ما وراء زيارة العميد "طارق صالح" إلى مدينة تعز.. وعلاقتها بالتحركات السعودية؟ (تقرير خاص)

للمرة الأولى منذ انشقاقه عن مليشيات الحوثي المدعومة من إيران عقب أحداث ديسمبر 2017م في صنعاء؛ زار عضو مجلس القيادة الرئاسي قائد المقاومة الوطنية العميد طارق محمد عبدالله صالح قبل أيام مدينة تعز جنوب غربي اليمن.
 
وكان طارق صالح قد غادر صنعاء عقب مقتل عمه الرئيس السابق علي عبدالله صالح على يد مليشيات الحوثي، واستقر في مدينة المخا الساحلية غربي تعز، حيث عمل على تشكيل وحدات عسكرية بدعم من دولة الإمارات.
 
هذه الزيارة المفاجئة جاءت في وقت تواجه فيه القوى المنضوية في إطار الشرعية تحديات كثيرة خاصة مع توجه السعودية للذهب نحو إبرام صفقة مع مليشيات الحوثي بشأن إنهاء الحرب بما يضمن تأمين حدودها مع اليمن.
 
واعتبر مراقبون أن زيارة العميد طارق صالح إلى تعز أنها تأتي في محاولة لكسر حالة الجمود وخلق مساحات جديدة لتعزيز سبل التقارب السياسي والعسكري بين الجبهات المناوئة للحوثيين، خاصة بين قواته ومحور تعز العسكري.
 
تعاون عسكري
 
كان العميد طارق صالح قد عقد لدى وصوله مدينة تعز، لقاءا موسعا مع القوى والمكونات السياسية بالمحافظة. كما ترأس اجتماعا لقيادات محور تعز العسكري والأجهزة الأمنية.
 
وقال صالح خلال اللقاءات، إن "تعز مفتتح الثورات ورافعة العمل السياسي وموجهة العمل الوطني وتحرير تعز وكسر الحصار عنها محل اهتمامنا جميعا كونها حاملة المشروع الوطني ومنبع الحكمة والثقافة والرافعة السياسية لكل الثورات ولا يمكن أن تحرر صنعاء إلا بتحرير تعز أولا".
 
وأشار إلى أن مليشيات الحوثي تكره تعز وتحاصرها عسكريا وسياسيا واقتصاديا واجتماعيا لإدراكها أن تعز هي الثورة والحرية وأن التحرير لا يبدأ الا من تعز.
 
وأضاف عضو المجلس الرئاسي، أن "الجميع هدفهم تحرير صنعاء من عبث المليشيات المرتهنة لإيران والتي تعمل على تجريف الهوية اليمنية والعبث تسعى لاجتثاث كل أبناء اليمن فنحن ليس لدينا معارك جانبية".
 
وتابع، "لن يكون لدينا معارك جانبية إن هدفنا جميعا هو تحرير صنعاء من المليشيات وعليه لابد أن نكون صفا واحدا وكلمة واحدة لتحقيق الانتصار على المليشيات التي تتغذى على خلافاتنا وتستفيد من زراعة الفرقة والحملات والعداء والتناحر وبتوحدنا سنهزم المليشيات ونخلص الوطن من شرها".


 
ويرى مراقبون أنه من غير الممكن تفسير هذه الزيارة باعتبارها توجهًا جادًا لتوحيد القوى العسكرية في محور تعز والفصائل المسلحة في الساحل الغربي، بقدر ما عملت على إتاحة الفرصة بشكل أكبر للحديث عن نقاط الخلاف وتحديد مواطنه بما يعمل على تعزيز الثقة بين الطرفين.
 
وفي هذا السياق، يقول  المحلل والخبير في الشئون الاستراتيجية والعسكرية الدكتور علي الذهب، إن "هذه التحركات، فتحت المجال أمام هذه الأطراف –الساحل الغربي ومحور تعز– للحديث عن نقاط الخلاف، فيما لن تتخذ شكلًا عمليًا فيما يخص عمليات الدمج، أو حتى تشكيل غرف عمليات مشتركة أمنية وعسكرية".
 
وأضاف الذهب لـ"يمن شباب نت": "سيكون هناك توحيد للقوى، لكن ليس كما يتصور البعض، أن ذلك سيتم عبر إجراءات عملية في سبيل عملية التوحيد التي ستعني دمج القوات في إطار احتوائي".
 
وأضح: "مثلا أن تعمل القوات المشتركة والمقاومة الوطنية على احتواء محور تعز، لأنه في هذه الحالة يفترض أن يكون العكس، وهو بأن تخضع القوات المشتركة والمقاومة الوطنية لمحور تعز باعتباره تابعًا لوزارة الدفاع".
 
كما أشار الذهب إلى أن الزيارة "فتحت المجال للحوار بين الجانبين واتاحت الفرصة لتحقيق التعاون الأمني والعسكري، فضلًا عن الأدوار التي ستقوم بها الأجهزة الحكومية الأخرى، باعتبار طارق صالح عضو مجلس القيادة الرئاسي، وبنفس الوقت يجب على المسؤولين التنفيذيين أو المدنيين الحكوميين أن يستجيبوا لتعليماته".
 
لكنه في الوقت ذاته، لا يتفاءل "الذهب" بزيارة طارق صالح كثيرًا، ولكنه يجدها خطوة تمهيدية لتوحيد القرار العسكري والأمني عبر غرفة عمليات مشتركة، ويقول: "لا أقصد هنا توحيد الصف، إذ أن هذه المسميات فضفاضة وتوصيف أوسع".
 
كما لدى الذهب شكوك من أن "الزيارة وراءها تسريب معلومات من دولة الإمارات لطارق صالح عن تحركات سعودية في جنوب اليمن، قد يكون لها انعكاسات سلبية على جبهة تعز، فإما أن تترك تعز فريسة للحوثيين وبعد أن يفرغوا من حزب الإصلاح سيتحولون إليك، أو أن تقوم ببناء تحالفات سريعة"، على حد قوله.
 
تقارب حذر
 
وفي ظل الحديث عن مساعي التقارب بين مؤتمر طارق صالح أو المكتب السياسي، وحزب التجمع اليمني للإصلاح بتعز، يرى بعض المتابعين أن الخطاب السياسي لدى الجانبين لا يعكس حقيقة موقف الطرفين من بعضهما، إذ ماتزال خطواتهم نحو التقارب حذرةً ومحدودة.
 
وفي هذا الجانب يرى المحلل العسكري "علي الذهب" أن "التقارب بين طارق صالح وحزب الإصلاح في محافظة تعز، هو تقارب محدود وحذر، ولكل منها شروط، وكل طرف يناور مع الآخر".
 
وقال الذهب في إطار حديثه لـ"يمن شباب نت": "زيارة طارق صالح تعتبر ممارسة طبيعية لسلطته من موقع نفوذه المتمثل بعضويته في مجلس القيادة الرئاسي، وفي نفس الوقت يحاول الإصلاح التعامل بمرونة مع هذا التوجه ويظل تقاربهما هو ربما مبادرة بين الجانبين في اتجاه توحيد القرار السياسي والعسكري والأمني والإداري".
 
وأضاف أن هذا التوجه يأتي بهدف "إزالة بعض العقبات التي تتعلق بإدارة محافظة تعز والدفاع عنها، بما يضيق على الحوثيين فرص تحقيق أي مكاسب ميدانية في حال احتدم الصراع داخل جبهات الحكومة المعترف بها دوليا، سوءًا في محور تعز والساحل، أو في جبهات المجلس الانتقالي الجنوبي، أو في حال فشلت المفاوضات وعاد الصراع الى الواجهة من جديد".
 
وقال الدكتور الذهب:"ربما يكون هناك غرفة عمليات مشتركة عسكرية وأمنية، وربما يمنح محور تعز فرصة للتحرك أكثر من خلال الزيارات المتبادلة بين الجهات الأمنية والعسكرية وبناء الثقة".
 
وأشار الى أن "عملية بناء الثقة وتبادل الزيارات أمر في غاية الأهمية، إذ لا يمكن لمحور تعز أن يمارس أي سلطة رقابية على قوات المقاومة الوطنية باعتبار أن هناك خطوط حمراء لا يمكنه تجاوزها، ولا يمكن أن تقدم لمحور تعز أي معلومات متعلقة بالقوات في الساحل الغربي".
 
خطوة نحو المصالحة
 
زيارة العميد طارق صالح الى مدينة تعز، حملت معها خطابًا سياسيا يمكن أن يسهم في معالجة الأخطاء التي رافقت الفترة الماضية، من قبل مختلف القوى والنخب السياسية، لكن التحدي الأبرز يعتمد على إمكانية ترجمة حلول هذه الأخطاء على أرض الواقع.
 
ويرى الصحفي أحمد شوقي -الذي وصف زيارة صالح بأنها "خطوة جيدة ومحفزة، للبدء بخطوات حقيقة نحو المصالحة داخل معسكرات الحكومة الشرعية-، أن "أهمية الزيارة تكمن في تصريحات طرحها طارق صالح، حول الأخطاء التي مورست من قبل معظم القوى السياسية، ويجب البدء بمراجعتها للتوصل الى توافقات ومعالجات بشأنها"، على حدّ تعبيره.
 
وقال شوقي في حديثه لـ"يمن شباب نت" إن "التحدي الرئيسي في مدى إمكانية توحيد الجهود نحو المعركة الرئيسية ضد مليشيا الحوثي. يجب أن تتحول الأقوال فيها إلى أفعال، ويجب أن نرى أشياء وتحركات على الأرض، إضافةً للبدء بحوارات حقيقة بين القوى السياسية".
 
كما أكد أيضا، أن"معالجات الأخطاء ستعمل على تفعيل مؤسسات الدولة ودفعها للقيام بدورها بما يعمل على تطبيع الحياة العامة، وهو ما سيساعد على تحقيق الانتصار على مليشيا الحوثي، عبر جذب المواطنين في مناطق سيطرة المليشيات للوقوف الى جانب الشرعية والثورة ضد الجماعة".
 


- فيديو :


مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر