
وتابع: "يجب على السعودية والإمارات التوفيق بين أجندتهما المتباينة تجاه المجلس واليمن ككل، إذا فشلوا في القيام بذلك، فستستمر منافستهم في الظهور في اليمن، مما يؤدي إلى إثارة الفتنة داخل المجلس وربما أيضًا تأجيج القتال على الأرض، ويجب على الدبلوماسيين الغربيين والإقليميين العمل معًا لإتاحة الموارد للمجلس الرئاسي استعدادًا للحوار اليمني الداخلي.  يمكنهم، على سبيل المثال، تقديم خبرة الوساطة لمساعدة المجلس في التخطيط لموقف تفاوضي للمناقشات الفنية".

 
مجلس رئاسي مكافح
 
بعد مرور عام على تشكيل المجلس، أصبح الاقتتال الداخلي أسوأ، وخلال الهدنة الرسمية تقاتلت الفصائل المتنافسة الممثلة في المجلس مع بعضها البعض للسيطرة على خطوط الإمداد الحيوية والمناطق المدرة للدخل في جميع أنحاء الجنوب، لقد سعوا إلى تأمين هذه المناطق من أجل الحصول على اليد العليا في المحادثات السياسية التي يرون أنها ستنهي الحرب.  خسر الموالون السابقون لهادي محافظة شبوة، وهي محافظة أخرى منتجة للنفط، لصالح كتائب العمالقة، وتعرضوا لهزيمة إضافية عندما انتقلت القوات المتحالفة مع المجلس الانتقالي الجنوبي إلى محافظة أبين الساحلية شرق عدن.
 
واليوم، يهدد المجلس الانتقالي الجنوبي بالسيطرة على وادي حضرموت، وهي أراض تقع في أقصى الشرق تديرها الآن المنطقة العسكرية الأولى المرتبطة بالإصلاح. كما أن العليمي لديه جيش جديد مدعوم من السعودية، وهو قوات درع الوطن، والذي ينتشر في عدة مناطق يديرها المجلس الانتقالي الجنوبي في الجنوب، وقد أدت التحولات في السيطرة على الأراضي إلى تفاقم المشكلة ذاتها - المنافسة بين الفصائل المناهضة للحوثيين - التي دفعت إلى تشكيل المجلس الرئاسي.
 
المجلس الرئاسي مليء بالخلافات، ويفتقر أعضاؤه الى رؤية مشتركة لمستقبل البلاد في مرحلة ما بعد الصراع، على سبيل المثال، يريد المجلس الانتقالي الجنوبي أن يوافق المجلس على انفصال الجنوب قبل التحدث إلى الحوثيين، لأنهم يعتقدون أن التسوية السياسية النهائية من المرجح أن تتجاهل قضية الجنوب. وتطالب فصائل حضرموت وشبوة ومأرب الممثلة في المجلس بالاستقلال الاقتصادي.
 
لكن المجلس الانتقالي الجنوبي يعارض هذه الفكرة، لأن الوصول إلى المحافظات المدرة للدخل سيكون أمرًا حاسمًا للحفاظ على دولة جنوبية مستقلة تكون هذه المحافظات جزءًا منها.  كما تتنافس مكونات المجلس الرئاسي على المناصب الوزارية التي من شأنها أن توفر لها المزيد من رأس المال السياسي والاقتصادي، لم يتمكن المجلس من تجاوز هذه الخلافات، مما أضر بقدرته على الحكم.  نتيجة لذلك، فقد ثقة الجمهور.
 
في هذه الأثناء، يتم استبعاد جميع فصائل المجلس الرئاسي من المبادرة الدبلوماسية الرئيسية الجارية حاليًا: المحادثات التي ييسرها العمانيون بين الحوثيين والرياض، والتي بدأت في أكتوبر، عندما انتهت الهدنة الرسمية، وتم تسريعها في نوفمبر.
 
هذه المحادثات هي جزء من زوبعة من التقدم الدبلوماسي الإقليمي في عام 2023 والتي تؤكد حرص الرياض على الخروج من حرب اليمن. في 10 مارس، وافقت السعودية على استعادة العلاقات الدبلوماسية مع إيران، في صفقة توسطت فيها الصين. في تفكير الرياض، يمكن لطهران كصديقة دفع الحوثيين لقبول صفقة مع السعوديين ووقف نقل الأسلحة إلى المتمردين. في أوائل أبريل، بعد ما يقرب من عام من تشكيل المجلس الرئاسي، دعا السعوديون أعضاء المجلس إلى الرياض لمناقشة خارطة طريق لإنهاء الصراع، والتي قيل إنهم قدموها للحوثيين مسبقًا.
 
ووفقًا لمصادر مجموعة الأزمات، فإن خارطة الطريق تستجيب للعديد من مطالب الحوثيين، إحداها أن التحالف الذي تقوده السعودية سيرفع المزيد من القيود على الرحلات الجوية من وإلى صنعاء ويفتح بالكامل ميناء الحديدة على البحر الأحمر الذي يسيطر عليه الحوثيون أمام التجارة، والآخر هو أن يدفع السعوديين ما يعادل ستة أشهر من رواتب الخدمة المدنية والجيش في جميع أنحاء اليمن، بما في ذلك في المناطق التي يديرها الحوثيون.
 
هذه الفكرة هي حل مؤقت: لطالما أصر الحوثيون على أن تدفع الحكومة اليمنية هذه الرواتب من عائدات النفط في البلاد، ويقترح السعوديون أن يستخدم الحوثيون والمجلس الرئاسي (بتيسير من الأمم المتحدة) ما يمكن اعتباره في الواقع فترة سماح مدتها ستة أشهر للتفاوض على اتفاقية لتقاسم الإيرادات تحدد كيفية دفع الرواتب بعد ذلك.
 
يقول أعضاء المجلس الرئاسي إنهم يشعرون بالخيانة. وهم يعتقدون بشكل متزايد أن المملكة العربية السعودية تسعى إلى خروج يحفظ ماء الوجه من اليمن، حيث لن يكون لهم رأي يذكر فيه، إنهم يخشون من أن رحيل السعوديين سيضع الأساس للحوثيين لشن هجوم جديد، في محاولة للسيطرة على البلاد بأكملها.  كما أنهم يشتبهون في أن الحوثيين يماطلون في المفاوضات، مستغلين نفاد صبر السعوديين لإخراج أنفسهم من اليمن لتقديم مطالب أكبر من أي وقت مضى ويهددون باستئناف الأعمال العدائية إذا لم يرضوا. تعتقد الكتلة المناهضة للحوثيين أن المتمردين يهدفون إلى الهيمنة على خصومهم اليمنيين، وليس المساومة معهم بحسن نية، ويخشون أن يساعد إنهاء تورط المملكة في الحرب الحوثيين على تحقيق هذا الهدف.
 
يشكو أعضاء المجلس أيضًا من أن السعوديين لا يخبرونهم كثيرًا عن كيفية سير المناقشات مع المتمردين. تستشير الرياض المجلس حول المفاوضات بشكل غير منتظم، وعمومًا بعد جولة من المحادثات وليس طوال الوقت، وإن خارطة الطريق المذكورة أعلاه هي خير مثال على ذلك. ويجب على أعضاء المجلس انتظار المعلومات حول المحادثات الحوثية السعودية حتى تصل إليهم، عادة من خلال العليمي، الذي يتصل به السعوديون بشكل متكرر، ليس لديهم أي مساهمة في المحادثات بأنفسهم.
 
وكما أوضح دبلوماسي غربي، فإن "الرسائل من الجهات الفاعلة الإقليمية تصل إلى أعضاء المجلس، لكن ردود الفعل من المجلس لا تتدفق في الاتجاه المعاكس ... ولا نعرف أبدًا ما إذا كانت الرياض تأخذ في الاعتبار الخطوط الحمراء لفصائل المجلس الرئاسي المختلفة".  في الواقع، يقول أعضاء المجلس إنهم رهينة أي مسار عمل تقرر الرياض اتخاذه - حتى عندما يتعدى ذلك على امتيازاتهم الخاصة، مثل مدفوعات الرواتب التي يُفترض أن الحوثيين سيستمرون في المطالبة بها حتى لو وقعوا على خارطة الطريق السعودية. وقال مسؤول حكومي "ليس من المنطقي بالنسبة للسعودية أن تتفاوض بشأن عائدات النفط نيابة عنا".
 
وعلى نفس المنوال، يصر السعوديون على أن يوقع المجلس الرئاسي على خارطة الطريق، إلى جانب الحوثيين، على الرغم من أن الرياض كانت النظير الرئيسي للمتمردين في المحادثات حتى الآن. وترغب المملكة في أن تبدو كوسيط وليس طرفًا في النزاع، مما يعطي انطباعًا خاطئًا بأن المجلس الرئاسي قد شارك في المفاوضات. من المحتمل أن يوقع المجلس على خارطة الطريق "لكن على مضض"، لأن أعضائه سيقبلون الشروط التي لم يتفاوضوا عليها.
 
من جانبهم، لا يريد الحوثيون الموافقة على صفقة مع المجلس لأنهم يعتبرون الفصائل اليمنية الممثلة في المجلس مجرد دمى في التحالف الذي تقوده السعودية. من وجهة نظرهم فإن الحرب تضعهم في مواجهة الرياض، ويمكنهم التعامل مع الأطراف اليمنية الأخرى بمجرد مغادرة التحالف.
 
ومما زاد الطين بلة، أن الحكومة التي يرأسها المجلس تمر بأزمة مالية، وعند إنشاء المجلس تعهدت السعودية بمنحها 3 مليارات دولار للمساعدة في استقرار الاقتصاد، لكن المجلس لم يتلق سوى مليار دولار حتى الآن، وسبب التأخير غير واضح. ويقول مسؤولون يمنيون إن الحكومة أوفت إلى حد كبير بشرط الرياض لإصلاح البنك المركزي. وفي الوقت نفسه، توقف إنتاج النفط قرب نهاية عام 2022، بسبب ضربات الطائرات بدون طيار الحوثية على محطات التصدير.
 
يضاعف الحوثيون من استراتيجيتهم في خنق الحكومة مالياً جزئياً من خلال شن مثل هذه الهجمات وعن طريق تحويل الواردات التجارية من عدن إلى الحديدة. وتنفد أموال الحكومة لدفع الرواتب في المناطق التي تسيطر عليها، مما يزيد من اعتمادها على المساعدة المالية السعودية ويقلل من قدرتها التفاوضية مع الحوثيين في المحادثات المستقبلية المفترضة.  وطالما أن المتمردون يستطيعون تعريض مصدر الدخل الرئيسي للحكومة للخطر من خلال التهديدات الموجهة للمنشآت النفطية، فلا يمكن للمجلس أن يدفعهم إلى تقديم تنازلات، مثل التخلي عن مطالبة الحكومة بدفع رواتب للقوات الحوثية.
 
في مواجهة كل هذه الصعوبات، لا يزال يتعين على أعضاء المجلس الرئاسي إثبات قدرتهم على تنحية خلافاتهم جانبًا. إنهم يكرهون تحمل المسؤولية عن إخفاقات المجلس "إنهم ينتقدونه كما لو كان طرفًا ثالثًا"، على حد قول دبلوماسي غربي. سيحتاج الأعضاء إلى تقديم تنازلات، حتى على حساب تأثيرهم على الأرض. على سبيل المثال، لم يفي المجلس بعد بوعده الطويل الأمد بدمج مختلف القوات المقاتلة المناهضة للحوثيين تحت إشراف وزارتي الدفاع والداخلية. صحيح أن القيام بذلك سيكون مقامرة للفصائل التي لديها مثل هذه القوى وسط الكثير من عدم اليقين بشأن المستقبل. ومع ذلك سيُظهر أن أعضاء المجلس أكثر جدية بشأن الوحدة، وأن دمج القوات تحت الوزارات الحكومية لن يستلزم بالضرورة كسر هياكل القيادة والسيطرة الحالية تمامًا.
 

دور القوى الخارجية
 
تعتبر الرياض المجلس وسيلة للوصول إلى هدفها المتمثل في الخروج من الصراع في أسرع وقت ممكن. والمجلس الرئاسي هو وسيلة لإبقاء الجماعات المناهضة للحوثيين على نفس الخط بينما تركز على التوصل إلى اتفاق مع الحوثيين. ونجحت الرياض في إنشاء سلطة تمثيلية، لكن باستبعاد المجلس الرئاسي من المحادثات مع الحوثيين وفشلها في تقديم كل المساعدة الاقتصادية الموعودة، أعاقت قدرة المجلس على الحكم.
 
إن قيام الرياض بإضعاف المجلس الرئاسي سيكون بمثابة قصر نظر، حيث إن حل مشاكل المملكة مع الحوثيين - في المقام الأول سلامة حدودها - لن ينهي الصراع، والذي إذا استمر سيهدد دائمًا بالانتشار إلى المملكة العربية السعودية. وتحتاج الرياض من أجل فك الارتباط عن اليمن بشكل آمن، إلى حوار يمني داخلي وتسوية تعيد الاستقرار للبلاد، لذلك فإن مجلس رئاسي متماسك بشكل معقول هو شرط أساسي.
 
تدعي السعودية والإمارات علنًا دعمهما لوحدة المجلس الرئاسي، ومع ذلك يبدو أن تصرفات وكلائهما على الأرض تشير إلى أنهما يفضلان تشجيع المكونات الفردية للمجلس التي يكون لهما تأثير خاص عليها. حيث كان استيلاء كتائب العمالقة المتحالفة مع الإمارات على شبوة على حساب الموالين السابقين لهادي الذين تربطهم علاقات وثيقة بالسعودية. وأدى قرار الرياض بنشر قوات درع العليمي على طول الخطوط الأمامية الرئيسية في حضرموت وأماكن أخرى إلى تكثيف الاحتكاكات بين الإصلاح والمجلس الانتقالي الجنوبي.
 
وقادت هذه الحركات العسكرية معظم المعسكر المناهض للحوثيين للشك في أن المملكة العربية السعودية أو الإمارات العربية المتحدة كانتا ملتزمتان حقًا بوحدة المجلس الرئاسي. "التحالف (الخليج العربي) يدعم المجلس كأفراد وليس ككيان، حسبما قال مسؤول حكومي. مضيفاً" لقد استبدلوا هادي بجماعة متفرقة".
 
الدول الغربية لديها خيارات قليلة لتقوية المجلس الرئاسي، وحتى الآن حاول الدبلوماسيون تعزيز شرعيته على الساحة الدولية من خلال الاجتماع بأعضاء المجلس داخل وخارج البلاد واستضافتهم في المحافل الدولية، من الناحية الرسمية تعزز هذه الاجتماعات وحدة المجلس، لكن لم يكن لها أي تأثير حقيقي.
 
كما أن المسؤولين الغربيين عالقون بين المطرقة والسندان في التعامل مع المحادثات بين الحوثيين والسعودية، التي حُرموا من المشاركة فيها أيضًا، ويريد هؤلاء المسؤولون من الرياض إشراك المجلس في مفاوضاتها مع الحوثيين وتكليف الأمم المتحدة بالمسؤولية. فهم والمجلس يخشون أن تتجاهل السعودية مصالح فصائل المجلس في إبرام صفقة مع الحوثيين، مما يترك الاتفاقية مفتوحة أمام هذه الجماعات نفسها للخروج عن مسارها، لكنهم لا يملكون أي تأثير على اتجاه المحادثات بين الحوثيين والسعودية. وكما قال دبلوماسي غربي "السعوديون يديرون العرض، ونحن المتفرجون الصامتون".
 

أفضل رهان في اليمن
 
تتوقف آفاق السلام في اليمن على درجة ما على الأقل من وحدة المجلس الرئاسي، وعلى الرغم من مشاكله فإن المجلس هو الهيئة الأكثر شمولاً في المشهد السياسي المتصدع المناهض للحوثيين، لا يوجد بديل أفضل معروض كنظير للحوثيين في المحادثات اليمنية الداخلية، والتي تعتبر ضرورية لإنهاء الصراع بشكل مستدام.
 
يقال إن خارطة الطريق التي تصورها السعوديون تستلزم محادثات أولية بين اليمنيين حول القضايا الفنية، بما في ذلك مدفوعات الرواتب. بالنسبة لهذه المرحلة من المحادثات، فإن المجلس المنقسم سيكون ذا فائدة قليلة، النتيجة الأكثر ترجيحًا هي أن الحوثيين يحصلون على كل ما يريدون، تاركين فصائل المجلس بلا شيء. ومن المرجح أن تستمر الحرب، لأن الفصائل ستغضب من هيمنة الحوثيين، مع تداعيات محتملة على أمن السعودية، بغض النظر عن اتفاق الرياض مع الحوثيين.
 
وبالتالي، يجب على المجلس الرئاسي أن يسعى إلى توحيد فصائله المتباينة. يجب على فريق التفاوض الحكومي، الذي يضم ممثلين عن الفصائل المختلفة في المجلس، أن يعد موقفًا تفاوضيًا واقعيًا تحسباً لبدء المحادثات بين اليمنيين قريباً، بدلاً من العمل كثمانية كيانات مختلفة، كما يفعلون الآن. من المؤكد أن الاختلافات الرئيسية بين أعضاء المجلس حول هيكل الدولة والحوكمة في اليمن لن يتم حلها الآن، ومن المرجح أن تكون موضوع مناقشات لاحقة، والتي قد تجعل أعضاء المجلس ضد بعضهم البعض في الوقت الحالي.
 
على الرغم من ذلك، تحتاج الحكومة إلى صياغة استراتيجية تفاوضية بشأن تلك القضايا التي يمكن للمجلس أن يحقق إجماعًا بشأنها، علاوة على ذلك يجب على أعضاء المجلس السعي إلى قضاء المزيد من الوقت داخل اليمن وعدم العمل بشكل أساسي من العواصم الخارجية، لأن غيابهم المتكرر أوجد فراغًا سياسيًا.
 
يمكن للسعودية والإمارات المساعدة في قضية وحدة المجلس الرئاسي من خلال التوفيق بين استراتيجياتهما المتضاربة تجاه المجلس، يجب أن يتحدثوا إلى المجلس بشكل جماعي، وأن يكونوا شفافين مع بعضهم البعض في اتصالاتهم مع المجلس وأن ينسقوا رسائلهم.  وبالتالي فإنهم سيؤكدون للمجلس أنهم موحدون في رؤيتهم للمجلس ولليمن على نطاق أوسع، كما أنهم سيبددون المخاوف من أنهم يريدون تشجيع بعض الفصائل على حساب أخرى.
 
 كخطوة أولى، يمكن للرياض أن تبقي المجلس على اطلاع دائم بمحتوى حوارها مع الحوثيين، يمكن للسعودية والإمارات أيضًا التوسط بشكل مشترك بين فصائل المجلس لحل الخلافات، في الوقت الحالي يجتمع المجلس في الرياض على أساس غير منتظم والإمارات العربية المتحدة عادة ليست منخرطة.
 
يجب على السعوديين أيضًا ضمان أن أي صفقة يبرمونها مع الحوثيين ستمهد الطريق للمحادثات بين اليمنيين من خلال جعل أي فوائد في الصفقة مشروطة بموافقة الحوثيين على التفاوض مباشرة مع المجلس في نهاية المطاف في المحادثات التي ترعاها الأمم المتحدة.  يجب أن تعمل الرياض عن كثب مع عواصم الشرق الأوسط الأخرى، بما في ذلك أبو ظبي وطهران، في ممارسة الضغط على مختلف الأطراف اليمنية لعقد هذه المحادثات في أقرب وقت ممكن.
 
يجب على الدبلوماسيين الغربيين والإقليميين العمل معًا لصياغة سياسة منسقة بوضوح تجاه المجلس الرئاسي والموافقة على أجندة سياسية واقتصادية للمجلس، مع معايير محددة ومرئية وقابلة للتحقيق، ستكون مأساة إذا تم فتح فرصة للمحادثات بين اليمنيين - والسلام في نهاية المطاف - فقط لتغلق بسبب الفوضى بين خصوم الحوثيين.

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر