"الحوثيون أثبتوا أنهم قوة تخريبية".. معهد أمريكي: لا يمكن للمحادثات السعودية - الحوثية أن تحقق السلام في اليمن

قال معهد أمريكي، بعد ما يقرب من تسع سنوات على التدخل السعودي في اليمن، لا وجود لطريق واضح لتسوية الحرب، ظهرت تقارير تفيد بأن السعودية والحوثيين المدعومين من إيران يجرون محادثات عبر قنوات خلفية تهدف إلى التوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار.
 
ووفق تقرير لمعهد دول الخليج العربي بواشنطن «AGSIW» - ترجمة "يمن شباب نت" – "لم تحقق المحادثات السابقة سوى مكاسب تكتيكية للأطراف المتحاربة، ومن غير المرجح أن توفر الجهود الحالية حلاً دائمًا أو تسوية سياسية شاملة، والتي تبدو حاليًا بعيدة المنال".
 
وأشار التقرير "أن الجولة الأخيرة من المحادثات السعودية الحوثية لا يمكن التنبؤ بها، حيث تجري دون مشاورات مباشرة مع الحكومة اليمنية، وتتجاوز القنوات الدبلوماسية القائمة، فإلى جانب الجهود الدبلوماسية السعودية، كثفت الوفود العمانية والأمم المتحدة اجتماعاتها مع قيادة الحوثيين لكسر الجمود الحالي في العملية السياسية".
 
قد تؤدي هذه المقاربات المتباينة، والتي كانت سمة مشتركة مع الأطراف الأجنبية المشاركة في الصراع اليمني، إلى مزيد من التشرذم السياسي وعدم الاستقرار في اليمن، حيث يحتمل أن يرسخ الحوثيون سلطتهم على حساب الفصائل السياسية الأخرى والجماعات المهمشة، بحسب التقرير.
 
وتأتي الدفعة الحالية للمحادثات وسط مأزق سياسي عقب انتهاء الهدنة التي استمرت ستة أشهر في أكتوبر/ تشرين الأول 2022، ورفض الحوثيون تمديد الهدنة أو احترام التزامهم برفع الحصار عن تعز، علاوة على ذلك، قدموا مطالب في اللحظة الأخيرة، بدفع رواتب الموالين وأعضاء الميليشيات تحت ستار تمويل موظفي الخدمة المدنية.
 
وصعد الحوثيون من خطابهم ضد المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وشنوا ثلاث هجمات بطائرات بدون طيار على محطات نفطية في جنوب اليمن، كل ذلك للضغط على الحكومة اليمنية المعترف بها من الأمم المتحدة لتقاسم الإيرادات مع الجماعة.
 


وقالت الأمم المتحدة إن السعوديين والحكومة التزموا بالهدنة واستمروا في التمسك بها منذ انتهاء صلاحيتها، وظل مطار صنعاء وميناء الحديدة مفتوحين لتلبية شروط الحوثيين الرئيسية خلال الهدنة، علاوة على ذلك، يبدو أن مفاوضات القنوات الخلفية سمحت بدخول السفن التجارية إلى الحديدة لأول مرة منذ عام 2016، ومع ذلك يُنظر إلى الكثير من هذا على أنه انتصار سياسي للحوثيين.
 
وتنطلق المبادرات التي تهدف إلى التوصل إلى حل سياسي بين الأطراف المتحاربة وسط معارضة داخلية كبيرة للحوثيين والاضطرابات المستمرة في إيران، التي دعمت الحوثيين طوال الصراع وحثتهم على شن هجمات خارج اليمن.
 
ويؤدي اضطراب الوضع في إيران إلى زيادة الضغط على المنطقة، حيث يبدو أن الخوف من مواجهة جيوسياسية بين إيران والسعودية عبر الحوثيين، يبدو جزئيًا أنه يجبر الرياض على السعي للتوصل إلى حل وسط مع الحوثيين بغض النظر عن أفعالهم في اليمن. لذلك فإن أي صفقة يتم التوصل إليها مباشرة بين السعوديين والحوثيين يمكن اعتبارها منفصلة عن الحرب الأهلية في اليمن.
 
في غضون ذلك، يركز الحوثيون على إيجاد مصادر للدخل، حيث طلبوا دفع رواتب موظفي الحكومة الذين قُطعت رواتبهم أثناء النزاع، بمن فيهم أعضاء الحوثيين، مشترطين أن تذهب الأموال إليهم مباشرة أولاً، في محاولة واضحة لتأمين السيطرة على التمويل.
 
بالإضافة إلى ذلك، نظرًا لأن الحوثيين طردوا بالفعل العديد من موظفي الخدمة المدنية واستبدلوهم بالموالين لهم، فقد عملوا بشكل فعال على تخريب نظام الحكم الذي يسعون الآن إلى دعمه ماليًا. كما أنهم يأخذون اقتطاعًا كبيرًا من موظفي الخدمة المدنية والقطاع الخاص من خلال الضرائب غير المشروعة، ومن خلال هذه الإجراءات يعمل الحوثيون على توطيد سلطتهم وفرض سيطرة أكبر على الدولة.
 
بشكل عام، ستكون كلفة الاتفاق مع الحوثيين مرتفعة، اقتصاديًا وسياسيًا، لأنهم طالبوا بحصة من احتياطيات النفط في البلاد، ومعظمها موجود تاريخيًا في الأراضي الجنوبية، وبالنظر إلى الدعوات المتزايدة في عدن للانفصال وصعود المجلس الانتقالي الجنوبي السريع إلى السلطة، فإن أي تنازلات من قبل المملكة العربية السعودية أو مجلس القيادة الرئاسي المدعوم من السعودية والإمارات من شأنها أن توفر إيرادات للحوثيين على حساب الجنوبيين، قد تؤدي إلى تأجيج جديد لدورة الصراع وتسريع المسار نحو انفصال البلاد.
 



في غضون ذلك، لا تبدو الحكومة المعترف بها من قبل الأمم المتحدة مستعدة للمصالحة، حيث طالبت الولايات المتحدة بإعادة تصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية، وهو التصنيف الذي رفعه الرئيس جوزيف بايدن جونيور في يناير 2021، علاوة على ذلك داخل الأراضي التي يسيطر عليها الحوثيون، بدأ اليمنيون في التحدث علنًا ضد الفساد المتصور للجماعة وتكتيكاتها القمعية وفرضها قيود أيديولوجية.
 
فقد تحدث العديد من المؤثرين البارزين علناً ضد تصرفات الحوثيين، وعقدت سلطات الحوثيين محاكمات صورية في يناير/ كانون الثاني لناشطين متهمين بنشر معلومات كاذبة والتشهير والتحريض على العنف، إذا فشلت تسوية تفاوضية بين الأطراف الإقليمية والدولية وفشل الحوثيون في مراعاة الظروف والمطالب المحلية، فسيكون من الصعب تأمين حالة التقبل على مستوى البلاد.
 
 لقد أثبت الحوثيون أنهم قوة تخريبية واستنفدوا القدرات العسكرية للحكومة المدعومة من الأمم المتحدة، ومع ذلك فهذه حقيقة يصعب قبولها بالنسبة للعديد من الفصائل اليمنية التي تعتقد أنه يجب احتواء الحوثيين.
 
القلق العام هو أن أي صفقة لن تؤدي إلا إلى تسوية الخلافات بالوكالة بين السعودية وإيران دون معالجة مطالب غالبية الشعب اليمني بتراجع قدرات الحوثيين العسكرية وخنق السيطرة السياسية. كما سيكون للرحيل المفاجئ للتحالف الذي تقوده السعودية تأثير كبير على الديناميكيات المحلية ويمكن أن يرسخ الحوثيين لعقود قادمة.
 
وعلى المدى القصير، فإن أي تنازلات تتعلق بالمطالب المالية للحوثيين يمكن أن توفر شريان حياة للحوثيين ورعاتهم الإيرانيين على حساب الشعب اليمني والمصالح الأمنية للمملكة العربية السعودية، وتساعد الحوثيين على اتخاذ الخطوة الحاسمة التالية نحو ترسيخ طويل الأمد لأنفسهم.
 
لا يزال الوضع في اليمن غير قابل للتنبؤ، قد تبدو الجهود الدبلوماسية وكأنها تقدم بصيص أمل لتقارب بين السعوديين والحوثيين، لكن هذا سيناريو من شأنه أن يترك اليمنيين معرضين للخطر مع استمرار الحوثيين في الحفاظ على اليد العليا من وجهة نظر سياسية وعسكرية.
 
ومع ذلك، ومهما كانت الوعود التي قد يحملونها للخروج من الصراع الذي يحد من الاعتبارات السلبية للسعوديين، فإنهم لن ينجحوا في إيجاد تسوية سياسية شاملة ما لم تتم معالجة مخاوف ومظالم الفصائل اليمنية من سيطرة الحوثيين السياسية وقوتهم العسكرية. وفي الوقت الحالي، تبدو احتمالات مراعاة أوسع للقضايا المطروحة في اليمن قاتمة.

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر