مع تفشي الحُميات بتعز.. ما مخاطر الاستخدام العشوائي لـ"المضادات الحيوية" على المرضى؟

  في ظل تدهور الأوضاع المعيشية وانتشار الأوبئة والحميات في محافظة تعز (جنوب غربي اليمن)، يلجأ كثير من السكان إلى الصيدليات وعيادات الإسعافات الأولية والمختبرات لعلاج مرضاهم دون تشخيص طبي.
 
وفي هذه المرافق التي تعمل بعيدا عن رقابة مكتب الصحة بالمحافظة، يتم صرف مضادات حيوية للمرضى، والتي يتم تناولها بشكل عشوائي ودون إشراف من طبيب مختص، دون علمهم بمخاطر هذه المضادات الحيوية خصوصا على الأطفال.
 
ويعيش القطاع الصحي بتعز أوضاعا كارثية، جراء الحرب والحصار الذي تفرضه المليشيا الحوثية على المدينة منذ ثمان سنوات، فضلا عن تراجع الدعم الحكومي، ما أدى إلى خروج أكثر من 50٪ من المرافق الصحية عن الخدمة، وفق تقارير رسمية.
 
وتشير آخر إحصائية صادرة عن مركز الترصد الوبائي بمحافظة تعز إلى تسجيل 18 حالة وفاة وأكثر من 13 ألف إصابة بالحميات والتي تشمل "حمى الضنك والحمى الفيروسية"، وغيرها، منذ مطلع عام 2022 وحتى منتصف ديسمبر من العام ذاته.


 

مخاطر استخدام المضادات الحيوية
 
تُعد المضادات الحيوية أدوية تستعمل للوقاية من عدوى الالتهابات البكتيرية وعلاجها، لكن عندما يتم تناولها بشكل عشوائي فإن البكتيريا تكتسب مناعة ضد المضاد الحيوي، وتقاومه.
 
ويؤكد الدكتور محمد الفقيه، رئيس قسم مكافحة العدوى في هيئة مستشفى الثورة العام بتعز، أن الإفراط في استخدام المضادات الحيوية دون رقابة طبية يُعد بمثابة انتحار مسبق.
 
وقال الفقيه لـ"يمن شباب نت"، إن "ذلك يُعرض الكثير من الحالات المرضية للخطر ومقاومة للبكتيريا للمضادات، مما يؤخر شفاء المريض أو دخوله في وضع حرج يصعب معالجته".
 
وأضاف، أن "هناك عشرات الحالات مقاومة للمضادات الحيوية، وهذه الحالات تكون قد تعرضت لإعطاء مضادات حيوية دون تشخيص طبي، وبشكل مفرط يعرض المريض لالتهابات أشد من تلك التي تسببها البكتريا غير المقاومة".
 
وأكد الدكتور الفقيه، أنه "لا يمكن للطبيب أن يصرف مضاد حيوي دون فحوصات طبية وكشف طبي مع مراعاة العمر والحالة الصحية للمريض".
 
غياب الرقابة
 
يعود الاستخدام العشوائي للمضادات الحيوية لمجابهة الحميات في تعز إلى ضعف – أو غياب- الرقابة على الأدوية والصيدليات والمرافق الصحية كالمختبرات وعيادات الإسعافات الأولية من قبل مكتب الصحة بالمحافظة، فضلا عن غياب التوعية الصحية بمخاطر ذلك.
 
وقال رئيس قسم مكافحة العدوى بمستشفى الثورة بتعز، إن "هذه القضية مقلقة فعلا وقد تهدد حياة الناس وهي ليست مشكلة الطبيب فقط، بل أن الأمر يتطلب رقابة جدية ومؤتمرات علمية ترفع من مستوى الوعي لدى العاملين الصحيين والمواطن".
 
وحاول "يمن شباب نت" التواصل مع مدير إدارة الرقابة في مكتب الصحة بتعز الدكتور جلال مصطفى للاستفسار عن إجراءات مكتب الصحة تجاه عمل الصيدليات وعيادات الإسعافات الأولية التي تصرف للمريض مضادات حيوية (...)، لكنه اطلع على رسالتنا ولم يرد.!
 
تحذير أممي
 
كشف تقرير جديد صادر عن منظمة الصحة العالمية عن ارتفاع مستويات المقاومة (أكثر من 50%) لدى البكتيريا التي تسبب عدوى مجرى الدم في المستشفيات عادةً، مثل جرثومة الكلبسيلة الرئوية وجرثومة الراكدة.
 
وقال التقرير، أنه "يتطلب علاج هذه الأنواع من العدوى المهددة للحياة علاجاً بالمضادات الحيوية المعروفة بأدوية الملاذ الأخير مثل الكاربابينيم". غير أنه أكد أن 8% من حالات عدوى مجرى الدم التي تسببها جرثومة الكلبسيلة الرئوية باتت مقاومة للكاربابينيم، مما يزيد من مخاطر الوفاة بسبب العدوى العصية على العلاج.
 
من جانبها أفادت منظمة الأغذية والزراعة في الأمم المتحدة "الفاو" بأن هناك إفراطا في استخدام الأدوية المضادة للميكروبات، بما في ذلك المضادات الحيوية، وإساءة استخدامها، مؤكدة أن "مقاومة مضادات الميكروبات تنتشر بشكل أكبر وأسرع كل يوم".
 
وحذرت المنظمة من أنه إذا تُرك موضوع مقاومة مضادات الميكروبات دون علاج، فإن ذلك قد يدفع عشرات الملايين من الناس إلى الفقر المدقع والجوع وسوء التغذية.
 

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر