أمن السعودية مرهون بالازدهار الاقتصادي.. مركز كارنيجي: على الرياض التخلي عن سياساتها الأمنية المدمرة باليمن

[ مصدر الصورة: جيتي (Getty) ]

خلال ثمان سنوات من الحرب تعثر نهج المملكة العربية السعودية الموجه في اليمن وفشل التحالف الذي تقوده في هزيمة الحوثيين عسكريًا أو استعادة الحكومة التي أطاحت بها الجماعة، علاوة على ذلك فإن عسكرة السعودية للحدود مع اليمن قد أضر بالاقتصاد اليمني - مع عواقب سلبية على السعودية.
 

وقال مركز أبحاث أمريكي "إن ما يجب على السعودية أن تدركه بعد 8 سنوات من تدخلها في اليمن هو أن أمنها مرهون إلى حد كبير باستقرار اليمن وازدهاره الاقتصادي"، لافتاً "بأن النهج الأمني الذي دأبت عليه الرياض في تعاملها مع اليمن والذي يتسم بضيق الأفق يؤدي إلى قدر ضئيل من الأمن، كما يتضح من التطورات التي حدثت حتى الآن". 
 

وحذر مركز كارنيجي للسلام «Carnegie-MEC» - في ورقة بحثية ترجمها "يمن شباب نت" - "أن استمرار الرياض في اتباع النهج الأمني، الذي كان له بالفعل آثار سلبية واسعة النطاق، من شأنه أن يسبب المزيد من الفوضى، ويولد استياءً أكبر ويؤدي إلى زيادة أخرى في المجندين في حركة الحوثيين". 
 

وأشار: "مع دخول الصراع عامه الثامن فإنه يعمق الانقسامات القائمة ويخلق انقسامات جديدة ويجذب المزيد من اليمنيين إلى المعسكرات المتحاربة". 
 

وتابع: "إن استمرار الحرب داخل اليمن بعد الانسحاب السعودي المتوقع من شأنه أن يدفع الدولة نحو الانهيار، الأمر الذي سيهدد بدوره الدول المجاورة، بما في ذلك المملكة العربية السعودية نفسها، بأي عدد من الطرق". 
 

ومن غير المرجح أن يتبدد الاستياء الشعبي في اليمن -والذي تولد بفعل سياسات المملكة العربية السعودية تجاه اليمن خصوصا تعاملها مع المسائل الحدودية وكذا سياسات التضييق ضد العمالة اليمنية -لمجرد أن السعوديين قرروا سحب جيشهم من البلاد.، بعد حملة عسكرية استمرت لسنوات في اليمن وتاريخ أطول من التدخل في الشؤون اليمني، وفقاً للمركز الأمريكي. 
 

في الواقع، ستكون هناك حاجة إلى المزيد لتهدئة اليمنيين المعزولين بفعل السياسة العسكرية والاقتصادية للسعودية، لا سيما تلك التي كانت سائدة في السنوات القليلة الماضية، وسيقع العبء على الرياض للقيام بالتهدئة، وإلا فقد يتحول اليمن إلى أفغانستان أخرى، بلد تخلت عنه القوى الخارجية وتركت تنهار من الداخل.
 


برنامج إنعاش اقتصادي

قد يستلزم أوضح خيار مربح للجانبين اعتماد برنامج إنعاش اقتصادي، حيث ستستفيد السعودية تقريبًا بقدر استفادة اليمن، بما في ذلك على الجبهة الأمنية، ونظرًا لنية السعوديين الظاهرة تقليص عملياتهم العسكرية في اليمن مقابل إنهاء الحوثيين للهجمات على الأراضي السعودية، يصبح هذا هو الخيار المعقول الوحيد. 
 

قال التحليل "أن الانسحاب السعودي الذي لا يتضمن نوعًا من الاتفاق أو على الأقل تفاهم ضمني مع الحوثيين يمكن أن يشجع الأخير على محاولة الاستيلاء على المزيد من البلاد، وبالتالي دفع اليمن إلى دوامة أخرى من الصراع". 
 

وأضاف: "من مصلحة الرياض تفادي مثل هذه النتيجة ولهذه الغاية، يجب على السعوديين العمل مع أي عدد من اليمنيين، بدءًا من حلفائهم، وفي النهاية مع الحوثيين أنفسهم، لوضع البلاد على طريق التعافي". 
 

إذ يمكن أن تبدأ الرياض بإعادة إنشاء وتعزيز اللجان الاقتصادية السعودية اليمنية المشتركة التي تم تشكيلها عندما تم توقيع معاهدة جدة في عام 2000 ويمكن أن تدخل توصيات اللجان الخاصة بمشاريع الإنعاش الاقتصادي في المناطق الحدودية حيز التنفيذ في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة اليمنية - والتي تحتفظ المملكة العربية السعودية بعلاقات وثيقة معها.  لاحقًا، إذا توصل السعوديون إلى تفاهم مع الحوثيين، فيمكن تنفيذه في مكان آخر. 
 

على الرغم من أن إحياء الأسواق الحدودية يجب أن يمثل الهدف النهائي للجان الاقتصادية، إلا أنه من المسلم به أن هذا مشروع طموح، في غضون ذلك قد تنظر اللجان في اتخاذ مشاريع أكثر تواضعًا من شأنها أن تجني نتائج مفيدة اقتصاديًا، وإن كان ذلك على نطاق أصغر. 
 

منطقة حرة في الحدود السعودية اليمنية

يستلزم أحد هذه المشاريع إنشاء المملكة العربية السعودية لمنطقة تجارة حرة (موحدة) داخل أراضيها، ولكن في مكان ما على طول حدودها مع اليمن، يمكن للسعوديين أن يأخذوا حذوهم من المنطقة الحرة "المعزونة"، التي أنشأتها عمان على حدودها الجنوبية الغربية مع محافظة المهرة اليمنية.
 

إذا أطلقت الرياض مخططًا مشابهًا على أراضيها، فستحتفظ بالإشراف على الأمور الأمنية مع تحفيز التجارة بين اليمنيين والسعوديين، كما أن الاستثمار في قطاعات اقتصادية معينة في المناطق الداخلية من اليمن سيساعد أيضًا على استقرار المجتمعات التي اندثرت بسبب الحرب، لا سيما إذا كان ذلك مصحوبًا برفع أو تخفيف القيود المفروضة على استيراد السلع اليمنية. 
 


أهم هذه القطاعات هي الزراعة، إذ تزخر اليمن بمساحات شاسعة من الأراضي الزراعية فيما يقرب من 65 في المائة من أراضي البلاد التي لا تخضع لسيطرة الحوثيين، وحيث تسيطر المملكة العربية السعودية وحلفاؤها المحليون أو وكلائها.
 

ويمكن للمؤسسات الزراعية في هذه المناطق توفير العمل لآلاف المزارعين والعمال، كما كان الحال قبل الحرب.  في ذلك الوقت، كانت المناطق الغربية والجنوبية من البلاد تصدر مجموعة متنوعة من المنتجات الزراعية، بما في ذلك الفاكهة والحبوب.  يمكن أن يصبح هذا حقيقة مرة أخرى، ولكن فقط من خلال الاستثمار وكذلك إعادة فتح الأسواق السعودية أمام المنتجات الزراعية اليمنية. 
 

إذا تم تنشيط القطاع الزراعي في اليمن بحيث يوظّف نسبة كبيرة من المزارعين والعاملين الزراعيين ذوي الخبرة في البلاد، فسيكون لدى هؤلاء العمال المهرة حافز قوي للبقاء في البلاد، نتيجة لذلك، يمكن للمملكة العربية السعودية تحمل تسهيل متطلبات دخول اليمنيين دون خوف من تشجيعهم عن غير قصد على الخروج من اليمن، حيث تشتد الحاجة إليهم، وإلى المملكة العربية السعودية.
 

هؤلاء اليمنيون الذين من المرجح أن يقفزوا على فرصة الانتقال إلى المملكة العربية السعودية سيكونون عمالاً غير مهرة - أي نفس الأشخاص الذين تعتمد عليهم الرياض في البناء - وسابقاً شكل اليمنيون نسبة كبيرة من القوى العاملة في هذا القطاع، لا سيما في جنوب المملكة، اليوم السعودية لديها عدد من المشاريع الاقتصادية واسعة النطاق التي تتطلب عشرات الآلاف من العمال، وليس هناك سبب وجيه لعدم تمكن اليمنيين مرة أخرى من ملء الوظائف المعروضة. 
 

يتوجب على المملكة العربية السعودية التحرك الآن، قبل فوات الأوان، للتوصل إلى تفاهم مع الفصائل اليمنية، بما في ذلك الحوثيين، وبالتالي المساهمة في استقرار اليمن ودعم اقتصاده المنهك.

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر