في مواجهة حرب الحوثيين ضدها في اليمن.. كيف يتمسك المواطنون بصنعاء بهوية الجمهورية؟

[ شعار وعلم الجمهورية في إحدى قاعات الزفاف بصنعاء ]

لا تكاد تخلو طقوس الزفاف او أي مناسبات أخرى في صنعاء، من الأغاني الوطنية وأعلام الجمهورية، حيث أصبح اليمنيون يحيون المناسبات الوطنية ويبتهجون فيها بشكل غير مسبوق في ظاهرة لم تكن حاضرة قبل انقلاب ميليشيا الحوثي المدعومة من إيران وسيطرتهم على الدولة في 21 سبتمبر/ أيلول 2014.
 
وعلى مدى ثمان سنوات من سيطرة الحوثيين على صنعاء ومحافظات أخرى، سخّروا كافة الإمكانيات المادية واستخدموا جميع الوسائل سعيا منهم في مسخ الهوية الوطنية، لكن المواطنون ورغم حالة القمع الشديدة تمسكوا بهويتهم الوطنية، في طقوس حياتهم العامة وأفراحهم في اعلان غير مباشر رفضهم مشروع الميلشيات.
 
 
الأعراس بروح جمهورية
 
خلال السنوات الماضية من سيطرة الحوثيين على العاصمة صنعاء حول العديد من المواطنين مراسيم وطقوس الأعراس إلى حفلات وطينة، إذ تزين شعارات الجمهورية جدران قاعات الأفراح في حين يقف الحاضرين في القاعة لأداء النشيد الوطني في بداية مراسيم الزفاف في صورة تعكس التمسك بالجمهورية والثورة والانتماء الثقافي والروحي لليمن.
 
يقول نشوان محسن (40 عاماً) وهو أحد سكان صنعاء: "كانت الأعراس في المدينة قبل سيطرة الحوثيين عليها خاليه من وجود أي مظاهر مما يحدث الآن في كثير من الافراح، في الاحتفاء بعلم الوطني والهتافات للجمهورية وترديد الأغاني الوطنية".
 
وأضاف محسن في حديث لـ "يمن شباب نت": "كانت حفلات الزفاف تسير وفقاً للطقوس التقليدية المتعارف عليها، لكن بعد سيطرة الحوثيين شاهدنا طقوس جديدة في الأعراس مثل افتتاح مراسيم الزفاف بالنشيد الوطني الذي أصبح جزء أساسي ضمن المراسيم، وحضور لافت لشعار الجمهورية في منصات قاعات الأفراح".
 


يتفق معه في الحديث محمد نعمان (37عاماً)، بالقول: "الجمهورية وشعارها أصبح جزء أساسي في غالبية حفلات الزفات، وعندما يصادف ذكرى الثورات الوطنية، فإن الزفاف يتحول إلى فرح وطني وكأن الحاضرين يحيون مناسبة وطنية وليس حفل زفاف".
 
وأضاف في حديث لـ"يمن شباب نت"، "نحن جيل جمهوري بالفطرة مهما حاولت الميليشيا مسخ الهوية الوطنية وطمس معالم الجمهورية، والتضييق على اليمنيين إلا أن كل تلك المحاولات مصيرها الفشل، بدليل تحويل الناس أفراحهم الخاصة إلى مناسبات وطنية".
 
 
الأعياد الوطنية
 
بالنسبة لغالبية اليمنيين كانت ذكرى الأعياد الوطنية عادية في حياتهم الخاصة رغم الاهتمام الرسمي فيها قبل سيطرة الحوثيين، في حين أن البعض كان يتذكرها فقط عند مشاهدة القنوات الحكومية الرسمية أثناء تقديم برامج عن الثورة.
 
سيف مهدي (اسم مستعار) موظف حكومي في الخمسينات من عُمره، واحداً من بين اليمنيين في صنعاء الذين كانت تمر عليهم ذكرى 26سبتمبر مرور الكرام، وقال "أنه كان يكتفي بمتابعة حديث القنوات الرسمية فقط".
 
لكن عقب سيطرة الحوثيين يقول مهدي لـ "يمن شباب نت"، "لم أرى من قبل احتفال وابتهاج مجتمعي بشكل فردى في صنعاء مثلما يحدث خلال هذه السنوات، صحيح أن ميليشيا الحوثي كممت الأفواه وعملت على قمع اي احتفالات في الشوارع إلا أن الناس يحيون المناسبات الوطنية في بيوتهم وبين أطفالهم".
 
يضيف مهدي: "هذا العام ابتهجت مع اسرتي، كما أني حرصت على الحديث مع ابنائي الصغار عن منجزات الثورة قلت لهم بأن الثورة هي من أخرجت البلاد من ظلمات الجهل الى نور العلم، لأني اعرف ان الثورة تتعرض للتشوية في المدارس وواجبنا الحفاظ على أبنائنا على الأقل".
 
من جانبه يرى الصحافي سلمان المقرمي: "ثورة 26سبتمبرهي كل شيء بالنسبة لليمنيين إذ نقلتهم إلى مستوى البشر كما نقلتهم من مستوى حياة البشر البدائية إلى الحياة الحديثة، منحتهم حريتهم، منحتهم الكرامة والحداثة والحق في العيش الكريم، لذا كان النظام جمهوري ثم تحرر من الاحتلال ثم وحدة وديمقراطية".
 
وأضاف في حديث لـ"يمن شباب نت"، "يهدد الحوثي كل تلك القيم، وليس هناك من خيارات إلا التمسك بتلك القيم وفق الواقع المتاح فهي سبيل اليمنيين في المحافظة على التماسك المجتمعي".
 
 
خوف الحوثيين
 
تخشى ميليشيا الحوثي من حالة التماسك الاجتماعي المنبعثة من إحياء اليمنيين للمناسبات الوطنية صنعاء ومناطق سيطرتها لذلك تعمل على التضييق على المواطنين، وتمنعهم من إقامة الاحتفالات أو تنظيم اي أنشطة وفعاليات حول أعياد الثورة إذ وصلت المليشيات حد منع الاذاعات المدرسية من الحديث الثورة اليمنية الخالدة.
 


وأقدمت ميليشيا الحوثي اختطاف عدداً من الشباب الذين حاولوا الخروج إلى السبعين للابتهاج بثورة 26 سبتمبر وكذلك 14 أكتوبر، كما حاولت إيقاف مديرة مجمع السعيد التربوي في محافظة إب فائزة البعداني على خلفية الاحتفال بذكرى 14 أكتوبر.
 
وفي ظل التماسك الاجتماعي، وصلت خشية الميليشيا في محافظة إب حد التحقيق مع الطالبات عمن يقف خلف تلقينهن شعارات بالروح بالدم نفديك يا يمن، إذ قدموا أسئلة لمقدمات الإذاعة المدرسية عما إذا كانت المديرة أو المدرسات يقفن خلف الإذاعات الوطنية.
 
وقال الصحفي المقرمي "أن مثل هذه الفعاليات والأنشطة لها تأثير اجتماعي وسياسي واسع يخشاه الحوثي لذلك يعمل الحوثيون على محاربتها بكل الوسائل مشيراً إلى أنها أيضا تعزل الميليشيا تماماً عن المجتمع وتجعلهم منبوذين شعبيا".
 
وأضاف: "تعمل الفعاليات المحدودة كالأعراس وحفلات التخرج، والمناسبات الوطنية وغيرها من المناسبات الاجتماعية والثقافية إلى خلق تماسك اجتماعي وسياسي يواجه أسلوب الحوثي المتعمد على الفرز المناطقي والعرقي والمذهبي".
 
 
التمسك بالهوية اليمنية
 
وحاولت ميليشيا الحوثي حاولت مرات عديدة منع إقامة حفلات الزواج والتضييق على الأعراس في صنعاء إذ أقدمت على اقتحام قاعات الأفراح، وطرد الفنانين منها بذريعة مخالفتها لما يصفونه بـ"الهوية الايمانية".

وقال الصحفي سلمان المقرمي:"بسيطرة الحوثي على صنعاء وإسقاط النظام الجمهوري، عمل الحوثي على تهديد وجود اليمنيين وتهديد حقهم في الحياة بكرامة إذ يسعون إلى مسخ الهوية اليمنية، وإنشاء هوية ممسوخة بلا ملامح تجعل اليمنيين بلا قيمة وعبيد خدمةً للهاشميين وإيران".
 
وأضاف "لكن حين شعر جميع اليمنيين بالخطر، وأن لا أحد بمأمن من هذا المصير المظلم والمرعب، قرروا مواجهة ميليشيا الحوثي بالممكن".
 
وما بين الحين والآخر تجد فناناً يعزف في قاعة زفاف أغنية وطنية شهيرة، في حين يبرز آخر الآثار اليمنية والخط المسند، كهوية لمطبوعات التهاني ودعوات الزفات، في مشهد يعكس ان اليمنيين يعضّون على مكتسبات الجمهورية بأسنانهم، في اللحظة التي سلبت منهم ميلشيات الحوثي كل شيء.


- فيديو :


مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر