ظل رمزا للدفاع عن الجمهورية.. اليمن يودع الزعيم القبلي الأبرز الشيخ "صادق الأحمر" (بروفايل)

[ الشيخ الراحل صادق الأحمر أثناء مبايعته شيخاً لمشايخ قبيلة حاشد عام 2008 ]

توفي فجر اليوم الجمعة، الشيخ صادق بن عبدالله الأحمر الزعيم القبلي الأبرز في اليمن، وشيخ مشايخ قبيلة حاشد، عن عمر ناهز 67 عاما، في العاصمة الأردنية عمّان التي كان يتلقى فيها العلاج.
 
ونعت أسرة الأحمر رحيله إثر معاناته مع المرض الذي أجبره على مغادرة العاصمة صنعاء الخاضعة لسيطرة مليشيات الحوثي مطلع أغسطس/آب الماضي، ومنذ ذلك الحين ظل في مركز الحسين للسرطان يتلقى العلاج حتى وفاته.
 
وورث الأحمر زعامة قبيلة حاشد، بعد أن عُقدت له البيعة عام 2008 في مدينة خمر بمحافظة عمران، شمال صنعاء، خلفا لوالده عبد الله بن حسين الأحمر، المُتوفى نهاية عام 2007، الذي كان أيضا واحدا من أبرز الشخصيات اليمنية التي أثرت في المشهد السياسي منذ الثورة وإعلان النظام الجمهوري عام 1962.
 
وبعث رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي برقية عزاء ومواساة إلى أشقاء الشيخ الأحمر، وقال فيها، إن الشيخ صادق الأحمر كان أحد أبرز رجال اليمن الشجعان الذين اخلصوا لمبادئ الجمهورية وظلوا على العهد والثبات في وجه القوى الامامية الظلامية المدعومة من النظام الإيراني حتى أخر رمق من حياته.
 
ونعى حزب التجمع اليمني للإصلاح، الشيخ الأحمر الذي يعد أحد قياداته ومؤسسيه، وقال إن "الوطن خسر بهذا الرحيل الحزين شخصية يمنية فذة كان لها حضورها الفاعل والمشرف باللحظات التاريخية العصيبة".
 
وأوضح الإصلاح في بيانه أن الشيخ صادق الأحمر شخصية نمت من عمق الشعب ووقفت مع قضاياه بشجاعة كبيرة نادرة، لافتا إلى أن الفقيد بقي طيلة عمرة جمهورياً جسوراً ومناضلاً وطنياً، سائراً على درب والده المناضل الكبير الراحل الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر مقتفياً نهج أسرته النضالي ضد الإمامة والكهنوت، منحازاً إلى الشعب وقضاياه.
 
كما نعت هيئة رئاسة مجلس الشورى اليمني، الشيخ الأحمر، وقالت في بيان،" لقد فقد اليمن اليوم شخصية وطنية ساهمت في مرحلة البناء الوطني، وتركت بصمات في تاريخ الوطن، وهو امتداد لتاريخ تميزت به أسرة آل الأحمر في مقاومة الظلم والاستبداد وإسقاط النظام الإمامي، والدفاع عن الجمهورية والوحدة، وفي تعزيز التحالفات الوطنية دفاعًا عن وطن سبتمبر وأكتوبر ومايو العظيم".
 
وأشارت في بيان نشرته وكالة الأنباء الرسمية، إلى أن الفقيد ساهم في بناء التجربة الوطنية ذات الخصوصية الديمقراطية، واحتل بين أقرانه مكان الصدارة في العمل الخيري وإصلاح ذات البين في حاشد وبين قبائل اليمن عمومًا، معززًا بذلك حالة الاستقرار الاجتماعي ومكانة الدولة، وداعيًا لقيم التسامح والتعاون والخير بين أبناء الوطن.
 
وأضاف البيان، "كان فقيدنا رمزًا للصمود الوطني في وجه الطغيان الإمامي والاستبداد العنصري السلالي، رفض الانقلاب الحوثي على الشرعية، وقاومه، حاشدًا خلفه قبيلة حاشد والمناهضين للإمامة الكهنوتية، ترك فقيدنا تاريخًا نضاليًا سيبقى قدوة للأجيال اللاحقة".

من جانبه قال رئيس مجلس النواب الشيخ سلطان البركاني في برقية عزاء، "ببالغ الأسى والأسف غادرنا في هذا اليوم أخ الجميع الشيخ المناضل صادق الأحمر (...) إلى جوار ربه، وهو المناضل المنتمي لأسرة مناضلة قارعت الأئمة في مختلف المراحل ودافعت عن الثورة والجمهورية بعد قيامها في الـ 26 من سبتمبر 1962 وانتصرت لها."
 
وأضاف "إننا ندرك بمزيد من الحزن حجم الخسارة التي مني بها الوطن لرحيل شخصية إنسانية واجتماعية في ظل ظروف عصيبة تعمق أكثر حالة الحزن والشعور بفقدان شخصية وطنية هي امتداد لتاريخ آل الأحمر في النضال الوطني".
 
وتابع البركاني:" لقد ظل الفقيد صامداً أمام المليشيات الحوثية السلالية الإرهابية، وكان نموذجاً للأسرة الكريمة المناضلة من آل الأحمر الأوائل الذين ناضلوا وضحوا في سبيل الثورة والجمهورية وتحرير اليمن من أغلال الإمامة البائدة والمتخلفة فكتبوا أسم الأسرة في صفحات التاريخ الناصعة".

 
محطات من حياة الأحمر
 
والشيخ صادق الأحمر من مواليد 5 أكتوبر/تشرين الأول 1956 في قرية الخمري التي تقع شمال غرب مدينة خمر التاريخية في محافظة عمران، وهناك تلقى تعليمه الأولي، وبعد خروج والده من سجون الحكم الإمامي 1962، انتقلت أسرته للعيش في مدينة خمر، مركز المديرية.
 
وبعد ذلك، انتقلت الأسرة إلى صنعاء وهناك أكمل صادق الشهادة الابتدائية، وتنقل في المرحلة الإعدادية بين اليمن ومصر، وبعد ذلك حصل على الثانوية العامة سنة (1974ـــ 1975م) من مدرسة (الأورمان) في القاهرة.
 
وكان للشيخ الأحمر مشاركات في حروب المناطق الوسطى التي شهدتها اليمن أواخر السبعينيات ومطلع الثمانينيات من القرن الماضي، قبل أن ينتقل عام 1982 إلى الولايات المتحدة الأميركية لدراسة الطيران المدني، حيث مكث هناك أربع سنوات وحصل على شهادة في مجال قيادة الطائرات المدنية الصغيرة ليعود إلى اليمن سنة 1987.
 
وفي عام 1988، ترشح لعضوية مجلس الشورى "برلمان شمال اليمن قبل الوحدة"، وفاز بعضوية دائرة منطقة حوث والعشة وجزء من منطقة القفلة بمحافظة حجة سابقا، ليشارك في التصويت على توحيد شطري اليمن يوم 21 مايو/أيار 1990، قبل يوم من إعلان الوحدة بشكل رسمي.
 
كما ترشح في العام 1993 لعضوية مجلس النواب لليمن الموحد ليفوز بعضوية دائرة منطقة حوث والعشة، وكذلك في انتخابات العام 1997 حين فاز للمرة الثالثة، وواصل العمل في البرلمان حتى العام 2003.
 
وفي سبتمبر/أيلول 2005، عُين الأحمر عضواً في مجلس الشورى الغرفة الثانية، فيما لم يتول أي وظائف حكومية إدارية، وبعد وفاة والده عام 2007 تولى الشيخ صادق منصب شيخ مشايخ قبيلة حاشد، بعد مبايعته في مدينة خمر.
 
وعلى خلاف والده، لم يكن الأحمر يملك حضورا سياسيا رغم انتخابه من قِبل قبيلته عضوا في مجلس الشورى بين عامي 1988 و1993 قبل أن يفوز بمقعد في مجلس النواب حتى عام 2003، ليُعيَّن مجددا بقرار جمهوري في مجلس الشورى.
 
ويرجع الحضور السياسي الضعيف للأحمر -وهو كما حدث مع أشقائه- للحضور السياسي الطاغي لوالده الذي أسس حزب الإصلاح في اليمن بعد إقرار التعددية السياسية في البلاد عقب توحيد شمال اليمن وجنوبه عام 1990، كما ترأس مجلس النواب منذ 1993 حتى وفاته.
 
ويُسجّل الحضور السياسي الأبرز للأحمر، حين برز على الواجهة السياسية بعد إعلان تأييده للانتفاضة الشعبية ضد نظام الرئيس علي عبد الله صالح عام 2011، قبل أن تتطور الأحداث إلى مواجهات محدودة في ذات العام بين رجال القبائل التي يقودها وقوات الأمن بمحيط منزله في حي الحصبة بصنعاء.
 
واستهدفت مليشيات الحوثي منازل بيت الأحمر في محافظة عمران عام 2014، حتى وصلت لمنزل الأسرة الرئيسي في صنعاء. ورغم ذلك رفض الأحمر مغادرة المدينة رغم تهديدات ومضايقات الحوثيين التي دُشنت بالسيطرة على أملاك القبيلة، ومطاردة آخرين، ومن حينها لم يكن يظهر إلا في مناسبات محدودة مثل إحياء ذكرى رحيل والده.
 

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر