بعد وثيقة "العهد القبلي".. هل تقلب قبائل الجوف الطاولة على مليشيات الحوثي؟ (تقرير خاص)

[ آليات عسكرية لمليشيا الحوثي أحرقها مسلحو قبائل الجوف / مواقع التواصل ]

 خاض مسلحون قبليون من قبيلة همدان بمحافظة الجوف الأسبوع الماضي مواجهات عنيفة ضد عناصر مليشيات الحوثي المدعومة من إيران، يقودهم المدعو "أبو بدر رهمة" المعين من قبل المليشيا مديرا لأمن المحافظة الواقعة شمال شرقي اليمن.
 
ووقعت المعركة شرقي مديرية الحزم مركز المحافظة، في منطقة تدعى ذي نبأ وهي منطقة زراعية واسعة. استمرت المعركة عدة ساعات بالأسلحة الرشاشة والمتوسطة، ليل الأربعاء حتى فجر الخميس 2-3 نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري.
 
ومع بزوغ فجر الخميس الماضي، كان المقاتلون القبليون قد أحرقوا أربعة أطقم لمليشيا الحوثي، وأجبروا عناصرها الانسحاب والفرار من المنطقة بعدما خسروا المواجهة نتيجة المقاومة القبلية.
 
وبذلك تكون المليشيا الحوثية قد خسرت جولة جديدة من الصراع الذي بدأ يتفاقم بينها وبين القبائل، في محافظة الجوف، بعد أن خسرت سابقا معركة استمرت عدة أيام في منطقة خبزة بقيفة في محافظة البيضاء وسط البلاد.
 
لكن المتحدث باسم مجلس قبائل دهم، قال إن "هذه جولة من جولات الصراع، وسيعاود الحوثي الهجوم بعد تفريق القبائل". وذلك بالنظر إلى أن المليشيا تنتهج استراتيجية التحريش بين القبائل وتغذية الخلافات بينها لضربها ببعضها البعض وفق سياسية فرق تسد، وهي منهجية إمامية.
 
الاستيلاء على الأرض

تعد محافظة الجوف التي يغلب على تضاريسها الطابع السهلي رابع أكبر المحافظات اليمنية، ويعتمد سكانها على الزراعة وتربية الحيوانات بشكل رئيسي. وتشكل المحاصيل الزراعية ما نسبته (4.9%) من إجمالي الإنتاج الزراعي في البلاد.

وفقا لشيخين من قبيلة همدان تحدثا لـ"يمن شباب نت" فإن المنطقة التي حاولت مليشيا الحوثي السيطرة عليها زراعية وخصبة وبدأت باستقدام حفار إلى المنطقة بهدف الشروع في استزراعها، وعند اعتراض الأهالي على ذلك التصرف، استقدمت مليشيات الحوثي تعزيزات عسكرية، وأقامت نقطة في المنطقة.
 
وتهدف العصابة الحوثية للسيطرة على مساحة تبلغ 70 كيلو متر مربع، وفق الناطق الرسمي لمجلس قبل دهم الشيخ سعيد الشمسي. وفي تصريح سابق له، قال إن "مليشيات الحوثي استولت منذ سقوط  مدينة الحزم بيدها على قرابة 1500 مزرعة خاصة، وتحاول التهام المزيد من الأراضي".
 
شرعت مليشيا الحوثي مستغلة مياه الأمطار الغزيرة في السيطرة على آلاف الهكتارات من الأراضي باسم استصلاح الأرض، وافتتحت مجموعة تجارية حوثية سوقا مركزيا للخضار باسم سوق الارتقاء.
 
كما أنشأت عدد من الجمعيات الزراعية بتمويل مجهول، باسم المساهمة دون أي ضوابط تحفظ حقوق المساهمين. كما استحدثت مؤسسات عامة باسم الحبوب وغيرها تحتكر الاستيراد والتصدير والبيع والشراء في السوق المحلية.


 
الحملة على أراضي قبائل الجوف جاءت بعد حملة واسعة النطاق استهدفت قرابة 15000 ألف لبنة عقارية وزراعية في محافظة صنعاء شملت أراضي قبائل همدان وبني الحارث وبني مطر وبني حشيش وغيرها وخلفت عدة قتلى من القبائل رغم عدم مواجهتهم الحوثي بالسلاح، وعشرات المختطفين في الشهور الثلاثة الماضية.
 
ويقول باحثون إن مليشيا الحوثي تتحرك لتجريد القوى القبلية من أدواتها الإنتاجية وتهدف لتدمير الطبقة الوسطى، ضمن محاولات حوثية لإعادة بناء اقتصاد حرب يمول حروبها.
 
كما أن لدى العصابة الحوثية، اعتقاد أن أراضي القبائل تعود ملكيتها لما يسمى "الهاشميين" سواء باسم الأوقاف أو الدولة أو أملاك العائلات الهاشمية الإمامية التي أطاحت بها ثورة 26 سبتمبر/ أيلول عام 1962م.
 
وقال مصدر مطلع في صنعاء رفض الكشف عن هويته لـ"يمن شباب نت"، إن "اقتصاد الحرب الذي أنشأته مليشيا الحوثي بدأ يعاني منذ الهدنة الأممية التي بدأت في مطلع أبريل/ نيسان الماضي".
 
تحالف قبلي معمد بالدم
 
غداة المعركة التي اندلعت بين أبناء قبائل همدان وبين عناصر مليشيا الحوثي وقعت عدد من قبائل محافظة الجوف، اتفاقا قبليا تعاهدوا فيه على تعاضدهم وتوحدهم في مواجهة أي غزو حوثي محتمل لأراضيهم، وشاركت فيه معظم  القبائل.
 
ونص الاتفاق الذي أطلق عليه "العهد القبلي" وعمد بالدم، "على وحدة القبائل في الدفاع المشترك، وحقها بالمواجهة ضد أي اعتداءات تطال أبناءها أو املاكها وأراضيها".
 
ووقعت الوثيقة من قبل مشايخ يمثلون، قبائل (ذو حسين، والفقمان، وهمدان، وبني نوف، والمحابيب، واشراف الجوف). ودعت القبائل كافة شيوخ ووجهاء القبائل اليمنية لتوقيع وثيقة "العهد القبلي" لمجابهة أي انتهاكات واعتداءات ومحاولات النهب لأراضيهم من قبل مليشيا الحوثي.
 
وقال الشيخ محسن حزام أحد شيوخ همدان في تصريح خاص لـ"يمن شباب نت"، إن "الوثيقة القبلية تعتبر ضربة كبيرة ضد مليشيات الحوثي، وهذه الحماقة التي ارتكبتها الجماعة وحدت القبائل".
 
وأضاف -مستبعدا جولة جديدة من الصراع قريبًا-: "لن يقدر الحوثي أن يكررها لأنه لو عاد ستكون نهايته مخزية، ولن يبقى له أثر في الجوف؛ ستقطع الطرقات عليه في كل مديرية وستتناهشه القبائل في كل مكان".


 
وقال الشيخ صالح العزي عبدان الذي مثل مشايخ وقبيلة ذو حسين في الاتفاق القبلي- في منشور له عقب اتفاق القبائل ويعيش في مناطق سيطرة الحوثي-:"على الحوثيين أن لا يختبروا صبر قبائل الجوف فو الله لو فنينا عن بكرة أبينا ما فرطنا في شبر من أراضينا واملاكنا بيضاء أو خضراء أو سوداء أو حتى عفاريت".
 
وأضاف مخاطبا الحوثي: "اعقلوا بطلوا تهباش ما حد مخلي ملكه لكمن هامل لو مابقي صابر، دفاعك عن الوطن لا يبيح لك أن تحتل أرضي وتستعبدني. آخر قطرة من دماء قبائل الجوف ستكون عند أراضيهم".
 
لكنه يتفق وآخرون على أن الحوثي سيركز جهده على تفريق القبائل في المرحلة المقبلة.ويقول الشيخ عبدان إنه لا مصلحة لأحد من حرب بينهم وبين الحوثي، ودعا إلى عدم صب الزيت على النار ومن اعتدى على القبائل يتحمل مسؤولية أعماله.
 
وأبدى عبدان تخوفه من أن استمرار الصراع بصورته الراهنة بين الحكومة والحوثي يمنح الجهة الحاكمة فرصة للتهبش والاستيلاء على الممتلكات الخاصة. كما يخشى مثل آخرين بأن يقوم الحوثي بعمل استفزازات مدروسة وكمائن من أجل الفتك بالقبائل.
 
وقال الشيخ محسن صالح في حديثه لـ"يمن شباب نت: "إن الحوثي يغذي الثارات القبلية، ويوقد الفتن لتعم القبائل دون رضاها، لأن الحوثي يحس بالخطر إن اتحدت القبائل".
 
رفض شعبي
 
في يوليو الماضي نظم عدد من أبناء الغيل بالجوف اعتصاما محدودا للمطالبة بخدمات، كما تظاهر العشرات خاصة من المزارعين للمطالبة بتوفير الوقود، وانخرطت معظم القبائل مثل بني نوف وذو محمد وذو حسين وهمدان وغيرهم في معارك ضد الحوثي لأسباب مختلفة في السنتين الماضيتين وتزايدت وتيرتها منذ الهدنة بسبب آبار المياه أو الزراعة أو الوقود أو بسبب جرائم حوثية ضد قبائل.
 
وساءت العلاقة بين مليشيات الحوثي وما يسمى بهاشميي الجوف الذين انخرطوا معها منذ وقت مبكر وساندوها في حربها بعد أن همشتهم إثر سيطرتها على المحافظة.
 
خلال الأشهر الماضية، خسرت مليشيات الحوثي العشرات من عناصرها وآلياتها العسكرية في كمائن واغارات خاطفة نفذها مسلحون قبليون في مناطق متفرقة بمحافظة الجوف وهو ما يشير إلى حجم المقاومة التي تواجهها المليشيا من القبائل.
 
وقال الناشط الجوفي، سلطان الروساء في تغريدة على "تويتر"، إن "الجوف أرض مفتوحة تطوقها قبائلها لن يكون للحوثي موطئ قدم آمن، كل شبر يحاول الحوثي السطو عليها وكل قبيلة يحاول الاعتداء عليها سيدفع ثمنه من رجاله وقواته".
 
من جانبه دعا محافظ الجوف في الحكومة اليمنية الشرعية اللواء حسين العواضي مشايخ قبائل الجوف إلى التوحد والتضامن لمواجهة مليشيات الحوثي والدفاع عن الأرض والعرض.
 
وقال العواضي في تغريدة على حسابه في "تويتر"، الأسبوع الماضي، "إخواني مشايخ وأفراد قبائل دهم الأبية في مناطق سيطرة مليشيا الحوثي وخارجها لا شك أنكم تتابعون ما يجري بين قبيلة همدان والمليشيات الحوثية التي بسطت على أرض همدان".
 
وأضاف، إن" حرمة الأرض والعرض تجمعنا كقبائل بعيدا عن الانتماءات السياسية وما يجري لجارك سيحدث في دارك".
 
وأختتم محافظ الجوف قائلا: "أدعوكم إلى التضامن والوقوف وقفة جادة أمام هذه التصرفات والممارسات ولا تنحصر دعوتي هذه على قبائل دهم وإنما أدعو قبائل بكيل كافة كواحد من مشايخها وباستطاعتنا جميعا أن نوقف هذه المليشيات المجنونة عند حدها".
 


- فيديو :


مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر