كارثة إنسانية وشيكة في تعز.. القطاع الصحي يترنح والسلطة المحلية غائبة رغم التحذيرات (تقرير خاص)

 يشهد القطاع الصحي في مدينة تعز (جنوب غربي اليمن)، تدهورا متصاعدا، ما ينذر بكارثة إنسانية وصحية وشيكة، في ظل اتهامات للسلطة المحلية بتجاهل الأوضاع التي تعيشها المدينة المحاصرة من قبل مليشيات الحوثي المدعومة من إيران منذ ثمان سنوات.
 
والأحد الماضي، أعلنت إدارة هيئة مستشفى الثورة العام أكبر مستشفيات مدينة تعز توقف الخدمات جراء نفاد مادة الديزل، حيث أن المستشفى يعتمد على مولدات الكهرباء في ظل توقف محطات الطاقة الحكومية منذ عام 2015م.
 
وقالت الهيئة في بيان لها عبر صفحتها بالفيسبوك، إن "كل أقسام المستشفى خرجت عن الخدمة وباتت تغرق في الظلام الدامس بسبب نفاد مادة الديزل"، محذرة من أن الخطر يهدد حياة المرضى في مركز الغسيل الكلوي والعناية المركزة والعمليات وبقية الأقسام الأخرى.
 
وكانت هيئة مستشفى الثورة أطلقت نداءً تحذيراً يوم الأربعاء الماضي، باحتمالية توقف أقسام المستشفى عن العمل في حال عدم تزويدهم بالديزل، مؤكدة أن "الجهات الرسمية لم تُعر تلك التحذيرات أي اهتمام".
 

حياة المرضى في خطر
 
بعد خروج مستشفى الثورة عن الخدمة، أطلق ناشطون على وسائل التواصل الاجتماعي حملة إعلامية للمطالبة بإنقاذ حياة مئات المرضى خاصة مرضى الفشل الكلوي، محملين محافظ المحافظة نبيل شمسان مسؤولية المخاطر الكارثية المترتبة على توقف أقسام المستشفى خصوصا مركز الغسيل الكلوي.
 
ويعد مركز الغسيل الكلوي من أهم الأقسام في مستشفى الثورة، كونه يستقبل في اليوم الواحد من 80 إلى 88 مريضا من من المحافظة وخارجها، فيما بلغت عدد الحالات المسجلة في المركز بشكل رسمي أكثر من 260 حالة، بحسب رئيس المركز الدكتور "فهمي الحناني".
 
وقال الحناني لـ"يمن شباب نت" إن "الوضع في مستشفى الثورة، غير مستقر، وبين الحين والأخر تتوقف الأقسام، بسبب انقطاع الكهرباء جراء نفاد مادة الديزل، وهذا يؤدي إلى تهديد حياة المرضى بالخطر، ويؤدي أيضا إلى أرباك في العمل".
 
وأضاف، أن مركز الفشل الكلوي يعمل بشكل مستمر، وحينٍ تنقطع الكهرباء بسبب نفاذ مادة الديزل، يؤدي إلى توقف الحالات عن الغسيل وهذا يؤدي إلى خطر شديد على حياتهم، مما يؤدي إلى أرباك شديد في العمل، وخروج المركز عن الخدمة تمامًا".
 
يأتي عبدالرحمن علي مرشد -أحد مرضى الفشل الكلوي- من منطقة الحوبان الخاضعة لمليشيات الحوثي عبر طرق وعرة إلى مدينة تعز في رحلة معاناة تستمر لساعات طويلة، لإجراء الغسيل الكلوي المقرر له في المستشفى كل أسبوع.
 
يقول مرشد لـ"يمن شباب نت"، إنه وصل إلى المدينة يوم الأحد وعندما حان موعد دخوله إلى غرفة الغسيل وتجهيز المعدات الطبية للغسيل، انقطعت الكهرباء فجأة، بسبب نفاد مادة الديزل.
 
وأوضح، أن مرضى الفشل الكلوي لا يستطيعون العيش إلا على الغسيل المقرر لهم، مناشدا السلطة المحليّة في تعز، الالتفات لمعاناتهم والاهتمام بتوفير مادة الديزل، وتقديم الدعم اللازم للمركز من مواد ومحاليل طبية.
 

حلول ترقيعية
 
انهيار النظام الصحي في مدينة تعز بشكل عام وفي مستشفى الثورة بشكل خاص، يعود إلى غياب الدعم الحكومي وعدم إيلاء السلطة المحلية لهذا القطاع الاهتمام اللازم، وعدم وضع حلول دائمة بسبب الفساد وسوء الإدارة من قبل مكتب الصحة بالمحافظة.
 
وذكر الدكتور الحناني خلال حديثه لـ"يمن شباب نت" أن الكارثة التي تحصل في المركز الغسيل بسبب نفاذ مادة الديزل وعدم وجود ميزانية تشغيلية كافية لهيئة مستشفى الثورة، بشكل عام.
 
وأوضح، أن "اعتماد بند المحروقات شهريًا هو عشرة مليون ريال، بينما الاحتياج يصل إلى 60 مليون، حسب الميزانيّة المعتمدة عام 2014م عندما كان سعر الدولار 220 ريال، وهذا عائق كبير مما يؤدي إلى تكرار الأزمة بشكل مستمر بسبب عدم وجود حلول جذرية".
 
وقال إن "الحكومة لم توفر ميزانية تكفي للهيئة بشكل يتناسب مع حجم العمل، ولا السلطة المحليّة وفرت مساعدة إلى المستشفى لتغطية العجز، وإنما كانت كل التغطية عبارة عن ترقيع لا أقل ولا أكثر".
 
وأضاف، "يوم الأحد انقطعت الكهرباء من الصباح حتى الساعة الثالثة عصرًا، وبعد مناشدات قامت السلطة المحليّة برفد المستشفى بـ 5000 لتر من الديزل، وهذه الكمية لا تكفي إلا لأربعة أيام فقط، وسوف تتكرر هذه الخطورة إذا لم يكون هناك حلول جذرية للمستشفى، وتوفير مادة الديزل بشكل يتناسب مع احتياج العمل".
 
وكان محافظ تعز نبيل شمسان، وجه مساء الأحد، بتوفير كمية عاجلة من الديزل لهيئة مستشفى الثورة من موارد السلطة والحيلولة دون توقف الخدمات الطبية والعلاجية بالهيئة، وفق بلاغ صحفي.
 
 كما وجه شمسان بتشكيل لجنة مكونة من وكيلة المحافظة للشئون الصحية ووكيل المحافظة للشئون المالية والادارية ومدير مكتب المالية بالمحافظة لإجراء المراجعات المالية الشاملة للهيئة والوقوف على المسببات للوصول بالهيئة لهذه الأوضاع.
 
 وقضت التوجيهات أيضا، "بوضع الحلول والمعالجات الدائمة التي تضمن عدم تكرار هذه الاشكالات التي تؤدي الى توقف الخدمات الطبية لبعض الأقسام والعيادات ومركز الكلى عن تقديم خدماتها العلاجية بشكل مستدام دون توقف".
 

نتائج كارثية
 
يحتاج مستشفى الثورة بتعز إلى 36 ألف لتر من الديزل شهريا، حتى يستطيع أن يعمل بوتيرة عالية دون انقطاع التيار الكهربائي، بدلا من اعتماد 10 ألف لتر أو 20 ألف لتر، لأن العجز بحدود 16 ألف لتر، وفق رئيس مركز الغسيل الكلوي.
 
وقال الدكتور الحناني، إن "الأزمة تتكرر جراء توقف الطاقة الكهربائيّة مما يسبب الارباك في العمل وتوقف بعض الأقسام عن الخدمة، مثل الفشل الكلوي والعناية المركزة والعمليات، كما أن توقف الكهرباء يؤثر عن ثلاجة الموتى وتعفن الجثث وهذا كارثي".
 
وأضاف، بسبب نفاد مادة الديزل وانقطاع الكهرباء، أصبح لدينا أرباك شديد، منذ وصول كمية الوقود 5000 ألف لتر الإسعافية، في الساعة الثالثة عصرًا يوم الأحد، أصبح القسم يعمل باستمرار وبضغط شديد، من أجل تغطية الحالات التي كان غسلها في اليوم السابق... حالات مرضى الفشل الكلوي لا تحتمل الانتظار وهذا هو الموت البطيء".
 
وفي ظل الكارثة التي يعيشها مستشفى الثورة والتي باتت تهدد حياة مئات المرضى؛ تساءل ناشطون عن مصير حصة محافظة تعز من منحة المشتقات النفطية المقدمة من المملكة العربية السعودية والمقدر قيمتها 200 مليون دولار المخصصة للكهرباء في المحافظات المحررة؟!.

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر