كيف حول اليمنيون المناسبات الاجتماعية إلى مظاهر لرفض ونبذ مليشيات الحوثي؟ (تقرير خاص)

[ جانب من تشييع جثمان الأديب الدكتور عبدالعزيز المقالح في صنعاء/ فاروق الشعراني ]

 يتخذ اليمنيون في المناطق الخاضعة لمليشيات الحوثي من المناسبات الاجتماعية كحفلات الزفاف وتشييع جنازات الشخصيات الوطنية، فرص للتعبير عن رفضهم للجماعة المدعومة من إيران وفكرها الطائفي، وتعزيز الانتماء الوطني، والولاء للجمهورية.
 
وكانت المليشيات الحوثية قد منعت الاحتفالات الشعبية بالمناسبات والأعياد الوطنية وغيرها من الأنشطة التي لا تخدم فكرها الإمامي، بل وحظرت التجمعات والاحتجاجات واستخدمت القوة في مناسبات عدة ضد فعاليات شعبية.
 
ونتيجة لذلك، وجد المواطنون من المناسبات الاجتماعية وغيرها من الفعاليات التي بدأت من حفلات تخرج طلاب الجامعات؛ فرص مناسبة لإظهار أكبر قدر من النبذ لمليشيات الحوثي، والتي باتت تدرك حجم الرفض والعزلة الشعبية لها.
 
استغلال المناسبات لكسر العزلة
 
لا تترك مليشيا الحوثي أي مناسبة دون استغلالها لترسيخ هيمنتها وتصوير أنها تحظى بقبول من المجتمع اليمني، إلا أن كثير من تلك المناسبات خصوصا التي يحصل فيها حشدا شعبيا، وتحديدا في صنعاء تظهر أن المليشيات باتت معزولة ومنبوذة شعبيا.
 
عقب وفاة الشاعر والأديب اليمني الكبير الدكتور عبدالعزيز المقالح الاثنين الماضي، تواصلت مليشيا الحوثي مع أسرته وعرضت إقامة تشييع رسمي لجثمان الفقيد في صنعاء، لكن الأسرة رفضت ذلك ودعت عامة المواطنين لتشييعه.
 
وفعلا تجمع الآلاف من المواطنين لتشييع جثمان الفقيد المقالح إلى مقبرة خزيمة في صنعاء وتحولت جنازته إلى ما يشبه تظاهرة سياسية ضد الجماعة الحوثية. ليست هذه أول مناسبة من هذا النوع إذ سبقها تشييع مفتي الجمهورية السابق العلامة محمد إسماعيل العمراني وعضو البرلمان الشيخ حسين الأحمر.
 
وقال الكاتب الصحفي عبدالعزيز المجيدي، إن "مليشيا الحوثي حاولت توظيف وفاة الدكتور المقالح كرمز وقيمة وطنية كبيرة لصالحها على الرغم من أنه يشكل نقيضا لهويتها، فهو من الآباء الجمهوريين المؤسسين وأحد رجال ثورة 26 سبتمبر التي أطاحت بحكم سلفهم النظام الإمامي".
 
واستدرك المجيدي في حديث لـ"يمن شباب نت":" لكن المليشيا حاولت استثمار حالة الحزن العام، وموقف الراحل الذي بدا غير مرتاح للتدخلات الخارجية، لكنه بالتأكيد كان ضد الانقلاب الحوثي".
 
ويرى أن "عائلة الراحل كانت أكثر حساسية تجاه هذه الرغبة المليشياوية في استثمار رحيل المقالح وتوظيفه في إطار بروباجندا مؤطرة في هوية ضيقة تسند خطابها العام حيال الحرب".
 
وأشار المجيدي، إلى أن رفض أسرة المقالح أي تشييع رسمي لسلطة الأمر الواقع بصنعاء جاء تلبية لوصية الراحل الكبير الذي لا شك أنه رحل وهو في قلبه غصة.
 
وأوضح أن "الراحل عاش مرحلة الأحلام الثورية الوطنية الكبرى وشارك فيها بصور مختلفة (...) قبل أن يشاهد الانتكاسة المريعة وكسوف الأحلام الكبيرة بعودة الإمامة في أبشع صورها".
 
وتابع المجيدي متحدثا عن المقالح: "غادر الدنيا حزينا وهو يشاهد أعداء اليمن الإماميين يتكالبون عليه من الداخل ويتسببون في تحويله الى ساحة صراع إقليمية ويقدمونه هدية لأعدائه التاريخيين كما هو دأبهم..".
 
بدوره اعتبر الباحث اليمني معن دماج، احتشاد اليمنيين في جنازة المقالح، مسيرة نصر وحياة، قائلا: "لا أعتقد ان هناك بلدا يسير في موكب جنازة شعرائه وكتابه، الآلاف وعشرات الآلاف، غير اليمن".
 
وأضاف دماج في تغريدة على حسابه في "تويتر"، "اما أن تكون جنازة عبدالعزيز المقالح كذلك، وصنعاء في قبضة أعدائه وأعداء شعبه .. فهذا يعني أنها ليست مسيرة جنازة بل مسيرة حياة ونصر".
 
رفض شعبي للحوثي
 
تتعمد مليشيا الحوثي استغلال كل مناسبة اجتماعية تعتقد أن بإمكانها من خلالها تقديم نفسها وفرض هويتها الطائفية على المجتمع، ونتيجة للرفض الشعبي تذهب لتختلق مناسبات بغطاء ديني لتستخدمها للترويج لفكرها ضمن شغلها الدعائي.
 
منذ سيطرة مليشيا الحوثي على صنعاء طرأت على اليمنيين مناسبات غريبة ودخيلة لا تمت لليمن بصلة لا من قريب ولا من بعيد، وهي مناسبات طائفية استقدمتها من إيران ولبنان والعراق، (...) بهدف تكريس هويتها الطائفية كجزء من نشاط واسع يشمل كل مجالات الحياة لأدلجة المجتمع في المناطق الخاضعة لسيطرتها.
 
ورغم استخدام المليشيا الحوثية وسائل الترهيب والترغيب والإكراه وتوظيف الأموال والمنابر الإعلامية والدعوية لحشد الناس إلا أنها تواجه رفضا ومقاومة شعبية كبيرة.
 
وقال الصحفي المجيدي: "في الواقع هناك حالة رفض شعبي لهذه الممارسات يظهر من خلال بعض المحاولات في المناسبات الاجتماعية، فشاهدنا أعراسا يعزف فيها النشيد الوطني، كمحاولة رمزية ورفض ضمني لهذا النزوع المليشياوي لصبغ المجتمع والسكان الذين يقعون تحت سيطرته بهوية واحدة".
 
لكنه يؤكد أيضا أن "هذه المحاولات تظل بسيطة في ظل مسار يأخذ بعدا تحشيديا هائلا يوظف كل الموارد وأدوات الإكراه لتغيير البنية الثقافية للمجتمع، في ظل حالة من التواطؤ نشاهدها في سلوك الشرعية البارد والاسناد لتحالف تمنح سياساته كل يوم شكلا من التغذية والدعم الضمني لترسيخ هيمنة المليشيا والدفع نحو شرعنتها".
 
وإزاء ذلك يشدد المجيدي، على أنه "يجب على اليمنيين أن يشعروا بخطورة وفداحة ما يجري فهم من سيدفعون ثمنا باهظا أكثر بكثير من ذلك الذي شاهدناه خلال سنوات الحرب المنصرمة".
 

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر