الطرمبا.. الحلوى التركية التي بقيت في تعز وأصبحت جزءا من ثقافتها (تقرير خاص)

[ الطرمبا حلوى شعبية تركية الأصل جاء بها العثمانيون أثناء تواجدهم في اليمن / يمن شباب نت ]

 لا تذكر المدن العتيقة إلا ويذكر معها ثقافاتها وعاداتها وتقاليدها، والفلكلور الشعبي الخاص بها، وتذكر أطباقها وأكلاتها أيضا، خاصة تلك الأكلات التي تبقى صناعتها حكرا على هذه المدينة دون سواها.
 
فالأكلات الشعبية تعبر عن ثقافة وهوية المجتمع وتأثيره وتأثره بثقافات مجتمعات أخرى، كما تعبر عن تداخل وتمازج الثقافات مع بعضها.
 
والأكلات الشعبية في أي مجتمع هي تعبير عن ثقافة المجتمع، وبيئته، وانعكاس لها، وتتأثر أيضا بالمراحل التاريخية التي يمر بها المجتمع، وبالتغييرات الحاصلة في الجوانب المختلفة.
 
 
الطرمبا.. حلوى تعز
 
لا تذكر مدينة تعز إلا وتذكر حلواها الشعبية "الطرمبا" باعتبارها نوعا من الحلوى التي تمتاز بها المحافظة (جنوب غربي اليمن)، فلا يمكن لمن يزور تعز أن يغادرها دون أن يتناول الطرمبا، وإلا فزيارته تظل ناقصة.
 
والطرمبا حلوى شعبية تركية الأصل، جاء بها العثمانيون أثناء تواجدهم في اليمن والتي تنقسم إلى فترتين، الأولى وهي فترة إيالة اليمن من عام 1539 وحتى 1634 والفترة الثانية وهي ولاية اليمن من عام 1849 وحتى العام 1918.
 
وحين رحل العثمانيون في العام 1918 خلفوا وراءهم هذه الأكلة الشعبية ذات الطعم الحلو والمميز، بمعية أطباق أخرى كالشوربة والسلتة وغيرها، بالإضافة إلى مفردات لغوية وعادات وتقاليد وبعض الأسر التي تركوها خلفهم وغادروا المدينة.
 
وقد بقيت صناعة الطرمبا حكرا على المناطق التي سكنها الأتراك وأقاموا بها، وخلفوا بها بعض الأسر، وتحديدا مدينة تعز القديمة التي يشتهر فيها محل أبو رضوان، ومنطقة الجحملية التي يشتهر فيها محل الهلالي، وهذا الأخير يعد أشهر صانع للطرمبا.
 
وحاول العديد من الأشخاص في عدد من المدن اليمنية احتراف صناعة الطرمبا، غير أن انتاجهم ظل عاجزا عن نيل رضا الزبائن نتيجة لعدم اتقان صناعتها بالشكل المطلوب، حيث تحتاج صناعتها إلى أيدٍ ماهرة، ولها باعها الطويل في ممارسة هذه الصنعة.
 
وتصنع الطرمبا من الدقيق والسكر والزيت الذي يقوم صانع الطرمبا بعجنه وعصده على النار ثم يقوم بتبريد العجين الذي قام بتجهيزه.


 
يقوم بعد ذلك بعجن الخليط مجددا مع إضافة كميات كبيرة من البيض بالتدريج، ليحصل على خليط جديد يقوم بعد ذلك بوضعه داخل الماكنة اليدوية الخاصة والتي يقوم عبرها بتشكيل الطرمبا بالشكل المتعارف عليه ومن ثم وضعها في نوعين من الزيت: نوع بارد لنفخ الطرمبا، ونوع حار لقليها.
 
بعد الانتهاء من القلي وتغير لون الطرمبا يقوم الصانع بفصلها عن الزيت الحار لتكون جاهزة للتقديم.
 
قبل تقديمها يكون الصانع قد قام بإعداد شيرة التحلية والتي تصنع من الماء والسكر والقرفة والتي يقوم بغليها حتى يتغير لونها، ليستخدمها بتغذية الطرمبا حيث تمنحها الطعم الحلو، وبعد ذلك تكون جاهزة للتقديم.
 
وقال محمد مهيوب، -أحد صانعي الطرمبا- لـ"يمن شباب نت" إن "الطرمبا تعد أهم حلوى مصنوعة في تعز، ويقبل الناس على شرائها، حيث يزيد الإقبال في شهر رمضان، وكل من يزور تعز لابد أن يتذوق الطرمبا، كما تعد من أهم الهدايا التي تهدى لأبناء تعز في المحافظات الأخرى وللمغتربين خارج البلاد أيضا".


 
وتعد الطرمبا أشهر حلوى تعزية حيث تؤكل للتحلية بعد وجبة الغداء، ويتم تناولها بشكل شبه يومي من قبل أبناء تعز، كما يكثر تناولها في شهر رمضان باعتبارها واحدة من أهم الأكلات الرمضانية.
 
كما تؤكل الطرمبا في المناسبات الاجتماعية والعزومات، كما يرتبط أكلها بالمأكولات الشعبية وخاصة السلتة - وهي وجبة ذات أصل تركي أيضا - حيث لا يوجد مطعم سلتة في تعز تقريبا إلا ويوجد أمامه بائع يبيع الطرمبا للزبائن.
 
وتعد الطرمبا من أفضل الهدايا التي يتهادى بها أبناء تعز، حيث يتم إرسالها إلى المدن الأخرى، وكذا إلى المغتربين في الخارج، حيث وصلت قبل الحرب ومع توفر رحلات الطيران إلى المغتربين في بريطانيا وأمريكا، حيث كان يتم إرسال الطرمبا وهو غير مكتمل القلي وغير محلى بالشيرة، ليقوم الشخص الذي أهديت له بقليها وتحليتها بالشيرة وتناولها.
 
تحديات 

 يواجه صانعو الطرمبا اليوم، الكثير من التحديات التي أثرت على عملهم وفي مقدمتها الارتفاع الكبير لأسعار مكوناتها وهو ما تسبب أيضا بارتفاع أسعار الطرمبا حيث وصل سعر القطعة إلى 200 ريال وهو ما أثر سلبا على حجم الاقبال على شرائها من قبل الزبائن.
 
وأفاد "مهيوب" بأن "الحرب أثرت سلبا على بيع الطرمبا حيث ارتفعت أسعارها نتيجة لارتفاع أسعار المواد الداخلة في صناعتها وفي مقدمتها الدقيق والسكر والبيض والزيت حيث بلغ الارتفاع في الأسعار أكثر من 100٪ بالإضافة لانخفاض القدرة الشرائية لدى المواطن".
 
كما أن صناعة الطرمبا باتت في منافسة مع أصناف أخرى من الحلويات التي يتم صناعتها في معامل الحلويات مثل الشعيرية والكنافة والبقلاوة وغيرها، غير أنها تبقى الحلوى الأولى في تعز نتيجة العلاقة الوثيقة بينهما، فلا تذكر تعز إلا وتذكر الطرمبا، ولا تذكر الطرمبا إلا وتذكر تعز.

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر