2022 حصاد مُر في صنعاء.. ما بين "القمع والمعاناة المعيشية" عاصمة اليمنيين تحت وطأة الحوثيين

[ في أكتوبر 2022 توفي نحو 20 طفلاً نتيجة حُقنة ملوثة في صنعاء ]

خلال العام 2022 شهدت العاصمة اليمنية صنعاء والتي تقبع تحت سيطرة ميلشيات الحوثي المدعومة من إيران، سلسلة من الأحداث والتي كان لها امتداد لممارسات الميلشيات، فبدء من حالة التصعيد العسكري التي شهدته في مطلع العام والقصف المكثف لمقاتلات التحالف، واحتجاجات لافته وصولا لإقرار الميلشيات مدونة السلوك الطائفية.
 
يودع اليمنيون في صنعاء عاماً هو الأسوأ بتدهور معيشية المواطنين، وهو العام الذي توقفت المعارك منذ إبريل/ نيسان، وللشهر التاسع على التوالي في الجبهات وفيها تفرغت الميليشيا للجبايات على المواطنين وممارسة سطوتها القمعية، ومحاولة فرض سلطة بشكلها الطائفي بشكل أكثر جرأة، من خلال اعتزامها تغيير المناهج بشكل كلي.

في هذا التقرير يرصد موقع "يمن شباب نت"، أهم الأحداث التي رافقت عام 2022، وكيف تمكن اليمنيون فيه من كسر حالة الصمت لأول مرة منذ سنوات، وصولاً الى حالة الفزع التي تعاني منها ميلشيات الحوثي خلال الأيام الماضية وشنها حملة قمع جديدة بحق ناشطين وصانعي المحتوى عبر الانترنت، انتقدوا حالة الفساد في الجماعة.
 
"نحن نتذوق مرارة الفساد والقمع الحوثي الذي لم يعد يخفى على أحد"، لخص هذه المعاناة "محمد سعيد" الطالب الجامعي في صنعاء، وقال لـ"يمن شباب نت"، "عام 2022 يضاف إلى السنوات الكئيبة في أعمارنا نحن نعيش أسوأ معاناة إنسانية في العالم، وأيضاً تحكمنا سلطة أمر واقع من الزمن الغابر الأكثر فساداً".
 


توحش الأسعار
 
افتتح اليمنيون في صنعاء عام 2022، بأزمة وقود خانقة بدأت مطلع يناير حيث أغلقت معظم محطات المدينة أبوابها أمام المواطنين، في حين توفرت المشتقات النفطية في السوق السوداء بأسعار باهظة إذ وصل سعر جالون الوقود عبوة 20 لترا إلى أكثر نحو 45 ألف ريال يمني (الدولار يساوي 560) في السوق السوداء التابعة خلال شهر مارس، وكان هذا "أكبر سعر في العالم" وفق ما وصفت وكالة "رويترز" في تغطيتها للأزمة.
 
كما شهدت أسعار السلع الغذائية ارتفاعاً بنسبة كبيرة في الأسواق، خصوصاً السلع الاستهلاكية الضرورية: الدقيق، والسكر، والزيوت، والالبان، وغيرها من الخدمات الاستهلاكية، بالتزامن مع تدهور الأوضاع المعيشية نتيجة انعدام فرص العمل، وانقطاع الرواتب الحكومية للعام السادس على التوالي.
 
حمود العمري (46 عاماً) موظف حكومي في التربية والتعليم بصنعاء، قال "عام 2022 توحشت فيه الأسعار وارتفعت بشكلٍ جنوني مقارنة مع الأعوام الماضية" لافتا "لقد كان عاماً سيئا على مختلف مجالات حياتنا، توقفت الحرب في الجبهات لكن حرب الأسعار لم تتوقف الناس في صنعاء تعيش أتعس أيامها".
 
وأضاف في حديث لـ"يمن شباب نت"، "أن الارتفاعات الجنونية في أسعار السلع والخدمات الأساسية أثقلت كاهل على غرار مئات الآلاف من الموظفين الحكوميين المنقطعة رواتبهم في مناطق سيطرة الحوثيين منذ ست سنوات".
 
وعلى الرغم من انخفاض سعر الدولار في العاصمة صنعاء ومناطق سيطرة الحوثيين وتراجعه مؤخراً من 600 إلى 560 إلا أن ذلك الانخفاض لم ينعكس على أسعار المواد الغذائية والخدمات الأساسية، التي شهدت ارتفاعاً ملحوظاً وهو ما اعتبره خبراء في الاقتصاد بأنه انخفاض وهمي وغير حقيقي تفرضه الميليشيا بقوة السلاح.
 


عام كسر الهيمنة الحوثية
 
منذ أن احكمت ميليشيا الحوثي سيطرتها على صنعاء تفرض قيودا وإجراءات مشددة بكافة المناطق الخاضعة لسيطرتهم، إذ كانت التظاهرات والاعتصامات والإضرابات من المحظورات، لكن حالة الغضب المتراكمة دفعت اليمنيين إلى كسر الهيمنة والتظاهر رفضاً للحوثي لأول مرة منذ سيطرتها على صنعاء في 21 سبتمبر/ أيلول 2014.
 
أبرز تلك الاحتجاجات والأحداث المناوئة للحوثيين في صنعاء، التي بدأت بتعليق شعارات وملصقات مناهضة للحوثيين في الأحياء والشوارع الرئيسية في شهر مارس/ آذار، وكانت حدثاً بارزاً ومقلقاً لميلشيات الحوثي التي اعتقدت ان لا أحد يستطيع معارضتهم.
 
من بين تلك الشعارات المناهضة "ارحل ياحوثي"، "الشعب اليمني ليس ملكا لإيران"، الأمر الذي أربك سلطات الحوثيين حيث كشفت حينها عن حالة غضب كامنة لدى المواطنين لأول مرة بعد سنوات من القمع والجريمة المنظمة التي تمارسها الجماعة بحق اليمنيين.
 
وفي يوليو/ تموز، أقدم عشرات من سكان مدينة الحمدي السكنية بحي سعوان وسط صنعاء بهدم أسواراً بناها القيادي الحوثي عبد المجيد الحوثي للسيطرة عليها تحت مسمى أراضي الأوقاف.
 
وفي سبتمبر /أيلول أحرق تُجار وموردي البيض، وملاك مزارع الدواجن، كميات كبيرة من البيض، أمام مبنى وزارة والتجارة التابعة للحوثيين في صنعاء، احتجاجاً على منعهم توريد البيض للمناطق المحررة خلال تنظيمهم لوقفة احتجاجية رفضاً لسياسة القمع من وقيود الحوثي المفروضة عليهم.
 
وفي ذات الشهر نظم العشرات من سائقي مركبات النقل وقفة احتجاجية في منطقة سعوان وسط العاصمة صنعاء رفضاً للاتاوات المفروضة عليهم كما شهد سبتمبر أيضا إضراب للقضاة والمحامين الذي استمر اسبوعين وشكل الإضراب خطرا كبيراً على الميليشيات الحوثية واجبرهم على مفاوضة من القضاة والرضوخ لبعض مطالبهم.
 
ولم يقتصر رفضاً اليمنيين للحوثيين في الاحتجاجات والإضرابات فقط إذ يُعبر المواطنين عن رفضهم للحوثيين في صنعاء بطرق مختلفة من بينها الابتهاج الكبير في الأعياد الوطنية وحفلات التخرج والفعاليات الثقافية، وحفلات الأعراس، والاحتشاد التلقائي في المناسبات الوطنية مثل ذكرى ثورتي 26 سبتمبر و14 أكتوبر المجيدتين.
 


مجزرة حوثية بحق الأطفال
 
وفي سبتمبر/ أيلول، هزت جريمة وفيات أطفال سرطان الدم الشارع اليمن، بعد أن تم حقنهم بدواء ملوث داخل مستشفى الكويت في العاصمة اليمنية صنعاء، وأثارت غضب المواطنين جراء الاستهتار الحوثي بأرواح اليمنيين.

وتوفي نحو 20 طفلاً من مرضى سرطان الدم، بسبب حقنة ملوثة، وسط انتشار واسع للأدوية المهربة ومنتهية الصلاحية، والتي يديرها نافذون في جماعة الحوثي، وقالت المنظمة اليمنية لمكافحة الاتجار "إن وزارة الصحة الحوثية قامت بصرف جرعة علاج منتهية الصلاحية لأطفال السرطان في مستشفى الكويت، بعد أن تم تزييف تاريخ الصلاحية".

وعقب المجزرة المروعة بحق الأطفال دعت نحو 38 منظمة حقوقيةـ إلى فتح تحقيق دولي عاجل بالجريمة، ودعت المجتمع الدولي والمنظمات الأممية وكافة الجهات الدولية ذات الصلة بفتح تحقيق دولي عاجل في أسباب وتداعيات هذه الكارثة وملاحقة ومحاسبة المتورطين فيها.


مدونة سلوك طائفية
 
في إطار سعي الحوثيين إلى أدلجة الوظيفة العامة شرعت ميليشيا الحوثي في 7 نوفمبر/ تشرين في تدشين ما يسمى بـ"مدونة السلوك الوظيفي" في المناطق الخاضعة لسيطرتها، وتهدف إلى فرض أفكار طائفية، وتعميمها كسلوك اجتماعي تشمل كافة فئات المجتمع.
 
تتكون مدونة السلوك الوظيفي التي أقرها الحوثيون مؤخراً من نحو 36 صفحة، تُلزم كافة الموظفين في الوحدات الحكومية في المناطق الخاضعة لسيطرة الميليشيا بقواعد سلوك طائفية، متخذة من خطابات ومحاضرات زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي وشقيقة، مرجعية لتلك الشروط التي وضعتها، بالإضافة إلى "الهوية الإيمانية".
 
وأثارت بنود المدونة جدلاً ورفضاً واسعاً في أوساط الكثير من اليمنيين إذ اعتبرت الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً، أن المدونة تهدف إلى أدلجة الوظيفة العامة، وتطييف المجتمع والدولة وفق أفكار الميليشيا.
 


وكانت قد سبقت مدونة السلوك الحوثية العديد من الإجراءات الحوثية من أبرزها تطبيق ما يسمونة بـ" الهوية الإيمانية"، بدلاً عن الهوية الوطنية في المناهج المدرسية بالإضافة فرض وثيقة الشرف القبلي، وفي حال تمكن الحوثيون من فرض هذه المدونة في المؤسسات الحكومية فإن الميليشيا لن تتردد فرض معتقداتها الطائفية كمدونة سلوك اجتماعي، لمختلف فئات المجتمع.


وفيات وتهدم منازل
 
منذ أواخر يوليو/ تموز وحتى متنصف أغسطس شهدت العاصمة صنعاء هطول أمطار غزيرة أسفرت عن عدد من الوفيات في صفوف المدنيين بينهم أطفال، بالإضافة إلى انهيار عدداً من المنازل التاريخية بصنعاء القديمة، وحدوث أضرار مادية كبيرة في الممتلكات، وسط غياب تام لدور سلطات الأمر الواقع الحوثية.
بحسب إحصائية وزارة الصحة التابعة للحوثيين بلغ عدداً ضحايا السيول في صنعاء خلال تلك الفترة نحو ثمان حالات معظمهم من الأطفال، في حين أصيب نحو 14شخصا آخرين في مناطق مترفقة من العاصمة صنعاء
 
وتسببت سيول الأمطار الغزيرة بسقوط عدداً من المساكن بمناطق مترفقة من العاصمة صنعاء في حين تهدمت منازل تاريخية في صنعاء القديمة وكانت ميليشيا الحوثي افصحت عن تهدم خمسة منازل وتضرر أكثر من 40 منزلا في مديرية صنعاء القديمة لافتة إلى أن خمسة منازل انهارت بشكل كلي.
 
وتعرض سور جامعة صنعاء الجديدة للانهيار من الجهة الجنوبية بسبب تدفق سيول الأمطار، كما تعرضت شوارع رئيسة إلى تآكل طبقة الأسفلت فيها في الوقت الذي عملت فيه المليشيا على استغلال المنظمات الدولية، ونهب الأموال، دون تقديم أي خدمات تذكر.
 
وتعاني صنعاء من بنية تحتية متهالكة وخاصة في مجاري تصريف مياه الأمطار نتيجة الإهمال التي طالها خلال السنوات الماضية، وعدم اكتراث سلطات ميلشيات الحوثي للكارثة بحق أملاك المواطنين، والتي أصبحت متكررة سنوياً في موسم هطول الأمطار.


- فيديو :


مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر