كيف تطورت علاقة مليشيات الحوثي بالتنظيمات الإرهابية في اليمن.. وما الدور الذي لعبته إيران؟

[ اعلن الحوثيون عن تبادل أسرى مع تنظيم القاعدة في شبوة ]

انتقلت العلاقة بين مليشيات الحوثي الإرهابية المدعومة من إيران وبين تنظيم القاعدة الإرهابي إلى العلن بعد سنوات من التنسيق والتعاون وتبادل الأدوار في اليمن، مصالح مشتركة جمعتها مع تلك التنظيمات جعلت علاقتهما تتطور بشكل لافت.
 
وأمس الأول الأحد، أقرت مليشيات الحوثي على لسان مسؤول لجنة الأسرى المدعو عبد القادر المرتضى إجراء صفقة تبادل الأسرى بينها وبين تنظيم القاعدة وذلك لأول مرة تعترف فيها المليشيا بوجود تنسيق بين الجماعتين الإرهابيتين. وقال المرتضى، "أجرينا قبل عدة أيام عملية تبادل مع تنظيم القاعدة في جبهة شبوة تم فيها بعون الله الإفراج عن ثلاثة من أسرانا في مقابل أسيرين من أسراهم".
 
وجاء اعتراف المليشيا بعد يوم من إعلان تنظيم القاعدة، إنه تبادل في 14 فبراير/ شباط الجاري، أسرى مع المتمردين الحوثيين، وأستردّ اثنين من مقاتليه في التبادل وهما قعقاع البيحاني، وموحد البيحاني حسبما أفاد موقع "سايت انتليجنس" المتخصص في تتبع الجماعات الجهادية.
 
 
تنسيق وتخادم
 
صفقة تبادل الأسرى الأخيرة المعلنة جاءت امتداد لسلسلة عمليات تبادل مماثلة سرية وكبيرة منذ انقلاب مليشيات الحوثي على الشرعية وسيطرتها على صنعاء، شملت إطلاق العشرات من القاعدة بينهم عناصر خطيرة.
 
وتعليقا على ذلك؛ قال وزير الإعلام اليمني والثقافة اليمني معمر الإرياني، إن إطلاق مليشيا الحوثي الارهابية التابعة لإيران عنصرين من تنظيم القاعدة يؤكد صحة ما قالته الحكومة عن تنسيق وتخادم بين الطرفين برعاية إيرانية.
 
وكانت الحكومة اليمنية كشفت في رسالة سلمتها إلى مجلس الأمن الدولي في أبريل/ نيسان عام 2021 عن إطلاق الحوثيين نحو 252 سجينًا من القاعدة والذين كانوا يتواجدون في سجون الأمن السياسي والقومي في صنعاء، بينهم المتهم بتفجير المدمرة الأمريكية كول.
 
وقال الإرياني عبر "تويتر"، إنه "سبق وأن قامت مليشيا الحوثي بإطلاق عدد من العناصر الإرهابية من سجن الأمن السياسي بعد سيطرتها على العاصمة المختطفة صنعاء بينهم عدد من قيادات تنظيم القاعدة".
 


وأضاف أن المليشيا أفرجت في 13 نوفمبر 2018 عن 20 عنصراً إرهابياً بينهم (16) من عناصر تنظيم القاعدة و(4) آخرين من تنظيم داعش الإرهابي.
 
كما أطلقت ميليشيا الحوثي – بحسب الأرياني- في ديسمبر 2019 (6) من عناصر تنظيم القاعدة، وأطلقت في منتصف العام 2020 ثلاثة من أخطر عناصر التنظيم الإرهابي المتورطين في جريمة اغتيال الدبلوماسي السعودي خالد سبيتان العنزي بالعاصمة صنعاء في 28 نوفمبر 2012، إضافة لتورطهم في عدد من العمليات الإرهابية.
 
وفي 22 ابريل/ نيسان 2020 أطلقت مليشيا الحوثي (43) من عناصر تنظيم القاعدة من سجونها بالعاصمة صنعاء ومدينة الصالح من جنسيات مختلفة.
 
وذكر وزير الإعلام، أن من بين المفرج عنهم المدعو عبدالله المنهالي الذي اعتقل بعملية خاصة في "حلفون" بمحافظة حضرموت، لافتا إلى أن المليشيا أفرجت عنه مقابل قيامهم بتنفيذ أنشطة إرهابية وزعزعة الأمن والاستقرار في المناطق المحررة.
 
وسبق أن أكدت الحكومة اليمنية في رسالتها إلى مجلس الأمن، أن" التنسيق بين المليشيا الحوثية، والقاعدة وداعش، وصل إلى حد التنسيق لتبادل الأدوار الإجرامية المهددة لأمن واستقرار ووحدة اليمن ومحيطها العربي، والإقليمي، وخطوط الملاحة الدولية".
 
وأشارت إلى تلاعب مليشيا الحوثي بالمعلومات التي كانت متوفرة في جهازي الأمن القومي والسياسي بصنعاء بعد سيطرتها على العاصمة، واستغلت تلك المعلومات لبناء علاقة وثيقة مع تنظيمي القاعدة وداعش.
 
ولفتت إلى التعاون الأمني والاستخباراتي، بين المليشيا الحوثية وتنظيمي القاعدة وداعش، وتنسيق العمليات القتالية بينهما في مواجهة قوات الشرعية.
 
وفي أغسطس عام 2022م أعلنت القوات المشتركة في الساحل الغربي القبض على العنصر السابق في تنظيم القاعدة المدعو (محمد عبده كشموع)، موضحة أن التحقيقات أكدت ارتباطه بما يسمى "جهاز الأمن والمخابرات" التابع لمليشيات الحوثي.
 
وفي يوليو من العام ذاته؛ قال تقرير صادر عن الأمم المتحدة، بأن إحدى الدول الأعضاء أفادت بوجود تعاون بين القاعدة في شبه الجزيرة العربية والحوثيين مع إيواء الحوثيين لبعض مسلحي القاعدة وإطلاق سراح سجناء التنظيم مقابل قيام القاعدة، بتدريب مقاتلي الحوثيين، إضافة الى القيام بعمليات إرهابية بالوكالة.
 


وقال التقرير الأممي، إن القاعدة في شبه الجزيرة العربية تعمل مع الحوثيين من خلال لجان، "تشمل لجنة عسكرية بقيادة سعد بن عاطف العولقي، بالإضافة إلى لجان أمنية وقانونية وطبية وإعلامية، وتم حل لجنة التمويل بسبب خسائر القيادة".

 
تنسيق برعاية إيرانية
 
اعتراف مليشيات الحوثي بوجود تنسيق مع تنظيم القاعدة، جاء بعد أيام من إعلان الولايات الأمريكية بأن مواطنا مصريا يقيم في إيران أصبح زعيما لتنظيم القاعدة بعد مقتل أيمن الظواهري في يوليو 2022 بأفغانستان.
 
وقال متحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية في بيان الأربعاء الماضي، إنّ "تقييمنا يتوافق مع تقييم الأمم المتحدة - أنّ الزعيم الفعلي الجديد للقاعدة سيف العدل في إيران".
 
وكانت الأمم المتحدة أصدرت تقريرا، الثلاثاء، ورد فيه أنّ الرأي السائد للدول الأعضاء هو أنّ سيف العدل أصبح زعيم التنظيم المتشدد. والعدل (62 عاماً) هو ضابط سابق في القوات الخاصة المصرية وشخصية بارزة في الحرس القديم للقاعدة.
 
ولفت التقرير إلى أنّ "مكان تواجده يثير تساؤلات لها تأثير على طموحات القاعدة لتأكيد قيادتها حركة عالمية في مواجهة تحديات تنظيم داعش" المنافس لها.
 
ووجهت هيئة محلفين اتحادية كبرى في الولايات المتحدة اتهامات لسيف العدل في نوفمبر/ تشرين الثاني 1998، لدوره في التفجيرات التي استهدفت السفارتين الأميركيتين في تنزانيا وكينيا، ما أدى إلى مقتل 224 مدنياً، وإصابة أكثر من 5000 آخرين.
 
وبحسب ما يقوله المحققون الأميركيون، فإن سيف العدل لا يُعرف عنه سوى القليل باستثناء العمليات في أفريقيا، ومعسكراته التدريبية، وصلته بمقتل الصحافي الأميركي دانيال بيرل في باكستان عام 2002.
 
وذكرت وزارة الخارجية الأميركية إن سيف العدل مقيم في إيران، وإن برنامج المكافآت من أجل العدالة التابع للوزارة قد رصد مبلغاً يصل إلى 10 ملايين دولار مقابل معلومات تؤدي إلى الوصول للرجل.
 


ويقول موقع البرنامج على الإنترنت، إنه بعد تفجيرات أفريقيا انتقل المقدم السابق بالجيش المصري إلى جنوب شرق إيران حيث كان يعيش تحت حماية الحرس الثوري الإسلامي في البلاد.
 
وأشار إلى أن إيران وضعت العدل مع قياديين آخرين في "القاعدة" قيد الإقامة الجبرية في إبريل/ نيسان 2003، وأطلقت سراحه وأربعة آخرين مقابل دبلوماسي إيراني مخطوف في اليمن.
 
في ديسمبر/ كانون الأول من عام 2021م، قال مركز صنعاء للدراسات في تقرير له إن مليشيات الحوثي الإيرانية أفرجت عن نحو 70 % من عناصر تنظيم القاعدة الذين كانوا معتقلين في السجون الحكومية اليمنية قبل الانقلاب.
 
ونقل التقرير عن مصادر مقربة من التنظيم الإرهابي قولها، إن "محادثات تجري لإطلاق سراح المتبقين، ومعظم كبار عناصر التنظيم اُطلق سراحهم، والمتبقون هم من الشخصيات الأدنى رتبة في التسلسل القيادي".
 
وأفاد عن تلك المصادر قولها، إن القاعدة نجح في تحرير القيادي الرابع في سلم تنظيم القاعدة الدولي المصري سيف العدل، المعتقل في إيران منذ عام 2003، مقابل إفراجه عن نور أحمد نيكبخت، وهو دبلوماسي إيراني اختطفه واحتجزه منذ عام 2012.
 
وأوضحت المصادر، أن إطلاق سراح نيكبخت كان في الواقع جزءًا من صفقة ثلاثية شملت تنظيم القاعدة وسلطات الحوثيين وإيران جرى فيها إطلاق سراح العديد من قادة تنظيم القاعدة في صنعاء، إضافة إلى القيادي المصري في تنظيم القاعدة سيف العدل، المعتقل في إيران منذ عام 2003.
 
وأكد وزير الإعلام اليمني أن التنسيق والتخادم بين مليشيا الحوثي وتنظيمي "داعش، والقاعدة" امتدادا لعلاقة نظام طهران بهذه التنظيمات الإرهابية، واستخدامها ضمن مشروعه للسيطرة على المنطقة، ويحقق مصلحة الطرفين في إضعاف الدولة وتوسيع رقعة الفراغ الأمني، واستهداف دول الجوار، وتهديد المصالح الدولية.

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر