التوتر بين واشنطن والرياض.. كيف رأت الصحافة الأمريكية تأثيره في ممارسة ضغوط داخلية لإنهاء حرب اليمن؟

مؤخراً، صرح البيت الأبيض أنه سيعيد تقييم علاقة واشنطن بالسعودية، وذلك عقب الإعلان عن أن السعودية ومنظمة "أوبك بلس" سيخفضون إنتاج النفط بمقدار مليوني برميل يومياً، إذ تتعاظم المخاوف الأمريكية من أن يؤدي خفض الإنتاج إلى رفع تكلفة الوقود قبل أسابيع قليلة من انتخابات التجديد النصفي الشهر المقبل، بل ذهب بعض النقاد في واشنطن أبعد من ذلك، حين وصفوا هذه الخطوة بأنها تشكل "تدخلاً فعلياً" في الانتخابات الامريكية المقبلة.
 
"يمن شباب نت" رصد ردود فعل الصحافة الأمريكية على العلاقة مع السعودية، واستخدام ملف حرب اليمن، كإحدى وسائل الضغط على الرياض كونه من اهم الملفات التي يتخذه ساكني البيت الأبيض خلال السنوات الماضية لابتزاز السعودية والحصول على مكاسب اقتصادية وغيرها.
 
وقد أيدت صحف أمريكية عديدة إعادة تقييم العلاقة بين الولايات المتحدة والسعودية، بحجة أن من شأن عدم الرد أن يعزز تصور محمد بن سلمان بأن اعتماد أمريكا على النفط السعودي يجعل واشنطن عاجزة عن مقاومة مطالبه، وبالتالي سوف تغذي المزيد مما وصفته بـ"السلوك السعودي المتهور".
 
وبرز ملف الحرب في اليمن، والذي يعتبر من بين أهم وسائل الضغط لدى واشنطن ضد الرياض، كورقة مهمة ضمن إعادة تقييم علاقتها مع الرياض، أو بالأحرى، معاقبة السعوديين على قرار خفض انتاج النفط، والذي وصفته بعض الصحف الأمريكية بـ"القشة التي قصمت ظهر البعير" بعد سلسلة من التصدعات المتتالية في علاقة البلدين.
 
وذكرت بأنه على الرغم من انتهاء الهدنة اليمن، إلا أن الأمل قائم في إمكانية إعادة العمل بها، أفضل طريقة للقيام بذلك هي الاستمرار في الضغط على الحكومة السعودية للتخلي عن المزيد من الضربات الجوية والانخراط في جهود حسنة النية لإنهاء الحرب.
 


خمس طرق لتقييم علاقة واشنطن والرياض

وسرد موقع «Responsible Statecraft» خمس طرق يمكن للرئيس الأمريكي بايدن من خلالها "إعادة تقييم" العلاقة السعودية في الوقت الحالي، وأبرزها تمرير قرار "سلطات الحرب" المتعلقة بحرب اليمن في الكونجرس، وقال بأن بايدن يملك العديد من الخيارات تحت تصرفه كتجميد كل الدعم الأمني ​​الأمريكي للسعودية، ووقف مبيعات السلاح، وسحب القوات الأمريكية والأصول العسكرية من المملكة والمنطقة، وذلك من بين وسائل أخرى بمقدورها أن تساعد في خلق توازن أكثر صحة في العلاقات الثنائية.
 
 وذكر بأن تمرير قرار سلطات "حرب اليمن" سيحقق هدفين في وقت واحد: حيث سيشير كلاهما إلى استياء الولايات المتحدة من القرار السعودي بشأن خفض إنتاج النفط، بالإضافة الى شل قدرة السعوديين على "قصف اليمن وحصاره"، لافتا بالقول بأن إنهاء ما وصفه بتواطؤ الولايات المتحدة في هذا الصراع المدمر، سيكون أقرب إلى التزامات السياسة الخارجية للرئيس بايدن.
 
وقدم أعضاء في الكونجرس مشروع قانون من شأنه إنهاء كل الدعم العسكري الأمريكي للتدخل العسكري للرياض في اليمن، ومع ذلك لم يتم طرحه للتصويت.
 
وقد دعا رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ روبرت مينينديز بالفعل إلى تجميد دعم الرياض، "بما في ذلك أي مبيعات أسلحة وتعاون أمني"، كما اقترح النائب رو خانا والسناتور ريتشارد بلومنتال تشريعًا من الحزبين لوقف جميع مبيعات الأسلحة والإمدادات العسكرية. 
 
ويجادل الكاتب والمؤلف، برانكو مارسيتيك بأن ما أسماه الانقسام الأمريكي- السعودي المتفاقم، يمكن أن ينهي ما أسماها بالحرب الوحشية في اليمن.
 
وأضاف في مقال لمجلة «Jacobin The» بالقول بأنه يمكن لسلسلة من الانتقادات السعودية لجو بايدن - بما في ذلك تحركها الأخير لخفض إنتاج النفط العالمي - أن تنجز أخيرًا ما كان صعبًا بشدة حتى الآن: وهو إنهاء دعم الولايات لحرب السعوديين باليمن.
 
ويرى الكاتب بأنه وشريطة استمرار غضب الديمقراطيين من هذا الازدراء الأخير ومواصلة التهديدات بوقف المساعدة الأمريكية، فإن هذا الخلاف قد يثبت أنه المفتاح لإنهاء الدعم الأمريكي" المرن بشكل محبط" للحرب السعودية في اليمن.
 


استياء أمريكي تجاه دعم الرياض المحتمل لموسكو
 
وأثار تحرك المملكة العربية السعودية مؤخرًا للتعاون مع روسيا في خفض إنتاج النفط موجة من الدعوات من أعضاء الكونجرس لقطع الأسلحة الأمريكية والدعم العسكري للمملكة.  حيث أشار السناتور روبرت مينينديز (ديمقراطي من نيوجيرسي) إلى الكيفية التي سيساعد بها خفض إنتاج النفط في استمرار الغزو الروسي لأوكرانيا، قائلاً: "بصفتي رئيسًا للجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ، لن أوافق على أي تعاون مع الرياض حتى المملكة تعيد تقييم موقفها فيما يتعلق بالحرب في أوكرانيا".
 
وقدم بعض الديمقراطيين في مجلس النواب مشروع قانون لسحب القوات وأنظمة الأسلحة من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، وهو الموقف الذي أيده المشرعون بما في ذلك النائب رو خانا (الديمقراطي عن ولاية كاليفورنيا) والسيناتور كريس مورفي، وجميعهم صاغوا هذه الخطوة على أنها عقاب مناسب للقيادة السعودية وتفضيلها روسيا على الغرب في الحرب المستمرة.
 
 وبحسب الكاتب برانكو مارسيتيك، قوّضت السعودية والإمارات محاولات واشنطن لعزل روسيا دبلوماسياً، واستمرت في رفض صرخات الولايات المتحدة للتخفيف من التضخم الناجم عن الحرب من خلال زيادة إنتاج النفط.
 
واعتبر مقال لموقع «The Hill» بأن اقرار بشأن إنتاج النفط يمثل صفعة في وجه الرئيس بايدن، الذي سافر إلى المملكة العربية السعودية في يوليو بهدف واضح هو إقناع النظام بزيادة إنتاج النفط لتعويض تأثير العقوبات على روسيا، على أمل أن يتحول إلى تخفيضات في أسعار الغاز في الولايات المتحدة.
 
وركزت الدعوات الحالية لقطع الأسلحة عن المملكة العربية السعودية على تأثير موقف الرياض على إنتاج النفط في المساعدة على استمرار الحرب الروسية في أوكرانيا. برغم ذلك، يضيف الموقع بأن "هذا ليس السبب الوحيد للقيام بذلك، فمنذ عام 2015، قادت المملكة العربية السعودية تحالفًا يشن حربًا مدمرة في اليمن أسفرت عن مقتل آلاف المدنيين في غارات جوية عشوائية مرتبطة بقصف أهداف مثل الأسواق ومرافق معالجة المياه والمستشفيات، حيث نُفذت العديد من هذه الهجمات باستخدام ذخائر وطائرات قدمتها الولايات المتحدة".
 
واستند المقال إلى تحقيق مشترك أجرته صحيفة واشنطن بوست وكلية الحقوق بجامعة كولومبيا، "تم تنفيذ عدد كبير من الغارات بواسطة طائرات تم تطويرها وصيانتها وبيعها من قبل الشركات الأمريكية والطيارين الذين تم تدريبهم من قبل الولايات المتحدة."
 
وقال الموقع بأن حرب اليمن لم تتسبب في معاناة هائلة فحسب، بل أدت أيضًا إلى تفاقم عدم الاستقرار في منطقة مضطربة بالفعل. إذ أشار بأن تصوير الولايات المتحدة كداعم للأعمال العدائية ضد المدنيين اليمنيين يعزز الاستياء الحالي في بلد كان بالفعل مصدرًا لأعمال عنف متعددة ضد أهداف أمريكية.
 
وأضاف بالقول "لم يصمت الكونجرس في مواجهة الدور الأمريكي في تمكين حرب المملكة العربية السعودية في اليمن.  فخلال سنوات ترامب، أقر مجلسا الكونغرس قرار سلطات الحرب الذي كان من شأنه أن ينهي الدعم العسكري الأمريكي للنظام السعودي، وكذلك التصويت على منع بيع القنابل للقوات المسلحة الملكية السعودية. وقد تم رفض كلتا المحاولتين من قبل الرئيس ترامب، الذي كان مؤيدًا قويًا للزعيم السعودي الفعلي محمد بن سلمان".
 
واختتم بالقول بأن الضجة حول دعم الرياض لروسيا قد تقود إلى قلب المد السياسي، مما يعزز الدعم لقرار صلاحيات حرب اليمن الذي من شأنه أن يقطع عمليات نقل الأسلحة الأمريكية وقطع الغيار والصيانة للجيش السعودي، مضيفا بالقول "كلما حدث ذلك مبكرًا، كان ذلك أفضل، سواء لمصالح الولايات المتحدة أو اليمن".

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر