تقارب سعودي - إيراني بوساطة صينية.. ماهي تداعياته على ملف حرب اليمن؟

اتفقت إيران والمملكة العربية السعودية، يوم الجمعة، على إعادة العلاقات الدبلوماسية وإعادة فتح السفارتين بعد سبع سنوات من التوترات، واعتبرت تقارير غربية بأن صدى الاتفاق سيتردد عبر الشرق الاوسط بدءاً من حرب اليمن وصولاً لانخراط الصين الإقليمي.
 
ووصف تقرير لوكالة الاسوشيتد برس، الخطوة بـ"الاختراق الدبلوماسي الكبير" الذي تم التفاوض عليه مع الصين، معتبرة بأنه يقلل من فرص نشوب نزاع مسلح بين الخصمين في الشرق الأوسط - سواء بشكل مباشر أو في النزاعات بالوكالة حول المنطقة.
 
وبحسب التقرير، تمثل الصفقة، التي تم إبرامها في بكين هذا الأسبوع، انتصارًا دبلوماسيًا كبيرًا للصين حيث ترى دول الخليج العربية أن الولايات المتحدة تنسحب ببطء من الشرق الأوسط الأوسع، كما تأتي في الوقت الذي يحاول فيه الدبلوماسيون إنهاء حرب طويلة في اليمن، وهو الصراع الذي ترسخت فيه إيران والسعودية بعمق.
 
وأصدر البلدان بيانا مشتركا بشأن الاتفاق مع الصين، التي توسطت في الاتفاق حيث مُنح الرئيس شي جين بينغ ولاية ثالثة مدتها خمس سنوات كزعيم في وقت سابق يوم الجمعة.
 
ويدعو البيان المشترك إلى إعادة العلاقات وإعادة فتح السفارات "في غضون شهرين على الأكثر"، ومن المقرر أيضا عقد اجتماع لوزراء خارجيتهم.
 
ورحبت الأمم المتحدة بالتقارب السعودي الإيراني وشكرت الصين على دورها، وقال المتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك للصحفيين في مقر الأمم المتحدة إن "علاقات حسن الجوار بين إيران والسعودية ضرورية لاستقرار منطقة الخليج".
 
والصين، التي استضافت الشهر الماضي الرئيس الإيراني المتشدد إبراهيم رئيسي، هي أيضا أكبر مشتر للنفط السعودي،  وزار رئيسها  الرياض في ديسمبر كانون الأول لعقد اجتماعات مع دول الخليج العربية الغنية بالنفط والتي تعتبر حيوية لإمدادات الصين من الطاقة.
 
ولطالما كانت التوترات عالية بين إيران والمملكة العربية السعودية، حيث قطعت المملكة العلاقات مع إيران في عام 2016 بعد أن اجتاح محتجون بعثات السعودية الدبلوماسية هناك، وكانت السعودية قد أعدمت رجل دين شيعي بارز مع 46 آخرين قبل ذلك بأيام، مما أدى إلى اندلاع المظاهرات.
 
وانسحبت الولايات المتحدة من جانب واحد من الاتفاق النووي الإيراني مع القوى العالمية في عام 2018، وقد تم إلقاء اللوم على إيران في سلسلة من الهجمات بعد ذلك، بما في ذلك هجوم استهدف قلب صناعة النفط في المملكة العربية السعودية في عام 2019، مما أدى إلى خفض إنتاج المملكة الخام إلى النصف مؤقتًا.
 
وعلى الرغم من أن جماعة الحوثي اليمنية المدعومة من إيران تبنت الهجوم في البداية، فإن الدول الغربية والخبراء ألقوا باللوم على طهران، ونفت إيران شن الهجوم ونفت أيضا قيامها باعتداءات أخرى نُسبت لاحقا إلى الجمهورية الإسلامية.
 
ولدى القوتين مصالح متنافسة في أماكن أخرى، مثل الاضطرابات التي تمزق لبنان الآن وفي إعادة بناء العراق في أعقاب الغزو الذي قادته الولايات المتحدة عام 2003 والذي أطاح بصدام حسين.
 
وقال كريستيان كوتس أولريكسن الباحث في معهد بيكر بجامعة رايس والذي درس المنطقة منذ فترة طويلة إن توصل السعودية للاتفاق مع إيران جاء بعد أن توصلت الإمارات العربية المتحدة إلى تفاهم مماثل مع طهران.
 
وأضاف "إن هذا التراجع في التوترات وخفض التصعيد مستمر منذ ثلاث سنوات، وقد نشأ هذا عن اعتراف السعوديين بأنه بدون الدعم الأمريكي غير المشروط، لن يتمكنوا من إظهار قوتهم في مواجهة إيران وبقية المنطقة".
 
وقال أولريكسن أن الأمير محمد بن سلمان، الذي يركز الآن على مشاريع البناء الضخمة في الداخل، يريد على الأرجح الانسحاب أخيرًا من حرب اليمن أيضًا.
 
وتابع "عدم الاستقرار يمكن أن يلحق الكثير من الضرر لخططه".
 
وانتهى وقف إطلاق النار استمر مدة ستة أشهر، وهو الأطول في الصراع اليمني، في أكتوبر / تشرين الأول على الرغم من الجهود الدبلوماسية، وكانت المفاوضات جارية مؤخرًا، بما في ذلك في عمان، المحاور منذ فترة طويلة بين إيران والولايات المتحدة، كان البعض يأمل في التوصل إلى اتفاق قبل شهر رمضان المبارك، الذي يبدأ في وقت لاحق من شهر مارس. 
 
وأجرت إيران والسعودية محادثات متقطعة في السنوات الأخيرة، لكن لم يكن واضحًا ما إذا كان اليمن هو الدافع لهذا الوفاق الجديد.
 
ورجحت تقارير أن تكون للاتفاق تداعيات ملموسة فورية في اليمن، حيث يقاتل تحالف عسكري تقوده السعودية المتمردين الحوثيين المدعومين من إيران منذ عام 2015.
 
وانتهت الهدنة التي أُعلن عنها قبل نحو عام في أكتوبر / تشرين الأول الماضي، لكن المحادثات السعودية-الحوثية في الأسابيع الأخيرة أثارت تكهنات بشأن صفقة قد تسمح للرياض بالانسحاب جزئيًا من القتال، وفقًا لدبلوماسيين تابعين للعملية.
 
ونقل تقرير لوكالة فرانس برس عن العديد من المحللين قولهم إن السعوديين ما كانوا ليوافقوا على تحسين العلاقات مع إيران دون تنازلات بشأن تورط الجمهورية الإسلامية في اليمن.
 
وقال إبيش، باحث مقيم في معهد دول الخليج العربية بواشنطن (AGSIW) "من المحتمل جدًا أن تلتزم طهران بالضغط على حلفائها في اليمن ليكونوا أكثر استعدادًا لإنهاء الصراع في ذلك البلد، لكننا لا نعرف حتى الآن ما هي التفاهمات التي تم التوصل إليها من وراء الكواليس". 
 
وذكر التقرير بأنه من خلال إصلاح العلاقات مع إيران - وربما التراجع بخصوص اليمن - يمكن للمملكة العربية السعودية أن تواصل دفعها الدبلوماسي الواسع النطاق الذي شمل أيضًا التقارب الأخير مع قطر وتركيا.
 
خسارة لواشنطن
 
ويعتقد مارك دوبويتز، رئيس مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، التي تعارض الاتفاق النووي الإيراني، إن تجديد العلاقات الإيرانية السعودية عبر الوساطة الصينية "خسارة للمصالح الأمريكية"، مشيرًا إلى أن "بكين تعشق الفراغ".
 
لكن تريتا بارسي من معهد كوينسي، الذي يدعو إلى التعامل مع إيران ويدعم الاتفاق النووي، وصفت الخطوة بأنها "بشرى سارة للشرق الأوسط، لأن التوترات السعودية الإيرانية كانت محركًا لعدم الاستقرار". 
 
وأضافت أن "الصين برزت كلاعب يمكنه حل النزاعات بدلاً من مجرد بيع الأسلحة للأطراف المتصارعة"، مشيرًة إلى أن الشرق الأوسط الأكثر استقرارًا يفيد الولايات المتحدة أيضًا.
 

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر